رأي.. إنتهى الوقت

من طرف السهم الناري السبت يونيو 15, 2013 6:12 pm

خاب رجب طيب أردوغان عندما ظن أن باقتحامه «ميدان تقسيم» سيرهب المتظاهرين ويجبرهم على إنهاء احتجاجاتهم المتواصلة منذ أسبوعين، فعلى عكس ما اشتهى الرجل سارت رياح الاحتجاجات، حيث توسعت دراماتيكياً إلى مدن جديدة وبزخم شعبي أكبر بعد التصعيد الخطر الذي قامت به الحكومة باقتحام الميدان لتتحول الحركة الاحتجاجية إلى أزمة مفتوحة على جميع الاحتمالات التي لا يستطيع أحد التنبؤ بنتائجها.
لم يعد أردوغان في نظر الشعب التركي - كما كان يروج عنه - انه القائد الفذ الذي لم ترَ تركيا له مثيلاً من قبل، بل أصبح في نظر أغلبية الشعب التركي المنتفض ضده الديكتاتور الفاشي و«السلطان العثماني» الجديد الذي ادخل البلاد في مشاكل مع الجيران،وحرف سياسات تركيا عن المأمول منها لما فيه خير ومصلحة البلاد والعباد.
كل المؤشرات وفق ما يقرؤها المحللون تبين أن أردوغان انتهى سياسياً ولا أمل له في طوق نجاة، فمشاهد العنف الذي ارتكبته قواته بأمر منه إضافة إلى سوء إدارته للأزمة التي تمر بها البلاد، لطخت سمعته كما أساءت لصورة تركيا في الخارج ولا سيما في دول المنطقة.
.. ليس جديداً ما أقدمت عليه حكومة «العدالة والتنمية» من قمع وعنف مبالغ فيهما ضد متظاهرين سلميين، وخاصة أن هذا التصعيد الأخير يندرج في إطار لائحة طويلة من الممارسات التي غالباً ما كانت تأتي قاسية في محاولة من هذه الحكومة لإخماد أي حركات احتجاجات خلال السنوات الأخيرة الماضية.
إذاً، فشل أردوغان في قمع التظاهرات ولا يقلل من ذلك لقاؤه بعض ممثلين عن الحركة الاحتجاجية، ولا يبدو أن الشارع التركي سيتراجع عن مطالبته برحيل هذا الرجل،وعليه ليس هناك الكثير من الخيارات أمامه هو وجماعته أمام هذا الواقع المنتفض ضد وجودهم في الحكومة.
.. أول الخيارات أن يوافق على انتخابات مبكرة، وإذا وافق على ذلك فالأمل ضعيف جداً إن لم يكن معدوماً بعودته مجدداً هو وحزبه إلى الحكم نتيجة سياساتهما ورعونتهما التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم، وثاني الخيارات هو أن يستمر في تحدي الشارع والإيغال بالقمع والعنف إلى أن تخرج الأمور عن السيطرة ويحدث انقسام في البلاد وهذا مالا تريده الأحزاب الأخرى وكذلك حلفاء تركيا، أما الخيار الثالث فهو أن يتراجع أردوغان عن المخطط الذي كان ينوي إقامته في «تقسيم»، وفي حال تراجع فهذا سيفسر من الشعب على أنه ضعف مما سيزيد من الضغوط عليه وصولاً إلى إخراجه بصورة أو بأخرى من الحكم.
كل الخيارات أمام أردوغان تفضي إلى نتيجة واحدة وهو أنه انتهى سياسياً، وقد لا تمر أيام قليلة أخرى على الاحتجاجات حتى ينتهي شعبياً ومن ثم سياسياً.
إذاً انتهى الوقت أمام «السلطان العثماني الجديد» للتفكير وإعادة ترتيب الأوراق معتمداً على تدخل من الغرب الذي لن يضيره كثيراً رحيل أردوغان، وخاصة أنه كان ورقة بيد الغرب فيما يتعلق بشؤون المنطقة ولا سيما سورية واحترقت تماماً، لذلك على أردوغان أن يستجيب لمطالب الشعب التركي ويرحل، عملاً بنظريته التي تشدق بها طويلاً عندما كان «يسدي النصائح» لحكام المنطقة،فهل من أحد يذكّر أردوغان بما قال لعله ينتصح؟