مؤتمر جنيف ومَثَل الرجل والتنّين

سألني صاحبي: كيف ترى إلى موقف المعارضة السوريّة المتردّدة والتائهة بين فنادق العالم وكواليس الاستخبارات وأرقام المصارف السرّيّة عشيّة توجّجها إلى جنيڤ؟
قلت له:مَثَلُ المعارضة السوريّة المتردّدة في التوجّه إلى جنيف للمشاركة في حلّ الأزمة السّوريّة المتفاقمة كمثَل الرجل والتنّين الذي جاء في كتاب «كليلة ودمنة».
سألني: وكيف كان ذلك؟
فرويت له مثل رجل ألجأه الخوف إلى بئر فتدلّى فيها وتعلّق بغصن بأعلاها فوقعت رجلاه على عَمَدها فنظر فإذا هي حيّاتٌ أربع يحدّقن به وفي الأسفل تنّين فاغر الفم نحوه وفي الأعلى جُرَذان يقرِضان الغصن وفيما هو غارق في البحث عن منجىً له وقع بصره على قفير من العسل فأراد أن يأكل منه فاشتغل بالأكل وتوقّف عن التفكير في أمر خلاصه ونجح الجُرَذان في قطع الغصن فهوى الرجل وابتلعه التنّين.
عاد يسألني: ما المعنى من ذلك كلّه؟
قلت: المعارضة التائهة بين بئر نفط وأخرى هي الرجل الخائف من المستقبل الذي لم يرَ إلاّ البئر ليختفي فيها. والحيّات الأربع هي قوى الشرّ العالميّة المتهافتة المتربّصة لالتهام المعارضة إذا لم لم تؤدّ الدور المرسوم لها في تفتيت الدولة السوريّة وفي إقامة صلح مع الكيان الصهيوني وتكريس الدولة اليهوديّة. والجُرَذان يمثّلان النميمة والفساد اللذين استشريا في جسد المعارضة ونَخَراها حتّى أنهكاها فإذا هي فصائل متناحرة غير قادرة على اتخاذ موقف موحّد إنّها تتوجّه إلى جنيف بحقائب متعدّدة وفارغة. أمّا التنّين فهو الإرهاب المتجسّد في الجماعات الإرهابيّة المسلّحة التي لم تميّز بين الحجر والبشر ولا بين الدولة والمعارضة ولا بين المسجد والكنيسة ولا بين المسلم والمسيحي ولا بين الأطفال والشيوخ ولا بين الرجال والنساء.
السؤال يا صديقي: كيف يستطيع رجل ضعيف وخائف ومتردّد ومهزوم ومنهمك بالولائم أن يؤكّد حضوره وأن يحاور وأن يُقنع وأن يصل إلى نهايات سعيدة ؟
حتماً لن يستطيع ولذلك يتنقّل « أبطال» المعارضة السوريّة من عاصمة إلى أخرى أملاً في إلغاء المؤتمر أو تأجيله غير عابئ بما يجري على الأرض من جرائم تقشعرّ لها الأبدان.
هزّ صاحبي رأسه ثمّ تركني متوجّهاً إلى أوّل مكتبة ليشتري منها كتاب « كليلة ودمنة» قبل أن يهاجمها التتر ويصادروا منها الكتاب.