سوريا ولعبة ألأمم

“قال ليونيد بريجنيف يوماً”الامبرياليون وحدهم يشتمون رائحة النفط
منذ 2001 تسارعت الاحداث في العالم وتواترت وسعى الغرب الرأسمالي الى احكام سيطرته على العالم وذلك بتغييره خارطته الجيوسياسية وفرض نظام القطب الواحد وهيمنة المنظومة الراسمالية سلوكا واقتصادا وسياسية ومن المعروف ان الانظمة الراسمالية تعتاش من الازمات ومن مآسي البشرية وإنها تخلق لنفسها أعداء ولو وهميين
فمن محاربة الشيوعية الى نشر الديمقراطية مراحل مرذت بها سياسة الغرب دفاعا عن وجوده وحفاظا على مصالحه وفي هذا السياق اندرجت كل حروبه واشهرها غزو العراق وافغانستان والحرب على سوريا الان ..حروب تحركها مصالح اقتصادية وسياسية أساسا .
2) سوريا في خضمّ التنافس الدولي
حين اعلنت أمريكا الحرب على افغانستان وضعت قائمة للدول المارقة على حد تعبيرها او دول محور الشر بمعنى الدول التي لم تدخل بيت الطاعة الامريكي ولم توافق على السعي المحموم لتغيير وجه العالم حسب ما ارادته امريكا التي كانت تسعى لتملك مصادر الطاقة واقصاء المنافسين الاقتصاديين لها وهما بدرجة اولى الصين وروسيا وايقاف التوغل الصيني في افريقيا خاصة وان الصين تحولت الى احد اكبر الدول المستهلكة للطاقة وبدأت تبحث عن مصادر النفط في شرق افريقيا السودان تحديدا .. إن التصنيف الامريكي اجبر بعض الدول الى المعاندة وعدم دخول بيت الطاعة رغم الاغراءات المقدمة من قبل الامريكان لذلك وجدت امريكا نفسها لستعمال القوة من اجل الاخضاع والسيطرة ولقد كانت الضربة الاولى انهاء العراق والسيطرة عليه وضمان احتياطي نفطي ضخم واخراج الروس والصينيين من دائرة المنافسة ومحاولة خنق اقتصادهما مما دفعهما لأنشاء تحالف دول البريكس ذو الطابع الاقتصادي اساسا .. وقد عملت امريكا جاهدة لأخراج الصين من السودان ونجحت بتقسيم البلد الى بلدين واقصد الجنوب الغني بالنفط والذي تفوق مساحته مساحة فرنسا والذي صار خنجرا في خاصرة السودان اضافة الى محاولة فصل دارفور عن الدولة ألأم
إن السيطرة على منابع النفط من آسبا الوسطى الى افريقيا مرورا بالشرق هو أهم تحرك استراتيجي وذلك للأهمية القصوى للطاقة (نفط وغاز ) في الاقتصاد العالمي فمصادر النفط نكاد تنفذ والطاقة البديلة مستقبلا هي الغاز ومع تراجع اقتصاديات الغرب فصار من الضروري البحث عن البدائل ومن المعروف ان الحروب تعبر أحد أهم وسائل تصدير الازمات في الانظمة الرأسمالية لذلك كان الغرب سبّاقا في استغلال ما يسمى بالحراك العربي وتوظيفه وتوجيهه لخدمة اطماعه الاستعمارية فكانت الحرب على ليبيا الغنية بالنفط والغاز وبوابة افريقيا حيث ثروات افريقيا في مالي والنيجر وتأمين حقول النفط في نيجيريا
هنا يأتي دور سوريا خاصة بعد اكتشافات 2005و2006 لحقول ضخمة من النفط والغاز في الساحل السوري فقد تمت محاولات امريكية لخضاع سوريا من أجل استثمار حقولها امريكيا واقصاء روسيا من التواجد في الساحل الشرقي للمتوسط وخنقها داخل محيطها القاري
ويمكن ان نلخص الاهداف الاستراتيجية الامريكية في النقاط التالية
.السيطرة على الاكتشافات الغازية والنفطية في شرق المتوسط وضمان استثمارها
.عزل روسيا واقصائها استراتيجيا وعسكريا من التواجد شرق المتوسط وحصرها داخل مجالها القاري
.ضرب روسيا اقتصاديا من خلال تحويل الغاز القطري لأوروبا مرورا بسوريا
ادخال الدولة السورية لبيت الطاعة وقطع علاقتها بالحليف الاستراتيجي الروسي وبالتالي بالمقاومة
.اضعاف ايران وحزب الله وضربهما مستقبلا بعد اخراج سوريا من دائرة التحالف
.ضمان امن الكيان الصهيوني وضمان تفوقه العسكري والاقتصادي في المنطقة
.فتح اسواق المنطقة للدولة الصهيونية وجعلها سوقا للمنتوج الصهيوني
تحجيم الدور الصيني وارجاعه الى مجاله
