هل ترتبط العلاقات الأميركية – المصرية حقاً بمصير كامب ديفيد ومعاهدة الصلح؟
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
هل ترتبط العلاقات الأميركية – المصرية حقاً بمصير كامب ديفيد ومعاهدة الصلح؟
عدنان محمد العربي
يربط أكثر المحللين مستقبل العلاقات الأميركية المصرية بمصير اتفاقيات كامب ديفيد، ويبالغون بمدى تمسك واشنطن وتل أبيب بها، وحرصهما على عدم التفريط بتبعاتها على مختلف الصعد، بينما، في واقع الأمر، تتراجع العلاقات الثنائية بشكل مضطرد على إيقاع التطورات السياسية والأمنية داخل مصر، وفي عموم المنطقة، والرهان على إنشاء خارطة جديدة للشرق الأوسط، تتخطى أهمية معاهدات الصلح مع الكيان الصهيوني.
ويربط البعض أسباب تعليق المساعدات مؤخراً باعتراض الرئيس الأميركي باراك أوباما على إحالة الرئيس السابق محمد مرسي إلى محكمة الجنايات في مطلع الشهر القادم، باعتباره دليلاً على “انتهاء الحلم الأميركي – الإسرائيلي في الشرق الأوسط”، وفي هذا تبسيط لأوضاع هي أشد تعقيداً وعمقاً من مجرد اهتمام الإدارة الأميركية بمن يحتل سدة الحكم في مصر، لأن جل اهتمام الهجمة على المنطقة أن تترافق تقلبات الحكومات مع نشر الفوضى والفلتان الأمني بما يخدم مشروع التقسيم والتفتيت.
على أثر تعليق المنح المالية، إضافة إلى عدم تسليم طائرات أف 16، وإلغاء مناورات النجم الساطع التي استمرت لأكثر من 20 عاماً، وصفت الحكومة المصرية المؤقتة، على لسان وزير خارجيتها نبيل فهمي، العلاقات مع الولايات المتحدة بأنها في “حالة اضطراب”، ولكن ذلك، من وجهة نظر المراقبين لن يؤثر على “متانة العلاقة، لاعتقادهم الخاطئ أن للطرفين مصلحة مشتركة في عدم المساس بمعاهدة الصلح مع الكيان الصهيوني.
وعلى النقيض من ذلك، يبني البعض الآخر آمالاً على أن هذا الاضطراب سيدفع مصر إلى البحث عن علاقات بديلة مع الدول الصاعدة، والتفكير بإلغاء اتفاقيات كامب ديفيد، أو التلويح بإمكانية تعديلها من باب الضغط المضاد، وفي هذا الموقف مبالغة لا تتفق مع مجريات الأحداث المتسارعة على أرض مصر وفي محيطها العربي.
ثمة حقائق أكثر تأثيراً في تحديد ماهية العلاقات الأميركية – المصرية ومستقبلها، وأهمها أن اتفاقيات كامب ديفيد قد تخطت أدوارها التاريخية منذ غزو العراق، خصوصاً بعد إطلاق “الربيع العربي” المزعوم، فأصبح من مصلحة الكيان الصهيوني أن يتدهور الوضع الأمني في سيناء، وفي مدن قناة السويس، بعكس ما تفترضه معاهدة الصلح، ففي هذا استهداف للسلطة المركزية، وإضعاف لقواها الأمنية، ولا يخفى على عاقل أن “إسرائيل” هي التي تشجع الجماعات المسلحة على مقارعة النظام في المناطق الحدودية، وتوظف “غضبة الإخوان المسلمين” بسبب إبعادهم عن السلطة.
وأما على صعيد المساعدات الأميركية المرتبطة بمعاهدة الصلح، فإن حجمها لا يتعدى مبلغ مليار و250 مليون دولار أميركي، أي ما يعادل 1% من الدخل القومي المصري، وعليه، لا يشكل قطع المعونات بحد ذاته أداة فاعلة للضغط على الحكومة المصرية، إذ يسهل تعويض المبالغ الزهيدة من مصادر أخرى، عربية وأجنبية.
