اغتيالات وتصفيات داخل المعارضة السورية المسلحة قبل الذهاب إلى المفاوضات

تشهد “الجبهة الداخلية” للمسلحين في سورية انهيارات حقيقية في أكثر من منطقة في مواجهة الجيش السوري المتقدم في أكثر من جبهة، لكن الانهيارات الحقيقية تأتيها من الداخل، مع تزايد نفوذ الحركات التكفيرية وتضعضع قوة المسلحين الآخرين الذين يحسون بآمالهم تتلاشى بسقوط النظام، ويحاولون تأمين مغادرتهم سورية سواء بجمع ما أمكن من أموال أو التواصل مع الجهات الحكومية لتأمين مخارج قانونية لأوضاعهم.
وتقول التقارير الواردة من الداخل السوري، إن حرب تصفيات حقيقية تجري في صفوف المسلحين، قد ينجم عنها في الأيام المقبلة سقوط العديد من “الأسماء الكبيرة” نتيجة هذه التصفيات، وتوضح مصادر سورية معارضة أن “فرق القتل” تتحرك بكثافة في الأراضي التي يسيطر عليها المسلحون، حيث تم اغتيال العديد من القادة الميدانيين، لكن واحداً من أبرز الأسماء المرشحة حالياً هو العقيد المنشق رياض الأسعد الذي كان أول من أنشأ تسمية “الجيش الحر” الذي اعتمدته العديد من المجموعات المسلحة غطاء رسمياً لها في السنوات الماضية، قبل أن يزول هذا الغطاء شيئاً فشيئاً لصالح تسميات جديدة منها “هيئة الأركان” المدعومة سعودياً والتي تحاول أن تثبت أقدامها حالياً في الأرض السورية كبديل للحركات التكفيرية، أو كند لها، على الأقل.
وكان رياض الأسعد قد تعرض لمحاولة اغتيال في العام الماضي، لم يتهم بها النظام، أدت إلى بتر أحد قدميه، لكنه عاد للنشاط مؤخراً بما يزعج العميد المنشق سليم إدريس، قائد “الأركان”، قد وجهت زوجة الأسعد رسالة إلى “كتائب الجيش الحر والائتلاف”، معلنة عن اختفاء زوجها منذ 10 أيام، وقالت في بيان تداولته بعض مواقع “معارضة داخل المعارضة السورية” إنه “تمّ اختطاف العقيد رياض الأسعد بمؤامرة من اللواء سليم ادريس وعقاب صقر، حيث تم استدعاؤه من قبل أحد الأشخاص إلى مكان ما في تركيا ومنذ عشرة أيام لا تعلم عنه عائلته أي شيء”، وحمل البيان “السلطات التركية المسؤوليّة الكاملة عن سلامته”.
أما الخبر الثاني، فهو ما تم تداوله عن مقتل عبد القادر صالح؛ قائد لواء التوحيد، المعروف في الداخل السوري بلواء “التصوير” لكثرة ما ينشره من فيديوهات تتبنى عمليات يقوم بها التكفيريون، صالح الذي أوقف ذات مرة من قبل “جبهة النصرة” أثناء تبنيه إحدى عملياتها، قتل وفق الرواية الرسمية لجماعة “الإخوان” بصاروخ طائرة سورية نظامية، غير أن معارضين من الداخل يؤكدون أن “الرواية غير صحيحة”، معتبرين أن في الأمر محاولة لتصويره على أنه “شهيد” فيما أن ما حصل في الواقع هو عملية اغتيال أو تصفية داخلية، ويشدد هؤلاء على أن مقتل صالح لم يكن على يد الجماعات التكفيرية، بل علي يد مجموعات أخرى يرفضون تسميتها، في إشارة غير مباشرة إلى عمليات “ترتيب الوضع الداخلي”، وتقول معلومات المعارضين إن الاغتيال تم برصاصة في الرأس من الخلف، بما يشبه عملية التصفية بدم بارد لا عملية القتل والفرار.
وبانتظار جلاء الصورة الحقيقة للمشهد في الداخل السوري الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة، تقول أوساط معارضة إن تغييراً كبيراً ستشهده الساحة في الفترة المقبلة لإنتاج قيادة موحدة، على ما يأمل به رعاة هيئة الأركان، حيث يراد لهذه الهيئة أن تكون الناطق الوحيد باسم المسلحين للحصول على ما أمكن من المكاسب السياسية في أي عملية تسوية ممكنة.