حين فشلت هذه الخطة التجات امريكا للاسلوب القذر وهي الخلخة من الداخل وذلك بنشر الفوضى من خلال خلق فتنة داخلية مذهبية وسياسية تمولها وتدعمها سياسيا وعسكريا مستعينة بطابورها الخامس في الداخل وبأعراب الخليج او الدول ذات الاقتصاد الريعي التي هي اصلا مجرد قواعد امريكية …لكن الامر اصطدم بعدة عوامل منها
.صلابة الدولة السورية وقوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية
. صلابة موقف حلفاء سوريا وتمسكهم بمصالحهم في المنطقة
مقاومة السعي الامريكي للهيمنة واستمرار نظام القطب الواحد
كل هذا جعل سوريا مسرحا لصراع عمالقة صراع جيواستراتيجي أطال ازمتها واضعف بنيتها التحتية واضرّ بأقتصادها وخلق أزمة اقليمية تهدد المنطقة بأسرها ولقد جاءت ما يسمى بازمة الكيمياوي المفتعلة بعد أن فشل الوكيل في نحقيق اهداف الاصيل وشن الاعلام الغربي حملة واسعة ضد الدولة السورية وسعى الامريكان للتحشيد لضربة عسكرية تكمل ما بقي من الدولة السورية وقد حاول الغرب سابقا في مارس الفارط توظيف نفس الازمة بعد ان استعملت المعارضة الكيمياوي في خان العسل الا ان الحقائق اثبتت حجم المؤامرة فعادت المسألة الان في الغوطة الشرقية وحشدت امريكا اساطيلها ووظفت الجامعة العربية ولا زال الغرب يحاول التحشيد والتجييش الا ان الروس يقفون بحزم ضد الضربة والعدوان لأن لديهم ما يثبت تورط الغرب في المؤامرة ولأدراكهم أن الهدف هو اقصاءهم من المنطقة برمتها لذلك نرى بوتين يتحدث بلغة الواثق مما يفعل ومما يقول والمدافع الشرس عن مصالح بلاده في المنطقة
انها لعبة أمم وصراع عمالقة
لا مجال للعودة لنظام القطب الواحد هذا يتكلم الروس والصينيون ضمنا
هذا ما آلم امريكا وحلفائها ودفعهم الى التخبط والتردد
3)الى أين ستؤول الامور
إن المتأمل للتصريحات والتحركات الغربية يرى أن هناك تخبطا ملحوظا في السياسة الامريكية وإنه بات من العسير إتخاذ قرار حاسم وقد ظن الامريكان ان العالم سياسندهم وأن الضربة والعدوان سيكونان بسرعة لكنهم فوجؤوا برفض شبه عام للعدوان وقد كانت الصدمة كبرى حين رفض مجلس العموم البريطاني المشاركة في الحرب صفعة لم تنتظرها امريكا من حليف شاركها في كل جرائمها عبر العالم ثم إن الموقفين الصيني وخاصة الروسي شكّلا حجر عثرة للقرار الامريكي وقد تكفلت فرنسا بطرح مبادرة تحفظ ماء وجه اوباما وتخرجه من المأزق إن
المراهنين على ضرب سوريا من أعراب النفط سقطت حساباتهم في الماء وخسروا اموالهم ولم يعلموا ان اللعبة اكبر من عقولهم السمجة وأن الصراع صراع عمالقة ولعبة أمم يتداخل فيها الاقتصادي بالسياسي
إن العدوان على سوريا في الظرف يعني
.ادخال المنطقة في حرب مفتوحة غير معروفة العواقب
.الغرب يدرك تماما ان العدوان على سوريا يعني الضرب المباشر للكيان الصهيوني ونحن نعرف ان الغرب يهمه امن الصهاينة قبل امنه
.العدوان على سوريا قد يشعل حربا عالمية يفني العالم وتنهيه
ان العدوان على سوريا سيغير خارطة المنطقة وينهي وجود كيانات سياسية ويخلق اخرى ويدخل المنطقة في فوضى لا يمكن السيطرة عليها
لذلك فليس من السهل وفي ظل التمسك الروسي بمصالحه في المنطقة ان يتم الاعتداء حاليا على الاقل وإن الحل السياسي يبدو اقرب بصيغة أو بأخرى
وقد يكون الامر مجرد مناورة لتحسين شروط التفاوض والمسك بورقة ضغط امريكية تطرح على الطاولة في اي مفاوضات مقبلة خاصة بعد الفشل الذريع للوكلاء والمشارفة على انهائهم كما أن بعض الدول الاقليمية تخشى على نفسها من خروج الدولة السورية منتصرة فحتما ستدفع فاتورة تآمرها وعلى رأسها السعودية لذلك تسارع جاهدة لأنهاء الدولة السورية بأي شكل
ويبقى الوضع في سوريا رهين مصالح الكبار والصراع الجيوسياسي والاقتصادي في المنطقة .

ربنا يلطف بك ياسوريا وما يحيك لك