توحيد الجهاديين في سوريا: هكذا تنخرط السعودية في الحرب
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى الأخبار العاجلة السورية
صفحة 1 من اصل 1
توحيد الجهاديين في سوريا: هكذا تنخرط السعودية في الحرب
توحيد الجهاديين في سوريا: هكذا تنخرط السعودية في الحرب
(ملخّص: تؤدّي خطةٌ سعوديةٌ لبناء ما يسمى “جيش وطني” جديد للمعارضة السورية إلى استقطاب الجهاديين، وإلى احتمال تقويض أهداف الرياض في سوريا.)
خلال الأسابيع الماضية أعلن العديد من الجماعات السورية المسلحة موجة من الاندماجات والتحالفات. من الناحية النظرية، يمثّل الاتجاه بادرة مطلوبة تشير إلى أنه يجري في نهاية المطاف تجاوز معضلة التفتّت الشديد في صفوف المعارضة. ومن شأن مثل هذا التطوّر أن يكمل ظهور بضعة تجمّعات متعدّدة الكتائب و”جبهات” مهيمنة في التمرّد المسلح خلال العام الماضي.
بيد أن الواقع يبدو عكس ذلك تماماً. إذ تعكس الإعلانات الأخيرة عن الاندماج والتحالف عملية إعادة ترتيب للجماعات المسلحة بدل توحيدها، وهي تكشف عن وجود منطق تنافسي يقوده توقّع الحصول على تمويل خارجي ينذر بقدر أكبر من الاستقطاب السياسي وتعميق الانقسام.
أسهمت هذه الديناميكية المختلّة في إفساد التمرّد المسلح منذ وقت طويل، غير أن دافع التوجّه الأخير يكمن في خطة سعودية تهدف إلى بناء “جيش وطني” جديد للمعارضة السورية. ويدعي القائميين بأن الخطة تهدف إلى تأسيس قوة يتم تدريبها خارج سورية قادرة على إلحاق الهزيمة بالجيش العربي السوري والقوات المسلحة والتصدّي لجماعات تنظيم القاعدة. وتدَّعي الجماعات المتمرّدة التي تعيد تنظيم صفوفها كي تتلقّى الدعم السعودي بأنها تتبنّى إيديولوجية من المفترض أنها إسلامية “وسطية” لكنها سنّية باعتراف الجماعات نفسها.
لن يؤدّي هذا المسعى السعودي إلا إلى مزيد من الاستقطاب في صفوف الارهابيين. ومن المحتمل أن يكون قادة المعارضة المعترف بها حالياً أول الخاسرين، أي الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والمجلس العسكري الأعلى لـ “لجيش الحر”. ففي آخر اجتماع لها عقد يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر، دعت مجموعة الدول ال “11″ الأساسية ضمن مجموعة أصدقاء سورية، والتي تشارك المملكة العربية السعودية في عضويتها، التحالف الوطني إلى الالتزام بتمثيل المعارضة السورية في مؤتمر جنيف-2 للسلام المقرّر عقده في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر. غير أن العديد من تحالفات الارهابيين الجديدة، بما فيها تلك التي تتلقّى الدعم السعودي المكثّف، سحبت اعترافها بالائتلاف الوطني والمجلس العسكري الأعلى، أو هدّدت بذلك، وذلك ردّاً على استعدادهما المفترض لحضور المؤتمر.
وما لم يلتزم الارهابيين الذين تدعمهم السعودية باستراتيجية سياسية متّفق عليها ويتقبّلوا فكرة أن يمثّلهم الائتلاف الوطني، فمن المرجح أن يعانوا من انعدام القدرات والتماسك نفسهما مثلما هو حال من يسعون إلى أن يحلّوا محلّهم. كما أن السعودية، ومن خلال تمويل مجموعات مختارة من الارهابيين، تخاطر بإضاعة فرصتها وتقويض أهدافها في سورية.
السعودية تصعّد
يعكس التحوّل إلى موقف أكثر حزماً بشأن الأزمة السورية استياء القيادة السعودية من الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا على تفكيك قدرات سورية في مجال الأسلحة الكيماوية. إذ يبعد هذا الاتفاق بالفعل شبح القيام بعمل عسكري بقيادة الولايات المتحدة ضد النظام، ويحتمل أن يعيد تأهيل الأسد كشريك للمجتمع الدولي. وقد دفعت الرياض منذ فترة طويلة باتّجاه اتّخاذ موقف أكثر صرامة من النظام. ولم يؤدّ احتمال التوصل إلى تفاهم بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الملف النووي إلا إلى جعل القيادة السعودية أكثر تصميماً على إسقاط الأسد .
كان التصريح الذي أدلى به رئيس الائتلاف الوطني أحمد الجربا في 8 آب/أغسطس – والذي يعتبر مرشّح السعودية – والذي قال فيه إنه يعمل مع الجيش السوري الحر لتشكيل قوة موحَّدة قوامها ستة آلاف عنصر لمواجهة أمراء الحرب الذين يعملون في المناطق المحرّرة، أول إشارة علنيّة إلى نوايا المملكة العربية السعودية. وكشف أعضاء آخرون في الائتلاف الوطني أن المقصود من القوة هو أن تكون نواة جيش وطني قوامه ما بين سبعة وعشرة آلاف عنصر، بمن فيهم ستة آلاف وثلاثمئة من الفاريين من الجيش العربي السوري كانوا قد لجأوا إلى الأردن وتركيا.
وبحسب مطّلعين من الداخل على الشؤون السعودية، فإن عمليات تدريب خمسة آلاف عنصر تجري بالفعل في الأردن منذ بضعة أشهر بمساعدة مدربين باكستانيين وفرنسيين وأميركيين، على رغم أن مصادر أردنية على صلة بمصادر رفيعة تشير إلى عدد أقلّ من ذلك بكثير. وفي أي حال، لايمكن توقّع الكثير من الفارين الذين اختاروا مغادرة سورية وظلوا في مخيمات معزولة مخصصة للضباط في المنفى منذ ذلك الحين. وربما يكون هذا قد أثَّر في تفكير وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، ونائب وزير الدفاع الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، الذين تم نقل ملف سورية إليهم. وتقضي خطة هؤلاء، المعروفين بموقفهم المتشدّد إزاء الوضع في سوريا، ببناء جيش من الارهابيين قوامه بين 40 و50 ألف عنصر بتكلفة ” مليارات عدة من الدولارات”، وفقاً لمصادر مطّلعة.
يبدو أنه تمت مناقشة الخطّة، على الأقل في خطوطها العريضة، من جانب وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة، الذين التقوا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في 13 أيلول/سبتمبر. وقد أسفر ذلك اللقاء عن اتفاق على “تكثيف الدعم الدولي للمعارضة بهدف تمكينها من مواجهة الهجمات التي يشنّها النظام”. كما زار وفد سعودي رفيع باريس بعد شهر من ذلك اللقاء للتفاوض على عقود لتسليح وتجهيز كل من الجيش السوري الحر والجيش الوطني الجديد.