ومن جهة أخرى، تستفيد الولايات المتحدة بتوفير إضعاف حجم المساعدات الممنوحة لمصر من خلال التسهيلات التي تتمتع بها بالمقابل؛ وعلى رأسها حق المرور المجاني عبر قناة السويس، وحرية استخدام الأجواء المصرية من دون سابق إنذار، وإذا كان من الخطأ التقليل من أهمية هذه التسهيلات للولايات المتحدة، فمن الخطأ أيضاً الاعتقاد بأن الحكومة المصرية قادرة على إنهائها ساعة تشاء، خصوصاً في ضوء ما يعصف بمصر من اضطرابات سياسية وأمنية.
وفي سياق الحديث عن مواجهة المنظمات الإرهابية، يصدق الكثيرون ادعاءات “إسرائيل” بأنها تخشى من تنامي “الحركات الأصولية” على حدودها، وأن للولايات المتحدة مصلحة في استقرار الوضع في مصر، وفي نجاح القوى الأمنية المصرية في دحر الجماعات المسلحة، والقضاء عليها، وتصل هذه المواقف إلى درجة الاعتقاد بأن ثمة “مشروعية” للشراكة مع “إسرائيل”، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ومع الولايات المتحدة في حربها المعلنة ضد “الإرهاب”.
يحاول البعض تفسير التقارب الأميركي الإيراني، في مقابل التباعد مع بعض الحكومات العربية، على أنه تراجع، أو “استدراك متأخر”، من جانب الإدارة الأميركية، لمنع المنظمات المسلحة من إنشاء “إمارات إسلامية متطرفة”، لأنها تهدد أمن “إسرائيل”، وتضر بمصالح الغرب في المنطقة، ويحسب البعض أن هذا هو السبب وراء اضطراب العلاقات مع الولايات المتحدة، الذي لا يقتصر على الدولة المصرية فحسب، بل يطال أيضاً تركيا، والسعودية، وقطر التي تلام على دعم الأصوليين.
إن “تخلي” الولايات المتحدة عن حلفائها الإقليميين، لا يعكس بالضرورة تراجعاً أمام مناهضيها، بل يرتبط مباشرة بإرادة المشروع التوسعي الصهيوني الذي يستهدف، من خلال الهجمة الراهنة، تفتيت معظم كيانات المنطقة، وعلى رأسها الدولة المصرية، وفي هذه الحالة، لا تشكل “معاهدة الصلح”، ولا المصالح الإستراتيجية الأميركية، رادعاً للعدوان على مصر والتدخل بشؤونها الداخلية، بل عقبة يرى الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ضرورة إزالتها في أقرب فرصة متاحة.
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» إسرائيل قلقة من حملة «تمرّد» لإلغاء كامب ديفيد
» الأبعاد العسكرية في العلاقات الروسية – المصرية
» اسرار :: اجتماعات بني صهيون وكفار قريش قي كامب ديفيد .
» العلاقات المصرية- الروسية.. قرنان من التباعد والتقارب
» "مسؤول أمني مصري : عناصر فلسطينية أعدت قائمة لتصفية المشاركين في "كامب ديفيد
» الأبعاد العسكرية في العلاقات الروسية – المصرية
» اسرار :: اجتماعات بني صهيون وكفار قريش قي كامب ديفيد .
» العلاقات المصرية- الروسية.. قرنان من التباعد والتقارب
» "مسؤول أمني مصري : عناصر فلسطينية أعدت قائمة لتصفية المشاركين في "كامب ديفيد
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 10:47 am من طرف larbi
» مراسل التلفزوين العربي: 4 ملايين إسرائيلي يدخلون الملاجئ وحيفا تتحول لمدينة أشباح
أمس في 10:23 pm من طرف larbi
» يوم كئيب في تل أبيب» حزب الله يقصف إسرائيل 5 مرات متوالية و4 ملايين في الملاجئ.
أمس في 10:14 pm من طرف larbi
» عصبة العز وثلة الهوان
أمس في 6:40 pm من طرف عبد الله ضراب
» الاهبل محمد بن سلمان يحاصر الكعبة الشريفة بالدسكوهات و الملاهي الليلية
السبت نوفمبر 23, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
السبت نوفمبر 23, 2024 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi
» كلمة مندوب الجزائر في مجلس الأمن بعد الفيتو الأميركي ضد قرار وقف الحرب على غزة
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:34 pm من طرف larbi