منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي


منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحــرب الحضــارية الثالثــة.. ونهايــة العــرب

اذهب الى الأسفل

 الحــرب الحضــارية الثالثــة.. ونهايــة العــرب  Empty الحــرب الحضــارية الثالثــة.. ونهايــة العــرب

مُساهمة من طرف السهم الناري الثلاثاء يناير 20, 2015 10:58 pm


 الحــرب الحضــارية الثالثــة.. ونهايــة العــرب  14215435589522272

أحمد الشرقاوي

مـن ابـن خلـدون إلى هنتنجتـون و المنجـرة..

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1990، كتب ‘صامويل هنتنجتون’ كتابه الشهير (صدام الحضارات)، مستمدا فكرته الأساس، باعترافه، من توقعات عالم المستقبليات الدكتور المهدي المنجرة.. وحين بدأت حرب تحرير الكويت سنة 1991 تحدث المنجرة عن الحرب الحضارية الأولى لإمبراطورية روما الجديدة، ثم صنف الحرب التي أدت إلى احتلال العراق سنة 2003، في خانة الحرب الحضارية الثانية، وتوقع أن تعمد أمريكا إلى ما أسماه بـ “عولمــة الفاشيــة” لتكريس هيمنتها على منطقتنا..

اليوم، لم يعد المهدي المنجرة رحمه الله بيننا، لكنه ترك لنا منهجا وكنزا من المعلومات نستعين به في تحليل ما يحدث في منطقتنا والعالم، ونبني عليه توقعاتنا التي تثبت الأيام أنها تسير في الاتجاه الصحيح للتاريخ، ما يسمح لنا بالقول دون تردد أن الحرب في وعلى سورية كانت بداية الحرب الحضارية الثالثة، والتي على أساس نتائجها ستشكل الخرائط الجيوسياسية والمعادلات الجيوستراتيجية الجديدة التي لا مكان فيها لكيان عربي قوي ووازن.

هذه القناعة يتشاركها اليوم مفكرون ومنظرون كبار في العالم بعد أن وصلت حدود القوة مداها، وكشفت الأحداث الأخيرة في سورية وأوكرانيا أن إمبراطورية روما الجديدة دخلت في سباق مع الزمن لفرملة تسارع انهيارها وسقوطها، وتبين أن النظام الليبرالي المتوحش استنفذ مخزونه من جرعات الإنعاش، وبرزت أعراض كلينيكية تنذر بأن المؤشرات الحيوية لهذا الجسد المريض لم تعد تستجيب لحمية أو علاج، وأن انكماشها في أفق تفككها أمر حتمي ومسألة وقت ليس إلا، لأن بنية السلطة والاقتصاد والمعرفة ومعادلات القوة بدأت تتغير لغير صالحها، فالاقتصاد لم يعد محصورا باستغلال المواد الخام، بسبب تغير الديموغرافيا، وأنماط النمو، والبيئة، وطبيعة الحروب زمن العولمة، حيث أصبح العالم بفضل المعرفة وثورة المعلومات قرية صغيرة، واستنفذ مخزونه من المواد الأولية أو يكاد، وحدثت تغيرات مناخية كبيرة بسبب الفساد في البر والبحر والجو بما صنعت أيدي الناس، وحل نهج مقاومة الشعوب من جهة و الاستثمار في الإرهاب من جهة أخرى محل الحروب النظامية القديمة.

وهذا يعني، وكما سبق وأكدنا في مقالة منذ فترة، أننا نعيش اليوم التجسيد العملي على أرض الواقع لنظرية سقوط وصعود الحضارات التي تكلم عنها ابن خلدون في مقدمته، وقال أن عملية المخاض التي تحدث التغيير الكبير في التاريخ تتطلب أقله 40 سنة، ما يعني أننا نعيش في منتصف العشرية الثالثة، وأن الخمسة عشر سنة القادمة ستشهد ميلاد عالم جديد متعدد الأقطاب أو أننا سندخل مرحلة نهاية الحضارة في حال قرر الكبار حسم الصراع بالقوة النووية، ما دفع بعديد المنظرين للتعبير عن مخاوفهم من احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة بحكم أن كل المقدمات قد توفرت لها.

