جنرالات الكلام…

أحمد الحباسى

معسكر جنرالات الكلام في العالم العربي له قادته و ساحاته و مؤيدوه و ممولوه، لهذا المعسكر أحزاب و محطات فضائية ووسائل اتصال حديثة ، و من هذا المعسكر تنطلق كل حملات التخوين و المناداة بمزايا التطبيع مع العدو ، جنرالات حرب الكلام المغشوش أقلام و أفكار مسمومة ” تبث ” من الجزيرة العربية و من بعض العواصم الأوروبية و هم يصورون الواقع العربي على غير حقيقته بغاية تمرير المخطط الصهيوني في تدمير البنية الذهنية العربية قبل كل شيء ، هم من دمروا إرث الرئيس عبد الناصر و من قادوه إلى الهزيمة سنة 1967 ، هم من دفعوا إلى المواجهة القذرة بين الجيش الأردني و المقاومة الفلسطينية في نهاية سنة 1969 ، هم من طبلوا لاتفاقية كامب ديفيد و قبلها لزيارة الرئيس السادات ” التاريخية” للكنيست الصهيوني ، هم من دفعوا إسرائيل إلى مواجهة الثلاثة و ثلاثين يوما الخاسرة مع حزب الله ، هم من صمتوا على قصف مصنع الشفاء في السودان و على حملات الجنوب لتقسيمه ، هم من ألهوا الرئيس محمد حسنى مبارك و يفعلون نقس الشيء مع الرئيس الحالي ( شاهدوا هذه العاصفة الإعلامية الكاذبة التي صاحبت لقاء الرئيس المصري مع رئيس عصابات الكابوى الأمريكي ) .
جنرالات الكلام يتأقلمون مع كل “الظروف” و التضاريس ، رياضيون نشطون في فن قلب الحقائق ، مبدعون في نقل سلاح النفاق و التضليل من هذا الكتف إلى ذاك الكتف ، لا يهمهم الشتم و الاستهزاء و الاحتقار ، همهم الوحيد رضا الصهيونية العالمية بالأساس ثم الدفاع عن أولياء نعمتهم الخليجيون ، تجارة كلام مربحة و مقالات و تحاليل على كل الأصناف و على مدار الساعة ، يتحدثون بلغة الواثق المطلع عن انتصارات لقوى الشر الصهيونية مع أن تقرير فينوغراد يتحدث عن هزيمة مذلة واضحة لجيش إسرائيل الذي لا يقهر ، يصفون انتصارات المقاومة بكونها محطات عائدة بالوبال على الشعب اللبناني ، ينادون بنزع سلاح المقاومة و يناشدون سيد المقاومة بأن يخرج إلى التقاعد المبكر حماية “لأمن ” لبنان ، تلفزيون ” المستقبل ” دكان يمارس فيه جنرالات الكلام هوايتهم المملة في جمع أزلام كوكتال 14 آذار من السنيورة إلى علوش مرورا برئيس حزب الموت و الإرهاب أمين الجميل ، يجتمعون على نفس الطاولة ، يرددون نفس الكلام ، يتوجهون إلى نفس الجهة ، ينتهون إلى نفس النهاية: على حزب الله أن “يصمت”، أن يستقيل من المقاومة .
هذا الرهط من تجار الزيف لا يملون و لا ينامون ، المصيبة أنهم يتكلمون بلغة المقاومة الواثقة و بلغة المواجهة للعدو و بلغة العشق للقضية الفلسطينية ، مع ذلك نتساءل ماذا قدم عزمي بشارة للمقاومة و للقضية ؟ …ماذا قدم فيصل القاسم للام السورية التي تتعرض لكل أنواع التنكيل ؟ … ماذا قدم طارق العمير و عبد الباري عطوان للقضايا العربية سوى بعض ” التحاليل ” المسقطة و بعض “العبارات” الرنانة و كثير من الهجمات اللاذعة المسمومة ضد حلف المقاومة العربية في كل عناوينه ، تنقل عبد الباري عطوان بين كل دكاكين الإعلام في الخليج لكنه خرج من ” المولد بلا حمص ” بعد أن لفظته القذارة الإعلامية الخليجية و تجار بيع الضمائر القائمين على هذه المؤسسات أو المومسات الإعلامية ، اليوم يعود لسان السيد عطوان ليقطع مسافة الألف ميل نحو حلف المقاومة لكن هيهات ، فات الميعاد على رأى كوكب الشرق السيدة أم كلثوم .
تعودنا على هؤلاء المرتزقة الذين تفوح من كتاباتهم رائحة السمك الفاسد ، رائحة التلوث الصهيوني ، نماذج ساقطة و أساليب متهرئة تفوح منها رائحة الخيانة المهنية الإعلامية ، هكذا سيروى التاريخ حكاية عملاء من نوع آخر ، عملاء يلبسون عمامة أحيانا مثل شيخ قطر يوسف القرضاوى أو شيخ تونس راشد الغنوشى ، عملاء يختبئون وراء لحية و سبحة و غرة جبين ليقوضوا الأسس الصحيحة للإسلام ، عملاء حاصلين على أرقى المراتب العلمية مثل محمد البرادعى يمتهنون تجارة تسويق وهم الديمقراطية الغربية الكاسدة ، عملاء من قدماء العسكريين الفاشلين مثل صفوة الزيات ، عملاء من كوادر المخابرات العربية يبثون الإشاعات و يسربون الأخبار المسمومة لتقويض السلم و الهدوء الاجتماعي .
سيذكر التاريخ أن المقاومة اللبنانية المناضلة قد انتصرت صيف تموز 2006 رغم عاصفة الكذب و التضليل الإعلامية الخليجية المصرية الأردنية اللبنانية ، سيذكر التاريخ أن معركة القصير السورية قد شكلت منعرجا فاصلا في حرب سوريا ضد الإرهاب السعودي المدعوم من المخابرات التركية الصهيونية الألمانية القطرية رغم قوة القصف الإعلامي الداعم لمؤامرة إسقاط سوريا على من فيها ، سيكتب التاريخ انتصار القنوات الإعلامية السورية رغم قرار حظر البث “العربي” الصادر عن جامعة الخيانة العربية ، ستظل المقاومة اللبنانية السورية الإيرانية العراقية العنوان الطويل الأبرز في قادم السنوات رغم حملات الحقد و التضليل الخليجية الصهيونية ، سيسجل التاريخ خيانة حكام الخليج و أقلامه و ماله النفطي و رموز سياسته الصهيونية ، سيقرأ أبناء هذه الأمة يوما عن جنرالات الكلام ، عما فعل جنرالات الكلام في هذه الأمة .