هل صُنِعت إستقالة البطريرك الراعي في المملكة العربية السعودية؟!

مارون ناصيف

لم يشكل ما كتب في واحدة من الصحف المحليّة عن أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي سيستقيل قريباً لأن قداسة البابا فرنسيس الأول يريد أن يعينه رئيساً للمجمع الشرقي بدلاً من الكاردينال ليوناردو ساندري، مفاجأةً من العيار الثقيل بالنسبة الى الصرح البطريركي ودوائره. ولم يسارع المطران سمير مظلوم عند قراءته الخبر الى الإتصال بالبطريرك المتواجد في الفاتيكان، للتأكد من صحة الخبر، كما أن النائب البطريركي العام المطران بولس الصيّاح، تعامل مع الخبر وكأن شيئاً لم يكن على اعتبار أنه مجرد إشاعة لا تستأهل الردّ.
الجميع كان على علم بهذه الحملة المفبركة ضد سيد بكركي، والجميع كان يتابع هذه الحملة التي إنطلقت في البداية من مواقع الكترونية سعودية الهوى والتمويل منذ حوالى أسبوعين، لتنتقل بعدها الى بعض الصحف اللبنانية غيرالبعيدة أيضاً عن الجو السعودي عينه. ومنذ البداية كانت الدوائر الكنسية المختصة ترصد ما يكتب بحق رأس الكنيسة المارونية لحظة بلحظة، وتزود الكاردينال الراعي بتقارير مفصلة عما يحصل. ويقول مرجع روحي بارز: “بما أن البطريرك كان في الآونة الأخيرة متواجداً في الفاتيكان، وعلى تماس يومي مع قداسة البابا فرنسيس الأول، كذلك مع رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، ولم يفاتحه أحد بنية تعيينه كبديل عن الأخير، يعني أن ما يكتب عن إستقالة الراعي هو مجرد حملة لا أساس لها من الصحة”.
هذه الحملة على البطريرك الراعي سيرد عليها بنفسه من مطار بيروت الدولي وهو عائد بعد ظهر اليوم من الفاتيكان على متن طائرة تابعة لطيران الميدل ايست. وفي هذا السياق، يتوقع المرجع الروحي أن يأتي تعليق البطريرك مقتضباً وأن يختصر على عبارة “سخفاء من يطلقون هذه الإشاعات ويصدقونها”.
وفي الوقت الذي ترى فيه الأوساط الروحية المتابعة أن “استقالة البطريرك من منصبه، غير المطروحة أساساً، هي من سابع المستحيلات لأن منصب رئاسة المجمع الشرقي يفرض على صاحبه الإستقالة في عمر الخامسة والسبعين وبالتالي إذا تولى الراعي هذا المنصب فلن تبقى له سوى سنة واحدة قبل أن يعود ويستقيل منه وعندها يكون قد خسر موقعه البطريركي في رئاسة الكنيسة، غير المحددة ولايته بمهلة زمنية”، ترجّح أن تكون مواقف البطريرك الحادة لا سيما من الأزمة السورية والتكفيريين هناك، والتحذير من خطر هؤلاء على الوجود المسيحي في المنطقة، هي التي سببت هذه الحملة السعودية المروّجة لاستقالته من منصبه بهدف تشكيل رأي عام مقتنع بأن عهد الراعي في بطريركية إنطاكيا وسائر المشرق للموارنة إنتهى، وانتهت معه النظرية القائلة بأن النظام السوري يحمي الأقليات في المنطقة وهو يشكل ضمانة لها. وبحسب الأوساط الروحية عينها، فمن خطط لهذه الحملة هو شخصية سعودية نافذة تلعب في الآونة الأخيرة دوراً بارزاً على صعيد السياسة الخارجية.
“هذه الحملة أو غيرها لن تدفع الراعي الى تغيير قناعاته”، يقول المرجع الروحي، ويسأل: “هل يعتقد البعض أن البطريرك الذي واجه بصلابة أعنف الحملات السياسية والضغوط المخابراتية يوم كان يتبنى إقتراح اللقاء الأرثوذوكسي الإنتخابي، سينكسر أمام مقالة من هنا وإشاعة من هناك؟”