في أعقاب ما تعتبره المملكة السعودية “انشقاق” الإدارة الأميركية عن ائتلاف الدول الراغبة في دعم المعارضة السورية عسكرياً، اتّجهت إلى باكستان لتوفير التدريب للجيش الجديد. بيد أن هذا قد يكون صعباً، نظراً إلى تحدّيات الأمن القومي الكبرى التي تواجه القوات المسلحة الباكستانية قبيل انسحاب حلف شمال الأطلسي (ناتو) من أفغانستان، وغموض العلاقة بين المدنيين والعسكريين في باكستان في خضم عملية اختيار رئيس جديد لهيئة الأركان العامة. وتؤكّد مصادر وثيقة الصلة بوزارة الدفاع الباكستانية والاستخبارات العسكرية أن القوات المسلحة كانت بالفعل متردّدة أو غير قادرة على تلبية طلب سعودي سابق لتوفير تدريب قوات خاصة للمقاتلين المرتزقة. فهم يعتبرون أنه تتعذّر الاستجابة للاقتراح السعودي الجديد نظراً إلى نطاقه وحجمه.
الأهم من ذلك هو أنه سيكون من الصعب العثور على مكان ثابت لإنشاء قاعدة لتمركز وتدريب القوة الجديدة. ففي الأردن تزداد المعارضة لأن تكون المملكة قاعدة خلفية للارهابيين أو دعم التدخّل العسكري الخارجي في سوريا، وهي التي كانت ممراً للتدريب والأسلحة بتمويل سعودي منذ أواخر العام 2012. ومنذ ذلك الحين، أصبحت المملكة جزءاً من محور واضح مع المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة بشأن سوريا. لكن الخطة السعودية الجديدة تتطلب التزاماً أردنياً على نطاق يواجه معارضة داخل المؤسّسة الأمنية والعسكرية، وليس من المرجّح أن يتم تنفيذها.
شراء جيش جاهز
يبدو احتمال بناء جيش خارج سورية ضعيفاً. ويكمن السبيل العملي الوحيد لبناء مثل هذا الجيش في دمج ورعاية الجماعات المسلحة الموجودة داخل سوريا، غير أن ذلك أصبح أيضاً أكثر صعوبة لأن تحالفات الارهابيين تتبدّل وتتكاثر.
تهيئ العديد من الجماعات المسلحة السورية نفسها لتلقّي تمويل وأسلحة من السعودية بالإعلان عن اندماجات وتحالفات. والواقع أن التنافس على التمويل الخارجي كان منذ فترة طويلة دافعاً قوياً للديناميكيات التنظيمية داخل النشاط المسلح في سوريا. ولايأتي كل هذا الدعم من مصادر حكومية. فقد أصبح من المألوف أن يرعى المانحون غير الحكوميين في المملكة السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة الجماعات المسلحة التي يختارونها، وهي تتكوّن في معظم الأحيان من السلفيين أو الجهاديين، كما تفاخر صفحات الفيسبوك الخاصة بهذه القوى.
من أبرز المجموعات الجديدة التي تتلقّى تمويلاً من الحكومة السعودية “جيش الإسلام”، الذي تشكّل في 29 أيلول/سبتمبر. تأسّس “جيش الإسلام” من 43 مجموعة في ريف دمشق تحت قيادة محمد زهران علوش، زعيم لواء الإسلام المحلي (العمود الفقري لجيش الإسلام الذي تشكّل مؤخّراً)، والأمين العام لجبهة تحرير سورية الإسلامية. ومع أن “جيش الإسلام” نفى تقارير صحافية تحدّثت عن أنه يحظى برعاية سعودية، فإن هدفه المعلن المتمثّل في “توحيد جهود جميع الفصائل… وتشكيل جيش”، تزامن تماماً مع الهدف السعودي.
جاء تشكيل جيش الإسلام في أعقاب نشر ما يعرف بـ “العلماء المسلمين في سوريا” مقترحاً لتوحيد الجماعات الإسلامية المسلحة تحت لواء جيش واحد هو “جيش محمد”، بهدف معلن يرمي إلى بناء قوة من 100 ألف عنصر بحلول آذار/مارس 2015 و250 ألف عنصر بحلول آذار/مارس 2016. ومع أن مثل هذا الجيش سيتبنّى إيديولوجية وسطية وغير طائفية، وفقاً لمن كتبوا الاقتراح، فإنه مع ذلك سيتبع “نهج أهل السنة والجماعة”، معلناً بشكل لالبس فيه انتماءه السنّي. ومنذ ذلك الحين ناقش “جيش الإسلام” تشكيل جيش شامل باسم “جيش محمد” مع لواءي “التوحيد” و”صقور الشام” الإسلاميين “المعتدلين”.
بيد أن عملية التفتّت مضت إلى ما هو أبعد من ذلك. فعندما أعلن زهران علوش عن تشكيل “جيش الإسلام”، اشتكى العديد من شركائه الرئيسيين في جبهة تحرير سورية الإسلامية من أنهم لم يستشاروا، وانسحبوا من غرفة العمليات المشتركة لمنطقة دمشق احتجاجاً على ذلك. وبعدها شكّل خمسة منهم “تجمّع أمجاد الإسلام” في 4 تشرين الأول/أكتوبر. وفي أماكن أخرى، أعلنت أربع مجموعات سلفية معتدلة في منطقة البوكمال شمال شرق سوريا عن تشكيل “جيش أهل السنة والجماعة” في 2 تشرين الأول/أكتوبر.
بعد يوم من تشكيل “جيش الإسلام”، أعلن لواء الحبيب المصطفى وكتائب الصحابة، إضافة إلى حركة أحرار الشام الإسلامية، والتي ربما تكون أقوى فصائل التمرّد في سوريا، انسحابهم من غرفة مجلس الداعمين الكويتيين للثورة السورية في دمشق وريفها. واستشهد هؤلاء بما وصفوه هيمنة جماعات معيّنة، واقصاء جماعات أخرى، وعدم وجود رؤية متّفق عليها كسبب لانسحابهم.
يبدو أن الديناميكية التنافسية أيضاً قد دفعت 106 من الجماعات المسلحة غير الإسلامية من أنحاء سورية كافة إلى تشكيل “اتحاد السوريين الأحرار” في 13 تشرين الأول/أكتوبر، ومرة أخرى بوصفه “نواة الجيش السوري في المستقبل”. وقد لايحول غياب الخطاب الإسلامي عن البيان التأسيسي لتلك الجماعات دون الحصول على الدعم السعودي، غير أن أحد المستفيدين من الدعم الأكثر تفضيلاً هو الشيخ عدنان العرعور. إن ظهور العرعور في شبكة الجماعات المتمرّدة ضمن الخطة السعودية الجديدة، يسلّط الضوء على تركيزها على بناء جيش متمرّد سنّي.
