موسكو وبكين وجبهة الحرب الأميركية المقبلة

تحسين الحلبي

إذا كان هتلر قد دفع العالم إلى حرب عالمية ثانية حين أعلن ضرورة احتلاله للدول الأوروبية ومنها فرنسا عام 1940 وأشغل البشرية بحرب تدميرية خلال ست سنوات ثم هُزم فإن الرئيس أوباما وإدارته يسعون إلى تفتيت جميع الدول المنافسة أو المناهضة لسياسته وخصوصاً الدول الكبرى مثل روسيا والصين عن طريق حروب داخلية في كل دولة وتدخل عسكري في كل دولة من هذه الدول.
وهذه الأهداف يؤكد وجودها (بول كريغ روبرتس) مساعد سابق لوزير المالية الأميركية لشؤون السياسة الاقتصادية ومؤلف كتاب (كيف أضاعت أميركا نفسها؟) ويحذر من أنها ستتسبب حتماً بحرب عالمية تتساقط الصواريخ فيها لأول مرة على أراضي الولايات المتحدة.
ويرى (روبرتس) أن الإدارة الأميركية تدرك عوامل قوة روسيا والصين الاقتصادية إذا بقيت الدولتان الكبريان تحافظان على وحدة كل منهما وسيادتها ولذلك تحاول واشنطن استغلال قدرتها على توظيف أكبر ميزانية حربية لزيادة التحديات ضد هاتين الدولتين اللتين تشكلان سداً يعرقل هيمنتها على العالم كقطب واحد لا يريد وجود أي منافس له على الكرة الأرضية.
ويستنتج (روبرتس) صاحب الخبرة في العمل في الإدارة الأميركية أن موسكو وبكين تدركان جيداً وجود هذه الأهداف والحشد السياسي والعسكري الذي تعده واشنطن لإجبارهما على التسليم بالمصالح الأميركية والامتناع عن منافستها وعرقلة تحقيقها لكنهما على اقتناع أيضاً أن قدراتهما العسكرية ومصالح دول كثيرة في العالم ستحول دون حرب عالمية لأنها ستكون حتماً (نووية) وبأن سياسة واشنطن سترتد عليها في مختلف القارات.
وتزداد قناعة محللين أميركيين بأن أوباما لن يستخدم أي قوة برية أميركية على غرار حرب بوش وغزوه للعراق وأن التكتيك الذي ستتبعه القيادة العسكرية هو السيطرة من الجو وتحريض الأطراف والمجموعات المتحاربة في كل دولة على استمرار الاقتتال ضد بعضها بعضاً وهذا ما يلاحظه الجميع في ليبيا واليمن وهذا ما تريد واشنطن اتباعه بعد سحب قواتها البرية من أفغانستان قريباً.
وفي قلب هذه الدوامة الأميركية الوحشية لا أحد يضمن استمرار سكوت مصر والجزائر على ما يجري في العراق وسورية لأنهما أكبر دولتين عربيتين تتطلع واشنطن إلى تمزيقهما بحروب داخلية أيضاً وهذا ما دفع الدولتين إلى زيادة اعتمادهما على الأسلحة الروسية والتقارب مع روسيا والصين.
وتحتل العراق والعلاقات الخاصة بين شعبها والشعبين الإيراني والسوري أهمية لأن الجمهور العراقي وقدراته الشعبية المسلحة لن تسمح بتمرير المخطط الأميركي للهيمنة على العراق وتسخيره للحروب الأميركية. ولذلك يحذر المحللون في (البنتاغون) وزارة الدفاع الأميركية من القدرات الشعبية العراقية وقدرة إيران على تسليحها ومساندتها ضد أي طرف توظفه واشنطن ضد مصالح الشعب العراقي، ويعترف (البنتاغون) بأن أي توسع في مجابهة أميركا عسكرياً في منطقة العراق والخليج سيفرض على المصالح الأميركية ثمناً باهظاً ويعيد خلط الأوراق لمصلحة الدول المناهضة للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط ويوفر لروسيا زيادة إرسال الأسلحة والخبرات العسكرية للأطراف التي تمكنت من توسيع الحرب على أميركا.
فالولايات المتحدة منشغلة بكل قدراتها الجوية والبرية في أفغانستان وكذلك في محاربة الإرهاب في باكستان التي بدأت تفتح بوابات علاقات متبادلة مع موسكو وبكين وهي التي تتولى معظم أعباء التدخل والنشاط العسكري في المنطقة وإذا ما تجمعت بعض قوى المنطقة ضدها فإن حسابات (حربها على الإرهاب) سترتد بالنتائج المضادة على كل أهدافها بموجب تحليل نشره (باتريك مارتين) قبل أسبوع في موقع (وورلد سوشياليست) الأميركي اليساري.
ويضيف مارتين: إن توقف الدور الأميركي العسكري ضد داعش سيصبح رهناً بالدور الذي ستحتشد حوله كل من إيران والعراق وسورية لحماية سيادة واستقلال دولها.