منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي


منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تجارب التاريخ تُثبت أنّه لا يمكن الاعتماد على أمريكا

اذهب الى الأسفل

تجارب التاريخ تُثبت أنّه لا يمكن الاعتماد على أمريكا Empty تجارب التاريخ تُثبت أنّه لا يمكن الاعتماد على أمريكا

مُساهمة من طرف السهم الناري السبت ديسمبر 07, 2013 11:35 pm



سيد مهدي نوراني
بالعودة إلى التاريخ، سرعان ما نكتشف أنّ للأمريكيّين دأباً وعادةً لا يحيدون عنها، فهم دأبوا على نكث عهودهم ومواثيقهم، وعادتهم جارية ومستمرّة على عدم الوفاء بالوعود التي يقطعونها.


كما نكتشف أيضاً، أنّ كلّ دولةٍ، وكلّ بلدٍ، وكلّ قيادة، وبالخصوص: القادة والمسؤولين والرؤساء في البلاد الإسلاميّة والعربيّة، ممّن تهالكوا على أعتاب الإدارة الأمريكيّة، يخطبون ودّها، ويسعون ـ بكلّ قوّتهم ـ إلى إرضائها عنهم، هؤلاء، عاجلاً أم آجلاً، رأوا بأمّ أعينهم انهيار منظومة الأمن الداخليّ وسقوط النظام السياسيّ في دولهم وبلدانهم.
ولنا خير عبرةٍ ودليل على ذلك في النتيجة التي آل إليها الأمر في ليبيا، التي أبرمت اتّفاقاً مع الولايات المتّحدة الأمريكيّة لتسليم الأمريكيّين ملفّ البرنامج النوويّ، بجميع تفاصيله، وكذلك ما حصل في كوريا الشماليّة، وفي العراق، وفي مصر، و.. والقائمة تطول.. ألا يكفي ذلك كلّه لإثبات أنّه لا يمكن الاعتماد على الإدارة الأمريكيّة، ولا يمكن الوثوق بها؟!

ليبيا
ليبيا وبرنامجها النوويّ في عهد معمّر القذّافي كانت خير عبرةٍ لكلّ من يعتبر حول نكث الأمريكيّين بالعهود وعدم إمكان الاعتماد على أمريكا. القذّافي وبسبب الإصرار على المضيّ في البرنامج النوويّ وقع تحت ضغوطاتٍ دبلوماسيّة عدّة، وبسبب ذلك، عمدت الإدارة الأمريكيّة ومعها حلفاؤها الغربيّون إلى فرض سلسلةٍ كبيرةٍ من العقوبات على ليبيا والشعب اللّيبيّ.
ووجد اللّيبيّون أنفسهم محاصرين، من جهةٍ: بهذا السيل العقوبات الشديدة والصارمة، ومن جهةٍ أُخرى: بالضغوطات السياسيّة والدبلوماسيّة، حتّى أدّى الأمر إلى وضع اسم ليبيا على قائمة الدول الداعمة للأعمال الأرهابيّة!!
وقد دأبت الطائرات وسلاح الجوّ الأمريكيّ في فتراتٍ عدّة على انتهاك السيادة والأجواء اللّيبيّة، وكانت تبرّر ذلك بتبريراتٍ مختلفة، مع أنّها ـ على الأرجح ـ كانت ترمي إلى استهداف الأماكن التي كان يتواجد فيها القذّافي واغتياله بواحدةٍ من حملاتها الجوّيّة.
ومنذ عام ١٩٧٩، وهو العام الذي بدأت فيه الضغوطات على اللّيبيّين، وحتّى عام ٢٠٠١، وهو العام الذي أُعلن فيه عن بدء المفاوضات ـ بشكلٍ رسميّ ـ بين البلدين، بقيت ليبيا تواجه سيلاً كبيراً من العقوبات، التي لم تترك مجالاً من المجالات الحيويّة في البلاد إلّا وطالته.
