فشل أردوغان يتهدد التحالف الداخلي التركي .. والعلاقات الخارجية

“اليوم في مصر وغداَ في اسطنبول”.. كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مباشراً جداً في التعبير عن مخاوفه من “الموجة الثانية” للاحتجاجات التي ضربت تركيا في حزيران الماضي، والتي يحمل مسؤوليتها لـ”القوى الخارجية”، مطلقا تلميحاته باتجاه “إسرائيل” وبعض الدول النفطية التي هي ليست قطر بالتأكيد.

ففيما تشير التوقعات إلى “خريف ساخن” لأردوغان وحكومته مع عودة الطلاب إلى الجامعات في تركيا، يحاول أردوغان الضغط أمنياً على معارضيه عبر تنفيذ الشرطة لحملات اعتقال جديدة ومضايقات لمن تعتبرهم “محرضين محتملين”، غير أن الانعكاسات التي على أردوغان الخوف منها فعلياً، قد تنبع من داخل تحالفه الحاكم مع توالي ظهور التصدعات في هذا التحالف، بعد الفشل الكبير في سورية، الذي تلاه فشل آخر في مصر لسياسات أردوغان وتخبطه في تصريحاته، التي يعتبرها كثيرون من أعضاء هذا التحالف “مؤذية”، فأردوغان، كما تقول مصادر تركية من داخل هذا التحالف، يكرر في مصر ما فعله في سورية، وإذا كانت النتيجة في سورية فشلاً ذريعاً، فهل نتوقع انتصاراً باهراً في مصر، وتقول المصادر إن ثمة في تركيا (الائتلاف الحاكم) من بدأ يراجع حساباته، وثمة من اتخذ قراره بالفعل بالابتعاد عن أردوغان ومغادرة “المركب الغارق”، في إشارة إلى جماعة فتح الله غول، التي بدأت صحفها توزيع الانتقادات ضد السياسة الأردوغانية ومخاطرها على علاقات تركيا بالخارج، ودول العالم العربي الخائفة من “الهجمة الإخوانية” والتطلعات السلطانية لأردوغان، أما رئيس الجمهورية عبدالله غل، فقد بدا واضحاً أنه يحاول أن ينأى بنفسه عن سياسات أردوغان، خصوصاً في ما يتعلق بمصر التي اعترف غل برئاستها الجديدة منفرداً، فيما يستمر أردوغان في التأكيد على أن “رئيسها هو مرسي” وتشديده في كل المناسبات على أنه لن يترك “الأشقاء في مصر وحدهم”، وهو ما يبدو أن غل يراه خطيراً كما تقول المصادر التركية، التي أشارت في الوقت نفسه، إلى أن غل يدرك أن الوقوف إلى جانب طرف واحد في مصر يمكن أن تكون له عواقبه على تركيا، باعتبارها طرفاً في الأزمة، وكتبت صحيفة “جمهورييت” التركية على صفحتها الأولى انتقاداً لاذعاً لأردوغان يبدو أنه موجه من غل، فقد عنونت الصحيفة: “بعد أن بدأ يتكلم بكلام أكبر منه، وبعد أن أصبح يتشاجر مع جميع دول المنطقة، وبعد أن ركز سياسته الخارجية لدعم مذهب واحد في العالم، تركيا أصبحت وحيدة في العالم”، ثم تضيف: “عبدالله جول يحذر أردوغان من هذه السياسة وينصحه بالرجوع عنها”.

ولعل الاشتباك الكلامي الحاصل بين واشنطن وتركيا على خلفية تصريحات أردوغان “المهينة” كما وصفتها الخارجية الأميركية، يؤشر إلى حد كبير لعمق الأزمة التي يفتعلها أردوغان دفاعاً عن “الإخوان المسلمين”، ليس مع مصر والولايات المتحدة، بل مع السعودية التي بدأ إعلامها بشن الحملات على تركيا التي تعتمد على العلاقات التجارية والاقتصادية مع دول الخليج، والتي تقول المصادر التركية إن أردوغان “يخيفها” بتصريحاته وتصرفاته، معتبرة أن ثمة حاجة لتطمين هؤلاء، فيما تصر المصادر القريبة من أردوغان إلى أنه يدافع عن تركيا، وأنه يسعى لعدم نقل الشرارة إلى الداخل التركي وتشجيع الجيش على التحرك مجدداً في البلاد.