آفاق العلاقات الروسية ـ الأميركية عشية قمة العشرين في موسكو
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
آفاق العلاقات الروسية ـ الأميركية عشية قمة العشرين في موسكو
انعقد في واشنطن مؤخرا الاجتماع الروتيني بصيغة "2 + 2" (اي وزيري الخارجية والدفاع في كلا البلدين). ولكن هذا الاجتماع الروتيني اثار ضجة فضائحية في وسائل الاعلام حول العلاقات الروسية ـ الاميركية.
وفي مؤتمر صحافي مشترك في السفارة الروسية تحدث الوزيران سيرغيي لافروف وسيرغيي شويغو عن الطابع البناء للمحادثات الجارية مع الطرف الاميركي وأعلنا عن التفاهم مع الجانب الاميركي حول المشاريع المستقبلية. وفي مؤتمر صحافي مواز عقده الرئيس الاميركي اوباما أطلق بعض البيانات المفرقعة. واعلن بشكل خاص انه.
وكما اوضح مصدر لم يكشف عن اسمه في وزارة الخارجية الروسية، فمن وجهة نظر دبلوماسية فإن هذه الصيغة يمكن ان يكون لها عواقب بعيدة المدى. وبقي من غير الواضح، هل بيان اوباما كان مفاجأة لمعاونيه، الذين، على العكس، وفي مجرى المحادثات مع لافروف وشويغو عبروا عن الرغبة في التقارب مع مواقف موسكو! ام ان المحادثات السالفة كانت، من وجهة نظر واشنطن، نوعا من "جس النبض"، حينما حاول الجانب الاميركي مرة اخرى أن يميل بالجانب الروسي نحو تقديم التنازلات في حقل الدرع الصاروخية، ونزع السلاح، ومسألة مستقبل سوريا. ولكنه بعد ان اقتنع بصلابة موقف روسيا، فإن اوباما اقترح "عمل وقفة" في الحوار.
واصبح من الواضح ان قرار البيت الابيض إلغاء الصورة المشتركة والمؤتمر الصحافي المشترك لوزيري الخارجية والدفاع للبلدين لم يكن صدفة. فالادارة الاميركية كانت قد ابلغت بمحتوى الموقف الذي كان يزمع اعلانه اوباما، ولم تشأ ان يكون تأثير كلماته مخففا بنشاطات مشتركة مع الجانب الروسي. الا انه في كل الاحوال يبدو على الاقل غريبا، كيف ان وزيري الخارجية والدفاع الاميركيين تحدثا مع زميليهما الروسيين عن التعاون، في حين ان اوباما على العكس اتجه نحو تجميد الحوار مع موسكو.
وقبل القاء كلمة اوباما فإنه يقال ان وزير الخارجية جون كيري ذهب خصيصا للتشاور في البيت الابيض، ولكنه لم يستطع مقابلة الرئيس. وبالتالي لا يستبعد ان يكون ذلك لا اكثر من اللعبة الاميركية التقليدية "لعبة الشرطي الصالح والشرطي السيئ"، حيث قام اوباما بدور الشرطي السيئ، ووزيره بدور الشرطي الصالح.
لقد طرح تصريح اوباما عدة اسئلة على موسكو ان تتوضحها في المستقبل القريب. فأولا لم يقل اوباما اي شيء عن تلك التفاهمات، التي سبق للخبراء من البلدين ان توصلوا اليها. وهذا يتعلق على الاقل بست وثائق تختص بحقول الاقتصاد، نزع الاسلحة، مكافحة الارهاب، والطاقة. وهي كانت معدة لطرحها في القمة الثنائية التي كان من المزمع عقدها في موسكو.
والان لم يعد من الواضح ما هو مستقبل التفاهم حول تطبيق نظام الغاء التأشيرات (الفيزا) بين روسيا والولايات المتحدة الاميركية، وهو التفاهم الذي كان المشاركون في المحادثات في واشنطن يزمعون تقديمه الى القمة القادمة الروسية ـ الاميركية.