نهايـــة أحجيـــة اسمهــا: “الأمـــة العربيـــة”

مرة أخرى نثبت للعالم أن العرب هم فعلا أمة متخلفة، والتخلف هنا، هو بالمعنى الذي حدده الدكتور المهدي المنجرة بالقول: إن “التخلف قبل كشيء، هو نوع من الهوة بين الوقائع وتوقعها، فإذا كنا نستغرب حين تقع الواقعة، فهذا تخلف وبرهان على عدم توقع وانعدام نظرة على المدى المتوسط وعلى المدى الطويل، وهذا دليل على عدم وجود رؤية، وأننا نعيش من يوم لآخر برؤية الآخر، باستراتيجية الآخر، وأنه لا يصدر دائما عن المتخلف إلا رد فعل وليس المبادرة الأولى”..

ومرة أخرى، نجد أننا في الجانب الخطأ من التاريخ، لأننا لم نتعلم شيئا مما حدث ويحدث لنا، منذ حرب الكويت مرورا باحتلال العراق فالحادي عشر من أيلول/شتنبر 2001 الذي على أساسه قررت أمريكا عولمة الفاشية، وكلنا مدركون لما عانيناه منذئذ من كوارث وويلات لا تزال مستمرة، وصولا إلى11 أيلول/شتنبر الفرنسي وتداعياته التي ستكون أكثر قسوة على العرب والمسلمين لما تمثله من حرب “قيـــم” ضروس بين الغرب والإسلام هذه المرة، لأن المستهدف ليسوا العرب فحسب، بل الثورة الإسلامية في إيران أيضا.

وحيث أن الصدام الحضاري الحالي قد اتخذ من صراع القيم تبريرا لاستعاره، فنحن اليوم نعيش حربا لها بعدان:

* الأول، بعد قومي عربي، حيث بدأ تدمير القومية العربية في مرحلة مبكرة، وتحديدا منذ هزيمة 67 و فشل التجربة القومية زمن جمال عبد الناصر وتحولها إلى مجرد حالة عاطفية وظاهرة صوتية لم تغير من الواقع ما كان الشارع العربي يأمله ، وجنوح السادات نحو السلام المذل مع “إسرائيل” بعد خديعة 73، وتحول الدولة المصرية بالتالي، إلى كيان مدجن من دون سيادة، خاضع للرقابة الإسرائيلية وفاقد للرؤية والدور والتأثير تحت سلطة ديكتاتورية عسكرية قادرة على لجم المجتمع لضمان أمن إسرائيل وحماية المصالح الأطلسية، والتي سقطت زمن مبارك بالثورة ثم عادت بالانقلاب العسكري ضد الديمقراطية زمن ‘السيسي’ (مع وجوب التفريق بين الديمقراطية كنهج وبين الإخوان كظاهرة).. مرورا بإسقاط الدولة في العراق وليبيا، وانتهاء اليوم بمحاولة إسقاط الدولة في سورية.. لماذا؟..

لأن إسقاط الدولة التي تمثل الوعاء الجامع لكل مواطنيها بغض النظر عن طبيعتها التي تعد شأنا داخليا يهم الشعوب، ينتج عنه حتما ظهور الطوائف بسبب هاجس الخوف على الوجود والمصير، وبهذا المعنى، تعتبر الطائفية نتيجة وليست سببا، ومن له مصلحة في تدمير الدول العربية وإسقاط أنظمتها لفائدة الطوائف هي أمريكا وأدواتها في المنطقة وعلى رأسها “السعودية” و”إسرائيل”، لأن الوهابية هي نظير لليهودية الصهيونية، وقد سبق لـ’ديفيد بن غوريون’ أحد مؤسسي “إسرائيل” ورئيس وزرائها وكبار منظريها أن قال ما مفاده، إن بقاء “إسرائيل” يتطلب حتما تدمير العراق وسورية ومصر، ومن ثم تسهل السيطرة على بقية الدول العربية.. وحذر أيضا من أن سر بقاء “إسرائيل” يكمن في انتصاراتها السريعة والحاسمة على أعدائها العرب، وأنه في حال خسرت “إسرائيل” أول حرب لها فستكون بداية زوالها..

