الى أين فرّ مسلحو «كسب»؟

إنسحب المسلحون من كسب. إستعاد الجيش السيطرة عليها بعد ان أجبرهم على الإنسحاب، لكن خفايا “ليلة سقوط المعارضة” هنا لم تتكشف بعد، لم يتكشف إلا الخراب الذي عاث في البلدة ولا شيء غير حسرة المعارضة على خسارتها خططاً بحجم ما كان يراد القيام به في هذه المنطقة الاستراتيجية.

فتحت أوراق المعركة مجدداً، بهدوء كامل سيطر الجيش صباح أول من أمس الاحد على البلدة التي تصدرت واجهة الاحداث لاسابيع طويلة. سقطت المعارضة هنا وكان سقوطها مدوياً، فالمسلحين الذين دعموا بالسلاح والعتاد والامور اللوجستيه على أنواعها فضلاً عن تدعيمهم أجانب وقيادات ميدانية ذات خبرة فضلاً عن أخرى تستقي معلوماتها وخططها من عناصر إستخباراتية مجهزة سلفاً لهذا الغرض، كله سقط في ليلة واحدة، فأين إحتفى المسلحون؟

السلطات التركية منعت هؤلاء من العبور في “فيزا مفتوحة” نحو الاراضي التركية مجدداً، فهي قطعت لهم “وان واي تكت” نحو سوريا لانجاز المشروع. ما يؤكده قائد ميداني كان على تماس مباشر مع المعركة انّ “تركيا أغلقت حدودها بوجه المسلحين وأطلقت رشقات نارية عليهم بعد ان أدرك الاتراك انّ المسلحون سقطوا، وسيفرون إلى تركيا”. المنفذ التركي الذي شكّل أملاً لهؤلاء لمغادرة جحيم المعركة إنسد في وجوههم، وإختفت اية معلومات عن مصير غرفة العمليات التي كانت مكونة من قياديين شيشان و ضباط إستخبارات.

أين ذهب المسلحون؟

ينصت القائد الميداني في مجموعة عسكرية حليفة للجيش السوري إلى السؤال جيداً، هو هاديء جداً. يقف على مرتفع، يرتدي بذلة عسكرية “ديجتال خضراء” رافعاً كُمها إلى الاعلى. يشعل سيغارة “عربية” في يده ويأخذها في فمه قليلاً ومن ثم يعيدها للاسفل مستعملاً اليد اليسرى. في اليمنى يشير إلى جهة شرق الحدود. يميل يده نحو الشرق دالعاً على درب الفرار الذي إتبعه هؤلاء: “إنسحبوا هكذا (يشير إلى الجهة) بعد ان أقفل الاتراك الحدود واطلقوا اعيرة نارية.. الاترك أخلوا المواقع عند إنسحاب المسلحين كي لا يحصل إشتباك بينهم، وعند خروجهم عاد هؤلاء وإنتشروا بكثافة من جهة القطاع التركي من الحدود وأخذوا يراقبون جنود الجيش”.

يأخذ نفساً عميقاً مع جولة جديدة مع “سيغارته” ينصت جيداً محركاً التراب في قدمه، يستمع إلى السؤال، يأخذ وقتاً قصيراً بالرد حتى يستجمع الافكار: “هم حاولوا فكّ الحصار عن سلمى لو فكّ الحصار لكان الأمر تغيّر برمته، لكنا الناحية تبقى ضمن خططهم”، ويضيف: “بعد ان فقدوا أمل العبور نحو تركيا إختار ما بقي منهم على قيد الحياة أن ينسحب إلى جهة جنوب شرق كسب أي قرية ربيعة التي تعتبر معقلاً لهم، يحاولون أخذ نفس هناك”.

يتابع حديثه للـ “الحدث نيوز”: “الجيش سيذهب إلى تخوم ربيعة، هي معركة واحدة تكون أو لا تكون”، يقول القائد العسكري مع إبتسامه تلمع عند ملامستها للشمس، “أرض اللاذقية لن تهضم جحافل المسلحين الفارين إلى المناطق الاخرى، هؤلاء سيخلقون حرباً في تلك الجهة، برأيك ندعهم يتحضرون؟”. يعتبر القائد الميداني انّ التحول في منطقة ريف اللاذقية الشمالي بدأ، يعتبر انّ “تركيا خسرت الكثير في هذه المعركة وخسرت أهم خطة عملت عليها في الوقت الراهن والسابق، وهي كشفت نفسها وضلوعها في هذه المعركة، وسقوط الارهابين هنا وضعها في موقع لا تحسد عليه، فالسقوط هذا هو سقوط لتركيا قبل الارهابيين، وهذا ما سيترتب عليه تداعيات على السياسة العسكرية التركية تجاه سوريا، ربما سنشهد إنكفاءاً تركياً محدوداً عن ساحة الريف الشمالي”.

هل سيعاودون الهجوم من “ربيعة”؟

لا يؤكد القائد الميداني او ينفي هذه الفرضية، لكن يقول انهم لم يلتقطوا أنفاسهم بعد، إنهم منهكون، هم فرّوا تحت جنح الظلام، وليسوا مستعدين الان للبدء بمعركة جديدة، لكن كما قلت نحن من سيلاحقهم.

يكشف للـ “الحدث نيوز” انّ هؤلاء على أغلب الظن سيتكتلون مع مجاميع المسلحين في منطقة جبل الاكراد وسلمى محاولين إنشاء نواة عسكرية كبيرة يسعون من خلالها للهجوم مجدداً، او تجهيز النفس لعمل عسكري ما ينفذ لاحقاً “لن ندعهم يلتقطون الانفاس”، هكذا يلخص الامر، فالهدف القادم للجيش هو تشتيت قواهم في تلك المنطقة وإستنزاف حركتهم حتى إنهاكها.