مجابهة الجهاديين أم إضعاف الإسلاميين الوسطيين؟
ربّما يُلتَمَس العذر للقيادة السعودية في اعتقادها بأن تدخّلها سيكون حاسماً الآن وقد أصبحت تتولّى زمام السيطرة ومستعدة للالتزام بما يصفه أحد المطلعين توفير الأموال “بلا حدود”، وذلك على النقيض من الدور المتواضع الذي لعبته بين الأطراف التي تدعم المسلّحين في سوريا قبل عام مضى. بيد أن هذه المقاربة قد تأتي بنتائج عكسية. فقبل عام من الآن كانت خطوط المعركة أكثر بساطة، حيث كان الجيش الحر يقف في مواجهة الجيش العربي السوري. أما اليوم فإن القيادة السعودية تسعى، كما أوضح رئيس المخابرات السابق الأمير تركي الفيصل، إلى شنّ معركتين، إحداهما ضدّ النظام، والأخرى ضدّ منتسبي القاعدة في سوريا. غير أن الرياض لاتربح المعركة ضد الجهاديين، وقد تؤدّي جهودها إلى شقّ صفوف المعارضة أكثر.
يبدو أن عدداً من الجماعات قد استنفرت في مواجهة الخطة السعودية. فالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وهي جماعة تشكّل مظلة للمسلحين الجهاديين تشكّلت في العراق في العام 2006، تتحرّك بقوة ضد جماعات متمرّدة أخرى في شمال سوريا منذ أواخر آب/أغسطس الماضي، وتنتزع السيطرة على المعابر الحدودية مع تركيا وتجبر المنتسبين للجيش السوري الحر في الرقة وحلب على المغادرة أو إعلان الولاء لها. وتعتقد (داعش)، إضافة إلى الجماعات الجهادية الأخرى، أنها مستهدفة من جانب الولايات المتحدة وحلفائها مثل المملكة العربية السعودية. وقد توصلت الجماعة أيضاً إلى تفاهم مع شقيقتها جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وحركة أحرار الشام الإسلامية القوية لتنحية خلافاتهم جانباً وتشكيل مجلس قضاء مشترك وزيادة العمليات المشتركة ضد قوات النظام. ويتحمّل هذا المحور، جنباً إلى جنب مع العديد من الجماعات الجهادية الصغيرة التي استمرت في الظهور، العبء الأكبر من القتال ضدّ قوات النظام إلى الجنوب الشرقي من حلب. كما تعمل جبهة النصرة الآن على الحدود مع الأردن.
لم تثبت شبكة التحالفات التي تقيمها المملكة العربية السعودية نفسها في هذه المواجهة التي تلوح في الأفق. على العكس من ذلك، فقد أعلن لواء التوحيد، الذي تمت دعوته للانضمام إلى “جيش الإسلام” في تشكيل جيش أكبر هو “جيش محمد”، مراراً وتكراراً حياده في الحملة العنيفة التي شنّتها الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) منذ منتصف أيلول/سبتمبر في شمال سوريا.
وبالقدر نفسه من الأهمية، فإن الاندفاع السعودي لبناء جيش ذات طابع سنّي واضح يزيد احتمال تشتّت المتمرّدين، و تشتّت حتى الجماعات الإسلامية والسلفية الوسطية الملتقية عقائديّاً و التي تستهدفها الخطة السعودية. وتشمل الجماعات التي رفضت الانضمام إلى “جيش الإسلام”، على سبيل المثال، العديد من الفصائل المسلحة الرئيسة في منطقة الغوطة الشرقية وأعضاء من جبهة تحرير سورية الإسلامية، مايجعل وحدتها وتماسكها موضع تساؤل.
الآثار المترتّبة على العلمانيين المعتدلين
في الوقت الذي يتعمّق الاستقطاب داخل المعارضة السورية، يتسبّب تركيز الخطة السعودية على إنشاء جيش سنّي في إضعاف من لهم مصلحة مشتركة في منع صعود الجناح الجهادي. فقد سعى بعض أعضاء الائتلاف الوطني للانضمام إلى الركب، وتحدثوا بحرارة عن إنشاء “مجلس سياسي عسكري مركزي تحت قيادة إسلامية”. بيد أن هذا يؤكد فقط على تراجع حظوظ الائتلاف والمجلس العسكري الأعلى، وكلاهما كانا تحت رعاية السعودية منذ حزيران/يونيو الماضي، عندما أصبح الجربا الرئيس الجديد للائتلاف. ولذا فإن التركيز ذو الهدف الواحد على النهج العسكري يقوّض ما تبقى من مكانة وسلطة يتمتع بها الائتلاف الوطني والمجلس العسكري الأعلى داخل سوريا.
تبدو خيبة أمل السعودية إزاء الائتلاف الوطني والمجلس العسكري الأعلى مفهومة. إذ فقدت قيادتهما صدقيّتها وهي تفتقر إلى استراتيجية لإلحاق الهزيمة بالنظام، سواءً عسكرياً أو سياسياً، من خلال وضع مقترحات محدّدة لتقاسم السلطة الانتقالية التي قد تقنع المكوّنات المؤسّسية والاجتماعية الرئيسة في النظام بالتخلي عنه. كما أن الائتلاف الوطني لايزال غير قادر على حكم المناطق المحرّرة.
بيد أن المقاربة السعودية، ومن خلال توجيه تدفّقات التمويل والأسلحة مباشرة للجماعات المتمرّدة على الأرض، بدل توجيهها كلية عبر المجلس العسكري الأعلى، تتعارض مع احتياجات الدعم العسكري. ومن خلال الالتفاف على المعارضة المعترف بها والاعتماد على التمويل الضخم لإنشاء جيش موحّد لا تضمن الرياض فعّاليته العسكرية ولاتفعل شيئاً لمعالجة القصور السياسي الحرج الذي تعاني منه المعارضة السورية.
كما أن التركيز على التأثير في ديناميكيات القتال والإشراف الدقيق عليها يعقّد العلاقات بين المدنيين والعسكريين على الأرض. فعندما أعلنت الهيئات المدنية تشكيل مجلس مدني موسَّع لمدينة دوما في الغوطة الشرقية في 13 تشرين الأول/أكتوبر، على سبيل المثال، أدان قائد جيش الإسلام زهران علوش تلك الهيئات بسبب تفريق “كلمة المسلمين وهذا حرام و شقّ للصف”. وبرأي علوش فقد كان إعلان تلك الهيئات عن إنشاء هيئة قضائية مستقلّة أيضاً هو خروج لا عذر له على مجلس الشورى المحلي الذي ساهم في تأسيسه في آذار/مارس، و الذي يهيمن عليه.