وفي العام ٢٠٠١، بدأت أُولى الجلسات التمهيديّة للتفاوض بين ليبيا والغرب. ثمّ في العام ٢٠٠٣، وعلى أثر الحرب العدوانيّة التي شنّتها الولايات المتّحدة على العراق، اكتسبت المفاوضات اللّيبيّة ـ الغربيّة شكلاً آخر أكثر جدّيّةً.
القذّافي الذي وافق على أن يتحمّل مسؤوليّة الهجوم على الطائرات التابعة لشركة (بان أميريكان) للخطوط الجوّيّة، والتي عُرفت بـ حادثة لوكربي، قرّر أن يتكفّل بدفع التعويضات والخسائر لضحايا ذلك الهجوم، ومن جهةٍ أُخرى، أخذ القرار بالدخول في مفاوضاتٍ مع الأمريكيّين لرفع كافّة العقوبات المفروضة على ليبيا، في مقابل أن تتخلّى ليبيا ـ تماماً ـ عن حقّها المشروع في أن يكون لها برنامجها النوويّ السلميّ.
وبالرغم من كلّ الشروط والمطالب التي اشترطتها الإدارة الأمريكيّة في ذلك الوقت، إلّا أنّ القذّافي وافق عليها بأسرها. مع العلم بأنّه كان من بين تلك المطالب الأمريكيّة: أن تبادر ليبيا إلى تخريب منشآتها النوويّة ونقلها خارج الأراضي اللّيبيّة إلى بلدٍ آخر تحدّده أمريكا بنفسها، والسماح بشكلٍ مطلق وغير محدود بوصول المفتّشين الدوليّين التابعين للوكالة الدوليّة للطاقة الذرّيّة، والكفّ ـ في الوقت عينه ـ عن كافّة نشاطاتها النوويّة، تخصيباً وإنتاجاً وتصنيعاً.
ليبيا التي كانت قد وُضعت تحت ضغوطاتٍ دوليّة هائلة على خلفيّة برنامجها النوويّ، وجدت نفسها في نهاية المطاف مرغمةً حتّى على أن تقدّم للأطراف الغربيّين معلوماتٍ بشأن كيفيّة حصولها على التجهيزات المتعلّقة بمنشآتها للطاقة النوويّة، كما وبادرت ليبيا من جانبها على الإعلان عن استعدادها التامّ للتعاون مع الولايات المتّحدة الأمريكيّة في القضاء على الإرهاب فوق أراضيها والمتمثّل في تنظيم القاعدة ومقاتليه.
وبعد تلبية كافّة المطالب والشروط الأمريكيّة، استطاعت ليبيا أن تشهد على إلغاء عددٍ من العقوبات المفروضة عليها، لكن ـ وفي الوقت عينه ـ تقدّم رئيس وكالة الاستخبارات المركزيّة الأمريكيّة (سي اي ايه) من مجلس الكونجرس الأمريكيّ، وسفير الولايات المتّحدة لدى الكيان الصهيونيّ، تقدّما من مجلس الأمن باحتجاجٍ شديد اللّهجة اعترضا فيه على المساعي الرامية إلى رفع العقوبات عن ليبيا، متذرّعين باتّهامات عديدة وجّهاها إلى النظام اللّيبي.
وفي العام ٢٠٠٤، أي: بعد مضيّ عامٍ واحد على هذا التقارب اللّيبيّ ـ الأمريكيّ، وقّعت ليبيا على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوويّة، وشرّعت أبوابها في وجه المفتّشين الأمريكيّين والإنجليز لدخول أراضيها وتدمير ما تمتلكه ليبيا من المنشآت والعتاد والأسلحة.
