جنبلاط يعود الى سوريا بهدوء

اسكندر شاهين
يبدو ان العلاقة بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«تيار المستقبل» ذاهبة نحو الصدام كون المرحلة املت على الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط السير وفق حسابات دقيقة للعودة الى خندق «الممانعة»، فوفق الاوساط الاشتراكية ان جنبلاط لا يضع رجلاً في الفراغ، وان خياره بالعودة الى المحور المذكور لم يأت الا بعد حسابات وزنها بميزان الصيدلي بعدما اكتملت الصورة لديه حول لعبة الامم والاثمان والمخارج، ومن لا يتقن فن الاستشراف ستقفل معظم الفواتير على حسابه، وهذا ما يسعى الى تجنبه سيد المختارة لا سيما ان المجريات تملي عليه الانتقال من ضفة الى اخرى .
وتقول الاوساط ان ما قيل عن رسالة وجهها جنبلاط الى الرئيس السوري بشار الاسد عن طريق المير طلال ارسلان والتي نفى الاخير ان يكون ساعي بريد بين الطرفين، الا ان المعطيات تؤكد نقله رسالة شفوية البسها طابع التمنيات الديبلوماسية، واذا كان «البيك» في معظم تقلباته ينفصم عن تطلعات قواعده الحزبية والشعبية التي كانت الى جانبه علانية والى جانب 14 آذار في السر الا ان انقلابه الآن يتلاءم تماماً مع توجهات انصاره خصوصاً بعد قراءته للمجريات السورية حيث تتعرض البلدات والمدن الدرزية الى هجمات التكفيريين وتقوم بالدفاع عن نفسها سواء في عرنة او الحضر او السويداء وغيرها من الحواضر الدرزية .
وتضيف الاوساط ان جنبلاط سعى جاهداً الى عدم تورط دروز الجبل اللبناني بالقتال في سوريا نصرة لابناء طائفتهم في محاولة لـ «النأي بالنفس» عن الجحيم السوري اضافة الى مراعاة خواطر «تيار المستقبل» الذي يدعم المعارضة السورية بكل ما اوتي من امكانات عبر النائب عقاب صقر، المسؤول عن هذا الملف لدى التيار الازرق، الا ان التطورات والمعلومات التي توافرت لدى جنبلاط من مواقع في موسكو واخرى في واشنطن جعلته يغير اتجاه بوصلته، وما كلامه عن «الوحش» التكفيري، الا ترجمة لكم المعلومات التي يمتلكها حول ما يرتكبه التكفيريون في سوريا حيث افترسوا الثورة والمعارضة مندفعين الى تحقيق امارة اسلامية ربما ستكون اكثر تطرفاً من حكم اسامة بن لادن في افغانستان .
وتشير الاوساط الى ان جنبلاط اتخذ قراراً عن قناعة وبشكل نهائي بإعادة تحالفه مع «حزب الله» وسوريا ليس من باب تنظيم الخلاف بل من زاوية ان المصيبة تجمع وان التكفيريين لن يرحموا من يوافقهم في عقيدتهم الدينية، وقد ترجم ذلك بخطوة غير مسبوقة حيث قصد وزير الزراعة حسين الحاج حسن معزياً اياه باستشهاد ابن شقيقه في الغوطة، وهذه حركة لها مدلولات ورسالة واضحة الى من يعنيهم الامر والى من لا يعنيهم، وربما مصافحته للسفير السوري علي عبد الكريم علي الذي صودف في المناسبة تندرج في خانة صدفة خير من الف ميعاد وسبق لجنبلاط ان اوفد نائبه للشؤون الخارجية دريد ياغي لتقديم واجب العزاء بشهداء السفارة الايرانية في بيروت.
وتقول الاوساط ان الامر شكل صدمة لدى «تيار المستقبل» الذي تناول جنبلاط لاول مرة وتحداه على خلفية انه لم يعد مقبولاً جعله هدفاً للقنص السياسي الجنبلاطي، وقد اعتبر التيار الازرق في هجومه ان اهمال الرسائل الاعلامية التي كان يتناوله فيها الزعيم الدرزي هو للحفاظ على الحدود الدنيا من اصول الوفاء وابقاء حبال الود والصداقة قائمة ومستمرة، انما جنبلاط وفق الزرق يريد خلاف ذلك ونحن سنجاريه اذا شاء اعتباراً من الآن وحيث يشاء .
وتشير الاوساط الى ان الانقلاب في الموقف الجنبلاطي ستكون له تردداته على الساحة السورية ايضاً وضمن صفوف الائتلاف الوطني للمعارضة السورية التي وقف جنبلاط على خاطرها عدة مرات ولكنه في التفافه الحالي سينسف كل العلاقات معها، لا سيما انه حمل في منتصف الفائت رسالة الى رئيس الائتلاف احمد الجربا لفتح ممرات آمنة للجنود الجرحى الدروز ووفق مقولة «تنظيم الخلاف» بين المعارضة وبينهم، الا ان «البيك» بات مقتنعاً بأن المعارضة السورية معارضات ولا ثقل لهم في الميدان ولا حتى في الفنادق المرفهة في اسطنبول خصوصاً انهم عاجزون عن توحيد صفوفهم للذهاب كوفد الى «جنيف 2»، فلماذا يراهن على حصان خاسر اضافة الى ان جنبلاط تحرر من عقدة دعوته الى السعودية كون القرارات تصنع في مطابخ واشنطن وموسكو.