يهوذا العثماني
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
يهوذا العثماني
نبيه البرجي
يقولونها بالفم الملآن في مصر ، وهم يستهجنون ما قام به احمد داود اوغلو في اديس ابابا. عرض على المسؤولين هناك تقديم الخبرة التركية في مشروع انشاء» سد النهضة» الذي تخشى مصر ان يؤدي الى خفض منسوب المياه في نهر النيل، لا بل ان هذا المنسوب سيتدنى فعلا وعلى نحو يمكن ان يكون كارثيا اذا ما اخذنا بالاعتبار الايقاع الديموغرافي الهائل في ارض الكنانة..
يسأل احدهم ساخرا ما اذا كان النيل، وهو المسافر الذي زاده الخيال، ملكا لحسن البنا او لعبد الفتاح السيسي او انه ملك لمصر التي وصفها هيرودوت بـ« هبة النيل»؟
لكنهم لا يستغربون كثيرا. رجب طيب اردوغان الذي اخفق، ومنذ اللحظات الاولى، في اقامة دولة الخلافة، كاد يقفل الفرات في وجه السوريين و العراقيين بعدما استخدم للضغط الاستراتيجي على البلدين متجاوزا كل الاحكام القانونية ( الدولية) التي ترعى هذا الشأن، وهو الذي ينظر الى العرب من قصر يلدز لا من حيث ينبغي ان ينظر كرجل لطالما اعتبر الآيات القرآنية رهانه الفذ لاعادة الالق الى الدين الاسلامي..
من يتصور ان تصل الغطرسة، او الكراهية، او البلاهة الى مملكة يهوذا. قال للاثيوبيين « نحن معكم ضد مصر»، ليتقاطع في هذه المهمة مع اسرائيل التي انتقل فريق عسكري منها الى اديس ابابا ليعرض خدماته على المسؤولين هناك والتي اثارت الكثير من الشكوك ان لم يكن الكثير من الذهول في القاهرة..
عيون الاستخبارات المصرية في اثيوبيا. وما يتردد في القاهرة ان حكومة بنيامين نتنياهو ابلغت من ابلغت هناك ان الاستخبارات الاسرائيلية رصدت خططاً لحظتها مصر لتدمير السد ، عشية تدشينه، ان بالغارات الجوية او بصواريخ ارض-ارض، وعلى هذا الاساس عرضت تزويد اديس ابابا بمنظومة القبة الحديدية لصد الصواريخ وبصواريخ ارض-جو للتصدي للقاذفات، مع عرض تقديم صواريخ ارض-ارض يمكن ان تدمر سد اسوان، ويمكن ان تهدد القاهرة ما يحمل المصريين على العودة عن خطتهم، وبالتالي الرضوخ للنتائج الكارثية التي يمكن ان يأتي بها السد..
عادة العرب لا يحقدون الا على بعضهم البعض، ولا يقتلون او يقاتلون بعضهم البعض(هذه خصالنا من ايام عمر بن كلثوم و الحارث بن حلزة وحتى ايام هندرستم ومايا دياب)، نسينا ان النير العثماني ظل اربعة قرون على اكتافنا، وانه طوال هذه المدة التي كانت جارتنا اوروبا تلج، وعبر المداخن، الى التكنولوجيا على انها حقبة ما بعد التاريخ، كما دعاها ول ديورانت،كنا نحن نغوص اكثر فأكثر في تلك الامية الكبرى التي لا نزال نجتر تداعياتها حتى اليوم…
لكننا لم ننس ابدا ان السلطان عبد الحميد رفض منح اليهود وطنا قوميا في فلسطين ، وربما كان هذا السبب وراء خلعه على الاقل بحسب رسالته الشهيرة الى شيخ الطريقة النقشبندية في دمشق، وبعدما اخفقت محاولة تيودور هرتزل تفجير قصر يلدز بالزوارق المفخخة…
من منا لم يرحب باردوغان، لا بل ان مواقفه الاستعراضية حيال اسرائيل جعلتنا نتوجه سلطانا على العرب. وبعضنا استعاد الطربوش ( والشروال) العثماني كدلالة على الولاء بعدما اخفق الحكام العرب في استعادة ولو حبة تراب من فلسطين بامكاناتهم، وخياراتهم، الديبلوماسية الفذة. ألم يسخر منا الحاخام مئير كاهان بل و يبلغ به الازدراء حد وصفنا بـ «الذباب الذي ينهش احذيتنا».
نلتقي بصحافيين اتراك يزورون بيروت بين الحين و الاخر. هم اقرب الينا بكثير من رجب طيب اردوغان واحمد داود اوغلو. يشاطروننا الرؤية حول الدور الهستيري الذي يضطلع به الاثنان في سوريا والعراق ومصر، وهي الدول المحورية في المنطقة العربية التي تمضي بخطى حثيثة نحو التفكك او نحو الخراب او على الاقل نحو الدوران في الحلقة المفرغة، وهي الحلقة الجهنمية على كل حال، فماذا لو قرر اردوغان واوغلو العودة عن النيو عثمانية والتعاطي مع المنطقة بمنأى عن العقد التاريخية، وبالتالي عن تلك الشعوذة الايديولوجية التي تطيح برأس ابي العلاء المعري في سوريا و برأس طه حسين في مصر . في نهاية المطاف برؤوسنا جميعا؟
لنكن مع اندريه مايكل الذي قال فينا اننا ابدلنا الله بالتاريخ، والدين بالايديولوجيا، دون ان يدري كيف و لماذا حدث هذا مع اننا جغرافيا في وسط الكرة الارضية تقريبا، ومع اننا انتجنا ابن رشد وجابر بن حيان و ابا حيان التوحيدي وحتى ابا العلاء المعري. يائسا قال مايكل «ربما كان يفترض طرح هذا السؤال على الله».
ما نقرأه في الدراسات الدولية، كما في تقارير الامم المتحدة، اننا نعاني من ازمات بنيوية في التعامل مع لعبة الازمنة. ثمة ابحاث تظهر كم كانت عائدات العرب من النفط على مدى السبعين عاما المنصرمة. ارقام تتعدى الخيال، ومع ذلك لم نتمكن حتى من ارسال قطة الى الفضاء الخارجي، كما كان يقول العالم المصري فاروق الباز الذي استهجن وصف بعض المراجع الدينية لما يحدث في اتجاه القمر او المريخ بأنه مس بالذات الالهية، حدث هذا عندما وطأ الاميركيون سطح القمر، كما حدث عندما هبطت المركبة الفضائية على سطح المريخ. اذاً، نحن بكل ما اوتينا من الف ليلة وليلة الذين ندرأ الخطر المحدق بالله..
هذه المهزلة اللاهوتية الى متى؟ والى اين؟ كان كمال اتاتورك ينظر الينا على اننا ماضون الى آخر الزمان في ثقافة الابل، وان الهزيمة التي لحقت ببلاده في الحرب العالمية الاولى انما هي نتاج خيانة العرب من ناحية. ونتاج التفاعل مع العقل العربي من ناحية اخرى. لا تختلف نظرة رجب طيب اردوغان، ولكن الفارق ان الاول ادار ظهره لنا بعدما اقتطع لواء الاسكندرون. الثاني يريد ان يمتطي ظهورنا ( وازمنتنا) مرة اخرى..
…حتى انه وصل الى مملكة يهوذا. وكان يهوذا…العثماني!
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» تركيا وجنون الانتماء العثماني
» لعنه الدم السوري تلاحق ( الخليفه العثماني ) !!
» لعنة عين العرب .. فيينا الجنوب والوهم العثماني
» "فكرة الغزو العثماني لسوريا ليست وليدة الساعة"
» بعد انهيار الحلم العثماني.. من هم الفرحون و القلقون في المنطقة ؟
» لعنه الدم السوري تلاحق ( الخليفه العثماني ) !!
» لعنة عين العرب .. فيينا الجنوب والوهم العثماني
» "فكرة الغزو العثماني لسوريا ليست وليدة الساعة"
» بعد انهيار الحلم العثماني.. من هم الفرحون و القلقون في المنطقة ؟
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:32 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة سجلات الأعمال الإحصائية للبلدان العربية|قطاع التامين:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:31 pm من طرف ايمان محمد
» دورة إدارة وبرمجة وتخطيط وجدولة وضبط المشاريع بإستخدام الحاسب الالي MS Project و بريمافيرا:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:23 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تخطيط وتطبيق مكاتب إدارة المشاريع والتحضير لشهادة مدير مشاريع محترف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:19 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة إتصالات ومخاطر وتوريدات المشاريع|إدارة المشاريع:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:16 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تطبيقات الحوكمة فى القطاع المصرفى Governance|البنوك والمالية:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:07 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة مبادىء وإعداد القوائم المالية فى القطاع المصرفى|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:04 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة وتحصيل الإشتراكات التأمينية|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:02 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة استراتيجيات وتقنيات اعداد وادارة العقود والحد من المخاطر المالية والقانونيةالقانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:57 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة الأســـس الفنيـــة لصياغــــة عقـــود المقـــاولات الإنشائيـــــة|القانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:54 pm من طرف ايمان محمد