لماذا يثمّن الغرب جهود موسكو؟

باسمة حامد

وفق إشارة فيتالي تشوركين، فإن نتائج الاتصالات التي جرت في موسكو بين المعارضة والحكومة السورية «لاقت ردود فعل إيجابية» لدى أعضاء مجلس الأمن الذين «ثمنوا الجهود الروسية» رغم اختلافهم حول طرق حل الأزمة في سورية.
اللافت في تصريحات مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة تأكيده أن هناك «إمكانية للتعاون» في هذا الملف مع جميع أعضاء مجلس الأمن بما فيهم الولايات المتحدة: «الأميركيون أصبحوا يتحدثون بوتيرة أقل عن المصير السياسي للرئيس السوري بشار الأسد.. سابقاً كانوا يضعون هذا الأمر في قمة المسائل على حين الآن يذهب إلى مسائل ثانوية».
فكيف تُفسر المواقف الغربية الملتبسة وخصوصاً أن الرئيس الأميركي باراك أوباما متمسك بفكرة «حق واشنطن في تحديد الأجندة الدولية»، ويصرّ على وضع روسيا في قائمة «التهديدات» التي «تواجه البشرية» إلى جانب «فيروس إيبولا» وتنظيم «داعش».
رغم كل الخلافات القائمة مع روسيا حول أوكرانيا إلا أن بقاء الدور الروسي حاضراً في ملفات أخرى يشكل حاجة للولايات المتحدة وأوروبا، فالروس المعروفون بمهارتهم بلعبة «الشطرنج» أنجزوا «نقلات» نوعية في مسارين مهمين:
الأول: الملف النووي الإيراني، فموسكو المرتبطة بعلاقات مميزة مع إيران: «تسهم بقسط كبير في تسوية هذه القضية» وفق إشارة الرئيس فلاديمير بوتين، ويبدو أن الأمور وصلت إلى نهاياتها في هذا الملف المعقد (وزير الخارجية الأميركي جون كيري استبعد تمديد المهلة النهائية في شأن المحادثات النووية مع إيران في 31 آذار وأوضح أن عدم توقيع الاتفاق ربما سيؤدي «إلى رواية لا يريد أي منا أن يسمعها»).
الثاني: الملف السوري، فمنتدى موسكو يُعد اختراقاً جدياً للأزمة، والجهود الروسية البنّاءة والمثمرة متواصلة باتجاه إطلاق حوار سوري - سوري في دمشق وصولاً إلى تسوية شاملة من شأنها وضع حد للتدخلات الخارجية التي أنتجت الإرهاب والجماعات المتطرفة.
«فالمجتمع الدولي» معني بالقضاء على هذه الظواهر الخطيرة التي لا يمكن احتواء أضرارها بالتحالفات الشكلية ولا بالضربات الجوية «الغبية» كما وصفها وزير الخارجية التشيكي لوبومير زاؤراليك، ومن مصلحة جميع الدول بما فيها تلك المتورطة بدعم الإرهاب تجنب نسف الحل السياسي في سورية والذي تُستكمل خطواته في إطار الرعاية الروسية حيث يعترف الغرب بأن تنظيم «داعش» يمثل «تحدياً كبيراً للعالم بأسره» نظراً لقدرته على «تجنيد الأشخاص غير الأسوياء والمجرمين والمستضعفين» وفق تعبير مارك راولي مساعد مفوض شرطة سكوتلاند يارد، فالمعطيات الراهنة تشير إلى النمو الملحوظ في أعداد المنتسبين إليه والدول التي يأتون منها. وفي هذا السياق، أفاد تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» مؤخراً وتضمن أرقاماً موثقة أن «للغرب الحصة الأكبر من المهاجرين للقتال في صفوف «داعش» خلال هذه الفترة، بينما لم يدفع الشرق الأوسط إلا أعداداً قليلة، في الوقت الذي تنعدم فيه أي زيادة قادمة من دول الخليج»، أيضاً كشف التقرير أن الزيادة «انعدمت من دول شمال إفريقيا باستثناء ليبيا التي تدفق منها إلى التنظيم 44 مقاتلاً».
وحسب التقرير، زاد من فرنسا عدد الوافدين إلى التنظيم الإرهابي «ثلاثة أضعاف»، على حين احتلت ألمانيا المرتبة الثانية في تصدير المقاتلين، كذلك ارتفع عدد المهاجرين إلى «الدولة الإسلامية» بنسبة ملحوظة من بلجيكا ونيوزيلندا، والسويد، وفنلندا والدانمارك، والنرويج، وبريطانيا التي اضطرت لتغيير خططها لمحاربة الإرهاب داخل البلاد وخارجها على خلفية توصيات أمنية استنتجت بأن هجمات باريس «أثبتت أنها تخالف كل التوقعات».