دمشق، طهران وموسكو... رسائل غضب وعتب
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
دمشق، طهران وموسكو... رسائل غضب وعتب
في طريقه إلى منصة القسم، ومنذ لحظة وصوله مكان الاحتفال، كان المشهد رمزي حتى “الثمالة” في كل تفاصيله. كان واضحاً أن الرجل شريك كامل في صياغة المشهد؛ فقد تهيأ لكل تفصيل من تفاصيل الاحتفال، وفكرّ في كلّ خطوة سيخطوها على مساره الطويل والمهيب. ذهبت الرسائل في كلّ اتجاه، للصديق وللعدو، للداخل والخارج… سورية جديدة تولد، وزعيم كبير يحجز موقعاً على موائد الكبار. أين وصلت العلاقة بين دمشق وواشنطن؟ وهل تأثرت علاقة دمشق بطهران بعد فوز “الإصلاحيون”؟ وماذا عن موسكو؟ قد يفاجئ كلامي البعض، ويُغضب البعض الآخر، لكن الرسالة التي أؤمن بها تُحتم عليّ قول ما أعتقد بأنه حقيقة مهما كانت النتائج.
*سورية نجحت في هزيمة القاتل والدور على أداة القتل:
صار بديهيّاً أن هذه المجاميع الإرهابية مجرد أداة تنفيذية تخدم مصالح دول إقليمية ودولية، وأن سورية تواجهها من هذا المنطلق، وهو ما تحدث عنه الرئيس بشار حافظ الأسد، عندما قال: إننا نحارب اليد التي تحمل السكين لا السكين. تعرضت سورية إلى دمار كبير في بنيتها التحتية، ومؤسساتها الاقتصادية والخدمية، وسقط عشرات آلاف الشهداء، ومثلهم من الجرحى والمخطوفين… لكن هذا لم يكن هدف العدوان أبداً، ربما كان أحد أعراضه الجانبية ولكن بشكل مضاعف مرات عديدة لو نجح العدوان، ولكن الهدف كان في مكان آخر. امتد الصراع إلى حيث لم يتخيل أحد، وانتهى إلى نتيجة لم يتوقعها الكثيرون، صمدت سورية، وبقيت متماسكة في مؤسساتها وخصوصاً العسكرية، وألتفّ حول القيادة والجيش معظم الشعب… صمدت سورية بفضل قواها الذاتية قبل أي شيء آخر، فلا وجود لأحد في هذا العالم قادر على إنقاذ مهزوم في وطنه. حتى حلفاء سورية التقليديين أصابهم الشك والقلق في المرحلة الأولى من الحرب، ولكنهم استعادوا توازنهم مع استعادة سورية لتوازنها، وتماسك موقفهم كلما تقدم الزمن وسورية صامدة متماسكة، وصاروا أكثر ثقة وقوة عندما استلمت سورية زمام المبادرة، ألم يستفسر لافروف في اللقاء الذي جمعه بالرئيس الاسد في 7/2/2012 عن “مزاج المجتمع وكيف تتطور هذه الأمزجة؟ وهل يزداد عدد الذين يدعمون المعارضة والمسلحين؟”.
* حلف واشنطن، أهو طرق للأبواب أم محاولة لكسرها:
الدول كالإنسان، بعد النضج يفاجئها الكبر، ويدركها التعب، فتتكلس مفاصلها، وتتثاقل خطاها، وتترهل عضلاتها… لم يعرف التاريخ دولة خرجت عن هذا الناموس، كما لم يُعرف إنسان تغلب على هذا المصير. من راقب المبادئ والقيم التي ارتكزت عليها السياسة السورية منذ العام 1970 حتى اليوم على الأقل، يدرك أنَّها سياسة استقلالية سيادية حدّ “المغامرة”، وقد انُتهجت هذه السياسة مع الأصدقاء والأعداء. كان الاتحاد السوفيتي القطب الآخر في العالم، ويقيم أفضل العلاقات مع سورية، لكن الراحل حافظ الأسد رفض إقامة قواعد سوفيتية في سورية، وما زال الحال ذاته حتى اليوم. وعندما يتعلق الأمر بأمريكا، فإن الأمور تصبح أكثر تعقيداً بما لا يقاس؛ بل إن انعدام الثقة والعداء يصيران سيدا الموقف لاعتبارات مختلفة، منها، أن سورية ترى في الدعم الأمريكي للعدو الصهيوني ترسيخ لاحتلال جزء طبيعي منها، وأن واشنطن كانت السبب وراء انتكاسة نصر تشرين على الجبهة المصرية، وهي من سرق القاهرة من دمشق… اليوم، اكتشفت واشنطن أنها مجبرة على إيجاد آلية “للتفاهم” مع دمشق قبل الشروع بمحاربة داعش وأفرعها، لأسباب، منها؟
1-بسبب طبيعة الشخصية الوطنية السورية، لن تطلب دمشق تحت أيّ ظرف كان من تحالف واشنطن ضرب داعش وأخواتها على أراضيها، ولكنها لن “تحمي” داعش وأخواتها في ذات الوقت، وهذا يعني أن على واشنطن المبادرة للاتصال بدمشق.
