كونفديراليّة لبنانيّة ــ سوريّة ـــ إسرائيليّة

نبيه البرجي
تكاد تتصور وانت تقرأ مقتطفا من تقرير اميركي لدى احدى الدول الخليجية ان ثمة اتجاها إن في الكونغرس او في البنتاغون للقيام بانقلاب ضد الرئيس باراك اوباما.
التقرير اعده خبراء، من بينهم وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس، عهدت اليهم الدولة الخليجية بصياغة تقرير نصف سنوي حول اتجاهات السياسة الاميركية في الشرق ا لاوسط.
ما نقل الينا من مقتطفات يشير الى ان بعض رجال (او نساء) الادارة بدأوا «يتحولون» ويضغطون بصورة او بأخرى، على اوباما لكي يخلع ثوب النعامة ويرتدي ثوب الصقر.
الخبراء ينتمون الى تيارات مختلفة، ومع ذلك فهم يجمعون على ان البيت الابيض لن يستطيع ان يصمد طويلا امام الضغوط لوقف التراجع الاستراتيجي امام المد الروسي والايراني في الشرق الاوسط وعبر الساحة السورية التي قال الرئيس فلاديمير بوتين انها هي التي ستتحد فيها قواعد النظام العالمي الجديد، فيما يرى الايرانيون ان سوريا هي المسرح النموذجي لاحداث تغيرات دراماتيكية في المسارات الجيوبوليتيكية على امتداد المنطقة.
التقرير لا يستبعد حصول تبدل في الموقف الاميركي بين ليلة وضحاها. وهناك دول عربية حليفة تعتبر انه اذا ما استمر تراخي الادارة على هذا النحو، فان الفوضى لا بد ان تمتد الى هذه الدول مع التركيز على الموقع الجغرافي والتاريخي الشديد الحساسية لسوريا، بحيث ينبغي ان تسارع الولايات المتحدة الى التدخل كي لا تسقط في ايدي الروس والايرانيين، ودون ان يكون للاساطيل اي اثر في الحيلولة دون حصول انهيارات متلاحقة تؤثر بعمق في المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في ارجاء المنطقة.
التقرير أشار الى المأزق التركي، وحيـــث الوضـــع الداخلي لا يبعث على الارتياح، فـــثمة جمر كثير تحت الرماد الكثير، دون ان يكون مستبعداً كلياً ان يتكرر السيناريو المصري في تركيا التي يحكمها حزب استوحى منه «الاخوان المسلمون» في مصر اسم حزبهم، ومع اعتبار التداعيات المثيرة للحدث التركي على ايقاع التطورات في الشرق الاوسط.
من صاغوا التقرير يعتبرون ان تدخلاً اميركياً مباشراً وصاعقاً في سوريا يضع حداً نهائياً لنظام الرئيس بشار الأسد يفضي، اوتوماتيكيا، الى اجتراح حلول لاكثر ازمات المنطقة تعقيدا، فالنظام البديل يعني انهاء دور «حزب الله» الذي تضخم اكثر مما ينبغي ليتحول من قوة داخلية الى قوة على مستوى الاقليم.
استطراداً، فان واشنطن التي لديها معلومات دقيقة حول الطوفان النفطي، فضلا عن طوفان الغاز في شرق المتوسط، تحقق ما طرحه الكسندر هوف، واثر معاينة دقيقة وبعيدة المدى للملف، اي تحويل «التداخل الجيولوجي» بين لبنان واسرائيل الى «تداخل استراتيجي» يضم سوريا باعتبار ان الدول الثلاث التي شكلت في مراحل محورية من التاريخ حيزاً جغرافيا وسياسيا واحدا يمكن ان تستعيد هذا الدور ثانية لتشكل بفعل الموقع، وبفعل الثروة، كما بديناميكية التنويع «حالة طوباوية» في الشرق الاوسط الذي لم ينقطع فيه الخط التراجيدي، ومنذ بداية الخليقة.
اما ما يراه الخبراء فهو قيام كونــفدرالية لبنـانية - سورية - اسرائيلية، دون استبعاد الاردن الذي يعيش على حافة الهاوية، سياســــيا واقتصادية من ذلك الكونسورتيـوم الذي يــــشمل بطبيعة الحال الدولة الفلسطينية وبالمواصفات الاسرائيلية اياها.
التقرير يتحدث عن تبني عدد كبير من الشيوخ في «الكونغرس» وكذلك النواب بطبيعة الحال اضـــافة الى عدد كبير من الجنرالات الذين يعتـــبرون ان مكانهم الطبيعي في الخـــنادق لا على ارصفة برودواي ولا على ارصفة لاس فيغاس، للخيار الجراحي في سوريا الذي يفتح الابواب امام كل الحلول، حتى اذا ما حاول الايرانيون الاقدام على اي خطوة مضادة، وهم براغماتيون الى الحد الذي يمنعهم من ذلك، فلن تتردد واشنطن في مؤازرة حكومة بنيامين نتنياهو في توجيه ضربات قاتلة لنظام ايات الله...
الطريف ان التقرير يعتبر ان الشرق الاوسط لم يعد بـ «المنطقة الآمنة» بالنسبة الى الولايات المتحدة بسبب ما يدعوه بالهذيان الايديولوجي الذي في نظر الخبراء تجاوز كل الحدود. اذا فلتذهب اللعبة الى نهايتها!
ولكن الى اين نذهب نحن؟