كل هذه الأمور لها انعكاسات كبيرة على مؤتمر جنيف- 2 المقبل. إذ يواجه الائتلاف الوطني لحظة مصيرية في الوقت الذي يتناقص عدد شركائه. فقد انضمّت اثنتا عشرة جماعة متمرّدة، ينتمي معظمها شكلياً إلى الجيش الحر، إلى جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة يوم 24 أيلول/سبتمبر تعبيراً عن رفضها للصفة التمثيلية للائتلاف. وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر، أعلنت خمسون جماعة مسلحة أنها بصدد تشكيل “مجلس قيادة الثورة للمنطقة الجنوبية” وسحب اعترافها بالائتلاف الوطني لأن قيادته “فرطت بثوابت الوطن والثورة”. وبعد يومين، حذّر زهران علوش صراحة من أن “الائتلاف سيكون بمثابة (العدو) بالنسبة لنا، مثله مثل النظام السوري، إذا قرّر الذهاب إلى مؤتمر (جنيف 2) ، المرجح الشهر المقبل، للبحث عن حلّ سياسي للأزمة السورية”. وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر، اعتبرت تسع عشرة جماعة مسلحة، بما فيها مكوّنات “جيش محمد” الثلاثة، أن حضور المؤتمر و التفاوض مع النظام دون الثوابت يشكل “تجارة بدماء الشعب السوري و خيانة تستوجب المثول أمام القضاء و المحاكمة.
السعودية تسجل الاهداف في مرماها هي
الواقع أن الشعور بالاستياء العميق تجاه سياسة الولايات المتحدة بشأن سوريا، فضلاً عن توجهاتها في إيران، دفع رئيس المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز إلى التحذير من حدوث “تحوّل كبير” في العلاقات الثنائية بين البلدين. ومن شبه المؤكّد أنه لايمكن حدوث تحوّل مستديم في السياسة بهذا الحجم. ولاريب أن اتساع رقعة الخلاف بين الرياض وواشنطن يجعل الأردن والائتلاف الوطني، وهما طرفان مهمان لنجاح خطط السعودية في سوريا لكنهما ليسا أقل اعتماداً على قوة ومتانة علاقاتهما مع الولايات المتحدة، في وضع غير مريح ولايمكن التمسك به.
بالإضافة إلى ذلك فإن الاختلاف بين المقاربتين السعودية والأميركية يزيد في تعقيد مؤتمر جنيف- 2 للسلام. ومع أن البيان الختامي لاجتماع مجموعة أصدقاء سوريا الذي عقد في 22 تشرين الأول/أكتوبر وضع شروطاً صعبة للمشاركة في المؤتمر ومعايير صارمة للعملية الانتقالية تلبّي تطلّعات الائتلاف الوطني والسعودية، فإن إصرار الرياض على استبعاد طهران من مؤتمر جنيف- 2 يفتح الباب أمام حدوث خلاف آخر محتمل مع حلفائها، والذين أشار العديد منهم صراحة إلى استعدادهم لقبول المشاركة الإيرانية.
قد تجادل القيادة السعودية بأن خطتها لزيادة الضغط العسكري على نظام الأسد سوف تجبره على قبول الشروط التي حدّدها أصدقاء سوريا للمشاركة في مؤتمر السلام. وبدا أن تركي الفيصل يقول هذا عندما أكّد على الحاجة إلى مساعدة المعارضة على تحقيق “توازن على الأرض”. ولكن هذا ينفيه الخلاف غير المتوقّع وغير المعتاد مع الولايات المتحدة، الأمر الذي يضرّ باحتمال أن تتمكّن الخطة السعودية من جمع الارهابيين في جيش موحّد. قد لايعقد المؤتمر أو ينجح على أي حال، بيد أن حقيقة أن الجماعات الارهابية التي تتلقّى الدعم السعودي رفضت المؤتمر جهاراً يقلّل من حظوظه أكثر. كما أن الأضرار الجانبية التي أصابت الائتلاف الوطني تقوّض جزء مختلفاً من المقاربة القيادة السعودية، مايشكّل هدفاً آخر في مرماها.
ولعل هذا يجعل القيادة السعودية تعتمد اعتماداً كبيراً على المجاهدين السنّة في سوريا. فإذا ما فشلت خطتها لتوحيدهم، فإن صدقيّة الرياض ستتضاءل. والأسوأ من ذلك، هو أن المملكة السعودية يمكن أن تجد نفسها وهي تكرّر تجربتها في أفغانستان، حيث أسّست جماعات متباينة من المجاهدين تفتقر إلى إطار سياسي موحّد. ولم تتمكّن تلك القوى من حكم كابول بمجرد أن استولت عليها، ما مهّد الطريق لحركة طالبان للسيطرة عليها. وتبع ذلك ظهور تنظيم القاعدة، حيث وصلت ارتدادات ذلك فيما بعد إلى المملكة السعودية نفسها.
الاعتماد السعودي على التمويل وتوفير الأسلحة كدعامتين رئيستين لاكتساب النفوذ، والتركيز على زيادة الضغط العسكري على النظام من دون وضع استراتيجية سياسية واضحة لإلحاق الهزيمة به في موازاة ذلك، كما التركيز على حشد وتعزيز المجموعات ذات الطبيعة السنّية، ينطوي على خطر المساهمة في الوصول إلى نتيجة مماثلة. ولذا ينبغي على القيادة السعودية أن تكون حذرة إزاء ماتفعله في سوريا. فجيش محمد قد يعود إلى مكة في نهاية المطاف.
منقول بتصرف عن الباحث السعودي الهوى: يزيد صايغ – كارينيغي
(ملخّص: تؤدّي خطةٌ سعوديةٌ لبناء ما يسمى “جيش وطني” جديد للمعارضة السورية إلى استقطاب الجهاديين، وإلى احتمال تقويض أهداف الرياض في سوريا.)
خلال الأسابيع الماضية أعلن العديد من الجماعات السورية المسلحة موجة من الاندماجات والتحالفات. من الناحية النظرية، يمثّل الاتجاه بادرة مطلوبة تشير إلى أنه يجري في نهاية المطاف تجاوز معضلة التفتّت الشديد في صفوف المعارضة. ومن شأن مثل هذا التطوّر أن يكمل ظهور بضعة تجمّعات متعدّدة الكتائب و”جبهات” مهيمنة في التمرّد المسلح خلال العام الماضي.
بيد أن الواقع يبدو عكس ذلك تماماً. إذ تعكس الإعلانات الأخيرة عن الاندماج والتحالف عملية إعادة ترتيب للجماعات المسلحة بدل توحيدها، وهي تكشف عن وجود منطق تنافسي يقوده توقّع الحصول على تمويل خارجي ينذر بقدر أكبر من الاستقطاب السياسي وتعميق الانقسام.