ولم يوضح اوباما ماذا يقصد بالوقفة في الحوار مع روسيا. هل يعني ذلك طي صفحة البرامج المشتركة المتفق عليها؟ واذا كان الجواب بالايجاب، ففي اية حقول؟
في المؤتمر الصحافي في السفارة الروسية اورد وزير الخارجية سيرغيي لافروف عدة ارقام تتعلق بعمليات النقل العسكرية الاميركية الواسعة الى افغانستان عبر الاراضي الروسية. ففي المدة المنقضية بعد توقيع اتفاق الترانزيت، انجزت الولايات المتحدة الاميركية فوق اراضي روسيا الفيديرالية 3400 نقلة جوية نقلت فيها 265 الف عنصر في القوات المسلحة. وفي محادثاته مع زميله الاميركي تحدث وزير الدفاع الروسي سيرغيي شويغو بشكل خاص عن التجربة السوفياتية في اخراج الجيش من افغانستان (والاميركيون يزمعون سحب وحداتهم من افغانستان سنة 2014). وعبر عن المشاركة في "قلق وتوقعات" الدولتين المجاورتين لافغانستان: قرغيزيا واوزبكستان، اللتين تتخوفان من ظهور مناطق غير مستقرة على حدودهما. وخلال المحادثات عبر وزير الخارجية الاميركية جون كيري الى سيرغيي لافروف عن الامتنان للمساعدة التي ابدتها روسيا فيما يخص افغانستان. فهل يعني تصريح اوباما ان الولايات المتحدة الاميركية تتخلى طوعا عن المساعدة الروسية؟
ويمكن ان الوقفة في العلاقات تمس الحوار بين البلدين في الحقل الفضائي، حيث ان المكوكات الروسية تشكل خطرا على المحطة الفضائية العالمية؟ ام ان الوقفة تمس العلاقات الثنائية بين موسكو وواشنطن فيما يتعلق بالدعوة الى عقد ملتقى "جنيف ـ 2" لتسوية الوضع في سوريا؟
وبين الوثائق المعدة للقمة الثنائية التي كانت مقررة في موسكو هناك وثيقة البيان المشترك المعنونة "لتطوير علاقات التعاون الثنائي"، وهي تشغل، حسب المعلومات الصحفية، ثماني صفحات. وفيها توصف بالتفصيل الوجهات، حيث يعمل البلدان بنجاح او يمكنهما العمل بنجاح في المستقبل للتعاون المتبادل. وهناك ايضا مشروعا بيانين "حول تطوير العلاقات التجارية ـ الاستثمارية" و "الجهود المشتركة لمكافحة النشر غير الشرعي للمواد المخدرة"، وهي مسائل تتعلق ايضا بالاولويات لدى موسكو وواشنطن. وهذه الوثائق كانت موجودة قبل قصة هرب المعاون السابق في المخابرات الاميركية ادوارد سنوودون. وكان هناك تفاهم حول هذه الوثائق واعتراف من قبل الجانب الاميركي بأنها "جديرة بالاهتمام" لطرحها على جدول اعمال قمة رئيسي البلدين. والان هل هذه الوثائق اصبحت تقع تحت عاقبة تصريح اوباما لـ "عمل وقفة" في العلاقات الروسية ـ الاميركية؟
في يوم اجتماع الوزراء "2 + 2"، نشرت جريدة "واشنطن بوست" مقالا موسعا، مكرسا للعلاقات الروسية ـ الاميركية. ويبرهن الكاتب، استنادا الى رأي الخبراء، ان البيت الابيض لا يخشى من العقوبات من جانب روسيا، بسبب تأجيل القمة في موسكو الى موعد متأخر، لانه في الكثير من المسائل الدولية فإن مصالح البلدين تتطابق وتتشابك بشدة.
ولكن كاتب مقال "الواشنطن بوست" لم يستطع ان يستوعب كيف ان اوباما "يناقض نفسه" في التخلي عن المسارات المفيدة للولايات المتحدة الاميركية في العلاقات الروسية ـ الاميركية. او ان بيان اوباما حول "الوقفة" يحمل بذاته طابعا نفسانيا ولا يعبر عن التفاهمات التي تم التوصل اليها في لقاءات "2 + 2"؟
"ما رأيته وسمعته لدى البحث في موضوع الدرع الصاروخية، يدل على تفهم الاميركيين ان هذا الموضوع ينبغي النظر فيه في مسارات ابعاد اخرى للامن تبعا لمختلف التلاوين"، هذا ما قاله سيرغيي لافروف في المؤتمر الصحافي. ان لائحة المسائل التي بحثها الوزراء في واشنطن، هي مؤثرة، اذ انها شملت الاوضاع في بعض "النقاط الساخنة" مثل مصر، حيث ان النزاع الاهلي يمكن ان يخرج عن السيطرة، وصولا الى المفاوضات الطويلة الامد بين الفلسطينيين والاسرائيليين. كما شملت التفاعل بين روسيا والولايات المتحدة الاميركية في حقل الامن في المدى الفضائي، والدعوات العادية لممثلي اميركا لحضور المناورات التدريبية للجيش الروسي بصفة مراقبين.
وجوابا عن سؤال: هل تبدل مستوى الثقة بين البلدين في الحقل العسكري ـ التكنولوجي وحقل السياسة الخارجية، بسبب حادثة سنوودون، اجاب سيرغيي لافروف انه في العلاقة بينه وبين وزير الخارجية الاميركية "تتقدم منذ وقت طويل علاقات الثقة والمهنية، التي من شأنها توفير المستوى المطلوب للثقة". ومن جانبه اوضح وزير الدفاع سيرغيي شويغو انه اتفق مع زميله الاميركي على "برنامج تعاون بين الوزارتين لسنة 2014، اغنى من برنامج السنة الحالية". و"لم اشعر بأي تخوف من الجانب الاميركي بخصوص الحوار فيما بيننا. لم اشعر بأي برودة في العلاقات، والعكس هو الاصح".
وتقدم وزير الدفاع الروسي بدعوة الى العسكريين الاميركيين للمشاركة في المباريات الدولية للدبابات التي ستجري في روسيا. وأوضح شويغو "اذا جاء ممثلو اميركا فهم سيبرزون بدباباتهم". وأضاف ان ممثلي القوات المسلحة الاميركية حضروا كمراقبين في التدريبات الروسية "الغرب ـ 2013".
وقد ابدى الصحفيون الاهتمام فيما اذا كان قد بحث في لقاء لافروف وكيري موضوع سنوودون، الذي كان احد اسباب تبريد العلاقات الروسية ـ الاميركية. فقال لافروف "فيما بيننا لا توجد اي حرب باردة، بل يوجد فقط تعاون وثيق". ووصف حادثة سنوودون بأنها "حادثة لا اهمية لها". "في اثناء المحادثات مع كيري ذكرت هذه الحادثة بشكل عابر".ان بيان اوباما حول عمل وقفة في العلاقات الروسية ـ الاميركية، قد حظي باهتمام موسكو.
وفي شهر ايلول/سبتمبر المقبل سيصل باراك اوباما الى سانت ـ بيتربورغ لحضور قمة العشرين الكبار G-20. واذا كان رئيس الولايات المتحدة الاميركية لا يعرف، كما يؤكد، الى اين يقود فلاديمير بوتين البلاد، فسوف يكون له الوقت والامكانيات الكافية، للقاء وجها لوجه في القمة مع زميله الروسي. وحينذاك يمكنه ان يحصل على الاجوبة عن الاسئلة التي تهمه، من مصدرها الاول مباشرة.
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» العلاقات المصرية- الروسية.. قرنان من التباعد والتقارب
» هل ترحيب الجبير بسعي موسكو لدعم تطبيع العلاقات بين دول الخليج وايران هو تفويض بالوساطة الروسية؟
» العلاقات السعودية ـ الأميركية: «عواصف الصحراء»
» نبذة عن العلاقات الروسية الجزائرية
» الأبعاد العسكرية في العلاقات الروسية – المصرية
» هل ترحيب الجبير بسعي موسكو لدعم تطبيع العلاقات بين دول الخليج وايران هو تفويض بالوساطة الروسية؟
» العلاقات السعودية ـ الأميركية: «عواصف الصحراء»
» نبذة عن العلاقات الروسية الجزائرية
» الأبعاد العسكرية في العلاقات الروسية – المصرية
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi
» كلمة مندوب الجزائر في مجلس الأمن بعد الفيتو الأميركي ضد قرار وقف الحرب على غزة
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» كلمة الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:32 pm من طرف larbi
» مقتل جندي و إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 7:00 pm من طرف larbi
» مقتل جندي إسرائيلي و جرحى من لواء غولاني بمعارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:48 pm من طرف larbi
» بيان المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع بشأن استهداف سفينة في البحر الأحمر
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:37 pm من طرف larbi
» كتائب القسام تستهدف قوة إسرائيلية متحصنة بإحدى العمارات..و قنص ضابط برتبة نقيب
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:29 pm من طرف larbi