2-لا يمكن لأي طرف أن يهاجم داعش في سورية دون “تنسيق فني-ميداني” مع دمشق. سورية تعيش حالة حرب حقيقية، ومعظم الجيران-الأعداء لسورية يمتلكون طائرات أمريكية، فكيف يمكن لطائرات واشنطن التحليق في الأجواء السورية دون ترتيب “فني-ميداني” سيكون حاسماً لمنع وقوع حادثة ما قد تشعل المنطقة بأسرها.
3-خلال تحليق الطائرات الأمريكية فوق الأجواء السورية، قد يحدث خلل فني لأحد طائراتها يُجبر الطيار على الهبوط اضطرارياً في أحد القواعد السورية أو أن يقفز بمظلته على الأراضي السورية، فما هو الوضع القانوني والسياسي لهذا الطيار إذا لم يكن هناك تنسيق مع القيادة السورية؟
عملت واشنطن على إيجاد صيغة توفر تنسيقاً “معقولاً” مع دمشق، تراعي طبيعة العقل السياسي السوري الذي لن يكونَ رهينةً لأحد، ويرفض الالتحاق بهذا التحالف، ليبقى حرّاً باتخاذ الإجراءات المناسبة إذا ما لجأت واشنطن وأدواتها لأي فعل “مفاجئ”، ولأن سلوك الطريق الآخر قد يؤدي الى مزيد من التعقيدات والتداعيات مع سورية وحلفائها.
وفي سياق البرهنة على التواصل المباشر وغير المباشر بين واشنطن ودمشق لمواجهة الارهاب، يتم الحديث عن عدد من المحطات، منها، ما كشفته مصادر استخباراتية غربية عن محادثات سرية أجراها عدد من الضباط الاميركيين مع ضباط سوريين يوم 10/9/2014 في مسقط للبحث في “تعاون مشترك” لمواجهة خطر داعش في العراق وسورية. وزيارتان قام بهما مستشار الامن الوطني لرئيس الحكومة العراقية إلى دمشق خلال اسبوع واحد يومي 16و23/9/2014 والتقى فيهما مع الرئيس الاسد. وتصريح للناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في 23/9 يفيد بأن واشنطن ابلغت مندوب سورية الدائم في الامم المتحدة بشار الجعفري بأنها ستشن ضربات جوية ضد مواقع لداعش داخل الأراضي السورية. وبيان وزارة الخارجية السورية في 23/9 الذي تحدث عن تلقي وزير الخارجية “المعلم” رسالة من نظيره الأمريكي جون كيري عبر وزير خارجية العراق ابراهيم الجعفري في 22/9 يبلغه فيها أن أمريكا ستستهدف قواعد داعش، وبعضها موجود في سوريا. صحيح ان خسائر داعش جراء القصف الجوي والصاروخي لحلف واشنطن لا توازي تلك التي الحقها ويلحقها سلاح الجو السوري في غاراته، أو المعارك والكمائن التي ينفذها الجيش العربي السوري ضده في العديد من المناطق. لكن هذه الغارات اتخذت شكلا جديداً منذ 19/10، وهذه بعض الملاحظات حولها:
1-لم نعد نسمع بغارات يقوم بها شركاء واشنطن في تحالفها فوق الاراضي السورية، وتحديدا من “العرب”.
2-صارت الغارات أكثر تركيزاً على مجاميع داعش لا مقراتها المفترضة.
3-إنخفاض كبير في عدد الغارات والصواريخ، وتحسن كبير في نتائجها، وخصوصاً حول عين العرب.
