اوهام الرهان على الكونغرس هل هي خط الدفاع عن دمشق

لا اوهام في طهران ولا احلام في دمشق، الرهان هو على القوة الذاتية للطرفان، وعلى حليفين، مطلوب من الاول ان يلقن الاسرائيليين درسا من على الاراضي السورية، ومطلوب من الثاني ان يقدم ما تحتاجه المعركة من اسلحة وتكنولوجية مراقبة فضائية وقدرات استطلاع وانذار مسبق، وكفى المؤمنين شر القتال.
بصريح العبارة، ما يوقف الحرب ليس الكونغرس، بل ما ظهر وما سيظهر من استعداد سوري للقتال ضد الجبهة الرخوة للأميركيين- اي اسرائيل- ضرب العمق الاسرائيلي هو الحل لوقف الحرب ان بدأت ، وإظهار الجرأة على تحويل الفعل الاميركي الى ضوء اخضر لانتقام فاعل من اسرائيل هو ما يوقف الحرب قبل ان تبدأ.
هذا ما حصل، وهذا ما جعل اوباما يتوقف عن ممارسة الدور الذي اغرقه مستشاروه فيه " دور الأزعر الذي يهدد ويفعل".
اغلب الظن ان التصويت على قرار العدوان ليس نهاية المطاف، وسقوط القرار بالتصويت مستبعد. الرهان على ضمير غائب لشلة من الاثرياء الذين يصلون الى عضوية الكونغرس وعينهم على مصلحة اسرائيل لا تترك للرهان على العقل والمنطق والعدل مكانا ، فمن المستحيل ان نطلب من فاقد الشيء ان يعطيه. الطريقة الوحيدة للتصويت "بلا" هو في رعب اسرائيلي يتحول الى عمل في الكونغرس من "ايباك" لاسقاط العدوان خوفا من الانتقام السوري الايراني الحزب اللهي من اسرائيل. وإن لم يحصل هذا الامر فالرهان بعد اقرار الكونغرس لقرار العدوان سيكون ايضا على رسائل عملية تقنع الرئيس الاميركي ان الضربة بضربة والصاروخ بصاروخ وان احدا لن يرفع الراية البيضاء.
ما ظهر من نقاشات في الكونغرس تؤكد من نعرفه، قلة من الاعضاء تملك اهتماما حقيقيا بالضمير والانسانية والسلام حين يكون المفعول به غير اميركي وبعيد عن اسرائيل فكيف والحديث عن اعدائها. اذا فالرهان على رفض الكونغرس الاميركي للعدوان على سورية ساقط بحسب ما شاهدته حتى الان من كلمات الاعضاء الذين استجوبوا وزيري الخارجية والدفاع الاميركيين والجنرال ديمبسي.
الرجل الوحيد الذي تحدث بعدائية مطلقة ضد العدوان "سيناتور راند بول" وهو لسخرية الاقدار طبيب عيون يعالج الفقراء مجانا من كنتاكي واصغر اعضاء مجلس الشيوخ سنا(50 عاما) لم يفعل ذلك خوفا على حياة المدنيين في سورية الذين قد يتعرضون لما تعرض له العراقيين الذين جائت اميركا لتهدي اليهم الديمقراطية(بحسب ادعائها) فقتلت منهم مليونين واورثتهم فوضى و ارهابا مستمرا منذ عشر سنوات في عرض متواصل.
راند بول رفض دعم طلب اوباما اقرار هجوم عسكري على سورية تحت عنوان معاقبة الرئيس الاسد على استعماله للكيميائي، لا ينبع رفضه من انسانية تظهر في تعامله مع فقراء ولايته، ولكنه رفض لاداء الدور الوسخ باليد الاميركية، وهو طلب ان يفعل ذلك العرب او الناتو او الاتراك او الاوروبيون وحدهم وتسائل " لماذا نتدخل نحن في سورية وغيرنا لا يفعل " . راند الجمهوري طلب تعليقا من الرئيس،وهو الامر الذي رفضه سنيد الارهابيين والقاعدة جون ماكين المتحمس لاجتاح شامل لسورية ولو ادى ذلك الى ارسال جنود اميركيين الى دمشق. ما لا يقوله الرجل صراحة يصر عليه حليفه وزميله غراهام. يريدون عقابا قويا لا يؤدي الى اي رد سورية محتمل على حلفاء اميركا (اي اسرائيل حصرا).
اخرون في الكونغرس مثل السيناتور بوب كروكر يريدون ضربة ولكن بشرط ان لا يزل اي جندي اميركي فوق الاراضي السورية، وهو الامر الذي تهرب كيري من الموافقة على التعهد به، ما جعل الكثير من اعضاء لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكونغرس يعملون على اضافة مثل هذه الفقرة قبل التصويت على القرار.
