هل يمكن أن تشارك واشنطن في جنيف 2 إلى جانب من تصفهم بالارهابيين؟

أنطوان الحايك

مع التقدم الميداني الذي يحققه الجيش السوري على مختلف الجبهات السورية، يستبعد دبلوماسي شرقي انعقاد مؤتمر جنيف في غضون الاشهر المتبقية من السنة الجارية لعدة أسباب واعتبارات متصلة بالملف السوري أبرزها عدم التوافق في ما بين الدول الداعمة للمعارضة السورية والاختلاف المستجد على أكثر من صعيد على غرار محاولة بعضها الانسحاب من الرمال السورية المتحركة، وهو حال تركيا على سبيل المثال التي ابدت امتعاضها من خطوة الاكراد السوريينـ واصرار البعض الآخر على المضي قدما في عملية اسقاط الرئيس بشار الاسد كالمملكة العربية السعودية التي استنفرت أجهزتها وأدواتها لاجهاض المؤتمر المذكور في ظل المعادلة المستجدة في سوريا وقبل تعديل موازين القوى من خلال عملية عسكرية تعيد “جبهة النصرة” إلى الخريطة السياسية لاسيما بعد الانكشاف الذي ظهر الى العلن خلال الاجتماع الاخير الذي عقدته المعارضة في تركيا.
بدورها، لا تبدو سوريا مستعجلة على الاطلاق لعقد المؤتمر في ظل ما وصفه الدبلوماسي المعني بالتقدم القياسي الذي حققه جيشها في غضون الأسابيع القليلة الماضية وهومرشح الى المزيد في خلال الايام القليلة المقبلة مع تكثيف التحضيرات القائمة على جبهة القلمون من جهة وبعد نجاح الجيش السوري في فصل الغوطتين عن بعضهما وقطع خطوط التواصل والامداد بينهما ما قد يؤسس الى حسم سريع يمكن توظيفه على الساحة السياسية، إضافة إلى أنّ مفاعيل التقدم الميداني لا تقتصر على عملية موازين القوى بل تتعداها إلى إسقاط جدول الاعمال الذي يعمل عليه الناشطون على خط المؤتمر خصوصا أنه في حال سقوط الغوطتين وجبل القلمون فإنّ كل المفاوضات والملفات المطروحة على بساط البحث ستصبح في غير محلها بما معناه انه لن يتبقى شيء لخصوم سوريا للمفاوضة عليه.
وفي هذا السياق، يكشف الدبلوماسي عن عدم حماسة ايران لعقد المؤتمر في القريب العاجل لسبب مقنع وهو أنّها تنتظر ما ستؤول اليه المفاوضات مع الدول الكبرى بشأن ملفها النووي، إذ إنّ طهران تدرك جيدا أنّ مثل هذا الملف يشكل مادة دسمة للمقايضة كما يؤسس إلى معادلات جديدة يمكن توظيفها على أكثر من صعيد أبرزها تكريس دورها كلاعبة أساسية في المنطقة من جهة وكضابطة إيقاع للخليج النفطي المتوتر من جهة ثانية، فالعُرف الدبلوماسي المتعلق بالمفاوضات وشجونها يقضي بالاعتراف بأنّ القوي على الأرض هو من يحقق المكاسب على الطاولة وبالتالي فإنّ مرحلة الانتظار تصب في خانة المكسب الايراني بامتياز.
إلى ذلك، يعرب الدبلوماسي عن اعتقاده بأنّ المعارضة السورية سقطت في المحظور وبدأت تدفع الاثمان الغالية لصراع الدول الداعمة لها، فالسقوط القياسي المتسارع يشي بأنّ هناك من يعمل من داخلها لإفراغها من قدراتها، فبعد أن كانت تسيطر على المفاصل الاستراتيجية وتهدد النظام فعلا لا قولا تحولت بسحر ساحر إلى أداة فاشلة تتقهقر بسرعة قياسية أمام تقدّم النظام الذي غيّر باستراتيجياته ربما ولكنه لم يغير بنوعية السلاح المستخدم، وهذا ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الاسرار المتحكمة بتفاصيل العمليات التي لن تنتهي بحسب اعتقاد الدبلوماسي إلا بالحسم خصوصا أنّ الدول الكبرى الداعمة لجنيف 2 لن تجلس إلى نفس الطاولة مع من وصفتهم وأدرجتهم على لائحة الارهاب وهذا يعني أنّ جنيف 2 معلق حتى يحين موعد الحسم على التنظيمات الموصوفة بالارهابية.