4-رفض أمريكي متكرر لسيناريو المنطقة الآمنة، ومنطقة حظر الطيران التي تمناها وعمل لأجلها الأتراك والفرنسيين والسعوديين… .
هذه هي حقيقة المشهد، وما تبقى ليس أكثر من تصريحات إعلامية أمريكية غايتها توفير مادة للاستهلاك والإقليمي والدولي وخصوصاً لتلك الدول التي سيرعبها انفتاح علني ومباشر على الحكومة السورية، كالسعودية وتركيا وفرنسا، وهذا ما يفسر صرخة أردوغان وهولاند لإنقاذ حلب… ومحاولة فاشلة للقول بأن واشنطن لم تعترف بشرعية القيادة السورية، وأنها ماضية وقادرة على إسقاطها-إن شاءت، وتضليل أدواتها الإرهابية حتى تنتهي من مساومة دمشق على رأس هذه الأدوات… ومع ذلك كان كلام “هيغل” الأخير معبراً جداً.
* سورية عبء أم حليف:
قبل أن يُنتخب الرئيس روحاني رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان واضحاً أن الرجل سيفوز بالموقع ضمن “تسوية” داخلية تمنع انفجار داخلي وشيك. منذ انتخابات الولاية الثانية للرئيس الحليف أحمدي نجاد، ظهر تيار قوي يطالب بالبحث عن مصالح إيران بعيداً عن تعقيدات التحالف مع سورية ومحور المقاومة، وقد صرّح بذلك علانية أحد أهم مرشحي “التيار الإصلاحي”. تحدثت سابقاً عن سياسات انتهجها الرئيس روحاني، أقل ما يمكن أن توصف به بأنها لا تصدر عن صديق، فكيف بالحليف؟ مثل رسالة التهنئة التي بعث بها لأردوغان بعد ساعات من فوز حزبه بالانتخابات البلدية، دون أن يلتفت للمجازر التي بدأت بارتكابها الجماعات الإرهابية قبيل الانتخابات في كسب، بعد أن عبرت الجانب التركي للحدود، واجتاحت المدينة بدعم كامل من الجيش التركي، بمدفعيته ودباباته وسيارات إسعافه. هناك تيارين في أيران، يعيشان حالة من “تساكن” الضرورة، التيار الأصولي الذي يقوده المرشد الأعلى السيد الخامنئي، وهو حليف حقيقي لسورية ولكل محور المقاومة، وتيار “ليبرالي” يسعى “للانفتاح” على الغرب، ليجعل من الانفتاح أداته الحاسمة وإنجازه التاريخي “للسيطرة” على الجمهورية. لقد ظهر الخلاف جليّاً في محطات كثيرة بين الطرفين، ويكفي أن نتذكر البيان الذي قال فيه قائد الحرس الثوري: “الاجراءات التي تحكم النظام الاداري للبلاد كما كانت عليه من قبل (لكن) تم تعديلها قليلا وللأسف أصابتها الافكار الغربية”. ظن روحاني ووزير خارجيته ظريف، أنهم قادرون على قيادة إيران بمعزل عن حلفائها، وتجاوز مكان ومكانة المرشد الأعلى للثورة، وبعيداً عن تاريخ وحاضر الجمهورية المرتبط عميقاً بمحور حقق لأعضائه ككل، ولكل طرف منهم على حدة، مكاسب ضخمة ومكانة كبرى في الإقليم والعالم… فكان ضروريّاً تذكيرهما في السرّ والعلن، كأشخاص و”تيار”، بما كشفه “المعلم” وزير الخارجية السوري، لجريدة الأخبار، حول فحوى مناقشة له مع وزير الخارجية، ظريف، عندما قال له: “إن صمود سوريا هو الذي يُمكّنك من التفاوض من موقع قوي مع الغرب حول الملف النووي”. إن مثل هذه المواقف الصريحة والمباشرة تُعبّر عن العقلية السياسية السورية الاستقلالية والوطنية الخالصة، وتعبر بذات الوقت عن تمسك عميق بحليف موثوق، وإن “أخطأ” بعض مسؤوليه في فهم طبيعة هذا التحالف. “فأي عراقيل قد تطرأ على هذه العلاقة، سيحسمها الإمام الخامنئي ومجلس الشعب والحرس الثوري لصالح التحالف مع سورية”، كما أوضح “المعلم”.
