ريف اللاذقية ... الأهمية الكبرى لـ " جبل النسر " وماهو الهدف التالي للجيش السوري

جبل النسر القمة الأبرز على خارطة مدينة كسب الذي يزيد ارتفاعها ما يقارب 859 متراً، ومنذ بدء ما سمي بمعركة الأنفال كانت عين الجماعات المسلحة في البداية على قمة جبل النسر، لأنه بسيطرتهم عليها سيسهل عليهم الدخول إلى مدينة كسب وقطع طريق اللاذقية كسب.

تكمن أهمية السيطرة على جبل نسر بأنه مطل على جميع محاور القتال الدائرة في كسب، كما أنه مطل على المعبر الحدودي السوري التركي وعلى مرصد 45 وعلى الاوتستراد الرئيسي لمدينة اللاذقية الواصل مع قرية النبعين، بالإضافة لإطلالته على الواجهة البحرية من جهة، وعلى جبل الزاهي و الكوز و نبع المر الذي يعتبر الخط الإمداد الرئيس للمسلحين من الجانب التركي من جهة أحرى.

لدى سيطرة الجماعات المسلحة عليه استفادوا من تحصينات الجيش السوري للقمة وأقاموا عليه أيضاً "الطلاقيات" المخصصة للقنا صين، والذي تمركز فيه أبرز القناصين التابعين ل "جبهة النصرة وكتيبة المهاجرون وعائشة أم المومنين وكتائب شام الإسلام"، في محاولة منهم لإشغال الجيش السوري على كافة محاور القتال الدائرة في كسب، إضافة إلى استخدام السلاح الثقيل المقدّم من الجانب التركي مما صعّب المهمة لعناصر الجيش السوري في بادئ الأمر، وخاصة بعدما سيطروا نارياً على الطريق الدولي الواصل بين المعبر الحدودي شمالاً، مروراً بقرية النبعين على امتداد النظر وصولاً لمنطقة قسطل المعاف.

سميت معارك كسب بمعارك القمم و التلال الاستراتيجة، فمن سيطر عليها كان الأقوى على أرض الميدان، لذا تتطلب ذلك من الجيش السوري تكتيك خاص لمعركة كسب، وتخطيط عالي المستوى.

ببساطة لم يذهب الجيش السوري بعيداً في استحضار نماذج مجربة للمعركة، فهو على علم بتضاريس المدينة وموقعها الجغرافي. فالسيطرة على قمة 45 والتلال المحيطة بها وهي "724 و868" وتله الزاهي وجبل الحراميه وصولاً لتلة الحمراء، ضيّقت الخناق على المسلحين في جبل نسر من الجهة الشمالية الشرقية لمرصد 45، أيضاً السيطرة على سلسلة مرتفعات تشالما و سلدرين و قمة "1017" و برج الزراعة و برج السرياتيل، زاد الخناق على المجموعات المسلحة المحتشدة في تلة النسر الاستراتيجية.

وتعتبر سيطرة الجيش على هذا النقاط إستراتيجية ونوعية، وأربكت قادة المجموعات لانكشاف نقاط قوتها أمام وحدات الرصد في الجيش السوري، الذي أصبح على مشارف "كسب"، لتسقط الأخيرة بصورة سريعة وغير متوقعة بيد الجيش السوري والقوات المقاتلة تحت جناحه، وليفر المسلحين هاربين منها ، حيث فرّت القيادات باتجاه الأراضي التركي قبل إغلاق تركيا لمعبرها الحدودي، والباقي اتجه إلى ناحية ربيعه والقرى المجاورة لها تاركين أسلحتهم الفردية والثقيلة في النقاط التي كانوا ينتشرون فيها.

أي بات يمكننا القول عملياً، أن الجيش العربي السوري استطاع بسلسة عملياته "الاستباقية"، إحكام السيطرة على أجزاء كبيرة محاذية لجبل النسر، وبات مطوقاً بشكل شبه كامل ومسيطراً عليه نارياً من جميع المحاور، وبالتالي انتظرت وحدات الجيش المكلّفة بالإطباق على تلة النسر ساعة الصفر للبد بعملية التوغل في عمق محيط النسر، فالغطاء الناري الكثيف مهد الطريق أمام وحدات المشاة لتتقدم باتجاه جبل النسر، متجاوزون الجروف الصخرية وانهيارات التربة التي لم تمنعهم من الوصول إلى جبل النسر والسيطرة عليه بشكل كامل.

وبحسب المصادر العسكرية سيكون جبل نسر نقطة جديدة لعمليات الجيش السوري باتجاه "جبل الزاهي وجبل الكوز و عطيره وصولاً الدغمشليه و غمام" آخر معاقل المسلحين في المنطقة.