قرار العدوان على سورية عمره 13 عاماً

ليس هناك أمهر من الأميركيين في قوننة الكذب. لجان استماع وكاميرات تلفزيون أميركية وعالمية مع مراسلين ومحللين باللغات كافة وأسئلة معدّة سلفاً عن مصلحة أميركا في «الحرب» التي سوف «يشرعنها» مجلس الشيوخ الأميركي على سورية وكيفية الحفاظ على أرواح السوريين بقتل أكبر عدد منهم وتدمير قوتهم العسكرية ومدنهم واقتصادهم الذي بنوه بسواعدهم وعرق جبينهم على مدى خمسة وسبعين عاماً.
القرار بالعدوان على سورية ليس وليد اللحظة بعد تمثيلية السلاح الكيميائي في ريف دمشق. قرار ضرب سورية اتخذ عام 2000 يوم اندحرت قوات الإحتلال «الإسرائيلي» في جنوب لبنان على أيدي المقاومة اللبنانية وبدعم من الرئيس حافظ الأسد. وتعزّز القرار بتأديب سورية بعد غزو العراق عام 2003 يوم رفضت سورية العدوان الأميركيّ على العراق الذي كان للمصادفة الغريبة الجديدة على الأعراب بتهمة استخدام السلاح الكيماوي ضدّ الشعب العراقي ولم يكن سوى أكذوبة فبركتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية آنذاك وتلاها كولن باول وزير الخارجية الأميركيّ أمام مجلس الأمن الدولي بمساندة من فرنسا وبريطانيا والسعودية والكويت وقطر وهم أنفسهم أعداء سورية اليوم. يا للمصادفة! واستكمل قرار معاقبة سورية بعيد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري واتهام سورية وحزب الله بالاغتيال وما تبعه من حروب إعلامية وسياسية وتحريض مذهبي كانت معدّة سلفاً وشاركت فيها مؤسسات إعلامية لبنانية وعربية وعالميةً.
قرار تدمير سورية اتخذ عام 2006 بعدما وقف الرئيس بشار الأسد وقفة العزّ إلى جانب المقاومة في لبنان التي دحرت الغزاة وأذلّتهم ودمّرت أسطورة جيشهم الذي «لا يقهر» في بنت جبيل ومارون الراس وسهل الخيام.
المؤامرة على سورية تتابعت مع بدء ما يسمّى بـ»الربيع العربي» الذي «خرًٍف» قبل أن يبدأ في تونس وليبيا ومصر واليمن والذي تحوّل حرباً شبه كونية على سورية بعد فشل التظاهرات السلمية «المسلحة» رغم الإصلاحات الكبيرة التي أقرّتها الحكومة السورية في العام الأول للحوادث. كل ما تبغيه قوى الشر وتريده وتعمل له ضدّ سورية هو إسقاط النظام وتدمير جيشها «حماة الديار» وسلاحه المتطوّر وعقيدته القومية التي تؤمن بأنّ فلسطين هي البوصلة وأنّ «إسرائيل» هي العدوّ.
باسم الدين استقدموا أعتى إرهابيّي الدنيا وتكفيرييها من «قاعديين» وجبهة «نصرة» ومن سجون أبو غريب بعد تهريبهم وغوانتانامو بعد عقد صفقات معهم واستنبطت فتوى حصرية لهم في سورية إسمها «جهاد النكاح» كعيّنة عن حور العين التي ينتظرونها على أحرّ من الجمر في الجنة الموعودة.
قرار الحرب على سورية اتخذ بعدما أيقن ما تبقى من أعراب بني قريظة وقينقاع والمصطلق وحليفتهم «إسرائيل» وراعيهم الأميركيّ أن سورية عصية عليهم فتقرّر أن يتولّى الأصيل الحرب بعدما فشل الوكلاء الأعراب الذين لا يعرفون إلاّ التبعية والطاعة للعيون الزرق رغم أن الرئيس أوباما ليس أزرق العينين لكنه أزرق العينين في القلب والشعور ويسمونه بين الملوّنين في أميركا «أنكل توم».
تبق ثمة ضرورة مجلس الأمن. يكفي أن يزعم جون كيري وزير الخارجية الأميركيّ إن الرئيس السوري بشار الأسد أمر باستخدم «الكيماوي» لكي تصدر الإدانة مباشرة من واشنطن ويصفّق له أعراب الخليج مهلّلين منادين بوجوب معاقبة سورية. أضحى مجلس الشيوخ الأميركي مجلس الأمن الدولي وأصبح باراك أوباما رئيساً لمجلس أمن يتشكّل من شيوخ أميركا يحاكم الأمم والشعوب بأدلّة سرية يرفض عرضها على المجتمع الدولي الذي يدّعي أوباما التحدث بإسمه فيصدر الإدانة والحكم والعقوبة من دون أدلة ومن دون شهود ودونما حاجة حتى إلى سماع أقوال المتهم.
إلى «الأعراب الأشد كذباً ونفاقا» الذين يتآمرون على سورية أقول أن جائزتكم ستكون ثلاثين من الذهب المسروق من خزائن شعوبكم ثمن خيانتكم لسورية يا أخوة يوسف القرضاوي المرتدّ الأول.
عليكم ينطبق قول الرئيس الراحل حافظ الأسد في وصف «إخوانكم المسلمين»: «هذا ما يفعله المجرمون من الإخوان المسلمين يمدّون يدهم إلى الأجنبي مباشرة... ويأخذون السلاح ليغتالوا هذا الوطن ليقتلوا هذا الوطن ليُضعفوا هذا الوطن في وقت تقفون فيه وحدكم في مواجهة أشرس عدو وأشرس عدوان. ولمشايخ الردّة الذين يقفون على منابر المساجد يوم الجمعة يهتفون ضد سورية ويدعون الأميركان إلى ضرب جيشها وقصف مدنها واحتلالها حيث يرقد صلاح الدين الأيوبي وخالد إبن الوليد ويوسف العظمة أقول: ماذا ستفعلون بأدعيتكم التي كنتم تشنّفون آذاننا بها عند كل صلاة جمعة وأنتم تلعنون الأميركان واليهود ومن والاهم وعاهدهم وحالفهم لعناً كبيراً وأن يجعل كيدهم في نحرهم. هل ستبتهلون أمام الله العادل بأن ينصر الأميركان ومن والاهم أو أن ينصر سورية ومن والاها. هل ستكون أدعيتكم بأن يجعل الله قنابلهم على سورية حارقة ساحقة ماحقة ويجعل سورية عبرة للمعتبرين أم برداً وسلاماً على جيش سورية وشعبها الذي يدافع عن كرامة الأمة ووجودها ومستقبل أبنائكم وحريتهم وأن تكون قنابل السوريين وصواريخهم طيوراً أبابيل على الأميركان وأعوانهم ترميهم بحجارة من سجيل.
ولسمير جعجع المبشّر الأول بديمقراطية «حكم الإخوان» أقول لقد فاتك أن تستقبل «إخوتك» في جبهة «النصرة» و»القاعدة» وهم ينهبون ويدمرون ويحرقون كنائس «معلولا» أقدم مدينة مسيحية بعد القدس الشريف والتي لا يزال أهلها يتحدثون الآرامية لغة السيد المسيح في شوارعها وكنائسها. كنت أتمنى لو كنت هناك لعرفت باليقين إلى أي نوع من الهمج ينتمي هؤلاء الذين تتمنى لهم النصر في سورية يا «ملك الديمقراطية» بلا منازع.
سورية تخوض معركة المصير القومي. تخوض حرب الوجود في أن نكون أو لا نكون. سورية ستهزم أوباما حامل نوبل للسلام وبوارجه وصواريخه وأموال أعرابه الملوّثة بدماء مسلمي سورية ومسيحييها. سينتصر السوريون وهم يردّدون مع أنطون سعاده إنهم «ملاقون أعظم انتصار لأعظم صبر في التاريخ» وأن نفوسهم ستفرض حقيقتها على هذا الوجود.