سوريا وتحويل التهديد إلى فرصة

[rtl]انشغل الكثير من السياسيين والمحللين في مناقشة احتمال وقوع العدوان الاستعماري على سوريا وركز بعضهم على دحض الذرائع الأميركية المتصلة بالسلاح الكيماوي وعلى أهمية تلك المناقشات لكن الأهم في واجبات أي سياسي وإعلامي في هذه اللحظة هو المساهمة في البناء السياسي والمعنوي لإرادة المقاومة وتعزيز الثقة بالنصر بالقراءة العلمية والموضوعية لإمكانات الصمود والمجابهة .[/rtl]

[rtl]أولا ينبغي التصرف على أساس أن العدوان الاستعماري على سوريا مرجح الوقوع حتى لو قاد تحليل توازنات القوى وتداعيات العدوان في حال وقوعه إلى اعتباره حماقة على المديين المتوسط والأبعد لأنه من الواضح ان الإمبراطورية الأميركية تستشعر ان حربها على سوريا ذاهبة إلى هزيمة مبرمة تنذر بتقويض نفوذ الولايات المتحدة في الشرق وهذا ما سيعني اختناقا تاما للكيان الصهيوني بتعاظم منظومة المقاومة نتيجة الانتصار السوري المرتقب.[/rtl]

[rtl]يكفي ان يكون الاعتراف بانتصار الرئيس المقاوم بشار الأسد والدولة الوطنية السورية مرادفا لمبدأ قبول صيغة جنيف 2 في الوقت الراهن لتبذل الولايات المتحدة المستحيل وتوظف أقصى جهودها في اختبار فرص زحزحة التوازنات وهو ما اخفقت به منذ جنيف 1 قبل اكثر من سنة ولم تفلح في تحقيقه وقد دحرج الفشل في العدوان على سوريا قادة كبارا في الولايات المتحدة أبرزهم كلينتون وبيترايوس وبانيتا وأطاح بالعديد من حلفاء اميركا من قطر إلى القاهرة مرورا بمأزق أردوغان وجاء مؤخرا الفشل المدوي لخطة بندر فاضطر الأميركي البشع للتحرك على مسرح العمليات مباشرة.[/rtl]

[rtl]واقع الميدان السوري يخالف التوقعات الأميركية والخطط الأطلسية منذ سنتين والعصابات تندحر في المعارك لأن الشعب السوري يزيد من التحامه بالدولة والجيش ولأن زعامة الأسد تتعزز بدلا من ان تتراجع باعتراف اميركي صريح خلافا لما راهن عليه المخططون رغم كل ما بذلوه من مال ومن حملات عسكرية وإعلامية وسياسية ، إن مجرد التفكير بضربات عسكرية أطلسية لسوريا هو إعتراف حاسم بعجز منظومة العدوان عن تحقيق أي من أهدافها حتى بتعديل التوازنات نسبيا تمهيدا للتفاوض.[/rtl]

[rtl]لقد اختار بيترايوس خطة الحرب بواسطة التكفيريين والمرتزقة لأن تقدير المؤسسة الأميركية الحاكمة بعناصره الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية قاد إلى الاستنتاج بأن الغزوات العسكرية محفوفة بمخاطر كبرى على المصالح الغربية وعلى إسرائيل بالدرجة الأولى وفقا لما كتبه كيسنجر قبل سنتين وبالتالي فاللجوء بعد عامين ونصف لخيار معروف العواقب يدل على شدة المأزق الذي يعيشه حلف العدوان وقيادته الاستعمارية .[/rtl]

[rtl]ثانيا سقطت جميع أقنعة الحرب المستمرة على سوريا وظهرت على حقيقتها بوصفها عدوانا اجنبيا يستعمل عملاء ومرتزقة في واجهته السياسية وادواته الميدانية وبعد تساقط وفشل تلك الأدوات خرجت جيوش الاستعمار و الصهيونية والرجعية العربية إلى الحرب مباشرة ضد سوريا .[/rtl]