أسهمت هذه الديناميكية المختلّة في إفساد التمرّد المسلح منذ وقت طويل، غير أن دافع التوجّه الأخير يكمن في خطة سعودية تهدف إلى بناء “جيش وطني” جديد للمعارضة السورية. ويدعي القائميين بأن الخطة تهدف إلى تأسيس قوة يتم تدريبها خارج سورية قادرة على إلحاق الهزيمة بالجيش العربي السوري والقوات المسلحة والتصدّي لجماعات تنظيم القاعدة. وتدَّعي الجماعات المتمرّدة التي تعيد تنظيم صفوفها كي تتلقّى الدعم السعودي بأنها تتبنّى إيديولوجية من المفترض أنها إسلامية “وسطية” لكنها سنّية باعتراف الجماعات نفسها.
لن يؤدّي هذا المسعى السعودي إلا إلى مزيد من الاستقطاب في صفوف الارهابيين. ومن المحتمل أن يكون قادة المعارضة المعترف بها حالياً أول الخاسرين، أي الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والمجلس العسكري الأعلى لـ “لجيش الحر”. ففي آخر اجتماع لها عقد يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر، دعت مجموعة الدول ال “11″ الأساسية ضمن مجموعة أصدقاء سورية، والتي تشارك المملكة العربية السعودية في عضويتها، التحالف الوطني إلى الالتزام بتمثيل المعارضة السورية في مؤتمر جنيف-2 للسلام المقرّر عقده في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر. غير أن العديد من تحالفات الارهابيين الجديدة، بما فيها تلك التي تتلقّى الدعم السعودي المكثّف، سحبت اعترافها بالائتلاف الوطني والمجلس العسكري الأعلى، أو هدّدت بذلك، وذلك ردّاً على استعدادهما المفترض لحضور المؤتمر.
وما لم يلتزم الارهابيين الذين تدعمهم السعودية باستراتيجية سياسية متّفق عليها ويتقبّلوا فكرة أن يمثّلهم الائتلاف الوطني، فمن المرجح أن يعانوا من انعدام القدرات والتماسك نفسهما مثلما هو حال من يسعون إلى أن يحلّوا محلّهم. كما أن السعودية، ومن خلال تمويل مجموعات مختارة من الارهابيين، تخاطر بإضاعة فرصتها وتقويض أهدافها في سورية.
السعودية تصعّد
يعكس التحوّل إلى موقف أكثر حزماً بشأن الأزمة السورية استياء القيادة السعودية من الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا على تفكيك قدرات سورية في مجال الأسلحة الكيماوية. إذ يبعد هذا الاتفاق بالفعل شبح القيام بعمل عسكري بقيادة الولايات المتحدة ضد النظام، ويحتمل أن يعيد تأهيل الأسد كشريك للمجتمع الدولي. وقد دفعت الرياض منذ فترة طويلة باتّجاه اتّخاذ موقف أكثر صرامة من النظام. ولم يؤدّ احتمال التوصل إلى تفاهم بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الملف النووي إلا إلى جعل القيادة السعودية أكثر تصميماً على إسقاط الأسد .
كان التصريح الذي أدلى به رئيس الائتلاف الوطني أحمد الجربا في 8 آب/أغسطس – والذي يعتبر مرشّح السعودية – والذي قال فيه إنه يعمل مع الجيش السوري الحر لتشكيل قوة موحَّدة قوامها ستة آلاف عنصر لمواجهة أمراء الحرب الذين يعملون في المناطق المحرّرة، أول إشارة علنيّة إلى نوايا المملكة العربية السعودية. وكشف أعضاء آخرون في الائتلاف الوطني أن المقصود من القوة هو أن تكون نواة جيش وطني قوامه ما بين سبعة وعشرة آلاف عنصر، بمن فيهم ستة آلاف وثلاثمئة من الفاريين من الجيش العربي السوري كانوا قد لجأوا إلى الأردن وتركيا.
وبحسب مطّلعين من الداخل على الشؤون السعودية، فإن عمليات تدريب خمسة آلاف عنصر تجري بالفعل في الأردن منذ بضعة أشهر بمساعدة مدربين باكستانيين وفرنسيين وأميركيين، على رغم أن مصادر أردنية على صلة بمصادر رفيعة تشير إلى عدد أقلّ من ذلك بكثير. وفي أي حال، لايمكن توقّع الكثير من الفارين الذين اختاروا مغادرة سورية وظلوا في مخيمات معزولة مخصصة للضباط في المنفى منذ ذلك الحين. وربما يكون هذا قد أثَّر في تفكير وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، ونائب وزير الدفاع الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، الذين تم نقل ملف سورية إليهم. وتقضي خطة هؤلاء، المعروفين بموقفهم المتشدّد إزاء الوضع في سوريا، ببناء جيش من الارهابيين قوامه بين 40 و50 ألف عنصر بتكلفة ” مليارات عدة من الدولارات”، وفقاً لمصادر مطّلعة.
يبدو أنه تمت مناقشة الخطّة، على الأقل في خطوطها العريضة، من جانب وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة، الذين التقوا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في 13 أيلول/سبتمبر. وقد أسفر ذلك اللقاء عن اتفاق على “تكثيف الدعم الدولي للمعارضة بهدف تمكينها من مواجهة الهجمات التي يشنّها النظام”. كما زار وفد سعودي رفيع باريس بعد شهر من ذلك اللقاء للتفاوض على عقود لتسليح وتجهيز كل من الجيش السوري الحر والجيش الوطني الجديد.
في أعقاب ما تعتبره المملكة السعودية “انشقاق” الإدارة الأميركية عن ائتلاف الدول الراغبة في دعم المعارضة السورية عسكرياً، اتّجهت إلى باكستان لتوفير التدريب للجيش الجديد. بيد أن هذا قد يكون صعباً، نظراً إلى تحدّيات الأمن القومي الكبرى التي تواجه القوات المسلحة الباكستانية قبيل انسحاب حلف شمال الأطلسي (ناتو) من أفغانستان، وغموض العلاقة بين المدنيين والعسكريين في باكستان في خضم عملية اختيار رئيس جديد لهيئة الأركان العامة. وتؤكّد مصادر وثيقة الصلة بوزارة الدفاع الباكستانية والاستخبارات العسكرية أن القوات المسلحة كانت بالفعل متردّدة أو غير قادرة على تلبية طلب سعودي سابق لتوفير تدريب قوات خاصة للمقاتلين المرتزقة. فهم يعتبرون أنه تتعذّر الاستجابة للاقتراح السعودي الجديد نظراً إلى نطاقه وحجمه.
