هل بدأت ترجمة التوافق الأميركي ـــ الإيراني؟!

عيسى بوعيسى
من المرجح بل المؤكد ان ينتقل عنف العام 2013، وموجاته المتصاعدة كما ونوعا الى السنة الجديدة، ولا يبدو في الافق ما يؤشر الى عكس ذلك بل تجمع كافة المعطيات والدلالات الى ان العام المقبل هو عام الحسم وتظهير علني لمفاعيل الاتفاق الاميركي – الايراني بشأن الملفات في سوريا ولبنان على وجه الخصوص بعد انفتاح الموقف السعودي المتضرر من هذه التسوية ويبدو حسب مصادر سياسية موثوقة ان كل ما يحدث في لبنان يأتي ترجمة للذي تم توقيعه في جنيف حول الملف النووي الايراني ومسألة تظهيره به خصوصا مع اغتيال الوزير الشهيد محمد شطح والذي ستلحق بهذا الاغتيال سلسلة من اعمال القتل والتدمير تطال فئات سياسية وطوائف متنوعة ليشكلوا حطب انضاج واعلان وافهام ما جرى بين اميركا والغرب وايران، وتقول هذه المصادر ان استشهاد الوزير المعتدل محمد شطح سبيل لاظهار التيارات الاصولية المتطرفة ولتبدأ جولات من العنف المدمر على الساحة اللبنانية التي اصبحت جزءا من الازمة السورية بشكل متلازم.. وما كلام النائب وليد جنبلاط من ان لبنان وقع في الفخ خير دليل على نقاوة صورة المشهد الاتي المليء بالسيارات المفخخة والانتخاريين، وهذه المشهدية تقول عنها هذه المصادر تأتي ترجمة لغياب الاجماع الاقليمي حول تقدم ايران في مفاوضاتها مع الغرب من جهة واقترابها من بسط النفوذ في العراق وسوريا ولبنان فيما يبدو السعودي غير مقتنع وغير قابل بهذه المساومة على حسابه ان كان لجهة عدم ضرب نظام الرئيس بشار الاسد او معالجة المفاعل النووي بالاتفاق الذي تم توقيعه مع الغرب او لجهة الوضع غير المريح له في لبنان بوجود قوة حزب الله التي تخطت الواقع اللبناني وصولا الى الاقليمي منه ليشكل مع ايران وسوريا والعراق محورا لا يمكن الاستهانة بقوته خصوصا ان الولايات المتحدة الاميركية والدول الاوروبية ابتعدت الى حد بعيد عن هذه الساحات وجوداً وتسليحاً بل انما ذهبت بعكس ما كانت تعمل عليه وبرز في هذا الاطار تحذير الخارجية الاميركية الدول التي ترسل السلاح الى المعارضة السورية وعرض شبكة CNN الاميركية شريطا مدته ساعة كاملة يتحدث عن الارهاب الحاصل في سوريا وبعض اجزاء من لبنان وان هذا الخطر بدأ يدق ابواب اوروبا وبالتالي مصالح الولايات المتحدة.
ويأتي اغتيال الشهيد محمد شطح وهو الشخصية الاكاديمية السياسية المعتدلة والذي عمل في اميركا عشرات السنوات في اطار اكبر مما تتحمله الساحة الداخلية اللبنانية وهو حسب هذه المصادر كان رجل المهمات الصعبة لتيار المستقبل في لبنان والخارج وخصوصاً اميركا ومسألة اغتياله تحمل في طياتها اسئلة كبيرة توازي حجم الرجل على الصعيد الدولي ناهيك عن انه شخصية حوارية من الطراز الرفيع واستهدافه يطرح علامات استفهام حول المستفيد من غيابه وهذا هو العنوان الاول الذي تطرحه هذه المصادر لتقول ان هناك دولاً ومنظمات متضررة من وجود رجل عصامي ومنفتح وتريد للساحة اللبنانية ان تشتعل تمهيداً لاعادة التوتر المطلوب من قبلها. لكن تقول هذه المصادر ان من يقتل محمد شطح مع هذه الصفات التي يحملها مستعد للفتك بكل اصوات الاعتدال في لبنان تمهيداً لتوسيع المطارح في المؤتمرات الدولية القادمة ابتداء من جنيف – 2 وهذا ينطبق على الكثير من الدول القريبة والبعيدة من لبنان والتي انجزت معاهداتها او التي تسعى الى ذلك مما يفسح المجال واسعا امام ما كان يتخوف منه لبنان وجعله لاعباً وسفيراً في لعبة الامم او حتى مجرد ساحة او لعبة للكبار على ساحاته لتكون مشهدية السياسة الداخلية مع هذه التطورات قد اقفلت سبل الحوار بين الجهات، والاحزاب خصوصاً بعد التحرك الذي بدأه التيار الوطني الحرّ باتجاه كافة الافرقاء، ولم تستبعد هذه المصادر ان يفرمل الواقع المستجد هذه المبادرات وبالاخص بين تيار المستقبل والتيار الحر مع العلم ان سلاسة ونجاح هذا الانفتاح للعماد ميشال عون شكلا انطلاقة جديدة نحو التوافق على الحدود الدنيا من القواسم المشتركة بحيث يمكن لعون ان يلعب دوراً اطفائياً من ضمن المعقول بين الاحزاب والطوائف وهذا ما برهن عنه احد قياديي الحزب التقدمي الاشتراكي لدى لقائه مع اللجنة الحوارية من التيار الوطني الحرّ والذي تفاجأ الاخير بقول احد نواب الاشتراكي بان التيار الحر يشكل سلة بيض كبيرة على الساحة المحلية وليس بيضة قبان فقط وهذا ما يشير الى مدى تقدم مراحل التحاور بين كافة الافرقاء.
ما بين بوح جنبلاط «اننا وقعنا في الفخ»، وقول الرئيس فؤاد السنيورة «قررنا تحرير الوطن من احتلال السلاح غير الشرعي»، ثمة قاسم مشترك يوحي بان الجميع اصبح على علم وخبر ان الفتنة دخلت الباب اللبناني ولم تعد تقبع امامه منذ سنوات.