عندما دخل "غورو" دمشق..وفـــاليكس بقلم وفاء حسن

عندما دخل "غورو" دمشق أُقيمت له مأدبة في قصر المهاجرين،حضرها الوزراء و من بينهم فارس الخوري ،وعدد كبير من وجهاء دمشق.

يقول د. فارس الخوري :دعانا غورو لتناول الغداء معه في قصر ناظم باشا،وهو أحد القصور التي كان يشغلها الملك فيصل ... وفي بداية اللقاء أخذ الجنرال يثني على جمال دمشق و مناظرها الشعرية إلى أن وصل إلى هذا القصر ،فأجال نظره في القاعة التي كنا فيها وكأنه أراد التهكم و الاستخفاف بالملك فيصل فقال: " أهذا هو القصر الذي كان يسكنه الملك فيصل؟ "

فأجبته: "نعم و كان أول من أنشأه الوالي ناظم باشا و احتله بعده السفاح جمال باشا أثناء الحرب العامة وفي نفس الغرفة تناولنا الطعام مع ناظم باشا و مع جمال باشا ومع المارشال اللبني و مع الملك فيصل والآن معكم ... وانظروا إلى تصرفات القدر ،فقد رحلوا جميعهم و بقي القصر و بقينا نحن!"

نحن شعب عاطفي نتأثر بالكلام و ننسى حقائق الحياة رغم ما مررنا به من حروب على مدى التاريخ ، قلتها سابقاً و أقولها اليوم في السياسة لا مجال للعواطف و لا للشعارات الطنانة التي ينمقها محللون تكفلوا بجعل الغارات الامريكية على الرقة صدمة حقيقة على معظم السوريين ، فمنذ سنين أربع و السوريون يتابعون نفس الوجوه و نفس الاحاديث عن انهيار الوجود الامريكي في المنطقة و عن زوال التأثير السعودي ، عن خلافات زعزعت الشياطين ، عن غضب امريكي من تصرفات تركيا ، عن تغييرات جذرية ستكون قاضية على المشروع الصهيوني و كأن سورية تملك عصا سحرية تقلب بها موازين العالم كله .

كان الاجدر الجميع أن يتحدث ببساطة و موضوعية عن دولة صغيرة بإمكانيات محدودة تصارع العالم كله بكل ما يملكه من اسلحة و أموال و مرتزقة ، كان الاجدر بالجميع أن ينظر بعين مجردة إلى ما يجري و يعي أن حربنا ليست سهلة و لا هي قصة خيالية بنهايتها يموت كل الاشرار و تُجن الحيزبون الساحرة و تسوح في البراري و تفقع مرارة الغول عندما يرى الامير الوسيم ، و كان الاجدر أن لا يتكلم أحد بما لا يعرفه و يوهم متابعيه بأنه أقرب لاصحاب القرار و يعرف ما لا يعرفه الشعب تلميحاً و توضيحاً ، كان المفروض و منذ البداية أن نلغي أدوار هؤلاء المتسلقين للشهرة الذين ينشرون أخباراً تجعل المتابع يظن أنهم انتهوا للتو من اجتماع سري مع اوباما و اخبرهم بما يجول بخاطره دون تحفظ و بعدها انتقلوا لدردشة على بساط احمدي مع الاسد الذي شاورهم بما يجب فعله !!

منذ اربع سنوات تقريباً لم استطع اجبار نفسي على سماع تحليل سياسي او عسكري ، منذ اربع سنوات و انا اكتفي بأخبار الجيش العربي السوري و اعلم أنه الجهة الوحيدة المخولة بمنحي الامل و الثقة .

لم تفاجئني الغارات و لن يفاجئني أي هجوم آخر ، لا انتظر رداً روسياً مُزلزلا و لا دعماً ايرانياً بلا حدود ، بل اكمل حياتي ببساطة و أثق تماماً أن كل الغزاة راحلون و أن كل الطغاة سيُهزمون ، مؤمنة بحتمية تاريخية فرضتها سورية مراراً و تكراراً فكل الذين تعاقبوا على احتلالها و تدميرها رحلوا و بقيت هي كعنقاء تتحدى الموت و تنفض رمادها و تعود للحياة من جديد .

صباح سادة الزمان و المكان ..صباح الجيش العربي السوري