تحالف الأربعين واستراتيجية "التخيير وأحجار الدومينو"
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
تحالف الأربعين واستراتيجية "التخيير وأحجار الدومينو"
حسن شقير
إستكمالا ً لما تم الإتفاق عليه في مؤتمر القمة لدول حلف شمال الأطلسي “الناتو”، في مقاطعة ويلز البريطانية مؤخراً، جاء مؤتمر جدة بالأمس لمحاربة الإرهاب في المنطقة، أشبه ما يكون كأداة تنفيذية لمقررات المؤتمر الأول..
بعيداً عن اللغة الدبلوماسية المنمقة التي أعقبت مؤتمر جدة ، واستكمالا ً أيضاً لما توصلت إليه في مقالتي السابقة حول خلفيات وأبعاد “صحوة الناتو” في محاربة الإرهاب، وارتباط ذلك بشكل رئيسي بالتعويض عن الفشل الذي أصاب خطة بريجنسكي في جعل روسيا دولة ملحقة سياسياً وإقتصادياً، وكذلك الأمر أمنياً بحلف الناتو… هذا فضلا ً عن الفشل الأمريكي، على مدار كل تلك السنوات في تعويم فكرة الشرق الأوسط الكبير، وفشلها في تطويق محور الممانع، وعرقلة تباشير انتصاره على الإرهاب في كل من العراق وسوريا، وحتى في لبنان.
بناءً على ذلك، وبالعودة إلى مؤتمر جدة بالأمس، واستبعاده كل من إيران وروسيا وسوريا من هذا الإئتلاف المناهض للإرهاب، بدأت تظهر ملامح المرحلة القادمة، والخطة الأمريكية -الأطلسية- وبعض العربية ، وكذلك التركية، والتي نوقشت في ذاك المؤتمر، والتي بانت خيوطها الرئيسية من خلال ذاك الكم الهائل من التصريحات الأمريكية بشأن ألية العمل لدول الإئتلاف الجديد…
فما هو العنوان العريض والحقيقي لهذه الخطة -وفقاً للتسريبات وكذا التصريحات والتلميحات والتكتلات-، وما هي أهم المراحل التي يمكن أن تتدرّج من خلالها؟
تتمحور الفكرة الرئيسية للخطة الخلفية لدول الإئتلاف الجديد في محاربة الإرهاب، حول مرحلتين، إحداهما تؤسس للأخرى ، وهما مرحلة التخيير ، ومن ثم مرحلة “تساقط أحجار الدومينو”، وذلك دائماً وفقاً لهذه الخطة… لأننا كنا وما زلنا نعتقد، أن الإرهاب، ما زال حتى الأن يستخدم كرافعة حقيقية للتعثر الذي أصاب الكثير من الإستراتيجيات الكبرى لأمريكا ومن خلفها دول تحالف العدوان على المنطقة..
تتدرّج هذه الخطة الجديدة من إيران، فالعراق، ثم سوريا ، وصولا ً إلى لبنان…
– إيرانياً : لعل استبعاد إيران من هذا الإئتلاف الظاهري في محاربة الإرهاب ، والذي يُفترض أنه العدو المشترك لها معه ، يطرح الكثير من التساؤلات حول السبب الحقيقي وراء ذلك، وذلك على الرغم من استمرار التفاوض معها بشأن ملفها النووي !!
لعل المراقبة الدقيقة لتلك الإستراتيجية الأمريكية التي أعلنها أوباما في خطابه بالأمس، والتي تُرجمت مقررات في مؤتمر جدة في اليوم التالي… تُظهر بوضوح – ما كُنّا ذهبنا إليه منذ زمن – من أن المطالب الأمريكية من إيران ، تتخطى البرنامج النووي ، إلى أبعد من ذلك بكثير ، انطلاقاً من مواقع النفوذ المفترضة إيرانياً ، والتي تختلف بشكل أكيد عنها ، والمفترضة لها أمريكياً وصهيونياً وحتى سعودياً، هذا فضلاً عن المعضلة الأساس في مكانة الكيان الصهيوني ومدى ” التطمينات الصهيونية “المبتغاة في أية تسوية كبرى في المنطقة، حيث أن الرؤى الإيرانية حول كل ذلك مختلفة جذرياً عما يطالب به كل أولئك..
