أردوغان بين ميدان التقسيم وتقسيم الميدان
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
أردوغان بين ميدان التقسيم وتقسيم الميدان
قال أحدهم "بالكيل الذي تكيلون يكال لكم ويزاد" ولنرى أردوغان الذي كال لغيره بمكيال "احترام إرادة الشعب وتسليم السلطة له"، هل سيحترم إرادة شعبه الذي أبدى عدم رغبته باستمرار هذا النظام بالحكم وطالب بتنحي رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، أم أنه سوف يكيل بمكيال آخر
بقلم : سامي إبراهيم
لم تكن مسألة حديقة "جيزي" في ميدان "تقسيم" باسطنبول هي التي قسمت الميدان بين الشعب التركي والسلطة التركية، بين محتجين مناوئين لحكومة أردوغان وسياسته التي وصفوها بأنها سياسة "فاشية" معادية لمصالح الشعب التركي، وبين رجال أمن وبوليس قاموا بالدفاع عن رجب طيب أردوغان وعن حكومته عبر قمع المتظاهرين وتفريق صفوف المحتجين الغاضبين بالقوة "المفرطة"، كما وصفها أردوغان بذاته عندما وعد المتظاهرين بالحقيق في الأسباب الداعية إليها، وحثهم على انهاء الاحتجاج.
المظاهرات هي "بروفا" للاستعداد الكبير..
ورد المتظاهرون الغاضبون على نداء أردوغان بالهجوم على مكتبه في اسطنبول ورميه بالحجارة وكسر زجاج نوافذه ما حمله إلى وصف المحتجين بأنهم "لصوص" و"مارقين يعملون لحساب عدو خارجي" رافضا الاتهامات الموجهة له ولحكومته بأنها تتبع نهجا استبداديا، وذات طابع إسلامي بشكل مفرط، ومتهما العلمانيين بالتحريض على أعمال الشغب بهدف الحاق الهزيمة بحزب العدالة والتنمية في الانتخابات القادمة في مطلع العام المقبل.
ويرى مراقبون للأحداث التي اندلعت في أكثر من ستين مدينة وبلدة تركية أنها لن تهدأ قريبا، وإذا مالت هذه الأحداث نحو تلطيف الأجواء وتخفيف العنف في المواجهات وتدثيرها بهدوء نسبي، فإن هذا الهدوء لن يكون إلا بمثابة مقدمة لعاصفة هوجاء قد تطيح بأردوغان وحكومته، إذ أن ما جرى ويجري منذ أيام هو بمثابة "بروفا" الاستعداد الكبير لمواجهات قد تضطر حكومة أردوغان وحزب "العدالة والتنمية" إلى اللجوء إليها حفاظا على السلطة للدخول في الانتخابات المقبلة في العام القادم وهي مستحكمة بـ"عامل إدارة" الانتخابات التي قد تثير الكثير من الأسئلة.
وتدل أقوال المشاركين في التظاهرات على أن هناك العديد من الأسباب التي دفعت بالشباب التركي إلى الاحتجاج ضد حكومة أردوغان، حيث قال أحد المشاركين إننا "لا ننتمي إلى أي حزب بعينه"، وقال آخر عن المظاهرات إنها "حركة مقاومة مدنية. نحن سعداء، فقد نجحنا في احتلال الميدان"، ولم تشهد الحكومة التركية منذ زمن بعيد حركة مناوئة لها أكبر مما شهدتها البلاد هذه الأيام، إذ أن المواطن التركي الذي استبشر خيريا بـ"صفر مشاكل" ضاق ذرعا بالسياسة التي ينتهجها أردوغان حيال الشعب التركي وجيران تركيا.
الأسباب الرئيسية للاحتجاجات في تركيا...
ومن جانب آخر لعب الدور التركي بالتدخل في الأحداث السورية دورا مفاقما للمواقف السياسية في المجتمع التركي، حيث أن المخيمات التي نصبتها حكومة أردوغان على حدودها مع سورية استقطبت العديد من اليد العاملة السورية قبل أن تبدأ الأحداث في سورية، والتي تعتبر بطبيعتها المهاجرة أرخص من اليد العاملة التركية ما أدى إلى إزاحة المواطن التركي عن سوق العمل، أضف أن الأزمة الاقتصادية في العالم الرأسمالي كان لا بد لها من أن تصطدم بـ"المعجزة التركية" التي انتعشت بشكل أساسي على حساب أسواق دول المعسكر الاشتراكي السابق، ولم يكن بمقدور هذه "المعجزة" انتشال البلاد من الأزمة.