الأهم من ذلك هو أنه سيكون من الصعب العثور على مكان ثابت لإنشاء قاعدة لتمركز وتدريب القوة الجديدة. ففي الأردن تزداد المعارضة لأن تكون المملكة قاعدة خلفية للارهابيين أو دعم التدخّل العسكري الخارجي في سوريا، وهي التي كانت ممراً للتدريب والأسلحة بتمويل سعودي منذ أواخر العام 2012. ومنذ ذلك الحين، أصبحت المملكة جزءاً من محور واضح مع المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة بشأن سوريا. لكن الخطة السعودية الجديدة تتطلب التزاماً أردنياً على نطاق يواجه معارضة داخل المؤسّسة الأمنية والعسكرية، وليس من المرجّح أن يتم تنفيذها.
شراء جيش جاهز
يبدو احتمال بناء جيش خارج سورية ضعيفاً. ويكمن السبيل العملي الوحيد لبناء مثل هذا الجيش في دمج ورعاية الجماعات المسلحة الموجودة داخل سوريا، غير أن ذلك أصبح أيضاً أكثر صعوبة لأن تحالفات الارهابيين تتبدّل وتتكاثر.
تهيئ العديد من الجماعات المسلحة السورية نفسها لتلقّي تمويل وأسلحة من السعودية بالإعلان عن اندماجات وتحالفات. والواقع أن التنافس على التمويل الخارجي كان منذ فترة طويلة دافعاً قوياً للديناميكيات التنظيمية داخل النشاط المسلح في سوريا. ولايأتي كل هذا الدعم من مصادر حكومية. فقد أصبح من المألوف أن يرعى المانحون غير الحكوميين في المملكة السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة الجماعات المسلحة التي يختارونها، وهي تتكوّن في معظم الأحيان من السلفيين أو الجهاديين، كما تفاخر صفحات الفيسبوك الخاصة بهذه القوى.
من أبرز المجموعات الجديدة التي تتلقّى تمويلاً من الحكومة السعودية “جيش الإسلام”، الذي تشكّل في 29 أيلول/سبتمبر. تأسّس “جيش الإسلام” من 43 مجموعة في ريف دمشق تحت قيادة محمد زهران علوش، زعيم لواء الإسلام المحلي (العمود الفقري لجيش الإسلام الذي تشكّل مؤخّراً)، والأمين العام لجبهة تحرير سورية الإسلامية. ومع أن “جيش الإسلام” نفى تقارير صحافية تحدّثت عن أنه يحظى برعاية سعودية، فإن هدفه المعلن المتمثّل في “توحيد جهود جميع الفصائل… وتشكيل جيش”، تزامن تماماً مع الهدف السعودي.
جاء تشكيل جيش الإسلام في أعقاب نشر ما يعرف بـ “العلماء المسلمين في سوريا” مقترحاً لتوحيد الجماعات الإسلامية المسلحة تحت لواء جيش واحد هو “جيش محمد”، بهدف معلن يرمي إلى بناء قوة من 100 ألف عنصر بحلول آذار/مارس 2015 و250 ألف عنصر بحلول آذار/مارس 2016. ومع أن مثل هذا الجيش سيتبنّى إيديولوجية وسطية وغير طائفية، وفقاً لمن كتبوا الاقتراح، فإنه مع ذلك سيتبع “نهج أهل السنة والجماعة”، معلناً بشكل لالبس فيه انتماءه السنّي. ومنذ ذلك الحين ناقش “جيش الإسلام” تشكيل جيش شامل باسم “جيش محمد” مع لواءي “التوحيد” و”صقور الشام” الإسلاميين “المعتدلين”.
بيد أن عملية التفتّت مضت إلى ما هو أبعد من ذلك. فعندما أعلن زهران علوش عن تشكيل “جيش الإسلام”، اشتكى العديد من شركائه الرئيسيين في جبهة تحرير سورية الإسلامية من أنهم لم يستشاروا، وانسحبوا من غرفة العمليات المشتركة لمنطقة دمشق احتجاجاً على ذلك. وبعدها شكّل خمسة منهم “تجمّع أمجاد الإسلام” في 4 تشرين الأول/أكتوبر. وفي أماكن أخرى، أعلنت أربع مجموعات سلفية معتدلة في منطقة البوكمال شمال شرق سوريا عن تشكيل “جيش أهل السنة والجماعة” في 2 تشرين الأول/أكتوبر.
بعد يوم من تشكيل “جيش الإسلام”، أعلن لواء الحبيب المصطفى وكتائب الصحابة، إضافة إلى حركة أحرار الشام الإسلامية، والتي ربما تكون أقوى فصائل التمرّد في سوريا، انسحابهم من غرفة مجلس الداعمين الكويتيين للثورة السورية في دمشق وريفها. واستشهد هؤلاء بما وصفوه هيمنة جماعات معيّنة، واقصاء جماعات أخرى، وعدم وجود رؤية متّفق عليها كسبب لانسحابهم.
يبدو أن الديناميكية التنافسية أيضاً قد دفعت 106 من الجماعات المسلحة غير الإسلامية من أنحاء سورية كافة إلى تشكيل “اتحاد السوريين الأحرار” في 13 تشرين الأول/أكتوبر، ومرة أخرى بوصفه “نواة الجيش السوري في المستقبل”. وقد لايحول غياب الخطاب الإسلامي عن البيان التأسيسي لتلك الجماعات دون الحصول على الدعم السعودي، غير أن أحد المستفيدين من الدعم الأكثر تفضيلاً هو الشيخ عدنان العرعور. إن ظهور العرعور في شبكة الجماعات المتمرّدة ضمن الخطة السعودية الجديدة، يسلّط الضوء على تركيزها على بناء جيش متمرّد سنّي.
مجابهة الجهاديين أم إضعاف الإسلاميين الوسطيين؟
ربّما يُلتَمَس العذر للقيادة السعودية في اعتقادها بأن تدخّلها سيكون حاسماً الآن وقد أصبحت تتولّى زمام السيطرة ومستعدة للالتزام بما يصفه أحد المطلعين توفير الأموال “بلا حدود”، وذلك على النقيض من الدور المتواضع الذي لعبته بين الأطراف التي تدعم المسلّحين في سوريا قبل عام مضى. بيد أن هذه المقاربة قد تأتي بنتائج عكسية. فقبل عام من الآن كانت خطوط المعركة أكثر بساطة، حيث كان الجيش الحر يقف في مواجهة الجيش العربي السوري. أما اليوم فإن القيادة السعودية تسعى، كما أوضح رئيس المخابرات السابق الأمير تركي الفيصل، إلى شنّ معركتين، إحداهما ضدّ النظام، والأخرى ضدّ منتسبي القاعدة في سوريا. غير أن الرياض لاتربح المعركة ضد الجهاديين، وقد تؤدّي جهودها إلى شقّ صفوف المعارضة أكثر.