تأسيساً على ذلك، أرادت أمريكا وائتلافها الجديد ، أن توجه لإيران رسالةً تخييرية، أحلاها يتسم بالمرورة أكثر من الأخرى ، فإما أن تبقى إيران، وتُدفع أكثر فأكثر نحو مزيد من الإستنزاف على كافة الصعد، وفي كل مناطق النفوذ في المنطقة ، وبالتالي إشعال الحروب الطائفية والمذهبية، وحتى الإثنية في المنطقة برمتها، وجعل المنطقة برميلا ً من البارود القابل للإنفجار المتشظي في كل لحظة (وفقاً لخطة التسليح الأمريكية)، وبالتالي إغراق المنطقة بحروب المئة عام … وإما موافقة إيران على اقتسام مواقع النفوذ مجدداً في المنطقة ، مع أمريكا والسعودية .. وصولا ً ربما إلى إدراج تلبية المطلب الأساس – المرفوض إيديولوجياً من إيران – للكيان الصهيوني، ولهاثه المتواصل حول أمنه المنشود!!
خياران ، تُدرك أمريكا بالنأكيد، أنهما ليسا على جدول أعمال القبول الإيراني ، وبشكل مطلق… الأمر الذي تفترض معه ، تلك الخطة الجهنمية للإئتلاف المذكور، أن تبدأ إيران – وبفعل الإستنزاف المستدام ، والتشظي المأمول أمريكياً لتلك الحروب-، رحلة السقوط “للحجر الأول من أحجار دومينو الممانعة” ، ابتداءً من الرأس!!!
– عراقياً: لعل الترحيب غير المسبوق والسريع جداً لأمريكا بانتقال السلطة في العراق، جعل من الكثيرين، يقعون فريسة الإستبشار بقرب تنفيذ الصفقة الكبرى ، أو حتى الصغرى في العراق ، ومن ثم المنطقة برمتها …
لم نكن من أصحاب هذا الرأي ، لأننا كنا نعتقد أن أوان المشروع الإرهابي في المنطقة ، لم يأتي أكله حتى اليوم ، ولم تحن الساعة للتخلص منه ، وقد كنا على صواب عندما اعتبرنا أن أوباما ، في مؤتمره الصحفي الذي عقده في النصف الأول من حزيران الماضي -بعيد تمدد الدواعش في العراق- ، كان قد أرسل رساائل داعشية سياسية إلى النظام السياسي العراقي برمته ، وذلك بضرورة تغيير البوصلة السياسية العراقية ، وحرفها عن قبلتها الإيرانية ، نحو قبلتها الأمريكية ، وكذا السعودية أيضاً … وذلك كشرط أساس لمعاونة العراق في مكافحة الإرهاب …!!
تحقق التغيير العراقي – وبمباركة إيرانية وكردية مشتركة – ، ودخلت أمريكا ومن خلفها السعودية على الخط ،وبشكل مُرحّب ، واشترط هؤلاء المساعدة ومقدارها، بمقدار التحوّل السياسي للعراق الجديد…!
لعل وجود العراق اليوم كجزءٍ من ائتلاف محاربة الإرهاب، سيضعه من جهة، تحت مطرقة هذا الإئتلاف، ومقدار مساعدته في القضاء على الدواعش، وبين سندان الدواعش، من جهة ثانية، الأمر الذي يجعل العراق مخيّراً بين خياري المعاناة القاسية من الإرهاب، وبين خيار التحوّل السياسي نحو أمريكا ، بعيداً عما هو عليه الحال نحو محور الممانعة.
إنه ” حجر الدومينو الثاني” ، الذي تعد واشنطن لتساقطه هو الأخر !
سورياً : بالعودة إلى القرار الأمريكي بمهاجمة الدواعش من الجو ، وامكانية ملاحقتهم في سوريا … يبدو أن الخطة الجديدة لمحاربة داعش ، هو في حشر الدواعش وتكديسهم في الداخل السوري، فضلا ً عما حُكي عن تفعيل ٌ المعارضة العسكرية المعتدلة ” هناك ، بحيث تصعب حينها -بحسب التقدير الأمريكي – محاربتها من الجيش السوري، مدعوماً من حلفائه في محور الممانعة، مما يوقع سوريا في براّثن الإستنزاف المسعور مجدداً … الذي – حسب اعتقادهم -سيجعل نظامها مخيراً ضمن طريقين، يصعب جداً التسليم لأي منهما، ألا وهما: خيار الإستنزاف المديد، أو خيار التنازل والموافقة على الشروع الأمريكي الأولي في تغيير الوجهة السياسية السورية، والمرفوض بشكل نهائي من قبل الدولة السورية، أو نغمة اقتسام السلطة والنفوذ ، والتي يسوق لها البعض أحياناً !!!
كلا الخيارين ، يعدهما التحالف الجديد ، سقوطاً اكيداً ” للحجر السوري من أحجار الدومينو الممانعة”.
