البريقة تحدد قواعد اللعبة

شكل المؤتمر الوطني العام (INC ) وهو أعلى هيئة تشريعية في ليبيا لجنة خاصة للتعامل مع قضية الحكم الذاتي التي نصبت البريقة نفسها بنفسها في شرق البلاد. وقرار المؤتمر هذا جاء كأول رد فعل من السلطات على البيان الذي أصدره رئيس مجلس البريقة أحمد السنوسي حول "الاستقلال والحكم الذاتي في المنطقة"، منذ بضعة أيام.

حيث أعلن السنوسي يوم السبت الماضي في مسيرة حاشدة أقيمت في مدينة المرج بالقرب من بنغازي "أنه بناء على قرار من شيوخ القبائل وقادة العشائر المحلية في بنغازي واجدابيا ومدن أخرى في شرق البلاد، تم الاعلان عن البريقة منطقة حكم ذاتي في إطار الدولة الليبية الفيدرالية" . وأضاف قائلاً: "سيتم تشكيل برلمان خاص بالاقليم ويتألف من مجلسين، وسيتم تشكيل قوة أمنية مستقلة" كما أعلن رئيس مجلس المنطقة عن بدء نفاذ دستور عام 1951 في البريقة والذي بموجبه تم تقسيم ليبيا إلى ثلاث مناطق إدارية هي: البريقة في الشرق وطرابلس في الغرب وفزان في الجنوب.

وفي الوقت نفسه، فإن الحكومة المركزية تبدو بشكل واضح أنها ليست في عجلة من امرها للتعامل مع هذه النوع من مظاهر النزعة الانفصالية. جدير بالذكر أن تشكيل لجنة لدراسة الوضع في البريقة هو، بطبيعة الحال، خطوة مهمة، لكنها أبعد ما يكون عن التطبيق العملي. ومع ذلك، في طرابلس، على ما يبدو، يعتبر هذا كافيا. ويقول الناشط السياسي الليبي (واحد من الأعضاء السابقين في المجلس الوطني الانتقالي) خالد الترجمان بهذا الشأن:


تحميل مواد صوتية

ومع ذلك، هناك العديد من الخبراء لا يشاطرون هذه الحجج. فهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها قادة البريقة عن نيتهم الإعلان عن الحكم الذاتي. حتى أنه في شهر آذار/ مارس من العام الماضي، طالب شيوخ القبائل المحليين والسياسيين وقادة الحرب بإقامة الحكم الذاتي. أي أن هذه الميول الانفصالية هنا ليست ضعيفة كما تحاول أن تقدمها طرابلس ولا يمكن الاكتفاء هنا باصدار مجرد كلمات فقد وصل الوضع إلى حد التهديد بقطع إمدادات النفط من شرق البلاد والقيام بهجمات على المؤسسات الحكومية.

في نفس الوقت، لا يبدو أن طرابلس مستعدة لاتخاذ تدابير فعالة لمنع اندلاع الانفصالية، والتي من شأنها أن تذهب أبعد من تشكيل لجنة خاصة. وهنا نذكر ان مسلحين كانوا قد حاصروا منذ فترة وجيزة عددا من مباني الوزارات في العاصمة الليبية، وقتها لم يبقى على السلطات إلا أن تراقب الوضع بصمت. فما بال المناطق البعيدة الأخرى، لن يتمكنوا حكماً من ضبط الوضع هناك وبالتالي من المستبعد أن تصبح استثناءً عن هذه القاعدة.

ويقول السفير الروسي السابق لدى ليبيا أليكسي بودتسيروب أن الوضع في شرق البلاد لا يقتصر على الرغبة في الحصول على الحكم الذاتي، ولكن هم أيضا يدركون عجز طرابلس لمواجهة هذا الوضع المتشكل وأضاف قائلاً:

كانت البريقة تحلم دائماً دائما بالانفصال، وهذا هو السبب الذي جعل من معمر القذافي لا يثق بتلك القبائل المحلية. والآن يحدث ما ينبغي أن يكون قد حدث. فالحكومة المركزية ضعيفة حتى أنها تغيب في كثير من الأماكن، والجماعات المسلحة هي التي تسيطر على الوضع. بطبيعة الحال، سوف تنمو مشاعر الانفصالية خاصة وأن البريقة ممثلة تمثيلا ضعيفا جدا في الحكومة على الرغم من حقيقة أن الجزء الأكبر من النفط الليبي يتم انتاجه هنا. بالطبع هذا الخلل لا يرضي ممثلي القبائل المحلية. الذين يدعون لصالح الحكم الذاتي. أما بالنسبة لتوقعات المستقبل، فإن الاتجاه آخذ في الازدياد. واحد لا يمكن استبعاد خيار حصول البريقة على استقلالها.

من ناحية أخرى، فإن البريقة نفسها لا تطالب حالياً بهذا الاستقلال. وهذا، وفقا لبعض الخبراء، إشارة إلى أن الجزء الشرقي من البلاد يفضل في هذه المرحلة أن يلعب على أعصاب طرابلس آملاً الحصول على عدد من الأفضليات. وبطريقة ما سوف تحل المنطقة الشرقية على مرادها لأن الحكومة المركزية من واضح ليست في وضع يمكنها من إملاء الشروط.