يبدو أن عدداً من الجماعات قد استنفرت في مواجهة الخطة السعودية. فالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وهي جماعة تشكّل مظلة للمسلحين الجهاديين تشكّلت في العراق في العام 2006، تتحرّك بقوة ضد جماعات متمرّدة أخرى في شمال سوريا منذ أواخر آب/أغسطس الماضي، وتنتزع السيطرة على المعابر الحدودية مع تركيا وتجبر المنتسبين للجيش السوري الحر في الرقة وحلب على المغادرة أو إعلان الولاء لها. وتعتقد (داعش)، إضافة إلى الجماعات الجهادية الأخرى، أنها مستهدفة من جانب الولايات المتحدة وحلفائها مثل المملكة العربية السعودية. وقد توصلت الجماعة أيضاً إلى تفاهم مع شقيقتها جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وحركة أحرار الشام الإسلامية القوية لتنحية خلافاتهم جانباً وتشكيل مجلس قضاء مشترك وزيادة العمليات المشتركة ضد قوات النظام. ويتحمّل هذا المحور، جنباً إلى جنب مع العديد من الجماعات الجهادية الصغيرة التي استمرت في الظهور، العبء الأكبر من القتال ضدّ قوات النظام إلى الجنوب الشرقي من حلب. كما تعمل جبهة النصرة الآن على الحدود مع الأردن.
لم تثبت شبكة التحالفات التي تقيمها المملكة العربية السعودية نفسها في هذه المواجهة التي تلوح في الأفق. على العكس من ذلك، فقد أعلن لواء التوحيد، الذي تمت دعوته للانضمام إلى “جيش الإسلام” في تشكيل جيش أكبر هو “جيش محمد”، مراراً وتكراراً حياده في الحملة العنيفة التي شنّتها الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) منذ منتصف أيلول/سبتمبر في شمال سوريا.
وبالقدر نفسه من الأهمية، فإن الاندفاع السعودي لبناء جيش ذات طابع سنّي واضح يزيد احتمال تشتّت المتمرّدين، و تشتّت حتى الجماعات الإسلامية والسلفية الوسطية الملتقية عقائديّاً و التي تستهدفها الخطة السعودية. وتشمل الجماعات التي رفضت الانضمام إلى “جيش الإسلام”، على سبيل المثال، العديد من الفصائل المسلحة الرئيسة في منطقة الغوطة الشرقية وأعضاء من جبهة تحرير سورية الإسلامية، مايجعل وحدتها وتماسكها موضع تساؤل.
الآثار المترتّبة على العلمانيين المعتدلين
في الوقت الذي يتعمّق الاستقطاب داخل المعارضة السورية، يتسبّب تركيز الخطة السعودية على إنشاء جيش سنّي في إضعاف من لهم مصلحة مشتركة في منع صعود الجناح الجهادي. فقد سعى بعض أعضاء الائتلاف الوطني للانضمام إلى الركب، وتحدثوا بحرارة عن إنشاء “مجلس سياسي عسكري مركزي تحت قيادة إسلامية”. بيد أن هذا يؤكد فقط على تراجع حظوظ الائتلاف والمجلس العسكري الأعلى، وكلاهما كانا تحت رعاية السعودية منذ حزيران/يونيو الماضي، عندما أصبح الجربا الرئيس الجديد للائتلاف. ولذا فإن التركيز ذو الهدف الواحد على النهج العسكري يقوّض ما تبقى من مكانة وسلطة يتمتع بها الائتلاف الوطني والمجلس العسكري الأعلى داخل سوريا.
تبدو خيبة أمل السعودية إزاء الائتلاف الوطني والمجلس العسكري الأعلى مفهومة. إذ فقدت قيادتهما صدقيّتها وهي تفتقر إلى استراتيجية لإلحاق الهزيمة بالنظام، سواءً عسكرياً أو سياسياً، من خلال وضع مقترحات محدّدة لتقاسم السلطة الانتقالية التي قد تقنع المكوّنات المؤسّسية والاجتماعية الرئيسة في النظام بالتخلي عنه. كما أن الائتلاف الوطني لايزال غير قادر على حكم المناطق المحرّرة.
بيد أن المقاربة السعودية، ومن خلال توجيه تدفّقات التمويل والأسلحة مباشرة للجماعات المتمرّدة على الأرض، بدل توجيهها كلية عبر المجلس العسكري الأعلى، تتعارض مع احتياجات الدعم العسكري. ومن خلال الالتفاف على المعارضة المعترف بها والاعتماد على التمويل الضخم لإنشاء جيش موحّد لا تضمن الرياض فعّاليته العسكرية ولاتفعل شيئاً لمعالجة القصور السياسي الحرج الذي تعاني منه المعارضة السورية.
كما أن التركيز على التأثير في ديناميكيات القتال والإشراف الدقيق عليها يعقّد العلاقات بين المدنيين والعسكريين على الأرض. فعندما أعلنت الهيئات المدنية تشكيل مجلس مدني موسَّع لمدينة دوما في الغوطة الشرقية في 13 تشرين الأول/أكتوبر، على سبيل المثال، أدان قائد جيش الإسلام زهران علوش تلك الهيئات بسبب تفريق “كلمة المسلمين وهذا حرام و شقّ للصف”. وبرأي علوش فقد كان إعلان تلك الهيئات عن إنشاء هيئة قضائية مستقلّة أيضاً هو خروج لا عذر له على مجلس الشورى المحلي الذي ساهم في تأسيسه في آذار/مارس، و الذي يهيمن عليه.
كل هذه الأمور لها انعكاسات كبيرة على مؤتمر جنيف- 2 المقبل. إذ يواجه الائتلاف الوطني لحظة مصيرية في الوقت الذي يتناقص عدد شركائه. فقد انضمّت اثنتا عشرة جماعة متمرّدة، ينتمي معظمها شكلياً إلى الجيش الحر، إلى جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة يوم 24 أيلول/سبتمبر تعبيراً عن رفضها للصفة التمثيلية للائتلاف. وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر، أعلنت خمسون جماعة مسلحة أنها بصدد تشكيل “مجلس قيادة الثورة للمنطقة الجنوبية” وسحب اعترافها بالائتلاف الوطني لأن قيادته “فرطت بثوابت الوطن والثورة”. وبعد يومين، حذّر زهران علوش صراحة من أن “الائتلاف سيكون بمثابة (العدو) بالنسبة لنا، مثله مثل النظام السوري، إذا قرّر الذهاب إلى مؤتمر (جنيف 2) ، المرجح الشهر المقبل، للبحث عن حلّ سياسي للأزمة السورية”. وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر، اعتبرت تسع عشرة جماعة مسلحة، بما فيها مكوّنات “جيش محمد” الثلاثة، أن حضور المؤتمر و التفاوض مع النظام دون الثوابت يشكل “تجارة بدماء الشعب السوري و خيانة تستوجب المثول أمام القضاء و المحاكمة.