*موسكو، تردّد وبيروقراطية سوفيتية في زمن الجسارة والسرعة:
ما معنى أن يقول “المعلم”: (بأننا لم نحصل بعد على “أس-300″ ولكن سنحصل عليها وعلى أسلحة نوعية أخرى في مدى معقول. شركات السلاح الروسية تعمل وفق بيروقراطية بطيئة، لكن المشكلة الرئيسية في طريقها إلى حل سريع، أعني موافقة الكرملين السياسية. وهي قاب قوسين أو أدنى)؟ هل يعود السبب إلى “تقدير موقف مختلف في مواجهة تحد مشترك” كم قال “المعلم”؟ لكن سورية طلبت منظومة “أس-300″ قبل ظهور تحالف واشنطن. هل هو التردد والبيروقراطية؟ لكن موسكو أرسلت طائرات السوخوي إلى بغداد وهي ما زالت ممهورة بالنجمة الحمراء. أهو الخوف من توسع الصراع مع واشنطن؟ لكن ماذا عن استعادة السيطرة على القرم وقبلها أوستيا وأبخازيا؟ أم هو التحسب من انتصار حليف على القطب الآخر في العالم، ما قد يجعله “أقوى من اللازم”؟ أم الخوف من اختلال شديد يصيب ميزان القوى الذي يحكم الصراع مع الكيان الصهيوني، قد يفضي إلى حرب لا يريدها أحد، حاليّاً على الأقل؟ ربما الإجابة تكون في ذلك كلّه.
يوما رأيت مارشالاً روسيّاً، وقد تزين صدره بعشرات الأوسمة والنياشين، وهو يشكر حزب الله، ويعترف بأن موسكو مدينة له، لأنه أعاد الثقة للسلاح الروسي في أسواق السلاح، عقب انتصاره في حرب تموز 2006 عندما هزم أحدث وأعقد الأسلحة الأمريكية.
اليوم، يحق لنا أن نسأل بعد أن أصبح النصر السوري قاب قوسين وأدنى، كم هي مدينة الفدرالية الروسية لسورية؟ أليس صحيحاً بأن روسيا مدينة لسورية باستعادتها لثقتها بنفسها، وحضورها الإقليمي والدولي، الذي لم يكن ممكناً لولا الصمود السوري؟ لنعرف شيئاً من إجابة الكرملين علينا انتظار نتائج زيارة “المعلم” إلى موسكو نهاية هذا الشهر.
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» تصعيد «كيميائيّ» غربيّ تجاه دمشق وموسكو ...الجيش يكسب في أسبوع «الهدنة» الأول
» رسائل دمشق من “جنيف 2″
» رسائل "نارية" من دمشق: كنوز في قبضة الجيش السوري
» نصرالله والاسد وموسكو وطهران ..... ما سر لغة النصر؟
» اليمن بين مسقط وموسكو لإيجاد مخرج للأزمة
» رسائل دمشق من “جنيف 2″
» رسائل "نارية" من دمشق: كنوز في قبضة الجيش السوري
» نصرالله والاسد وموسكو وطهران ..... ما سر لغة النصر؟
» اليمن بين مسقط وموسكو لإيجاد مخرج للأزمة
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:32 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة سجلات الأعمال الإحصائية للبلدان العربية|قطاع التامين:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:31 pm من طرف ايمان محمد
» دورة إدارة وبرمجة وتخطيط وجدولة وضبط المشاريع بإستخدام الحاسب الالي MS Project و بريمافيرا:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:23 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تخطيط وتطبيق مكاتب إدارة المشاريع والتحضير لشهادة مدير مشاريع محترف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:19 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة إتصالات ومخاطر وتوريدات المشاريع|إدارة المشاريع:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:16 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تطبيقات الحوكمة فى القطاع المصرفى Governance|البنوك والمالية:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:07 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة مبادىء وإعداد القوائم المالية فى القطاع المصرفى|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:04 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة وتحصيل الإشتراكات التأمينية|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:02 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة استراتيجيات وتقنيات اعداد وادارة العقود والحد من المخاطر المالية والقانونيةالقانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:57 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة الأســـس الفنيـــة لصياغــــة عقـــود المقـــاولات الإنشائيـــــة|القانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:54 pm من طرف ايمان محمد