السوريون اقترعوا رغم «ديكتاتورية» الدول و«عنصرية الأفراد».

ندى أيوب

خارج حدود الوطن، مارس السوريون اليوم الاربعاء حقهم في انتخاب رئيسهم، وسط رفض ومنع «ديكتاتوري» عربي وغربي واسع، بحيث لم يستطع السوريون الاقتراع إلا في 39 دولة حول العالم، بينها 9 دول عربية.

العراق، لبنان، الأردن، البحرين، عُمان، اليمن، السودان، الجزائر، موريتانيا، تستضيف وحدها الانتخابات الرئاسية السورية، في حين أن 12 دولة عربية منعت إنجاز الانتخابات بسبب إغلاق السفارات السورية فيها هي السعودية، قطر، الكويت، تونس، ليبيا، مصر، المغرب. وأخرى لعدم وجود تمثيل ديبلوماسي فيها أساساً فلسطين، الصومال، جيبوتي، جزر القمر، أو لأسباب أخرى،فيما رفضت الامارات العربية المتحدة إقامة الانتخابات على أراضيها بالرغم من وجود سفارة سورية على أراضيها.


أما في لبنان، ومنذ ساعات الصباح الاولى، بدأ السوريون بالتوافد الى مبنى السفارة السورية في اليرزة، للادلاء بأصواتهم، حيث غصّت الطرقات بعشرات آلاف السوريين، يحملون اعلام بلادهم وصور الرئيس بشار الاسد، بعضهم سيرا على الاقدام والبعض الآخر في حافلات وسيارات، فضلاً عن مشاركة الأطفال في المناسبة بالتعبير العفوي عن محبتهم لسوريا ورئيسها.

الانتخابات التعددية الأولى، التي ستشهدها سوريا في الثالث من حزيران في ظل ترشح كل من الرئيس بشارالاسد، ماهر الحجار وحسان النوري، لم تتجلى اليوم في السفارة على الرغم من حضورها المعنوي، حيث صدحت الحناجر بالصوت الواحد تأييداً للقائد الواحد الرئيس الأسد كما كان ينادي الحاضرون الذين أتوا من الجنوب والبقاع والشمال ومختلف المناطق لينتخبوا ثلاثية "الله..بشار..وسوريا".


وإزاء بحر السوريين بدا المشهد أقرب الى يوم الحشر، ويمكن القول أنها تظاهرة إنتخابية وطنية للسوريين الذين حضروا بكثافة غير متوقعة مما ادى الى اشكالات مع القوى الامنية التي وجدت نفسها أمام بحر من الناس.
وفي الوقت الذي إعتبر الناخبون السوريون ان هذا يوم عرس لهم، عبّر اللبنانيون عن حالة غضب نتيجة زحمة السير الخانقة منذ السادسة صباحاً، على الطرق العامة المؤدية الى مداخل بيروت من جهات الشرق والشمال والجنوب، والانتظار لساعات على الطرقات، حبس خلالها اللبنانيون أنفاسهم، خاصة أنهم لم يكونوا على علم بالتدابير الأمنية وأن هذه الطرقات ستغصّ بهذا الحشد البشري.
ولتسهيل عملية الاقتراع وتخوفاً من أي عمل أمني نفذّ الجيش انتشاراً واسعاً، واقام حواجز تفتيش وتدقيق للسيارات.

من جهته أشار رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي جوزيف مسلم ان "ما حصل اليوم هو حالة غير متوقعة ، والعدد غير متوقع"، موضحاً أنه " كان من المفترض تأمين عدد من المراكز الانتخابية وعدم حصرها في السفارة السورية، إلا أن هذا القرار يعود الى الدولة السورية، وليس للدولة اللبنانية".
وأكد في برنامج تلفزيوني الى أن "هناك اجراءات امنية حازمة للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي تبدأ من السفارة حتى المحيط البعيد، لكن الهجمة الواحدة تجاه السفارة وخاصة ان المنتخب لم يتجه لوحده بل برفقة العائلة كاملةً، هو ما جعل الطرقات غير قادرة على إحتواء الناس".
ولفت مسلم إلى أن" نتيجة ما حصل اليوم، وتفادياً لتكراره في الغد سنتخذ مجموعة اجراءات، نبلغ المواطنين بها لاحقاً عبر وسائل الاعلام ".
ونظرا الى كثافة الاعداد مدد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي عملية الاقتراع الى منتصف ليل غد، اما السوريين الذين لم يتمكنوا من تسجيل اسمائهم او منعتهم الظروف يمكن لهم التوجه الى احد المراكز الانتخابية على المنافذ الحدودية في 3 حزيران تزامنا مع الانتخابات داخل سوريا.

تعكس هذه المشاركة الكثيفة رغبة عند السورين بإعادة الاستقرار والامن الى بلادهم وتأكيدهم على حقهم في تقرير مصيرهم.


أما بعض اللبنانيين فلم يروا من الانتخابات السورية سوى زحمة السير الخانقة، التي عطلت البلد وكأنها تحصل للمرة الاولى، فأتت المواقف الانفعالية لتعكس خلفية سياسية وعنصرية فضفاضة وفاضحة.
النائب مروان حماده اعتبر ما جرى «انتقال للبلطجة الاسدية الى قلب لبنان، متهماً المخابرات السورية وحلفائها المحليون بتنظيم مسيرات معيبة لشبيحة النظام الفاشي وحاملي صور القاتل.
وطرح تساؤلاً «عن واجبات الدولة في تأمين حرية الحركة للمواطنين اللبنانيين الذين حوصروا على الطرق، ودور الدولة في منع هذه المظاهر المخابراتية المتجددة».

كما كان للتويتر والمتوترون، حصة في حملة التذمر، حيث غرّد النائب فادي كرم منزعجاً " فليغادر شبيحة بشار الاراضي اللبنانية فوراً، وليذهبوا لدعمه على أراضيهم، بدل إزعاج اللبنانيين واستفزازهم".
وكذلك فعلت الاعلامية مي شدياق، التي غردت بغيظ بالغ " أصبحنا بحاجة إلى 1559 جديد لتحرير لبنان من هؤلاء اللذين لا يمكن ان ينطبق عليهم تسمية لا نازحين ولا لاجئين".