الجربا.. الكورونا … والبوكوحرام

نبيه البرجي

حين تتحول الكورونا الى حالة ايديولوجية تتسلل الى عظامنا بل والى ارواحنا، كما لو ان فارقاً بين الايديولوجيات المجنونة والايديولوجيات القاتلة.
الموت بكل مظاهره عندما يأخذ ذلك الشكل الاحتفالي الراعب، كما لو اننا لا نتراقص على ذلك الخيط الرفيع بين الكورونا بمعنى الوباء الفقهي اياه والبوكوحرام التي لمن يستهجن هي المحصلة الجدلية لتلك البدواة العقائدية والسياسية والاستراتيجية التي سبق لليوشتراوس وقال اننا نمضي بها حتى الثمالة.

لم يعد باستطاعتنا الدعوة الى تحييد الله، وكم اثقلناه بذلك التأويل الهمجي للنص والى تحييد التاريخ وكم اثقلنا بصراخه الدموي. حقاً لماذا نصر على ان يكون الله كما التاريخ بوابة الدم؟

حين كان الرئيس باراك اوباما يستعد للقاء احمد الجربا دون ان يأخذ برأي سفيره السابق روبرت فورد حول « المزايا الفذة»للرجل كان زعيم بوكوحرام ابو بكر شيكو يقول للعالم هذا هو الاسلام الذي اخترعته اميركا!

كلنا نعلم من صنع اسامة بن لادن ومن صنع الملاّ عمر ومن صنع ايمن الظواهري ومن انشأ حركة «طالبان» لكي تحمي انابيب الغاز الممتدة من تركمانستان الى المحيط الهندي. وكلنا نعلم من زرع فينا ثقافة الابل وفقه الابل لكي نكون الحائط الايديولوجي في وجه الشيوعية قبل ان تغدو ظهورنا مسرحاً للعبة المصالح.

كان مروعاً مرأى ابو بكر شيكو الذي هو امتداد لنا وهو يتمايل هيستيرياً حين راح يتلو البيان الذي يعلن فيه اعترافه بيع الطالبات القاصرات كسبايا في سوق النخاسة. قال بخيلاء انه سيتزوج اثنتين منهن لكي يفتتح السوق.

هل يختلف هذا الذئب عن ابي مصعب الزرقاوي وابي محمد المقدسي وابي بكر البغدادي وابي محمد الجولاني وعن ابي قتادة وابي حفصة وكل الآباء الآخرين وقد عشنا في الحقبة الفلسطينية « لعنة الآباء» من ابي الجماجم الى ابي الهول وصولاً الى ابي عرب الذي كان يتباهى بالرؤوس المقطوعة على عربة الخضار؟

لا نشكك لحظة في حاجة السوريين الى العدالة والى الديمقراطية ولكن اي عدالة واي ديمقراطية يمثلها الجربا الذي نعرف انه يساق مثلما تساق النوق، فهل هناك من فرصة اخرى لذلك النفاق العظيم حين يقول احدهم الذي يشبه هولاكو واحدهم الذي يشبه دراكولا واحدهم الذي لا يزال (وسيبقى) يراقص العصر الحجري انه يريد الديمقراطية في سوريا دون تبرئة النظام من تلك المثالب التي كان لها دورها في ما آلت اليه الامور.

الجربا هلل لان واشنطن اعتبرت مكاتب « الائتلاف الوطني»»بعثات خارجية». هل يعرف الرجل ما معنى ذلك التدبير الذي لا ينطوي على اي معنى ؟ حتى الحصانة الديبلوماسية لا تحصل عليها تلك المكاتب لكن الرجل سيحظى، ان شاء الله، بلقاء في المكتب البيضاوي في البيت الابيض . ماذا يريد ذلك الثوري التائه( الا تلاحظون ملامح الثورة في وجهه؟) اكثر من ان تلتقط له صورة هناك ومعها حفنة من الدولارات. سبعة وعشرون مليون دولار تذهب الى ثوار الفنادق . الفتات يذهب الى مرتزقة الخنادق.

الجربا يريد سلاحاً نوعياً . يدمر طائرات النظام، ودبابات النظام، وحينذاك يمتطي الناقة اياها ( ناقة بيضاء؟) ويتوجه بها الى قصر المهاجرين حيث يتوج بحضور كل ولاة الامر والنهي رئيساً للجمهورية في سوريا.

اعقل ايها الرجل لان دورك هو دور الدمية، فهل لاحظت مدى اغتباط السناتور جون ماكين ومعه السناتور ليندسي غراهام عندما كنت تحط الرحال في واشنطن؟ هكذا يتعاملون عادة مع الدمى التي تنفذ الاستراتيجيات القاتلة بحذافيرها ودون ان يبقى سراً ما هو دور اللوبي اليهودي الذي يتقاطع مع اللوبي العربي اياه في الاعداد للزيارة بحجة تشكيل جيش بديل يستقطب جيش النظام.

هل يريد الاسرائيليون ان يسدل الستار على الازمة في سوريا؟ وهل يريد الآتراك ؟ بل وهل يريد العرب الذين متى يخرجون من عباءة القبيلة وجنون القبيلة ليكتشفوا ان الكورونا كحالة ايديولوجية لا كحالة جرثومية انما تتغلغل في كل مجتمعاتنا، اذ بماذا يختلف ابو بكر شيكو عن افراد تلك الشبكة التي تم اكتشافها في المملكة العربية السعودية والتي هي على تواصل عملاني ولوجيستي مع «داعش» في سوريا؟

الا يكفي هذا لندرك الى اين نحن ذاهبون وكيف سنتفكك ونزول اذا ما تفككت او زالت سوريا؟ والمثير ان العديد من معلقينا ومثقفينا ما زالوا ينظرون عبر الشاشات او عبر الصحف حول الديمقراطية في سوريا. في سوريا فقط. لماذا يحظر على افلاطون ان تطأ قدماه اي ارض عربية اخرى؟ حقاً كيف تتحمل امة كل ذاك الخداع ونحن نرى كيف تميد الارض تحت اقدامنا فهل يعرف احمد الجربا كيف ينظر اليه الاميركيون وما هو وصف وكالة الاستخبارات المركزيةله؟ وهل يعرف ان دوره هو الدور الذي يضطلع به عود الثقاب لا اكثر ولا اقل؟

عالم عربي عالم اسلامي, في حضرة البوكوحرام. لا سبيل الى ان يبيعنا ابو بكر شيكو , كما سباياه في سوق النخاسة!.