تنيناهو والحرب على سوريا

غالب قنديل
التصريحات التي ادلى بها رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو خلال تفقده لجرحى الجماعات السورية المسلحة داخل المستشفى الميداني الذي أقامه جيش الاحتلال في الجولان تقدم علامة فاضحة على طبيعة العلاقة القائمة بين ما يسمى بالمعارضات السورية وعصاباتها الإرهابية والتكفيرية والكيان الصهيوني .
أولا تصرف نتنياهو كما فعل أسلافه الصهاينة قبل حوالي أربعين عاما عندما أقاموا ركائز جدار العار في الشريط الحدودي اللبناني مع انطلاق الحرب اللبنانية ومن ثم وسعوا احتلالهم في حرب 1978 ومن بعدها بأربع سنوات نفذوا اجتياحا عسكريا شاملا بلغ العاصمة بيروت إثر تنظيم مخابرات العدو مع الميليشيات اللبنانية العميلة داخل البلاد لحرب استنزاف وقتل كانت السيارات المفخخة أداتها الرئيسية وقد استخدمت في جانب من تلك العمليات واجهة سميت جبهة تحرير لبنان من الغرباء .
منذ انطلاق الحرب على سوريا كان واضحا للعيان ان الإطار الاستراتيجي لذلك العدوان الاستعماري هو ضرب منظومة المقاومة من محورها المركزي وإراحة إسرائيل من عبء خطير أودى بها في هزائم متلاحقة منذ اندحار قواتها من الجنوب اللبناني عام 2000 ولم تدخر إسرائيل جهدا لوجستيا ومخابراتيا في دعم الجماعات المسلحة التي تحارب الجيش العربي السوري وتستهدف كثيرا من مواضع قوته الرادعة وخصوصا قواعده الصاروخية البرية او المضادة للطائرات وقد بدا التناغم متينا وراسخا بين هجمات الإرهابيين على مواقع الجيش السوري والغارات التي شنها طيران العدو خصوصا في ريف دمشق .
ثانيا قدمت إسرائيل مساعدات لوجستية ومخابراتية كبيرة للجماعات المسلحة التي تقاتل الجيش العربي السوري تناولتها تحقيقات ومقالات نشرت في الصحف العالمية والأميركية والإسرائيلية خصوصا وتحدث مسؤولون وخبراء صهاينة عن تعليمات أميركية بضرورة إبقائها طي الكتمان تسهيلا لعمل وحركة الجماعات السورية المناوئة للدولة الوطنية لأن الكشف عن الدعم الإسرائيلي يجعلها جماعات عميلة في نظر الشعب السوري .
عملت إسرائيل منذ عامين تقريبا بالتنسيق مع السلطات الأردنية لتسهيل انتقال مجموعات مسلحة جرى تدريبها وتسليحها في الأردن بإشراف أميركي فرنسي وبتمويل سعودي من بينها مجموعات في الفصائل التكفيرية ومن تنظيم الاخوان المسلمين عبر المنطقة العازلة الممتدة على جبهة الجولان المحتل وتحت حراسة الجيش الإسرائيلي الذي تدخل بالمدفعية ردا على نيران الجيش العربي السوري مرات عديدة عندما تصدى لحركة المسلحين عبر المنطقة العازلة .
ما يسعى إليه نتنياهو من خلال تصريحاته يوم امس هو تثبيت الدور الإسرائيلي الداعم للجماعات المسلحة بالتزامن مع تركيز الخطة الأميركية السعودية الأردنية على تصعيد عسكري في المنطقة الجنوبية وبالقرب من خط الجبهة في الجولان والشروع في محاولة جديدة لمهاجمة العاصمة دمشق.
ثالثا حرص نتنياهو على الربط بين زيارته ومضمون الدور الإسرائيلي في الحرب على سوريا ناسبا لإسرائيل دور المخلص تماما كما كان يجري عبر جدار العار اللبناني البائد .
يتأكد مجددا لكل ذي بصيرة ان جماعات الإرهاب التكفيري وواجهات المعارضات السورية التابعة للغرب والنظام السعودي والنظام الأردني منخرطون في حرب إسرائيلية الطابع والأهداف ضد الدولة الوطنية السورية المقاومة ويتضح تماما عزم إسرائيل على توسيع ثغرة حضورها المباشر في المشهد السوري بواسطة زمر عسكرية عميلة تحت الرعاية الأميركية السعودية وانتقال نتنياهو للتصريح بالدور الصهيوني هو نتيجة للتطورات المتلاحقة في الميدان السوري حيث يتقدم الجيش العربي السوري في عملياته لتصفية معاقل الإرهاب ولتفكيك حالة التمرد في اكثر من منطقة عبر المصالحات المتواصلة وكما جرت العادة تقوم إسرائيل بخطوات كاشفة لوجوه التورط معها وفي خدمتها فلا تترك مجالا للتستر والتحايل في التوقيت الذي يناسبها لأن ما يهمها هو تثبيت واقع التعامل معها واختراقها الصريح للواقع السوري بجماعات عميلة تنتمي لخليط يسمى بالمعارضة وفي مقدمة المرتبطين بالغرب وبالسعودية وإسرائيل إسلاميون وليبراليون يرعون الإرهاب في سوريا باسم الثورة.
الحرب على سوريا إسرائيلية الأهداف ومتعددة الأدوات وهذه رسالة لكل منتحلي الصفة الوطنية الممعنين في التورط وخصوصا من الفلسطينيين الذي يتجندون في خدمة غايات صهيونية سافرة تنطلق من ضرب الدولة العربية الوحيدة الحاضنة لخيار المقاومة ولحق العودة.