واستناداً إلى المعلومات التي تحدّثت عنها المصادر اللّيبيّة في ذلك الزمان، انكشف للجميع أنّ هذه الزيارات المتكرّرة، دخولاً إلى البلاد وخروجاً منها، والتي جاءت ـ بدورها ـ كجزءٍ أساسيّ في تحديد وصياغة شكل العلاقات اللّيبيّة مع دول العالم ومع المؤسّسات والهيئات الدوليّة، انكشف أنّ هذه الزيارات كانت تحمل معها الكثير من التسريبات والمعلومات التي تصنّفها ليبيا على أنّها معلومات على درجةٍ كبيرة من الأهمّيّة والسرّيّة، وهي تتضمّن معلومات تفصيليّة حول البنى التحتيّة في ليبيا وحول ما في هذا البلد من النقاط الاستراتيجيّة والحسّاسة.
وفي المقابل، وقّعت بريطانيا في العام ٢٠٠٦ اتّفاقيّة عسكريّة أمنيّة مع ليبيا عُرفت باسم (الرسالة المشتركة بشأن السلام والأمن بين البلدين)، وبموجب هذه الاتّفاقيّة، يتوجّب على بريطانيا أن تبادر إلى تقديم الدعم والحماية لليبيا على تقدير تعرّضها لأيّ هجوم خارجيّ.
ومن جانبهم، عمد الأمريكيّون ـ بهدف إثبات حسن نواياهم ـ إلى توقيع مذكّرات تفاهم وتعاون اقتصاديّ ـ وبالتأكيد: تعاون نفطيّ ـ مع ليبيا.
ولكن، كالعادة، وقبل أن تصل هذه الاتّفاقيّات والمذكّرات إلى مرحلة الإجراء والتنفيذ الكامل على الأرض، بدأت انتهاكات الغرب وخروقاتهم لعهودهم ومواثيقهم.
ولم تنقضِ خمس سنوات على توقيع هذه الاتّفاقيّات، حتّى سارعت الولايات المتّحدة الأمريكيّة مع حليفتها الدائمة بريطانيا، إلى قصف الأراضي اللّيبيّة وشنّ حملاتٍ جوّيّة عليها تحت ذريعة ارتفاع الأصوات المعارضة ضدّ النظام في ليبيا! بريطانيا التي كانت في وقتٍ من الأوقات قد تعهّدت بالدفاع عن ليبيا في صورة شنّ أيّ هجوم عسكريٍّ عليها من أيّ بلدٍ آخر شاركت بنفسها في هذا الهجوم على ليبيا، وكان لها حضور مباشر تحت غطاء: قوى الائتلاف، أو قوى الناتو. بل في ذلك الوقت، كان للمسؤولين البريطانيّين موقف متقدّم، حين أعلنوا أنّه ما دامت الاضطرابات مستمرّةً ومتتابعةً في ليبيا، فإنّ القوّات البريطانيّة ستبقى موجودةً على الأراضي اللّيبيّة. واستمرّت الأحداث على هذا المنوال حتّى سقط القذّافي وخسر كلّ شيء.

كوريا الشماليّة
إنّ نظرةً سريعة إلى سير الضغوطات الدوليّة التي حاول ما يُسمّى بـ (المجتمع الدوليّ) أن يفرضها على البلدان والدول التي تسعى إلى امتلاك الطاقة النوويّة، تُظهر ـ وبوضوح ـ أنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة بعد أحداث ١١ سبتمبر في العام ٢٠٠١، عملت بقوّة على أن تستغلّ أجواء التعاطف معها (والتي كانت هي من صنعها وروّج لها!!) بعد تلك الحادثة في سبيل التشديد من الضغوطات والعقوبات الدوليّة المفروضة على عددٍ من البلدان والدول، من بينها: إيران، وكوريا الشماليّة، والعراق، وأفغانستان، وليبيا.
العدوان الأمريكيّ على أفغانستان، وتهديد بوش الابن بشنّ هجوم على بلدان أُخرى، وتصنيف الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، ومعها كوريا الشماليّة والعراق، بأنّها ” دول محور الشرّ” دفعت بدولٍ أُخرى ـ كليبيا على سبيل المثال ـ إلى التنازل والتراجع بسرعةٍ عن مواقفها التي كانت قد أصرّت عليها سابقاً، وهكذا أيضاً اهتدت كوريا الشماليّة إلى طريقة تخفّف بها عن نفسها الضغوطات والعقوبات الدوليّة التي تُفرض وتمارس عليها.
