«جنيف – 2»… من الحلّ الى مكافحة الإرهاب

عمر الصلح
لا شك في انّ الأحداث الميدانية الاخيرة في سوريا، وتحديداً المواجهات العسكرية بين مقاتلي «داعش» والكتائب الموالية للمعارضة السورية من جهة، والجيش السوري من جهة أخرى، ستكون حاضرة بقوة في مؤتمر «جنيف – 2» المقرر في 22 الجاري.تبدلت خريطة الحدث السوري سياسياً وعسكرياً بعدما باتت “داعش” تلعب دوراً أساسياً في كل تفاصيل الازمة السورية، ما دفع الأطراف الخارجية الداعمة للنظام والمعارضة على حدّ سواء الى تبديل أولوياتها بما يتناسب مع حجم التهديدات التي قد يشكلها هذا التنظيم المرتبط بتنظيم “القاعدة” في حال تمكن من فرض وجوده عسكرياً وسياسياً في سوريا، فتحوُّل طرفي النزاع المستمر منذ نحو 3 سنوات بقدرة قادر الى مواجهة “داعش” لتختلط بذلك أوراق الازمة مجدداً، خصوصاً انّ كل طرف يحاول كسب اكبر عدد من النقاط في معاركه المفتوحة مع “داعش”، قبل الوصول الى “جنيف – 2″ يشير في وضوح الى انّ ورقة القضاء على الارهاب المتمثل بتنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” ستكون الورقة الرابحة على طاولات المؤتمر الدولي.ثمّة مَن يرى انّ تحولاتٍ لافتة في مواقف كثير من اللاعبين الخارجيين ستتغير في مؤتمر “جنيف”، الامر الذي قد يؤدي الى إفراغ هذا المؤتمر من مضمونه الأساسي وهو البحث عن حلّ سياسي للازمة السورية، لأنّ المعطيات المتوافرة حتى الآن حول التوجهات السياسية الجديدة لدى روسيا والولايات المتحدة الاميركية تفيد بأنهما يتوجهان نحو محاربة الارهاب اكثر من توجههما لإيجاد حلّ للأزمة، وبالتالي فإنّ القرار الأبرز الذي قد يتصدر بيان “جنيف ـ 2″ هو “دعم مكافحة الارهاب”، ما سيجعل من جولة “جنيف” الثانية عنواناً عريضاً لمسلسل الحرب على الإرهاب الذي انطلق في تسعينيات القرن الماضي، وهو العنوان الذي التقى حوله القطبان الدوليان على رغم الخلافات الشائكة التي تفصل بينهما في المواقف حول جملة ملفات دولية معقدة.فيما يرى آخرون انّ مؤتمر “جنيف” لن يأتي بأيّ جديد على مستوى المواقف الدولية، وانّ شعار محاربة الارهاب لن يوحّد الرؤى المتناقضة في اعتبار انّ هناك خلافاً في الأساس حول مفهوم الارهاب بين روسيا والولايات المتحدة، ولكن لا شك في أنّ الطرفين يصنفان “داعش” على لائحة الارهاب، وعلى رغم ذلك فإنّ طريقة التعامل مع القضاء على هذه الظاهرة سيكون موضع خلاف بين الطرفين، إذ إنّ روسيا ستسعى الى دعم الجيش السوري النظامي والأجهزة الأمنية للقضاء على هذه الظاهرة، ولن تقبل طرح بعض الدول الإقليمية والعربية بمدّ مقاتلي المعارضة بأسلحة حديثة تحت شعار القضاء على الارهاب.لأنّ ظاهرة “داعش” ليست سوريّة الصنع، بل صدّرتها اطراف خارجية من خلال تسهيل مرور المقاتلين ومدّهم بما يلزم من عتاد وسلاح ومال لخوض معركة إسقاط النظام السوري، وهذه الأطراف معروفة للقاصي والداني، لذلك فإنّ مكافحة المجتمع الدولي للارهاب في سوريا يجب ان تبدأ من الضغط على الأنظمة التي تدعم المقاتلين المتطرفين.الخارجية الروسية، وإن كانت تحاول عدم الكشف عن محاور وأجندة “جنيف – 2″ والأفكار المطروحة على طاولة البحث، الاّ انها وبلا أدنى شك، ترى في مواجهة أيّ طرف لـ”داعش” خطوة إيجابية، فروسيا اختبرت الارهاب جيداً ولا تزال حتى الآن هدفاً للعمليات الارهابية بين الحين والآخر، ولكنّ ذلك لا يعني أبداً انّ موسكو في وارد تبديل مواقفها ورؤيتها للحل في سوريا.إذ إنّ مصادر الخارجية الروسية تؤكد انّ موسكو لا تزال ترى في مؤتمر “جنيف” فرصة لوضع قطار الحلّ على السكة الصحيحة، وإنّ مشاركة ايران والسعودية تشكل ضماناً مهماً لتنفيذ قرارات هذا المؤتمر لأنّ لدى الرياض وطهران إمكانات هائلة للتأثير في الأوضاع الميدانية.
الجمهورية