وبين ميل الصقور الى ضربة وتورط شامل، ورفض اخرين اعطاء موافقتهم الا بشرط محدودية الضربة، تدخل كيري ليقول : " ستكون ضربة قوية تمنع الاسد من استخدام الكيميائي مستقبلا، وستجعل من قوته الحالية امرا من الماضي بما لا يجعلنا نضطر للتورط في الحرب الاهلية في سورية" قوله يرضي الطرفين ...الصقور والحمائم، وكلاهما ليس باحثا عن حقيقة من استعمل الكيميائي ولا اي منهم يسأل عن واقع ان القوة الحقيقية التي تقاتل الجيش السوري هي القاعدة والتكفيريين من حاملي فكرها،
والنقاش لا يدور حول امكانية رفض القرار بل حول المدى الذي سيصل اليه العدوان، الصقور الصهاينة مثل ماكين وليندسي غراهام(اطلق عليه ابوه هذا الاسم تيمنا باحد بمؤلف سلسلة " لفت بهايند " الخيالية الشهيرة التي تعتبر انجيلا ثانيا للمسيحيين الصهاينة والكاتب والكتاب من اهم العوامل في انتشار فكر العودة الثانية للمسيح في تاريخ الكنائس "الصهيونية المسيحية")
اما الجنرال ديمبسي (رئيس الهيئة المشتركة للأركان الاميركية) و المعروف عنه رفضه للتدخل العسكري بعد ورطة العراق (هزمت اميركا صدام ولكنها لم تحقق نصرا كاملا ولا جزئي الا ان كانت الفوضى وترك ثلاثة ارباع القرار السياسي العرقي بيد ايران انتصارا) بدا متحمسا ايضا لتوجيه عدوان يقضي على الفاعلية العسكرية للحكومة السورية ، وهو رد على سؤال لاحد اعضاء الكونغرس مبديا الخوف من ضياع المصداقية الاميركية ان تهاجم قواته سورية قال:
"عدم توجيهنا لضربة لقوات الرئيس الاسد هو المشكلة وليس الضربة".
الروس هم الشغل الشاغل للكونغرس وسأل احد الاعضاء الجنرال ديمبسي:
" هل تعتقد ان الروس سينتقمون من قواتك اذا ضربت قوات الاسد"
فرد ديبمسي: " لدى الروس قوة فاعلة في المتوسط وانا لست قلقا من وجودهم مع انهم بالفعل تعهدوا للسوريين بتزويدهم بالتعويض عن اي سلاح يخسرونه خلال هجومنا عليهم...هل سيتحرون عسكريا ضدنا؟ ليس هذا ما يقلقني بل ان لا نتحرك ضد الاسد هو ما يقلقني لاننا لن نكون قادرين على تحمل الوضع الذي سينشئ عن ذلك"
كيري كان يخوض في الكونغرس معركة شخصية، يبدو بأن احدا لا يصدق ما يقوله عن الادلة السرية التي يملكها والتي طالبه بها اعضاء لاسكات المعترضين دوليا (الروس والمانيا) فقال:
" لا يمكن كشف الادلة السرية"
ذكره السيناتور الذي كان يستجوبه بالكذب عن العراق فاجاب:
" السوريون والايرانيون هم من اكدوا ان السلاح الكيميائي جرى استخدامه لذا ارى انه من غير المنطقي ان نشكك نحن فيما اقرّ به خصومنا"
وختم قائلا:
" ما قالوه هو ان المعارضة استعملت السلاح الكيميائي وهذا غير منطقي ولا يصدق" سأله السيناتور عن" الحكمة من التصرف بسرعة بدل انتظار نتائج فحوصات الامم المتحدة" فقال:
" لن يخبرونا ما لا نعرف " ....موقف ديمبسي والايجابية التي ابداها غالبية الاعضاء الذين تحدثوا اليوم توحي بأننا ذاهبون الى اقرار بالتصويت.
القرار بالموافقة على عدوان ضد سورية لا يعني الحرب الحتمية، بل يعني امر من امرين:
إما يؤدي الى ضغوط اكبر من اصحاب مصلحة في قيام حرب جديدة تخوضها اميركا برجالها وسلاحها فتدر عليهم اموالا لا تحصى يساندهم في ذلك قوى ضغط ومستشارون يرون في الحرب السورية فرصة لا تعوض لتغيير وجه المنطقة الى الابد ، وإما ان يعتبر ان الكونغرس فوضه ولكنه لا يستطيع ان يتحمل مسؤولية تدمير شامل بعض المدن الاسرائيلية واغلاقا لمضيق هرمز وقتلى بالالاف وتورطا طويل الامد عليه ولقواته وللاسرائيليين وتدميرا لاهم منشئات تسييل للغاز في العالم وتحميل للبترول في السعودية.
اوباما قبل الكونغرس وبعده، بحاجة للتصديق بأن صاروخ سجيل الايراني وصواريخ تشرين السورية ليست للصحافيين ليكتبوا عنها، بل جاهزة للأستعمال بما لا يحتمل خسائر ستنتج عن استعمال المئات منهم حتى الدولة الاعظم التي عرفها العالم يوما في تاريخه.

صاروخ سجيل الايراني وصواريخ تشرين السورية ليست للصحافيين ليكتبوا عنها، بل جاهزة للأستعمال بما لا يحتمل خسائر ستنتج عن استعمال المئات منهم حتى الدولة الاعظم التي عرفها العالم يوما في تاريخه.


اتمنى ذلك من كل قلبي