في العام ٢٠٠١، شنّت أمريكا هجوماً عسكريّاً على أفغانستان، ثمّ في العام ٢٠٠٣ عادت لتشنّ هجوماً آخر على العراق. وفي الفترة الممتدّة ما بين هذين العامين، أعلنت أمريكا العراق جزءاً من دول محور الشرّ، كما عملت على تشديد الضغوطات الدوليّة عليه.
وفي العام ٢٠٠٣ جرى إلحاق الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة بهذا التصنيف، كما جرى أيضاً تشديد حملات التفتيش المفروضة على منشآتها النوويّة.
وخلال تلك الفترة، أقدمت كوريا الشماليّة، التي كانت غاضبةً أشدّ الغضب من تصنيف بوش إيّاها ضمن دول محور الشرّ، أقدمت على إعلان خروجها وانسحابها من معاهدة حظر انتشار السلاح النوويّ. وهكذا، وبعد إخراجها للمفتّشين الدوليّين التابعين للوكالة الدوليّة للطاقة الذرّيّة من أراضيها، سارعت كوريا الشماليّة ـ من جديد ـ إلى متابعة العمل على برنامجها النوويّ بهدف إنتاج محطّة لتوليد الطاقة الكهربائيّة.
وفي الوقت نفسه، وافقت كوريا الشماليّة على الاستمرار في موقفها الإيجابيّ من المشاركة في المحادثات السداسيّة التي كانت تجريها آنذاك مع الصين واليابان وكوريا الجنوبيّة وروسيا والولايات المتّحدة. لكنّ الجولة الأُولى من تلك المحادثات، في العام ٢٠٠٣، لم تصل إلى نتيجةٍ تُذكر.
وخلال الجولتين الثانية والثالثة اللّتين انعقدتا في العام ٢٠٠٤، جرى التأكيد أيضاً على ضرورة تخلّي كوريا الشماليّة عن سلاحها، وجرى الاتّفاق على تكريس مبدأ التعايش السلميّ بين كوريا الشماليّة وبين جميع الدول الحاضرة والمشاركة في تلك المحادثات. وفي الجولة الرابعة، انتهت المحادثات المتواصلة مع كوريا الشماليّة إلى إعلان الأخيرة موافقتها على التخلّي عن المضيّ قدماً في برنامجها النوويّ وتعطيله ووضعه جانباً.
لكنّ هذه الموافقة الكوريّة كانت مشروطةً باستمرار وصول المساعدات الماليّة إليها، وتقرّر ـ في الوقت نفسه ـ أن تتعهّد القوى الكبرى بصناعة مفاعلات المياه الخفيفة لإنتاج الطاقة الكهربائيّة على أراضي كوريا الشماليّة.
وفي المرحلة الثانية من هذه المفاوضات، والتي جرى انعقادها ما بين ١٣ و ١٩ سبتمبر من العام ٢٠٠٤، توصّل الأطراف المشاركون في المحادثات إلى الاتّفاق على مبدأ “العمل في مقابل العمل”، واتُّخذ القرار بتطبيع العلاقات بين كوريا الشماليّة وبين كلٍّ من الولايات المتّحدة الأمريكيّة وكوريا الجنوبيّة واليابان.
ولكن، وفي العام ٢٠٠٥، وصل الدور إلى كوريا الشماليّة أيضاً، لتبدأ الولايات المتّحدة الأمريكيّة معها سلسلةً من الانتهاكات والنكث بالاتّفاقيّات والعهود؛ إذ أقدمت أمريكا في هذا العام عمليّاً على فرض عقوباتٍ جديدة على كوريا الشماليّة، بالرغم ممّا شهده هذا العام من محادثات نجحت ووصلت إلى خواتيمها وأفضت إلى اتّفاق نهائيّ مع الطرف الكوريّ الشماليّ.
