أسرار رحلة الموت برفقة الإنتحاريين المفترضين في لبنان!

جواد الصايغ
بدّل القيمون على تنفيذ العمليات الإنتحارية في لبنان، تكتيكاتهم التفجيرية، فلم تعد السيارات المفخخة تشفي غليل الطامحين إلى إيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية في صفوف المواطنين والأهداف المدنية.
جبهة النصرة، والدولة الإسلامية في العراق والشام، وكتائب عبد الله عزام، أسماء لمجموعات تتداولها السنة اللبنانيين عقب كل إنفجار، خصوصا وان هذه الجماعات المذكورة تسارع إلى تبني التفجيرات عبر تغريدات بصوت النار والدمار على موقع تويتر، تدفع معها اللبنانيين إلى رفع معدل متابعتهم على موقع التواصل الإجتماعي (تويتر).
إنتحاري الشويفات ساهم في جعل اللبنانيين يعيدون حساباتهم، خصوصا الفقراء منهم الذين لا يملكون ثمن شراء سيارة تساعدهم على الذهاب إلى أعمالهم، فوسائل النقل التي تشكل متنفسا لأبناء الطبقات الكادحة، وبعض أبناء المتوسطة، أصبحت اليوم عرضة لأعمال إرهابية قد تنال من أرواح ابرياء، أجبروا على مواجهة مصير يملكه كل راغب بالصعود إلى الجنة على عجل.
تفجير “فان” نقل الركاب في الشويفات، خلط أوراق الجميع، فما ان تومئ إلى سائق حافلة نقل الركاب المتوسطة الحجم بالتوقف، حتى تكفهر وجوه الجالسين بداخلها، الجميع ينظر إليك بعين الريبة، تراود أنفسهم جملة من الأسئلة في آن واحد: لماذا إختار هذه الحافلة بالتحديد؟، ولماذا لم يصعد في تلك التي مرت قبل دقائق،؟ ترى هل هناك أشخاص مهمين بيننا لا نعرفهم، وقد صعد إلينا ليستهدفهم؟”.
تستمر حرب العيون الصامتة التي تشن بنظرات ملؤها الغضب لدقائق معدودة، يخف الإحتقان بعدها مع صعود راكب جديد إلى الحافلة، حيث تدور الدائرة مجددا وتنضم إلى فرقة الحذر، وتبدأ بطرح الأسئلة التي نالت أسهمها منك ساعة إنضمامك إلى جمهور الراغبين بوصول آمن إلى أمكنة العمل.
يكتمل عدد الركاب، وتسيطر الثقة المتبادلة على اروقة الحافلة، السؤال الأول الذي يطرح على العلن، من أي منطقة انت؟ ليتبعها عسى الله ان يبعد فعل الأشرار عنا، يروي زملاءنا تجاربهم، ويطلقون العنان لخيالهم، تتفاجأ عندما تجد أن أكثر من نصفهم كان بصدد الصعود في الفان الذي إنفجر، ولكن العناية الإلهية أنقذته في اللحظات الأخيرة.
الحديث لا يقتصر عند وجوب توخي الحيطة والحذر، فروح الفكاهة اللبنانية لا بد وان تدخل على الخط، تسمع الساق يقول ” الإنتحاري فجر نفسه بعدما وجد أنه لا يملك الف ليرة لسائق الفان، ففضل الإنتحار على تلقي السباب والشتائم،” ليرد أحد الركاب بالقول،” لا الإنتحاري فجر نفسه بعدما إعتقد ان السائق حاول الإستهزاء به عندما صرخ قائلا لماذا انت منفوخ هكذا، ليأتي تعقيبا سريعا على الموضوع، “نعم السائق جرح شعوره خصوصا وان الإنتحاري يتبع برنامح للحمية “.
الأخبار المتنوعة التي تطرب سماع الحاضرين سرعان ما تتوقف مع الوصول عند أول حاجز عسكري للجيش اللبناني، الجميع يتجهز للخروج من الحافلة من أجل الخضوع لتفتيش دقيق من قبل العناصر المولجين حماية الحاجز، النتيجة تأتي إيجابية، فالركاب ليسوا مفخخين كما ظنوا ببعضهم البعض ساعة صعودهم.