السعودية تسجل الاهداف في مرماها هي
الواقع أن الشعور بالاستياء العميق تجاه سياسة الولايات المتحدة بشأن سوريا، فضلاً عن توجهاتها في إيران، دفع رئيس المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز إلى التحذير من حدوث “تحوّل كبير” في العلاقات الثنائية بين البلدين. ومن شبه المؤكّد أنه لايمكن حدوث تحوّل مستديم في السياسة بهذا الحجم. ولاريب أن اتساع رقعة الخلاف بين الرياض وواشنطن يجعل الأردن والائتلاف الوطني، وهما طرفان مهمان لنجاح خطط السعودية في سوريا لكنهما ليسا أقل اعتماداً على قوة ومتانة علاقاتهما مع الولايات المتحدة، في وضع غير مريح ولايمكن التمسك به.
بالإضافة إلى ذلك فإن الاختلاف بين المقاربتين السعودية والأميركية يزيد في تعقيد مؤتمر جنيف- 2 للسلام. ومع أن البيان الختامي لاجتماع مجموعة أصدقاء سوريا الذي عقد في 22 تشرين الأول/أكتوبر وضع شروطاً صعبة للمشاركة في المؤتمر ومعايير صارمة للعملية الانتقالية تلبّي تطلّعات الائتلاف الوطني والسعودية، فإن إصرار الرياض على استبعاد طهران من مؤتمر جنيف- 2 يفتح الباب أمام حدوث خلاف آخر محتمل مع حلفائها، والذين أشار العديد منهم صراحة إلى استعدادهم لقبول المشاركة الإيرانية.
قد تجادل القيادة السعودية بأن خطتها لزيادة الضغط العسكري على نظام الأسد سوف تجبره على قبول الشروط التي حدّدها أصدقاء سوريا للمشاركة في مؤتمر السلام. وبدا أن تركي الفيصل يقول هذا عندما أكّد على الحاجة إلى مساعدة المعارضة على تحقيق “توازن على الأرض”. ولكن هذا ينفيه الخلاف غير المتوقّع وغير المعتاد مع الولايات المتحدة، الأمر الذي يضرّ باحتمال أن تتمكّن الخطة السعودية من جمع الارهابيين في جيش موحّد. قد لايعقد المؤتمر أو ينجح على أي حال، بيد أن حقيقة أن الجماعات الارهابية التي تتلقّى الدعم السعودي رفضت المؤتمر جهاراً يقلّل من حظوظه أكثر. كما أن الأضرار الجانبية التي أصابت الائتلاف الوطني تقوّض جزء مختلفاً من المقاربة القيادة السعودية، مايشكّل هدفاً آخر في مرماها.
ولعل هذا يجعل القيادة السعودية تعتمد اعتماداً كبيراً على المجاهدين السنّة في سوريا. فإذا ما فشلت خطتها لتوحيدهم، فإن صدقيّة الرياض ستتضاءل. والأسوأ من ذلك، هو أن المملكة السعودية يمكن أن تجد نفسها وهي تكرّر تجربتها في أفغانستان، حيث أسّست جماعات متباينة من المجاهدين تفتقر إلى إطار سياسي موحّد. ولم تتمكّن تلك القوى من حكم كابول بمجرد أن استولت عليها، ما مهّد الطريق لحركة طالبان للسيطرة عليها. وتبع ذلك ظهور تنظيم القاعدة، حيث وصلت ارتدادات ذلك فيما بعد إلى المملكة السعودية نفسها.
الاعتماد السعودي على التمويل وتوفير الأسلحة كدعامتين رئيستين لاكتساب النفوذ، والتركيز على زيادة الضغط العسكري على النظام من دون وضع استراتيجية سياسية واضحة لإلحاق الهزيمة به في موازاة ذلك، كما التركيز على حشد وتعزيز المجموعات ذات الطبيعة السنّية، ينطوي على خطر المساهمة في الوصول إلى نتيجة مماثلة. ولذا ينبغي على القيادة السعودية أن تكون حذرة إزاء ماتفعله في سوريا. فجيش محمد قد يعود إلى مكة في نهاية المطاف.
منقول بتصرف عن الباحث السعودي الهوى: يزيد صايغ – كارينيغي
larbi- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 32946
نقاط : 67999
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
مواضيع مماثلة
» الإندبندت: الضغوط الأميركية على السعودية لوقف تمويل “الجهاديين” لم تفلح
» فشل الحرب الاجرامية على غزة وصمود سوريا وراء زج ارهابيي السعودية الى عرسال!!
» النيويورك تايمز:تخبط في سياسة حكّام السعودية ازاء الحرب ضد سوريا
» بشار الجعفري في حوار لـ"سبوتنيك": السعودية وقطر لهما دور أساسي في شن الحرب "القذرة" على سوريا
» السفير السعودي في بريطانيا، محمد بن نواف بن عبد العزيز، أعلن أن السعودية ستخوض الحرب ضد سوريا حتى النهاية
» فشل الحرب الاجرامية على غزة وصمود سوريا وراء زج ارهابيي السعودية الى عرسال!!
» النيويورك تايمز:تخبط في سياسة حكّام السعودية ازاء الحرب ضد سوريا
» بشار الجعفري في حوار لـ"سبوتنيك": السعودية وقطر لهما دور أساسي في شن الحرب "القذرة" على سوريا
» السفير السعودي في بريطانيا، محمد بن نواف بن عبد العزيز، أعلن أن السعودية ستخوض الحرب ضد سوريا حتى النهاية
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى الأخبار العاجلة السورية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:32 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة سجلات الأعمال الإحصائية للبلدان العربية|قطاع التامين:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:31 pm من طرف ايمان محمد
» دورة إدارة وبرمجة وتخطيط وجدولة وضبط المشاريع بإستخدام الحاسب الالي MS Project و بريمافيرا:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:23 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تخطيط وتطبيق مكاتب إدارة المشاريع والتحضير لشهادة مدير مشاريع محترف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:19 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة إتصالات ومخاطر وتوريدات المشاريع|إدارة المشاريع:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:16 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تطبيقات الحوكمة فى القطاع المصرفى Governance|البنوك والمالية:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:07 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة مبادىء وإعداد القوائم المالية فى القطاع المصرفى|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:04 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة وتحصيل الإشتراكات التأمينية|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:02 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة استراتيجيات وتقنيات اعداد وادارة العقود والحد من المخاطر المالية والقانونيةالقانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:57 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة الأســـس الفنيـــة لصياغــــة عقـــود المقـــاولات الإنشائيـــــة|القانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:54 pm من طرف ايمان محمد