ودلت الأحداث في جوهرها على سقوط الأقنعة التي كان أردوغان يستخدمها في التصدي لأي تحرك شعبي، فقد صرح بنفسه أن مسألة حزب العمال الكردستاني قد انتهت وقد اتفق مع أوجلان على انهائها، وبمعنى آخر أن "الفزاعة الكردية" ليست موجودة في الأحداث الجارية، فقد انطلق الشعب دون الخوف على مصير الوطن من أجل الدفاع عن حياته، كما لايمكن أن توجد فيه فزاعة "الاستخبارات السورية" التي هي في منأى طبيعي عن الأحداث التركية.
وفيما حاول أردوغان عبر سياسة "لي الأذرع" الالتفاف على المطالب الشعبية التي نادت بإطلاق الحريات العامة ووقف "أخونة" مؤسسات الدولة وتدمير مدنيتها والمطالبة باستقالة حكومة العدالة والتنمية، قال رئيس حزب الشعب الجمهورى المعارض كمال قليجدار اوغلو إن الشعب التركي يطالب بالحرية والديمقراطية ولا يريد أن يعيش في عام 2013 عهد النازية فى تركيا، وأكد نائب رئيس حزب العمل بولنت اسين أوغلو أن ما يجري في تركيا هو ثورة ضد ديكتاتورية استمرت 11 عاما وضد سياسة خاطئة لحزب العدالة والتنمية وخنوعها لأوامر الأجنبي .
ردود الفعل الخارجية ...
وفي حين جاءت ردود الفعل على الأحداث التركية في البلدان الأجنبية على شكل اعتصامات وتظاهرات شعبية مؤيدة للإحتجاجات في نركيا، اختطف الموقف العراقي الرسمي انتباه المراقبين، حيث أكد ائتلاف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي أن التظاهرات التي تشهدها تركيا ما هي إلا نتيجة تخبط سياسة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان العدائية في التعامل مع شعبه ومع دول الجوار .
ورأى المالكي أنه كان من الأولى بأردوغان الالتفات إلى تحقيق مطالب شعبه والنظر في احتياجاتهم بدلا من تركهم والتفرغ للتدخل في شؤون العراق وسورية وغيرها، وقال المالكي "كان على أردوغان تعلم الدرس من تفجيرات الريحانية فإن أي استفحال للإرهاب في المنطقة لن يقتصر على دولنا فحسب بل إنه سيمتد إلى أرضه، لأن الإرهاب لن يقتصر على مكان دون غيره في حال وجد من يسانده ويدعمه"، معتبرا أن اتهام أردوغان للحكومة السورية بأنها وراء تفجير الريحانية هو خلط للأمور ومحاولة للتملص من المسؤولية والغضب الشعبي الذي فجره أبناء تركيا .
استنتاجات...
ويرى خبراء أن للتظاهرات الشعبية الجارية في تركيا يمكن أن تجر خلفها سياسة "الحزم" حيال خصوم النظام الحالي في أنقرة، إذ أن المسيرة المظفرة لحزب العدالة والتنمية قد انتهت بالتأكيد، وأن النظام اقترب من "النقطة الحرجة"، التي يجب عندها إما أن يجري إصلاحا للذات أو أن يلجأ إلى القمع ضد جزء من الناخبين. وإذا تم اختيار الطريق الثانية، فهذا لابد من أن يؤدي إلى تعميق الأزمة، أما إذا سار أردوغان على الطريق الأولى، أي حاول البحث عن التوافق الاجتماعي والبحث عن أسباب ودوافع الاحتجاجات، فيمكن له حينها الحديث عن تجاوز الأزمة.
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» أردوغان: المعارضة تنشر أكاذيب حول الخطة الحكومية بشأن ميدان "تقسيم"
» ماذا ستقدم داعش" لـ أردوغان، وكيف سيشكرها أردوغان؟
» العرب وتقسيم تقسيم المُقسَّم
» فجار ليبيا:تغيير ميدان الغزالة إلي ميدان القملة
» ديبلوماسي غربي: الرئيس السوري أسد في الميدان العسكري وداهية في الميدان السياسي وشعبيته جارفة
» ماذا ستقدم داعش" لـ أردوغان، وكيف سيشكرها أردوغان؟
» العرب وتقسيم تقسيم المُقسَّم
» فجار ليبيا:تغيير ميدان الغزالة إلي ميدان القملة
» ديبلوماسي غربي: الرئيس السوري أسد في الميدان العسكري وداهية في الميدان السياسي وشعبيته جارفة
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
أمس في 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi
» كلمة مندوب الجزائر في مجلس الأمن بعد الفيتو الأميركي ضد قرار وقف الحرب على غزة
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» كلمة الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:32 pm من طرف larbi
» مقتل جندي و إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 7:00 pm من طرف larbi
» مقتل جندي إسرائيلي و جرحى من لواء غولاني بمعارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:48 pm من طرف larbi
» بيان المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع بشأن استهداف سفينة في البحر الأحمر
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:37 pm من طرف larbi