د. موسى إبراهيم:قافلة أبي سفيان....

لا شيء مثل الوهم يخترق أرواحنا، ينهكها، يسرق منها حيويتها وبريقها، يضلها عن الطريق، ينزع عنها ثوب الواقع، ويلبسها حجاب الخرافة والكذبة والزيف المروع.
ولاشيء مثل الأمل الحقيقي يزرع في صدورنا بذرة الحياة، ويسقي الأرض العطشى للفعل والمبادرة، ويدفع بأرواحنا إلى الأمام في رحلة الكفاح الطويلة الشاقة.
أرى بعض الأحرار والحرائر يتساقطون وراء الإغراء الفاتن للوهم، ويرفعون صور أنصاف الرجال، ويرفرفون أنصاف الرايات، ويهتفون بأنصاف المبادئ، ويتذكرون أنصاف الحقائق، وأنصاف الأيام الحبلى بالأحداث.
إن الخطر المحدق بقضيتنا ليس فبراير وأهلها فهؤلاء هزموا من داخلهم وخسروا معركتهم مع الوطن، الخطر يا رفاق هو نصف الذاكرة المرهقة لبعض أبناء سبتمبر، الذاكرة الكئيبة، المراوغة، المزيفة، والتي ستقودنا للهزيمة الكبرى في رهاننا من أجل الوطن.
لدينا من الرجال والنساء، والمبادئ، والمواقف البطولية، مايهتز له عرش العالم... فلماذا يا بعض أبناء معمر القذافي تحبون أنصاف الرجال... وأنصاف البطولات... وأنصاف المبادئ… وأنصاف التاريخ؟
ألم يقل إله محمد، ربي وربكم " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون”؟؟
أم أن القلوب أُرهقت، والأرواح تعبت، وبدأت قوافل قريش، وغلمان أبي سفيان، تتقدم مواكب الحجيج وتدّعي أنها حضرت يوم بدر مع محمد؟ وأنها لم تبارك أباجهل وتعانق هنداً، وتصدر بيانات التهنئة لمجلس حكماء قريش؟
أما أنا فلا.... لن أركب قافلة يدفع ثمن حريرها وعاجها أبو سفيان حتى وإن شهد له الشعراء المأجورون، وأصحاب الذاكرة المثقوبة أنه من قاتل الكفار، وأن هروبه كان التفافاً على المشركين، بل وربما واستشهد في أحد.!!!!!
هذا ليس شعوراً شخصياً ضد أحد: هذ موقف سياسي، استراتيجي، ووطني. لماذا؟ لأنك حين تركب جمال أبي سفيان فاعرف أن الوجهة هي تجارة قريش … وليست مجد المهاجرين ولا فرح الأنصار.