وهذا ما فهمته المقاومة الإسلامية في لبنان، وحضرت له بمساعدة سورية وإيران، برؤية إستراتيجية نوعية تفوق رؤية الدول العربية للصراع مع هذا الكيان الصهيوني المجرم، ما يؤهلها لأن تكون اليوم قاطرة النهضة العربية والإسلامية الحقيقية للأمة، شريطة أن يتبنى المثقفون العرب فكر المقاومة، وينتجون خطابا جديدا جامعا وجذابا، يوحد الأمة من الماء إلى الماء حول هذا الخيار، ليكون فكرا بديلا عن ثقافة الزبالة والجهل والاستسلام التي يتم التسويق لها اليوم بجنون عبر الفضائيات والإعلام.. ولا تحملوا المقاومة أكثر مما تحتمل، فيكفيها أنها ترابط في الثغور دفاعا عن وجود الأمة ومصيرها.. نقول هذا لأننا نسمع من حين لأخر بعض الإعلاميين الذين اعتادوا على استهلاك ما ينتج لهم، يطالبون المقاومة بالقيام بدور المثقف أيضا، فيا للغرابة؟..

* الثاني، بعد ديني إسلامي، بدأ في أفغانستان وباكستان وتحول إلى إيران التي تعتبر من وجهة نظر الغرب الأنموذج الإسلامي المتماسك والناجح والمنافس بقوة للنموذج الحضاري الغربي، لما وصلت إليه إيران من تقدم علمي ومعرفي وضعها في مصاف الدول المتقدمة والرائدة بأنموذجها الحضاري الراقي الذي يوازن بين القيم والمصالح، بين الأخلاق والمنفعة، بين أهداف الأمة الإيرانية وأهداف الأمة الإسلامية.. وكل ما يجري ويدور اليوم في المنطقة له هدف حاسم صاعق ونهائي واحد، ألا وهو إسقاط أنموذج الثورة الإيرانية الناجح حتى لا تتأثر به شعوب المنطقة، وذلك بالعمل على حرمانها من عمقها العربي والإسلامي لتحجيم دورها في أفق تفجيرها من الداخل لتظل قيم الحضارة الغربية هي المهيمنة.

وليس خافيا دور الأدوات في هذه الحرب الحضارية الطاحنة، ونخص بالذكر كما هو معلوم للجميع، دور”السعودية” الإديولوجي والتمويلي بالدرجة الأولى، ودور “إسرائيل” الأمني والعسكري بالدرجة الثانية بعد أن فقدت دورها المرجعي بانتهاء الحرب الباردة، ودور تركيا الأمني والعسكري في إطار الحلف الأطلسي بالدرجة الثالثة، وهذا لا ينفي التعاون بين مكونات هذا الثالوث كلما دعت الحاجة والضرورة لذلك، سواء بشكل سري أو علني.. ويواكب هذا البعد الأمني والعسكري البعد الإعلامي لكي الوعي الجمعي الغربي والعربي وشيطنة إيران وتحويلها إلى عدو بدل “إسرائيل” من مدخل الطائفية والمذهبية، وتلعب إمبراطورية الإعلام السعودي والقطري دورا مخربا في هذا المجال.

وفي غياب دور فاعل للأنظمة العربية بسبب الخلافات السياسية العميقة القائمة بينها والتي تغذيها القوى الإمبريالية كما هو معلوم، ما دفعها حكما إلى سلوك درب العمالة والخيانة لحماية عروشها تحت مسميات من قبيل “المصلحة العليا” و”الواقعية” و”إكراهات السياسة” وما إلى ذلك.. ونحن لا نبرر خيارها هذا بقدر ما نحمل المسؤولية للأحزاب السياسية ولجهل الشعوب وسلبيتها وقبولها بالذل والإهانية.

وبدل أن يستفيق مثقفونا من سباتهم العميق لسد الفراغ ولعب دورهم التنويري تجاه شعوبهم، والقيام بواجبهم الحضاري لاستنهاض الهمم وتحريك المجتمع المدني العربي والإسلامي ليلعب دوره التاريخي فيكون مؤثرا في الأحداث وفاعلا في التاريخ لا مفعول به وفيه، نجد أنهم تركوا الساحة للإسلام السياسي الماسوني والفاشي الذي هو أيضا صنيعة الغرب، ولإعلاميين على اختلاف مشاربهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية، معظمهم منخرط في إستراتيجية إمبراطورية روما الجديدة الإعلامية، وبعضهم حسن النية، لكن هذا البعض، وبدل وضع الأصبع على مكامن الخلل واقتراح حلول ثورية بأسلوب جديد ولغة جديدة توقظ الشعوب من دوختها، نجدهم سقطوا في الفخ القديم الجديد، وانخرطوا من حيث يدرون أو لا يدرون في لعبة رد الفعل، وتحولوا إلى مجرد ظاهرة صوتية تتبنى الدفاع عن قيم لم تعد تمثل قواسم مشتركة للعديد من شرائح المجتمع، بفعل الجهل حينا واليأس أحيانا، خصوصا بعد أن أصبح للعنف ثقافة وأسلوبا جذابا للشباب بسبب فقدان الثقة في الخطاب الرسمي، فضاع القطيع وخرج عن سلطة الراعي لتتلقفه التنظيمات التكفيرية التي تؤمن بالعنف كوسيلة للتغيير، وهذا لعمري هو من أهم العوامل التي ساهمت في ازدهار الإرهاب.

وهنا أستسمح القارئ الكريم بفتح قوس صغير للقول، أن بيننا اليوم بعض الإعلاميين الذين يتعاطون الهرطقة السياسية في مواقع معروفة وعبر فضائيات مشهورة منها المقاومة، لم يثبت يوما أن تحليلاتهم كانت مطابقة للحقيقة الموضوعية، ولا توقعاتهم صادفت نتائج تطورات الأحداث على الأرض، والأخطر من هذا، أنهم يدعون بوقاحة تعاطيهم التحليل بمنهجية علمية ليست لها من العلم إلا التسمية، وأنهم أكاديميون وهم مجرد أبواق لمن يوظفهم ويتصيدون الفرص لعرض خدماتهم على من يدفع أكثر، مستواهم العلمي لا يؤهلهم لأن يكونوا باحثين أكاديميين..

خدعتهم المكشوفة، أنهم، يعبدون طريق النفاذ لعقول الناس وقلوبهم بادعاءات مخاتلة من قبيل الدفاع عن فلسطين وعن الأمة العربية، ناصبوا العداء لسورية ثم تحولوا إلى مدافعين عنها حين انقطع الدعم القطري الذي يسيل مداد أقلامهم، تحولوا إلى مناصرين للإسلام السياسي زمن صعود الإخوان، يعتبرون تركيا أنموذجا للدولة الإسلامية الناجحة، ويعتبرون من يقول عنها أنها تدعم الإرهاب في سورية والعراق بأنه معادي لها بلا دليل، حتى لو كان سماحة السيد حسن نصر الله الذي لا ينطق عن الهوى ويقول ما تفيد به معلومات موثوقة من جهات رسمية سورية وعراقية وإيرانية ولبنانية وغيرها، بل وأمريكية أيضا كاتهام ‘جو بايدن’ الشهير، وما تشهد به وقائع مثل توقيف شاحنات محملة بالسلاح من قبل حرس الحدود التركي سنة 2013 وتدخل المخابرات للسماح لها بالمرور إلى سورية، ومنع أردوغان القضاء من التحقيق في الواقعة بذريعة أن الأمر يتعلق بالمصلحة العليا للدولة، في حين أن المخابرات في الغرب تخضع لسلطة القضاء، وآخر الفضائح حصلت قبل أيام حين أمر أردوغان رئيس المخابرات ‘حقان’ بتدمير كل الوثائق التي من شأنها إدانة الحكومة بتورطها في تسليح وتهريب الإرهابيين إلى سورية، وفق ما أكدته أحزاب يسارية ونشرته الصحافة التركية..

ثم نسمع أحد هؤلاء المتطفلين على الإعلام يقول على قناة الميادين المقاومة الجمعة، أن لا دليل على أن تركيا تهرب الأسلحة للإرهابيين في سورية.. والطامة العظمى أنهم يرفضون وصف “داعش” بالتنظيم الإرهابي المتوحش الذي لا علاقة له بالإسلام والمسلمين، ويصرون على تسميته في كل مقالاتهم بـ”الدولة الإسلامية”، من وجهة نظر أكاديمية طبعا (؟؟؟)، لا لأن الأمم المتحدة اعترفت بـ”داعش” كـ”دولة”، بل لأن “داعش” سمت نفسها “دولة إسلامية” (هكذا..)، هذا في حين أن فلسطين ظلت مجرد سلطة منذ أوسلو وإلى اليوم، ولم تحظي من مجلس الأمن بلقب “الدولة”..

ونكتفي بهذا القدر من التوضيح حتى لا يتحول الأمر إلى فضيحة، واللبيب بالإشارة يفهم..

عولمــــــة الفاشيــــــة

بعد أحداث باريس، عاد الحديث اليوم بقوة عن “القاعدة” بعد طول غياب، لتسويقها كفاعل جديد على الأحداث الدولية، مع التركيز هذه المرة بشكل متعمد على اليمن باعتباره المقر المركزي الجديد للمنظمة بدل أفغانستان، وها هي “القاعدة” في مأرب تعلن أنها حشدت 14 ألف مقاتل لمواجهة الحوثيين، معظمهم دخل للبلاد من دول خارجية بدعم سعودي وفق ما كشفت مصادر يمنية الأسبوع الماضي، هذا علما، أن ‘بن لادن’ الذي رضع حليب الوهابية كان تلميذا نجيبا للمخابرات الأمريكية، وتمت صناعة قاعدته وتمويلها وتدريبها من قبل السعودية وأمريكا والحلف الأطلسي لمواجهة الروس في أفغانستان، وحين انتهت مهمته تمت تصفيته، واستعمل خليفته الظواهري من قبل المخابرات الأمريكية في عديد الهجمات الإرهابية على أوروبا، حيث كان يتبناها كلما طلب منه ذلك، في حين أن لا علاقة له ولأتباعه بتلك العمليات، وخصوصا التي ضربت لندن ومدريد وغيرها.

وكان عصر تنظيم “القاعدة” قد انتهى حين فشل في مواجهة المقاومة الشريفة في العراق دعما للاحتلال الأمريكي، وتم استبداله بـ”جبهة النصرة” التي هي امتداد له في سورية، ثم ظهر نجم “داعش”، وكلنا يعرف أن البغدادي وأتباعه تم تدجينهم في السجون الأمريكية في العراق، ومدتهم السعودية بالتمويل في الوقت الذي كانت قطر تمول “النصرة”، وقامت المخابرات الأطلسية بتدريب مقاتلي “داعش” على تقنيات التوحش، ولعبت تركيا والأردن ولبنان (في البدايات) دور القنطرة لعبور الإرهابيين والسلاح إلى سورية والعراق في حرب بالوكالة كانت تسعى من ورائها الإدارة الأمريكية لإسقاط سورية والعراق ولبنان من خلال خلق البيئة المناسبة لحرب طائفية بين السنة والشيعة.. لكن إيران وحلف المقاومة وروسيا أفشلوا اللعبة وأفسدوا على أمريكا أحلامها وأسقطوا أوهام “السعودية” وإسرائيل” وتركيا في مزبلة التاريخ، وقد ساعد في ذلك فقدان “داعش” لبيئتها الحاضنة بسبب التوحش الذي مارسته بحق الطائفة السنية أكثر من غيرها.

وبسبب تمرد “داعش” على أسيادها وانفلاتها من العقال الأمريكي، قررت أمريكا احتواءها بمنع تمددها إلى الأردن والكويت والسعودية من دون القضاء عليها، لكن في نفس الوقت تم استدعاء القاعدة من أفغانستان إلى اليمن لتكون بديلا طيعا عن “داعش” يمكن الإدارة الأمريكية من ابتزاز السعودية ومشيخات الخليج لاستنزاف احتياطاتهم الضخمة التي تفوق 2 تريليون دولار مودعة في الصناديق السيادية الغربية، ما يساهم بشكل ملموس في التخفيف من أزمتها الاقتصادية الخانقة، والسعودية كالزوج المخدوع تسقط كل مرة في الفخ، ولا تستفيد من تجاربها السابقة، ولا مما يحدث أمام أنظارها في الجوار، وهذا لعمري قمة الغباء.

اليوم، لم تعد إدارة أوباما مهتمة بإسقاط الرئيس الأسد أو الدولة السورية نزولا عند رعبة السعودية وتركيا، بعد أن اكتشفت أن بقاء النظام في سورية سيمد من عمر الحرب على الإرهاب ويسمح لأمريكا بابتزاز العراق والأردن ومصر وروسيا وإيران، إلى أن تتغير الظروف وتحقق أهدافها وتفرض شروطها في تسوية سياسية لا تبدو قريبة.

وفي هذا الصدد، كنا أشرنا في مقالتنا تحت عنوان “هل تمهـد حادثـة باريـس لتدخـل أطلسـي في اليمـن؟”، إلى أنه وعلى هامش اجتماع وزير العدل الأمريكي مع وزراء داخلية أوروبا في باريس عشية التظاهرة الشهيرة ضد الإرهاب، تم إبلاغ الحضور بقرار أوباما التنسيق بين الحلفاء الغربيين في إطار إستراتيجية جديدة لمحاربة الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. وقلنا أن معلومات تسربت من داخل الاجتماع المغلق، نقول بأن سياسة إمبراطورية روما الجديدة في المنطقة العربية ليس محاربة الإرهاب، بل إدارة التوحش لابتزاز الدول العربية بمن فيها الخليجية لعقد صفقات شراء السلاح الأمريكي والغربي، وفرض شروط على الدول التي ترغب في أن يساعدها الحلف الجديد على محاربة الإرهاب بعدم شراء السلاح من مصادر أخرى كروسيا وإيران، ما يساهم في خنقهما افتصاديا بموازاة قرار خفض أسعار النفط.

هذه المعلومة الخطيرة والحساسة، أكدها سماحة السيد حسن نصر الله في حواره الأخير مع قناة الميادين، الأمر الذي يؤكد أن المعطيات التي انطلقنا منها في التحليل كانت صحيحة.

والخلاصة التي يمكن الخروج بها من كل ما حصل، هو أن أمريكا نجحت إلى حد بعيد في عولمة الفاشية، حين جعلت من الصراع صراعا بين الإسلام الفاشي الوهابي الذي تمثله “السعودية” والإسلام السمح المشرق الذي تمثله إيران الإسلامية وسورية العلمانية.

وبعيدا عن التعصب المذهبي الذي هو في أصله سياسي ولا علاقة له بالدين، لأن الوهابية ليست مذهبا لأهل السنة أولا، ولأن المذاهب السنية لم تكن موجودة في صدر الإسلام ثانيا، بل ظهرت زمن الفقهاء بقرنين بعد وفاة الرسول الأعظم (صلعم).. وإحياء الصراع المذهبي هو إستراتيجية بريطانية قديمة عرفت بـ”الضد النوعي” وترجمت إلى “إسلام ضد الإسلام” تبنتها أمريكا في إستراتيجيتها الجديدة للمنطقة، كما سبق وأن شرحنا ذلك بتفصيل في مقالة سابقة.

والصراع السياسي الدائر اليوم في المنطقة بين السعودية وتركيا، هو على الزعامة السنية، ففي الوقت الذي تعتبر السعودية أن السلفية الوهابية هي المخولة بتمثيل أهل السنة والجماعة، تعتبر تركيا أن الإخوان المسلمين هو التيار الشعبي الغالب الذي يمثل السنة في العالم العربي، وفي خضم هذا الاستغلال السياسوي للدين، تلغى المذاهب وتذوب المدارس الفكرية والطرق الصوفية بين تيارين فقط، حيث تعتبر السعودية كما تركيا أن الإسلام الشيعي هو تيار خارج عن الإسلام ولا يمثل الغالبية العظمى للمسلمين في العالم العربي.. وهي محاولة خبيثة لإقصاء إيران من المنطقة وحرمانها من عمقها العربي والإسلامي الجامع للأمة.

