تقارير تؤكد على تراجع نفوذ اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة

نشرت عدة تقارير في الآونة الأخيرة حول ظاهرة تراجع شعبية ونفوذ اللوبي اليهودي بالولايات المتحدة، وذلك على خلفية الممارسات والسياسات المتطرفة للحكومة الصهيونية بفلسطين المحتلة، وأيضاً على خلفية الخلاف الذي يبدو أنه بات مستحكماً بين الرئيس الأميركي باراك أوباما Barack Obama ورئيس الحكومة اليهودية بنيامين نتن ياهو، فضلاً عن نشر عدة إستطلاعات للرأي العام تؤكد عزوف وتحوّل غالبية الأميركيين عن مناصرة الكيان اليهودي “إسرائيل”، وبصورة خاصة بالنسبة إلى الأميركيين من الجيل الجديد.
ويبدو أن يهود أميركا واعون تماماً لهذا الواقع، ولخطورته بالنسبة إلى مستقبل الدعم الأميركي لـ”إسرائيل”، ولذا فإن العديد من الأصوات اليهودية بدأ يرتفع معرباً عن إنتقاده لسياسات نتن ياهو، وتأييده لبعض حقوق الشعب الفلسطيني…

وتأتي هذه المواقف اليهودية “المعتدلة” لتعزز حجة عدد من العرب الذين يدعون إلى “التمييز” بين اليهود والصهاينة، ويتذرعون بذلك لإقامة علاقات مع جهات يهودية، وحتى مع جهات “إسرائيلية”. على أن ما يجب أن يكون مفهوماً عند الجميع هو أن هذا التباين الظاهر في السياسات والآراء اليهودية ما هو في النهاية سوى تجسيد للنهج اليهودي المعروف القاضي بالسعي لأخذ مواقع في جميع أطراف نزاع ما، للتأكد من الحفاظ على مكاسب المافيا الإحتكارية اليهودية ومراكزها كيفما تطورت الأحداث والأوضاع… مع التذكير هنا بأن الحكومات “الإسرائيلية” كانت كلها “يسارية” (من حزب العمال “الإشتراكي”) حتى إنتخابات 1977 التي شهدت فوز تكتل الليكود اليميني للمرة الأولى في التاريخ السياسي للكيان اليهودي، وأن هذه الحكومات اليسارية هي التي شنت الحروب “الإسرائيلية” العدوانية في 1948 و1956 و1967…

بكلام آخر، من الضروري التنبه والوعي إلى أقصى الحدود من مواقف الجهات اليهودية “المعتدلة” و”اليسارية”، لأن نواياها ومخططاتها الحقيقية متسترة، وظاهر ما تبدو عليه هذه الجهات يختلف تماماً عن حقيقة ما تضمره وتعمل لتحقيقه، كما يجب أن لا يغيب عن البال أن الشعب الأميركي بات يكنّ مشاعر الحقد والإحتقار لليهود بصورة عامة، وخصوصاً بعد أن تبين أن المصارف والشركات المالية اليهودية كانت المتسببة الرئيسية بالأزمة المالية الكبيرة التي حصلت سنة 2008، وما زالت أميركا تعاني من آثارها حتى اليوم…

تبقى حقيقة ثابتة وهي أن ثمة جهات أميركية غير يهودية باتت واعية للخطر اليهودي ومؤيدة للحق الفلسطيني ويتزايد عددها باستمرار، وتتراوح هذه الجهات بين المسيحية الملتزمة – مثلاً الكنيسة المشيخية الإنجيلية Presbyterian Church – واليسارية واليمينية، كما تشتمل هذه الجهات على تكتلات حديثة العهد باتت تضطلع بأدوار رئيسية في السياسات الأميركية مثل شرائح واسعة من جماعات “إحتل وول ستريت” Occupy Wall Street على يسار السياسة الأميركية وبعض الدائرين ضمن فلك جماعات “حفلات الشاي” Tea Parties على اليمين… تلك الجماعات الأميركية غير اليهودية هي التي يجب التعويل عليها والسعي إلى التعاون معها لما في ذلك من مصلحة أكيدة لكل من الشعوب العربية والولايات المتحدة نفسها..