-لبنانياً : وهو الحلقة الأخيرة -المرحلية- من حلقات الممانع، والذي كان لحزب الله فيه، سبق الفضل في إفشال الكثير من المخططات الصهيوأمريكية، والإنهزامية في المنطقة … حيث شكل دخول الحزب في الجغرافيا السورية ضربة شبه قاصمة لتلك المخططات…
انطلاقاً من هذه الأهمية التي نعتقدها ، فإن ما حدث في معركة عرسال الأخيرة ، وتلك القطب المخفية ، التي تحدثنا عنها ، وما تلاها من أحداث ، دللت ، وبشكل قاطع أن مشروع الإرهاب المنتشر على الحدود اللبنانية ، لم يُسمح للبنان بالإطباق عليه … لأن ما يُنتظر منه – دولياً – ، قد بدأت خيوطه تتكشف على الأراضي اللبنلنية…
لعل المتابع لمجريات الأمور اللبنانية الأخيرة، في سعي الجيش اللبناني الحثيث لمداهمة أكثر من منطقة لبنانية، وتوقيف أعداد من الإرهابيين المنغمسين بين النازحين السوريين تارةً، أو بين اللبنلنيين والفلسطينيين تارةً أخرى ، هذا فضلا ً عن تحميل كثرٍ من السياسيين اللبنانيين، الرافضين شكلا ً للإرهاب ، والمتناغمين معه في المضمون، وتحديداً في تحميل الحزب مسؤولية كل ما يحدث في لبنان… حيث يؤشر ذلك وبقوة، إلى أن المرحلة القادمة من خطة التحالف الجديد، سيكون عنوانها ، تخيير حزب الله بين الإنسحاب من سوريا ، أو وضعه أمام اكتظاظ الدواعش فيها ، مضافاً إليهم ، “معارضة عسكرية معتدلة وقوية” ،وذلك لتشتد وطأة المعركة على الحزب في الداخل السوري … أو قد يعمل رعاة الإرهاب إلى الإيعاز لأولئك المنتشرين على الحدود بالإنغماس فرادى وجماعات في الداخل اللبناني… تمهيداً لساعة صفر قادمة، سمتها الإنهاك من الداخل…
هذان الخياران، هما بالتأكيد محل رفض المقاومة، لأن السير بأحدهما، أو كليهم… سيعني بلا شك سقوط “للدومينو اللبناني من أحجار الممانعة” .
خلاصة القول، المرحلة القادمة صعبة ، وفيها مخاض عسير، فكيف ستكون استراتيجية محور الممانعة ومن خلفه روسيا وباقي الدول في مواجهة خطة الإئتلاف المغلفة والمقنعة بقناع محاربة الإرهاب والقضاء عليه في المنطقة ؟ الأيام القادمة ، ربما تكشف بعضاً من ملامحها..
باحث وكاتب سياسي
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» الجامعة العربية بعد سن الأربعين ! !
» تحالف عسكري "خليجي-مصري" .... ضد من؟
» بوادر فسخ أكبر تحالف سياسي في تركيا
» وجهة الحنش الداعشي .. واستراتيجية إطباق الثغر والإستدارة
» بالصور: التفاصيل الكاملة لأحداث جبل الأربعين في أريحا.. هكذا تم تفخيخ 4 شاحنات
» تحالف عسكري "خليجي-مصري" .... ضد من؟
» بوادر فسخ أكبر تحالف سياسي في تركيا
» وجهة الحنش الداعشي .. واستراتيجية إطباق الثغر والإستدارة
» بالصور: التفاصيل الكاملة لأحداث جبل الأربعين في أريحا.. هكذا تم تفخيخ 4 شاحنات
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 12:48 am من طرف larbi
» بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ترحب بإعلان النتائج الأولية للانتخابات البلدية
أمس في 10:47 am من طرف larbi
» مراسل التلفزوين العربي: 4 ملايين إسرائيلي يدخلون الملاجئ وحيفا تتحول لمدينة أشباح
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:23 pm من طرف larbi
» يوم كئيب في تل أبيب» حزب الله يقصف إسرائيل 5 مرات متوالية و4 ملايين في الملاجئ.
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:14 pm من طرف larbi
» عصبة العز وثلة الهوان
الأحد نوفمبر 24, 2024 6:40 pm من طرف عبد الله ضراب
» الاهبل محمد بن سلمان يحاصر الكعبة الشريفة بالدسكوهات و الملاهي الليلية
السبت نوفمبر 23, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
السبت نوفمبر 23, 2024 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi