أي سلام ستحققه مباحثات جنيف !

أي سلام ستحققه مباحثات جنيف ! لابد من إنتصار الدولة عسكريًا وإنتصارها لا يتحقق إلاّ بحكومة عسكرية , تسعى للحصول على السلاح بجميع السبل , أمّا حكومة مشتتة الوزراء وبرلمان متناثر الأعضاء لا يمكن أن يحققا إنتصارًا, إلى جانب أن المدنيين الذين ليس لهم سابق خبرة في شؤون
الدولة لا يمكن التعويل عليهم في حالات الحرب وليبيا منذ فبراير 2011 إلى تاريخ اليوم 16يناير 2015 لا زالت وستستمر في حالة حرب . إن تمكين الأرهاب من قتل طاقم صحيفة شارلي إبدو رغم وجود التحذيرات قد يكون ضمن الحملة على ليبيا وسوريا بالذات وليس ضد الأسلام والمسلمين وإنما لتغطية ما يحتاجه البرنامج الأمريكي لتدمير البلدين بعد تدمير العراق , فالبرنامج الجيوستراتيجي يسمح بل يفرض تدمير أي نظام يخرج عن سيطرة الدول المنفذه له وإعتباره نظام غير شرعي وعدائي وكأن شرعية الدول من عدمها هي رهينة السلطة الأمريكية وحلفائها . إن تمكين الأرهابيين من فعلتهم هذه هي مجرد خدمة للمنظمات الأرهابية في العالمين العربي والأسلامي والأفريقي من أجل أن تجند الشباب عديمي البصيرة ليعيثوا في ليبيا وسوريا ومجمل الشمال الأفريقي والشرق الأوسط فسادًا ودمارًا ويعرقلوا أي بوادر للنهضة الحقيقية في هذه العوالم الثلاثة لكي تبقى شعوبها عبارة عن مجتمعات لسوق إستهلاكية لا غنى للصناعة الأوروأمريكية التقنية عنها , بينما يُطلق العنان والتطور التقني لدولة إسرائيل لكي تبقى هي الأكثر تطورًا رغم أنها أكثرهم إحتياجًا لهذه السوق . إن أي محاولات لجر الليبيين والسوريين للأنفعال بفعل نشر الصور الكاريكاتورية هو إستهتار وإستخفاف بعقولنا وخلق المبررات للمنظمات الأرهابية لكي تضاعف من جمع الأموال وتجنيد الشباب لخدمة سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في بلداننا بإستغلال معتوهين يصدقون بأنهم يدافعون عن الله ورسوله وكأن الله كائنٌ ضعيف ورسوله إنسان حيٌ يستوجب الدفاع عنه وحمايته . إن برنامجهم الجيوسياسي للحفاظ على سوق عوالمنا الأستهلاكية هو ما دفعهم طوال تاريخنا على توجيه مرضانا بالدين إلى السيطرة على مفاصل السلطة في مجتمعاتنا وتحويلنا إلى مجتمعات معاقة فكريًا وعقائديًا وإجتماعيًا , وجعلونا فوضويين وبدائيين ليسودنا البغض والحسد والكراهية من أجل أن يحققوا هم على الدوام تفوقهم علينا في جميع المجالات ويجتذبون علماؤنا لخدمتهم أو يحكمون عليهم بالقتل كما فعلوا بعلماء العراق , وما قد يفعلونه بعلماء الباكستان وإيران في مجال إستغلال الطاقة النووية . فهل نسمح لهم بإثارة زوبعة في بلداننا لمجرد إستخدام صور كاريكاتورية تافهة نسبوها للرسول ؟ أليست هذه نكبة من نكباتنا المستمرة ؟ أليس الأستخفاف هو بنا وبردة فعلنا وليس بالرسول الذي هو عند ربه منذ أكثر من ألفية وأربعة قرون مضت ؟
إن الأهمية ليست في الرسوم الساخرة ولا في علاقتها بشخص الرسول , بل أهميتها تكمن في إثارة ردة فعلنا إن نحن إستجبنا لها وأعطيناها أهميّة . ماذا لو لم تجد منّا أي رد فعل وإعتبرناها تافهة بتفاهة من يروجون لها , أليس في ذلك إبطال لمفعولها فينا ؟ أليس إيماننا أقوى من أن نجعله عرضة للهز بمجرد كاريكاتور لناس وجدوا في رسمه تنفيس لعدائهم ؟ أليسوا هم من صنعوا الأرهاب وعززوه بأساطيلهم البحرية والجوية ويصنعون لنا ثورة ضحكوا بها علينا ولا زالوا مستمرين في الكبس علينا بالبند السابع وصادروا سيادتنا كدولة ؟ أليسوا هم من يمنع حاليًا السلاح على الجيش الليبي بينما يسمحون لمليشياتهم الأرهابية بإستلامه عن طريق تركيا وقطر ؟ أليسوا هم من إختلق ما يسمى بداعش وزودوها بالأسلحة ويتظاهرون بحربها ؟
يجب علىنا أن نترك بعيدًا العاطفة الدينية لأن ضررها أكثر من نفعها بل سلاح يُستخدم ضدنا بإمتياز , وكل الدعوات للأستجابة لصورة كاريكاتورية تافهة هو لمجرد إلأستخفاف بعقول المسلمين والأسلام ومن المؤسف أنه لايبدوا ثمة ما يدفع لتحريك العرب والمسلمين في شوارع مدنهم ومدن غيرهم أكثر من كاريكاتور تافه على صفحة ورقية زاهدة الثمن , بينما أرواح القتلى وقطع الرؤوس وسبي النساء وتدمير البيوت وحرقها وغزو البلاد بالأساطيل البحرية والجوية وإفتعال العصيان المسلح وقتل رئيس دولة مسلم ومن معه وهم في الأسر في ليبيا علنًا وجهارًا أمام جميع سكان الأرض لم يحرك مظاهرة واحدة لا في بلد عربي ور مسلم , فهل كاريكاتور أهم من حياة المسلمين وفي بلدانهم ؟
لماذا فعلنا بأنفسنا للأنحطاط إلى هذه الدرجة ؟ وأخيرًا أليست هذه الرسوم من أجل إثارة العنف بين الجالية المسلمة في أوربّا بإستثناء بريطانيا شريكة الولايات المتحدة الأمريكية وكلاهما دولتين دينيتين تبذلان على الدوام لتنصيب الأخوان المسلمين في حكم العالم العربي والأسلامي ؟ أليس أمن فرنسا التي ورطها الرئيس السابق في التحالف لغزو ليبيا رغم العلاقات الجيدة التي كانت تربطها بالدولة الليبية ؟ ألم يسبق لهاتين الدولتين وأن طلبتا مرارًا من رؤساء فرنسا التعاون معهما لقتل رئيس الدولة الليبية العقيد معمر القذافي ؟
أفيقوا أيها الليبيون والليبيات من سباتكم الديني ويكفي اللعب بكم وبكيانكم الأنساني .
رمضان الجبو ــ 16 يناير 2015