داعش ، وهم القوة في زمن الإنكسار
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
داعش ، وهم القوة في زمن الإنكسار
خاص
سمير الفزاع
ما معنى أن تتصدر أخبار داعش منطقتنا بأسرها ، بغزواتها ، وزحفها ، وإنتصاراتها ، ودولة خلافتها ... ؟ هل حقاً داعش من يتصدر الأخبار ، وهي من يغزو وينتصر ويكتسح الحدود ... ؟ أم هي حرب كحرب "البسوس" بلا ملامح أو عناوين ؟ أحقاً لا يعرف أحد من هم صانعوها ، ومن هم "أبطالها" ، وما هي أهدافها ؟ لا أدّعي بأني سأقدم الإجابة الشافية عن كل أو بعض هذه الأسئلة ، إنما أحاول الفهم ، أحاول ترتيب "الفوضى" في إطار قابل للفهم ، والدراسة ، والمقاومة .
* من يملك قرار "داعش" ؟
قبل كل شيء لنطرح السؤال التالي : هل تملك داعش قرارها ؟ ربما يقول أحدهم بأن هذا السؤال يجب أن يأتي في المرتبة الثانية ، وبعد سؤال ، ماهي داعش ، وكيف نشأت ؟ . هذا صحيح ، لكن الإجابة عن سؤال ، هل تملك داعش قرارها ؟ سيظهر على نحو جيد من هي داعش ، ومن يمولها ويدعمها ويرعاها ... ، ومن يستثمرها سياسيّاً وأمنيّاً وإقتصاديّاً ؟ . عند محاولتنا الإجابة عن هذا السؤال سنكتشف حقائق عدة ، من أهمها :
* داعش والدين :
في 26/4/2014 قافلة تركية مكونة من عدد من المدرعات والشاحنات (17) وبالتنسيق مع عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بعد سيطرته على جسر "قره قوزاك" على نهر الفرات شمال سوريا ، وعلى ضريح "سليمان شاه" الواقع على مقربة من الجسر ، والخاضع رسمياً للسيادة التركية ، تقوم القافلة بعبور الأراضي السورية متوجهة إلى ضريح "سليمان شاه بن قتلمش" والد أرطغرل والد عثمان الأول ، مؤسس الإمبراطورية العثمانية لتبديل الجنود المكلفين بحراسة الضريح - في عملية تتم شهرياً - وتوفير المؤن للجنود الجدد المكلفين بذات المهمة . في حين أن ذات التنظيم يقوم بإزالة أكثر من سبعة أضرحة ومقامات صوفية أغلبها في مدينة "الباب" خلال شهر تشرين الأول الماضي بذريعة أنها تتعارض مع "مبادئ الدين الإسلامي" . وهدم مقام نبي الله إبراهيم الخليل في منطقة "عين عروس" في محافظة الرقة ، ومقام زوجة النبي أيوب في محافظة إدلب ، وجامع الشيخ هلال في مدينة حلب . واستهداف مقام "السيدة زينب" بقذائف الهاون أكثر من مرة ، إضافة إلى الاعتداء على كنائس دمشق وحلب بذات الطريقة وتدمير وإحراق العديد من الكنائس والصلبان وتماثيل السيدة العذراء في المناطق التي دخلها أفراد التنظيم الإرهابي . وأعترفت داعش بتدمير قبر الصحابي "وابصه بن معبد الأسدي" و مقام " أويس القرني "ونبش قبر الصحابي الجليل حجر بن عدي الكِندي ... . فأي دين هذا الذي يسمح بالحفاظ على قبر شخص ما ، قيمته مستمدة بأنه جد لمؤسس الإمبراطورية العثمانية ، في حين تدمر وتنبش وتحرق القبور والمقامات ودور العبادة والكنائس والمساجد ... ؟ . إنها السياسة ومصالح داعش مع الحكومة التركية وليس الأديان ما يحدد موقفها وتصرفاتها ، ألا يكفي داعش عندما تكون تركيا المعبر الآمن لـ1500 مركبة رباعية الدفع وصلت إليها قبل أشهر ليكون قبر"سليمان شاه" قدس الأقداس ، وركن من أركان الإيمان ؟! .
* داعش وأمريكا والعدو الصهيوني :
في تقرير إستخباري فرنسي تمّ تسريب مقتطفات منه مؤخراً ، تحدث عن قاعدة خلفية كبرى لتنظيم داعش موجودة في مدينة "فزان" الليبية ، ويتم العمل فيها تحت إشراف مباشر من الإستخبارات الفرنسية والإنكليزية ، ومن هناك تتدفق المجموعات الإرهابية إلى تركيا في مجموعات ، ويلتحقون بواحد من ثلاث معسكرات (أورفه ، العثمانية ، الكرمان) حيث إشراف الكامل للنيتو ، وممنوع على الأتراك دخول هذه المعسكرات ، وعندما حاول بعض أعضاء مجلس النواب التركي عن حزب الشعب الدخول إلى أحدها طُردوا ، وكأنهم يحاولون الدخول بطريقة غير شرعية إلى أراض غير تركية .
وإذا ما نظرنا اليوم إلى "إنجازات" داعش في العراق خلال الشهر الماضي ، سنلاحظ عدة أمور ، ومن أبرزها :
1 – عودة "محدودة" للقوات الأمريكيّة تحت مسميات "خبراء ومستشارين" .
2 – تسعير الروح المذهبية والطائفية في المنطقة عموماً ، والعراق خصوصاً .
3 – ممارسة عملية تطهير عرقي وطائفي ... ستفضي –إن لم نحذر- إلى كانتونات "عراقية" لا عراق موحد .
4 – "فرض" القوى الكردية الإنفصالية "وقائع" جائرة في محافظة كركوك ، وسهل نينوى ... .
5 – تدفق النفط العراقي من إقليم كردستان إلى الكيان الصهوني بكل سلاسة ، ودون أدنى قدرة من الحكومة العراقية على المنع أو الرفض حتى ، وحماية مرافق الأنابيب العراقية التي تصب في ميناء "جيهان" التركي ومنع تدفق النفط في خط بانياس ، العراقي – السوري .
6 – محاولة فرض "جيب عازل" يمزق العراق ، ويقزمه ، ويحول دون إنجاز التواصل الجغرافي بين أطراف حلف المقاومة .
7 – إلحاق إقليم كردستان بتركيا نهائياً ، وجعلها رئته ومتنفسه الطبيعي والوحيد ؛ حيث سترتفع حالة العداء له بعد إغتصابه لكركوك وبقية الأراضي المتنازع عليها ، وتآمره على إسقاط نينوى ... .
هذه الأهداف ، ومثيلاتها ، تخدم من ؟ ألا تخدم أمريكا وتركيا والكيان الصهيوني وبقية عصابة النيتو ؟ أو هل يمكن أن يحدث ذلك كلّه ، من دون موافقة واشنطن وعصابة النيتو ؟!.
* داعش سلاح واشنطن الجديد :
في العام 2009 وقّعت شركة "غاز بروم" الروسية إتفاقاً مع نيجيريا ، صاحبة تاسع أكبر احتياطي من الغاز في العالم بقيمة 2,5 مليار دولار لبناء مصافي غاز ، وأنابيب نقل ، ومحطات توليد طاقة فيها ، وذلك بهدف تصدير الغاز إلى أوروبا . يتم نقل الغاز النيجيري إلى أوروبا بواسطة خط أنابيب يمر عبر الأراضي الليبية ، ومن ليبيا وعبر البحر إلى إيطاليا ، ومن هناك إلى بقية أوروبا . وافق رئيس وزراء إيطاليا "برلسكوني" على المشروع ، وعلى بيع 50% من شركة "إيني" البترولية الإيطالية لروسيا ، فماذا حصل ؟ تم عزل "برلسكوني" بعد هذه الإتفاقية مباشرة ، ونفذت جماعة "بوكو حرام" الإسلاموية المتطرفة عمليتها الارهابية الأولى في نيجيريا في السنة ذاتها أيضاً !!! . وهكذا أصبحت مهمة إتمام وتشغيل هذا الخط أمر مستحيلاً ، وإذا إسترجعنا الإتهامات الحكومية الفرنسية لإمارة قطر "ومعروف من هي قطر وطبيعة علاقتها بواشنطن" بدعمها لجماعة "بوكو حرام" سنكتشف بأن هذه الجماعة تمثل سلاح أمريكا "الجديد" في فرض الوقائع التي تريدها ، والحفاظ على مصالحها الذاتية ضد "حلفائها" حتى ؛ حيث حرمت أوروبا من غاز نيجيريا وليبيا ، وسلبت روسيا خط "أفريكان ستريم" ... من خلال جماعة تدّعي الإسلام ، وترفع راية لا اله الا الله . وإذا تذكرنا مشروع نقل الغاز والنفط الإيراني الذي كان سيخترق الأراضي العراقية ، ومن هناك يحمل معه قسم لا بأس به من النفط والغاز العراقيين ، ليكون الساحل السوري المصب وميناء التصدير لهذه الكميات الهائلة من الغاز والنفط لأوروبا وبقية العالم . إلى جانب ما ستنتجه سوريا من كميات ضخمة من الغاز بناءاً على الإكتشافات المؤكدة ... ؛ سندرك بكل سهولة أن داعش هي النسخة "المشرقية" من "بوكو حرام" النيجيرية ، ولكن في ظروف أكثر تعقيداً ، وجغرافيا أكثر حيوية وتوتر .
* الخاتمة :
داعش ، حالة أكثر منها تنظيماً وحركة ، وأداة "سياسية" أكثر منها آلية إحتجاج إجتماعي أو سياسي . حالة أُريد لها أن تكون أكبر من الحقيقة ، وأضخم من الواقع ؛ لتجرف البشر ، وتمزق الحدود ، وتمطر فوضى ... تجمّد المشروع إلى حدّ بعيد ، ويوشك أن يسقط ، ومن جمّده ويوشك أن يسقطه رجل في سوريا ، وأما من هو وكيف ، سيكون هذا موضوع المقال القادم خلال يومين بإذن الله .
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» أوباما: الحل السياسي في سوريا هو الوحيد و «داعش» لا تفهم إلا لغة القوة
» 5 مبادئ للتفويض الأميركي باستعمال القوة
» مثلث القوة الصهيونى
» عــــزّام الشويكي .. طوبـــــــوغرافيـــــا القوة
» اختبار القوة ومنظومة المقاومة
» 5 مبادئ للتفويض الأميركي باستعمال القوة
» مثلث القوة الصهيونى
» عــــزّام الشويكي .. طوبـــــــوغرافيـــــا القوة
» اختبار القوة ومنظومة المقاومة
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:32 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة سجلات الأعمال الإحصائية للبلدان العربية|قطاع التامين:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:31 pm من طرف ايمان محمد
» دورة إدارة وبرمجة وتخطيط وجدولة وضبط المشاريع بإستخدام الحاسب الالي MS Project و بريمافيرا:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:23 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تخطيط وتطبيق مكاتب إدارة المشاريع والتحضير لشهادة مدير مشاريع محترف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:19 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة إتصالات ومخاطر وتوريدات المشاريع|إدارة المشاريع:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:16 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تطبيقات الحوكمة فى القطاع المصرفى Governance|البنوك والمالية:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:07 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة مبادىء وإعداد القوائم المالية فى القطاع المصرفى|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:04 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة وتحصيل الإشتراكات التأمينية|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:02 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة استراتيجيات وتقنيات اعداد وادارة العقود والحد من المخاطر المالية والقانونيةالقانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:57 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة الأســـس الفنيـــة لصياغــــة عقـــود المقـــاولات الإنشائيـــــة|القانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:54 pm من طرف ايمان محمد