وأحداث باريس الأخيرة، ليست ظاهرة جديدة ومفاجأة، بل كانت متوقعة، لأن فشل أمريكا في العراق وسورية، ونجاح محور المقاومة بمعية روسيا في قلب المعادلات في المنطقة، وبداية تحول الرأي العالم الغربي ومعارضته للحروب الخارجية، وموقفه من “إسرائيل” والحق الفلسطيني.. كلها عوامل جعلت الحكومات الغربية تدرك أنها فقدت المبادرة وأصبحت مغلولة اليد، لأن جرعة المخدر التي تم حقن الشعوب بها بعد حادثة نيويورك قد تلاشت وذهب مفعولها، فكان لزاما الإقدام على حقنها بجرعة قوية جديدة لإعادة إحياء رهاب “الإسلام” الذي لم يعد يقتل في سورية والعراق فحسب، بل أصبح في عقر البيت الأوروبي والأمريكي والأسترالي والكندي، وأن مواجهته تتطلب إجماع الشعوب الغربية ودعمها لسياسات حكوماتها في إطار إستراتيجية عالمية جديدة تقودها إمبراطورية روما الجديدة لمواجهة هذا الشر إن على المستوى الداخلي أو الخارجي بمحاربته في بؤره السوداء في الشرق الأوسط كي لا يعود لتهديد الحضارة الغربية وقيمها من جديد.

هذه هي لعبة “عولمــة الفاشيــة” بالمختصر المفيد، ومن يعتقد أن فرنسا أو الأطلسي سيعودون لليبيا من أجل إرساء الديمقراطية هناك هم طيبون وحسني النية، لأن ليبيا تحولت إلى خزان إستراتيجي للإرهاب وفوضى السلاح، وهي حاجة أطلسية لاستكمال التخريب في مصر ودول شمال إفريقيا، كما وأن فرنسا ورغم الأحداث تستفيد من النفط الليبي الذي تشتريه من العصابات المتناحرة بأبخس الأسعار، ولا حاجة لها لمغامرة جديدة باسم ديمقراطية لا تصلح للنعاج، لأن ليبيا عبارة عن قبائل وعشائر بدائية، ستظل تتناحر إلى أن ينتصر الأقوى، حينها سيعقد الغرب اتفاقا للسلام مع المنتصر ويعترف به سلطة شرعية.

معالــم المشهــد الإقليمــي القـــادم

المطلوب اليوم هو العراق بالدرجة الأولى، واليمن أيضا لما يمثله من موقع إستراتيجي خطير، وخصوصا باب المندب، أما الحرب في سورية، فلا خيار حاليا غير التبريد في انتظار الانتهاء من العراق، مع استمرار الاستنزاف بالأدوات الإقليمية في محاولة فرض شروط سياسية تعزيزية لإفشال الدور الروسي وتعويم الدور المصري (السعودي – الإسرائيلي من الباطن)، ليظل هذا البلد معلقا إلى حين القبول بالشروط الأطلسية، ولبنان أيضا مستهدف، خصوصا بسبب الخطر الوجودي الكبير الذي أصبح يمثله حزب الله بالنسبة للكيان الصهيوني المجرم..

“إسرائيل” نفسها اكتشفت أنها فقدت المبادرة، وتحولت من قوة هجوم إلى قوة دفاع، وهذا تغيير كبير وعميق في المعادلة وموازين القوة، لأن حلف المقاومة لم يعد يتعامل مع الأحداث اليوم برد الفعل من باب الدفاع عن النفس، بل أخذ المبادرة في انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات في الملف النووي الإيراني، وأي استهداف عسكري لأي مكون من مكونات المقاومة يعتبر استهدافا للمحور بأكمله، وسيجابه برد حاسم، كما أفصح عن ذلك سماحة السيد في حواره مع قناة الميادين، وهذا المعطى الجديد أصبح يشكل ضغطا مضاعفا على الإدارة الأمريكية التي كانت تعتقد أن إغراق السوق بالنفط سيشكل عامل ضغط على طهران لتقديم تنازلات تحقق أحلام أمريكا وأوهام “السعودية” و”إسرائيل”، وأصبح لزاما عليها توقيع الاتفاق والاعتراف بإيران قوة إقليمية عظمى أو.. وداعا “إسرائيل”.