[rtl]هذه فرصة لرفع مستوى التعبئة والحشد تحت شعار الدفاع عن الوطن ضد العدوان ورص صفوف الشعب والجيش تحت الراية الوطنية السورية وعزل العملاء الذين تآمروا على بلادهم مع الأجنبي واعتبارها الساعة الحاسمة للفرز النهائي بين الوطنيين والخونة على أساس خيار المقاومة والدفاع عن استقلال سوريا ضد المعتدين .[/rtl]

[rtl]هي فرصة أيضا لتكييف كل وجوه الحياة السورية مع مستلزمات المقاومة الشعبية ومباشرة تطبيق خطط العمل السياسي والميداني والاقتصادي والإداري المناسبة للحرب الشعبية طويلة الأمد والتحضير لانطلاق المقاومة في الجولان في سياق التصدي للعدوان الاستعماري وليست سوريا الدولة الوحيدة التي تصدى شعبها المقاوم لعدوان خارجي ولعصابات عميلة للعدو في الوقت عينه فهذا حصل في فييتنام وغيرها من دول العالم التي تعرضت للغزو والعدوان الأجنبي وهذا ما حصل أيضا في لبنان وربما هو مستمر حتى الساعة في الواقع اللبناني فالمقاومة تجابه العدو وتراكم قوتها في التصدي له والتحسب لعدوانه بينما تتصدى لقوى عميلة في الداخل تتربص بالمقاومين والفكرة المحورية التي ينبغي حسمها هي ان حرب الشعب تنتصر بالاستنزاف الطويل لقوى العدو الذي يسعى لحسم الأمور بضربات خاطفة ويخشى تداعيات الصراع طويل الأمد .[/rtl]

[rtl]ثالثا في حساب التوازنات تمتلك سوريا قدرات دفاعية رادعة لا يستهان بها وهي قادرة على امتلاك زمام المبادرة من خلال التصدي للعدوان بحريا كان أم جويا والرد بقصف أهداف استراتيجية في قلب الكيان الصهويني هو من الخيارات البديهية ومن الأكيد أن القيادة السورية لديها خططها في هذا المجال وليست سوريا في حاجة لمن يقاتل بالنيابة عنها لكن الواجب القومي يفترض بكل الشرفاء العرب حيث وجدوا ان يقاتلوا معها ضد العدوان الاستعماري في كل الساحات والمواقع من لبنان إلى اليمن إلى الأردن والعراق فمصر وفلسطين المحتلة.[/rtl]

[rtl]إنها فرصة للفرز أيضا في الصفوف العربية بين العملاء والوطنيين بين المتخاذلين والمقاومين والمطلوب هو تسليط الضوء على العدوان الاستعماري دون اعتبار للذرائع الغربية والأميركية فهو عدوان لحساب إسرائيل أولا وأخيرا أيا كانت التغطيات السياسية والإعلامية التي فبركها المعتدون وهو عدوان معلن ضد منظومة المقاومة التي ستواجه اختبارا لكيفية تصرفها وتحركها كفريق واحد في مجابهة عدوان متعدد الجبهات والمستويات .[/rtl]

[rtl]سوريا قادرة على الانتصار في حرب المقاومة الشعبية طويلة الأمد وسوريا قادرة على كتابة صفحة جديدة في تاريخ العالم فهي التي مرغت انوف المستعمرين في الوحل غير مرة منذ العام 2000 باندحار إسرائيل عن أرض لبنان دون قيد اوشرط وكل انتصار للمقاومة في المنطقة كان هزيمة لأميركا وإسرائيل والغرب الاستعماري وللرجعيين العرب ممهور بتوقيع سوري نافر وضعه القائد بشار الأسد الذي يقدم له هذا الظرف التاريخي العصيب فرصة ان يكون المارد العربي والزعيم المقاوم الذي يدحر الغزاة كما فعل جمال عبد الناصر في مجابهة العدوان الثلاثي ومن خلفه كل مقاوم عربي حر من المحيط إلى الخليج ويكفي هذا القائد الكبير ومعه الشعب العربي السوري فخرا ان صمود سوريا غير الكثير في العالم والمنطقة وقد تسنى لها أن تهدي حلفاءها الكثير من ثمار صمودها قبل ان يتسنى لها إعلان انتصارها.[/rtl]