مع العلم بأنّ سبب فشل وتعطيل المفاوضات في المرحلة الأُولى منها تمثّل في أنّ أمريكا رفضت الاعتراف بحقّ كوريا الشماليّة في امتلاك الطاقة النوويّة. كما أنّ رفض الولايات المتّحدة تأسيس مفاعلاتٍ للماء الخفيف في كوريا الشماليّة كان هو ما أفشل المحادثات في المرحلة الثانية منها.
وأمّا ما جرى خلال المرحلة الثالثة من المفاوضات، فهو أنّ كوريا الشماليّة كانت هي من أخذ القرار بتقديم التنازلات، وبتعليق وإيقاف كافّة النشاطات النوويّة التي كانت تقوم بها، وبتعطيل ما كان لديها من مفاعلات نوويّة. لكن، وبالرغم من ذلك كلّه، وتحت ذريعة “احتمال إقدام كوريا الشماليّة على القيام بعمليّة تبييض أموال”، قامت أمريكا بمصادرة ما يقارب الـ ٢٤ مليون دولار من الأصول التي تعود ملكيّتها إلى كوريا الشماليّة.
وخلال عمليّة المحادثات التي جرت في العام ٢٠٠٧، والتي تزامنت مع إجراء كوريا الشماليّة أُولى تجاربها الصاروخيّة، رفضت الولايات المتّحدة إجراء أيّ شكلٍ من أشكال الاتّفاق مع كوريا الشماليّة بشأن رفع العقوبات المفروضة عليها، ولاحقاً في ١٨ يوليو من العام نفسه رضخت كوريا الشماليّة تحت تأثير العقوبات والضغوطات الدوليّة التي تمارَس عليها، معلنةً موافقتها النهائيّة على تعطيل وإيقاف برنامجها النوويّ بشكلٍ كامل في مقابل الحصول على مساعدات اقتصاديّة وفنّيّة.
وفي هذه المدّة، قامت كوريا الشماليّة بتعليق ٨٠ بالمائة من نشاطاتها النوويّة، ولكن من دون أن يكون هناك عين ولا أثر للمساعدات الفنّيّة والاقتصاديّة التي كانت قد تلقّت وعداً بالحصول عليها من قِبَل الولايات المتّحدة الأمريكيّة، إلى أن أعلنت كوريا الشماليّة مؤخّراً، في العام ٢٠٠٩، عن خروجها وانسحابها من المفاوضات السداسيّة، وقامت بعد ذلك ـ وللمرّة الثانية ـ بطرد وإخراج المفتّشين الدوليّين التابعين للوكالة الدوليّة للطاقة الذرّيّة من أراضيها.

العراق
بالرغم من أنّ العدوان الهجوميّ الذي شنّه صدّام حسين على إيران في العام ١٩٨٠ كان بحمايةٍ وتغطيةٍ كاملين من قبل الدول الغربيّة، وبالرغم من أنّ أمريكا وسائر الدول الأوروبّية لم تتأخّر، ولو لحظةً واحدة، عن تقديم الدعم لهذا الهجوم وعدم ترك نظام صدّام وحده في مواجهة الجمهوريّة الإسلاميّة، وذلك من خلال إرسالها مختلف أنواع السلاح والأعتدة الحربيّة، فضلاً عن سائر المساعدات والتجهيزات اللّوجستيّة والمادّيّة، بالرغم من ذلك كلّه، إلّا أنّ بدء الحرب الأُولى في الخليج الفارسيّ، المتمثّلة في هجوم العراق على الكويت، والتي كانت في ذلك الوقت قاعدةً ومقرّاً للقوّات العسكريّة الأمريكيّة، وإحدى أهمّ النقاط والمراكز الاستراتيجيّة الأمريكيّة في منطقة الخليج الفارسيّ، هذا الهجوم أدّى إلى تدهور العلاقات الأمريكيّة ـ العراقيّة، وأفضى ذلك ـ بالتالي ـ إلى إقدام منظّمة الأمم المتّحدة على فرض عقوبات مشدّدة على هذا البلد.
وبطبيعة الحال، قبل هذا الهجوم، لم نجد أحداً من الدول الغربيّة ـ ومن بينها الولايات المتّحدة الأمريكيّة ـ يستنكر على العراق استخدامه للأسلحة الكيميائيّة ضدّ إيران، بل في الحقيقة، إنّ العراق لم يدخل في حيّز العقوبات والضغوطات الدوليّة المفروضة عليه دوليّاً إلّا بعد أن أخذ يشكّل تهديداً للمصالح الاستراتيجيّة الأمريكيّة في منطقة الخليج الفارسيّ.
ومنذ العام ١٩٩١، أي: وقت الهجوم العراقيّ على الكويت، بدأت الولايات المتّحدة الأمريكيّة فصول روايةٍ أُخرى عن الأسلحة الكيميائيّة في العراق، وأطلقت أمريكا مساعيها لإدخال المفتّشين الدوليّين إلى العراق. وفي العام ١٩٩٨ بدأ صدّام حسين يتجاوب مع الأمريكيّين، وسمح للمفتّشين الدوليّين بالدخول إلى بعض المراكز الحسّاسة الناشطة فوق الأراضي العراقيّة ووضعها تحت المراقبة. كما أصدر قراراً بالسماح للمفتّشين بدخول أكثر من ٨ مواقع عسكريّة مرتبطةٍ بشكل مباشر بموقع رئاسة الجمهوريّة العراقيّة ودخل قانون حرّيّة العراق من أجل تغيير النظام في هذا البلد حيّز الإجراء والتنفيذ.
وبالرغم من كلّ هذا التجاوب، وهذه الخطوات الإيجابيّة، جاء في الإعلان الذي صدر عن مفتّشي منظّمة الأمم المتّحدة أنّ «العراق لا يتجاوب بالشكل المطلوب مع عمل المفتّشين»! وقد تسبّب هذا في إقدام الولايات المتّحدة الأمريكيّة على شنّ حملةٍ عسكريّة على العراق، وأُعلنت معها بداية الحرب الثانية في منطقة الخليج الفارسيّ في الأيّام الأخيرة من العام ١٩٩٨. ثمّ في العام ٢٠٠٢ عاد صدّام حسين ـ مجدّداً ـ ليسمح للمفتّشين بدخول الأراضي العراقيّة، لكنّ القرار بشنّ حربٍ على العراق كان قد تمّ اتّخاذه فعلاً في مجلس الأمن وفي منظّمة الأمم.
هذا مع أنّ صدّام كان قد أعلن موافقته على قرار مجلس الأمن بشأن تخلّيه عن السلاح الذي لديه. وبالرغم من أنّ تجاوب الحكومة العراقيّة، أقدم جورج بوش الابن على شنّ هجوم عسكريّ واسع النطاق على العراق في العام ٢٠٠٣، وتمكّن فعلاً من إسقاط النظام البعثيّ.
ومنذ ذلك الوقت، وحتّى يومنا هذا، لا زال العراق جريحاً يعاني من مسلسل القتل ونزف الدماء والتفجيرات والعمليّات الإرهابيّة، وكانت الإدارة الأمريكيّة قد أعلنت مراراً، خلال أوقاتٍ سابقة، أنّها إنّما أخذت القرار بشنّ الحرب على أفغانستان أوّلاً، وعلى العراق تالياً، انطلاقاً من رغبتها في إهداء الشعبين الأفغانيّ والعراقيّ هديّة السلام والأمن والاستقرار!! والحال، أنّ كلا هذين الشعبين، لم يشهدا منذ ذلك الوقت عودة السلام والأمن والأمان بشكلٍ كامل إلى ربوع بلادهما.