وأحداث باريس جاءت تحديدا لبلورة إستراتيجية ناجعة في مواجهة هذا الخيار الأليم الذي فرضته إيران على الغرب، والذي تعتبره “إسرائيل” سيئا لكنه قد يكون ضروريا في حال فشل الغرب في تغيير هذا الواقع في غياب البديل.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم في غياب العرب هو: – كيف ستتشكل المنطقة مستقبلا، وما هي القوى الإقليمية المتنافسة المرشحة لأن تتولى إدارة شؤون المنطقة؟..

الجواب بالمختصر المفيد هو : تركيا و إيران..

لكن أين العرب من هذا المشهد الذي يتشكل في الأفق؟..

الجواب: سيتم توزيع العرب بين تركيا وإيران، إيران ستحافظ على محورها، أما تركيا فستعود إمبراطورية كما كانت لتحكم العرب..

كيف و لماذا؟..

كيف؟.. فبتدمير السعودية ومصر وإحياء الخلافة الإسلامية الإخوانية..

أما لماذا؟.. فلأن تركيا التي تتحكم في “داعش” و”النصرة” هي من تملك اليوم مفاتيح التغيير في المنطقة، وهي وفق القناعة الأمريكية والأطلسية، الوحيدة القادرة على إنهاء هذه التنظيمات، لأنها بتوليها خلافة المسلمين، ستنزع من داعش المتوحشة ما تدعيه من شرعية.. كما وأن “داعش” نفسها باعتبارها عميلة لتركيا بمعية النصرة ستقبل بالانخراط غي دولة الخلافة، وبهذا ينتهي الإرهاب من المنطقة والعالم، لأن لا شيىء وفق التقديرات الأمريكية يمكن أن ينهي الإرهاب إلا حلم الخلافة الذي تؤمن به شرائح واسعة من الشعوب العربية المسحورة، كما وأن التجربة الاقتصادية الأردوغانية الناجحة تلقى الكثير من الإعجاب في الشارع العربي..

ألم يشبه المفتري الشيخ القرضاوي رجب طيب أردوغان بنبي الله موسى استنادا للأية القرآنية القائلة ( يا أبتى استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين)؟.. فها هي أمريكا تستأجره ليكون خليفة للمسلمين قويا بجيشه وإرهابه وأمينا على مصالحها وأمن إسرائيل بحكم الإشارة إلى رسول الله موسى عليه السلام.. واللبيب بالإشارة يفهم.

بل أكثر من هذا، فقد سبق للقرضاوي أن قال في اجتماع لما يسمى باتحاد علماء المسلمين في مدينة إسطنبول صيف 2014 حرفيا: “الله وجبريل والملائكة يؤيدون أردوغان.. لأنه رجل الدولة القوى الأمين والقائد الذي يعرف ربه”.

ثم أضاف: “تركيا هي دولة الخلافة، وإسطنبول عاصمتها، فهي تجمع بين الدين والدنيا والعربي والعجمي، وينبغي أن تقوم عليها الأمة”.

وهذا هو الجانب المسكوت عنه في حوار سماحة السيد مع قناة الميادين، لكن إشاراته المبطنة للدور التركي توشي بما ذهبنا إليه هنا بالتحليل.. لا بل أكثر من هذا، هناك مؤشرات قوية وخطيرة تؤكد هذا الاستنتاج، وهو الأمر الذي سنتحدث عنه في مقالتنا المقبلة بتفصيل إن شاء الله، لرصد معالم المشهد الإقليمي الذي يتشكل في الأفق.



السهم الناري
السهم الناري
المراقب العام
المراقب العام

ذكر
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى