رأي.. جديد عودة كيري

يعود جون كيري إلى المنطقة غد الثلاثاء وفي حقيبته ملفان: أولاً سورية، وثانياً استكمال رسم خطوط مبادرة السلام العربية المعدلة قطرياً.
هذه المرة لن نفترض حسن النية لدى جون كيري كما كنا نفعل في المرات الثلاث الماضية التي زار فيها المنطقة منذ تسلمه منصبه رسمياً كوزير للخارجية الأميركية في أول شباط الماضي... كما أننا لن نفترض سوء النية أيضاً، وإنما سنتعامل مع عودته من باب أن التطورات الدولية الأخيرة هي من يحدد عناوين وتفاصيل هذه العودة، وهي تطورات لن ندرجها تحت مسمى حسنة أو سيئة لكون الأطراف الدولية تحدد خطواتها - جزئياً – في كلا الملفين أطراف عربية تتواطأ و أخرى ترفض التواطؤ مع ما هو مخطط غربياً.
يعود كيري إلى المنطقة بعد زيارته موسكو واتفاقه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف على حل الأزمة السورية عبر التفاوض استناداً إلى اتفاق جنيف، وعليه أطلقت روسيا دعوتها إلى «جنيف 2»، بينما كان كيري يدعو إلى الاستفادة مما سماه الزخم الحالي لتسوية الأزمة السورية.
لن نستبق تطورات جولة كيري في المنطقة التي ستتخللها مشاركته في الأردن في 22 الجاري في مؤتمر ما يسمى «أصدقاء سورية» حسب إعلان الخارجية الأميركية.. بعد هذا المؤتمر قد يكون لكل حادث حديث.
في ملف استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيواصل كيري سياسة الخطوة خطوة، ورغم أن المراقبين لا يتوقعون جديداً في هذا الملف إلا أننا لا ننسى أن زيارة كيري لـ«إسرائيل» والأراضي الفلسطينية (23 و 24 الجاري) تأتي بعد التعديل الخطير على مبادرة السلام العربية، ويمكن القول إن زيارة كيري هذه قد لا تتضمن إعلاناً مهماً في ختامها، ولكن في الغرف المغلقة سيكون هناك الكثير من التفاصيل وخصوصاً أن «إسرائيل» لن تضيع فرصة الاستغلال الكامل لحالة فقدان التوازن الرسمي العربي المتأتية عن استمرار هيمنة أحداث «الربيع العربي» على الدول العربية المؤثرة، وحسب التسريبات فإن كل ما يجري حالياً بين واشنطن وتل أبيب هو حول الإخراج الجديد للمبادرة المعدلة لتتضمن كل ما تتمناه «إسرائيل» وما تطلبه من إضافات وإلغاءات وعلى رأسها القدس وشطب حق العودة.
التسريبات تؤكد وجود اتصالات مكثفة إسرائيلية – أميركية مع من يسمون «الأصدقاء» في المنطقة تدخل في إطار مشاورات لطلب عقد جلسة في مجلس الأمن لاعتماد المبادرة العربية المعدلة متضمنة مبدأ «حل الدولتين» على أساس «دولة يهودية» وأخرى فلسطينية منزوعة السلاح.. وهناك الكثير من التسريبات حول أن دولاً عربية – والسلطة الفلسطينية أيضاً- موافقة على هذا الأمر.. وعليه قد تكون عودة كيري إلى المنطقة في أحد وجوهها هي وضع التفاصيل الأخيرة على المبادرة المعدلة قبل الاتجاه بها إلى مجلس الأمن.
رغم ذلك يخرج محمود عباس ليتحدث عن المبادرة المعدلة كـ«إنجاز»، وليتحدث عما يريده وعما لا يريده وكأن الأمور طوع بنانه، ليكون كما النعامة تخفي رأسها فتعتقد أنها بإخفائه تختفي بقية الأجزاء الأخرى.. وسواء أكان عباس مقتنعاً أم غير مقتنع بمبدأ النعامة فهو في كلتا الحالتين كارثة.. والآتي أعظم.

عاد المجرم ليطبخ طبخاته بعد ان رأى أن ابطال الجيش العربي السوري قلبوا المعادلات