مصر
كانت الثورة الشعبيّة الجماهيريّة التي حدثت مؤخّراً في مصر بمثابة حلمٍ حمله شعب تلك البلاد لسنواتٍ طويلة طمح فيه إلى بلوغ حرّيّته، وتشكيل دولةٍ وحكومة مدنيّة ديمقراطيّة بكلّ معنى الكلمة، وقد أُتيح لهذا الحلم أخيراً فرصة أن يتحقّق، وأن يتحوّل ـ فعلاً ـ إلى أمرٍ واقع، حيث شاهدنا عمليّة انتخاب رئيس جمهوريّة لمصر قامت حقيقةً على الأصوات التي أدلى بها أفراد الشعب المصريّ في صناديق الاقتراع، وتشكّلت بالفعل حكومة جديدة في البلاد.
غير أنّ هذه الرؤيا التي شارفت على تتحقّق، سرعان ما تلاشت في الهواء بفعل المساعي التي بذلها الرئيس مرسي للتقرّب من الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وتحوّل الحلم إلى سراب، وعاد الشعب المصريّ الصابر والمضحّي ليغرق مجدّداً في مستنقع الحكم غير المدنيّ وحكومة الانقلاب العسكريّ.
سعي محمد مرسي هذا ومبالغته في الاقتراب والتودّد من أمريكا جاء على خلفيّة الحرص على أن لا تخفّف الولايات المتّحدة من منسوب المساعدات الاقتصاديّة التي تقدّمها إلى مصر وجيشها، لكنّ ذلك أفضى في النهاية إلى أن يتخلّى الأمريكيّون عن مرسي الذي كان يطمح لأن يكون حليف الأمريكيّين الجديد في المنطقة.
وكانت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة، قد صرّحت خلال زيارةٍ قامت بها إلى مصر، أنّ أمريكا تركّز كلّ جهودها ومساعيها على العمل في سبيل تشكيل حكومةٍ ديمقراطيّة مكتملة في مصر، لكن، سرعان ما تمّ اقتياد رئيس الجمهوريّة المنتخب إلى السجن، وعاد العسكر مجدّداً للإمساك بأزمّة الحكم وإدارة الأوضاع في البلاد.
وفي الحقيقة، إنّ ما جرى في مصر مؤخّراً يشكّل نموذجاً واضحاً وحقيقيّاً يكشف عن سياسة الولايات المتّحدة الأمريكيّة القائمة على تقديم مصالحها الخاصّة على سائر المسائل والقضايا؛ حيث كان الكيان الصهيونيّ يعيش رعباً حقيقيّاً من فكرة قيام دولةٍ في مصر يقودها حزب الإخوان المسلمين، فهذا الفعل الأمريكيّ المتمثّل في دعم قيام انقلابٍ عسكريّ في مصر ما كان إلّا في سبيل تأمين مصالح هذا الكيان الغاصب في منطقة الشرق الأوسط.

سوريا
بالالتفات إلى هذه النماذج التي أشرنا إليها، نتوجّه بالسؤال إلى رجال السياسة في سوريا: هل يمكن الاعتماد على دولةٍ تقدّم مصالحها القوميّة على جميع وعودها ومواثيقها والاتّفاقيّات التي تبرمها، لا بل وتدوس بها على جميع القوانين والأعراف الدوليّة، ولا تتورّع عن التجاهر والتصريح بذلك من على كلّ المنابر، وفي جميع المناسبات والمحافل الدوليّة؟!
وهل أحسن المسؤولون في سوريا صنعاً عندما وافقوا على التخلّي عن كافّة أسلحتهم الكيميائيّة بالاتّفاق مع الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وسلّموا أمورهم لأمريكا في هذا المجال؟!
وهل حقّاً يمكن الاعتماد على الوعود التي قدّمتها الولايات المتّحدة لسوريا والشعب السوريّ بتقديم تسهيلاتٍ وتنازلاتٍ في مؤتمر جنيف ٢ المزمع عقده مستقبلاً؟!
التاريخ القريب والبعيد يُثبت، وبما لا يدع مجالاً للشكّ، أنّه لا يمكن الاعتماد على أمريكا، ولا يمكن الوثوق بوعودها وتعهّداتها.
السهم الناري
السهم الناري
المراقب العام
المراقب العام

ذكر
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى