“وادي الضيف” الحصن الأسطورة

عبد الحميد السعيد

طغت أخبار التقدّم المذهل للجيش السوري في ريف حلب الشرقي بعد فتحه طريق حماه حلب وسيطرته على خناصر والقرى المجاورة لها على أخبار “معركة الزلزلة” التي أعلنت عنها فصائل مقاتلة في معرة النعمان قبل خمسة أيام للسيطرة على معسكري “وادي الضيف” و”الحامدية” في ريف إدلب.
وكانت “آسيا” أشارت فور إعلان خبر إطلاق المعركة أنها “بدأت ضعيفة وغير منظّمة” وترافق إعلانها مع “بدء سلسلة النعي والإعلان عن أسماء القتلى من المسلحين”، وأن المعركة “لا تعدو أن تكون من باب المزاودة بين الفصائل المتناحرة في جبل الزاوية ومنطقة المعرة”، مع إحجام أكبر تشكيلين عن المشاركة فيها وهما “ألوية صقور الشام” و”كتائب وألوية شهداء سوريا” وقد ذاقا من قبل طعم الموت على أسوارهما.
يؤكّد البيان الصادر أمس السبت عن “غرفة عمليات معركة الزلزلة” أن الفصائل المعلن عنها في البيان هي وحدها المشاركة في المعركة، في إشارة إلى تكذيب من يدّعون مشاركتهم لإرسال رسائل إلى مشغّليهم وداعميهم أملاً في زيادة الدعم، ولم يأت البيان على ذكر التشكيلين المذكورين سابقاً بالإضافة إلى “داعش” و”جبهة النصرة” اللذين امتنعا عن تقديم العون للمسلحين الذين أعلنوا عن بدء المعركة، علماً أن “تل منّس” التي تسيطر عليها “داعش” لا تبعد سوى كيلو مترات قليلة عن “وادي الضيف”.
يحاول المسلّحون منذ أشهر السيطرة على حاجز “بسيدة” الواقع إلى الجنوب من مدينة معرة النعمان مسافة لا تتجاوز الخمسة كيلو مترات، وهي المسافة نفسها التي يبعدها الحاجز عن معسكر “وادي الضيف”، وقد تعرّض لعدّة عمليات واقتحامات مع قصف يومي بالمدفعية والصواريخ، إلا أن الحاجز كان منذ بداية الحرب وحتى الآن العقدة التي دمّرت البنيان النفسي للمسلحين هناك، والذين يعتقدون أن السيطرة على هذا الحاجز هي الفأل الذي سيقودهم للسيطرة على “وادي الضيف” و”الحامدية” العصيين واللذين قُتل المئات من المسلحين على أسوارهما.
وفي محاولة لرفع معنويات العصابات “الإسلامية” المشاركة في المعركة تنقّلت كاميرا “العربية” بين المسلحين وقياداتهم أمس، وكانت النتيجة هجوماً من جميع المحاور على “وادي الضيف” مساء أمس السبت لم يسمن ولم يغن عن هزيمة جديدة وخيبة أخرى تجلّت في قول الناطق باسم “الفرقة ١٣” “نعد الجميع بأننا مستمرين بالمعركة حتى آخر عنصر بالفرقة”، وهو ما يؤكّد الخسارة الفادحة التي منيت بها “الفرقة ١٣”.
منذ التاسع من حزيران في العام ٢٠١١ تاريخ أول هجوم يشنه المسلّحون بالمئات على “وادي الضيف”، مروراً بمعارك لا عدّ لها ولا حصر وازدياد الأعداد ليصل إلى عشرات الألوف من المسلحين المدججين بأحدث الأسلحة الغربية الثقيلة، وحتى هذا اليوم، يسطّر الجنود السوريون ملاحم يومية في قتال أكثر العصابات “الإسلامية” تشدداً وحقداً ودعماً، غير أن الأهمية الاستراتيجية لمناطق أخرى تغيّب بطولات أولئك الجنود وقادتهم. علماً أن التركيز الذي حظي به “وادي الضيف” من الإعلام العربي قبل أشهر وإعلانه سقوط المعسكر أكثر من إحدى عشرة مرة لم يسبقه تركيز، ربما لأن من يوجّه المعارك ضد الجيش السوري يعرف أهمية السيطرة عليه التي أُفشلت لمرات لا تعد.
يبدو أن هذه المعركة ستنسى مثلها مثل غيرها من المعارك السابقة التي أعلن عنها للسيطرة على هذا الحصن الأسطورة