هل شارفت الحرب في سوريا على نهايتها ؟

أنطوان الحايك
يعتبر دبلوماسي شرقي أن الحرب في سوريا شارفت على نهايتها من الناحية الاستراتيجية بعد أن اتضحت صورة التسوية الاقليمية وانتظم الغرب في مشروع الحرب على الارهاب، وبعد أن حققت الحرب السورية العديد من أهدافها المتشعبة والتي راوحت ما بين تجميع الارهاب والتكفير في بقعة محددة ومن ثم القضاء عليه، وهذا هدف أعلنه الرئيس السوري بشار الأسد اكثر من مرة، بحيث اعتبر أن الحرب في بلاده لن تنتهي الا باجتثاث الارهاب والارهابيين.
هذا لايعني أن الحرب الميدانية ستتوقف في خلال أيام أو أسابيع، بل أن مايقصده الدبلوماسي هو أن المعركة العسكرية الاستراتيجية بالنسبة للنظام السوري هي الصمود أولا، بانتظار تغيير المشهد واقفال معابر التهريب والسيطرة عليها بشكل كامل وهذا ما هو حاصل الآن، بيد أن الإنتهاء من الحسم في عدرا ومحيطها يعني السيطرة الكاملة على قوافل التموين والامداد العسكري القادمة من الأردن، فيما تشكل السيطرة على مدينة يبرود في القلمون المدخل الأساسي لاقفال المعبر الحيوي الذي يصل سوريا بلبنان عبر بوابة عرسال وجرودها، بما يحقق هدفاً استراتيجياً فعلياً في محاصرة التكفيريين وتوزيعهم على مربعات أمنية مدروسة يسهل التعاطي معها عسكرياً، وأن طال الامد لعمليات التطهير الكامل، بحيث يصبح لدى الجيش خطة واحدة لاقفال المعابر مع تركيا والعراق، وهذا قد لا يكون صعباً للغاية أو مستحيلاً اذا ما صدقت تركيا في سعيها لاجراء عملية اعادة تموضع تسمح لها بالمشاركة في مؤتمر جنيف 2 بصفة مراقب أو مشارك وليس طرفاً في الحرب.
من أبرز الأهداف التي حققها الغرب من الحرب على سوريا هي ابعاد خطرين أساسيين عن اسرائيل، التي تعتبر من الأساس ان تفوقها العسكري في المنطقة يقوم على مخزونها من النووي العسكري الأول، وهو خطر السلاح الكيمائي السوري والذي بات في طور تفكيكه بالكامل عملاً بالاتفاق الأميركي الروسي، والثاني الخطر النووي الايراني الذي انتهى أقله في هذه المرحلة بعد اتفاق طهران مع الدول الغربية وانفتاحها على واشنطن، فضلاً عن شرذمة قوى الجيش السوري الذي كانت معاهد الدراسات الاستراتيجية قد صنفته في المرتبة السادسة عالمياً من حيث عدده وعديده وقدراته الصاروخية، إضافة إلى تشتيت الدور السوري من خلال تقليم أظافر نظامه والقضاء على مقومات هامة كانت تشكل عقدة الوصل بين مكونات محور الممانعة.
في سياق متصل، يرى الدبلوماسي أن بوادر نتائج الصمود السوري بدأت تتبلور تباعاً، وهي جاءت هذه المرة على لسان الغرب الذي اعترف بأن مؤتمر جنيف 2 لا يعني رحيل الرئيس السوري بشار الأسد أو اسقاطه، بل على العكس تماماً فانه تحول إلى حاجة غربية لعدم وجود بدائل مقنعة من جهة، والتزاماً ببنود سرية من التسوية الروسية الأميركية التي جعلت من بقاء الأسد أو رحيله شأن سوري يتم النظر فيه لاحقاً وبعد قيام تسوية سياسية ومصالحة وطنية، وهذا ما لن يحصل في خلال المدة الفاصلة عن موعد انتهاء ولاية الرئيس الأسد في أيار المقبل، اضافة إلى اعتراف أميركي مباشر بأن النظام السوري يشن حربه على الارهاب وليس على الشعب السوري وهذا ما بدأت تروج له وسائل اعلام غربية معروفة بولائها لأجهزة الاستخبارات الغربية والأميركية تحديداً، ناهيك عن تسليم أممي بدور ايران وضرورة مشاركتها في المؤتمر المذكور حول سوريا معطوفاً على كلام لوزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف يشير إلى ضرورة تطرق جنيف 2 إلى موضوع الارهاب ومحاربته في مشهد يوحي وكأن الدعم المباشر لسوريا سيتم اقراره عاجلاً وليس آجلاً.