منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي


منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فـي كوبانـي.. سقط وهم أردوغان وتعثرت إستراتيجية أوباما

اذهب الى الأسفل

 فـي كوبانـي.. سقط وهم أردوغان وتعثرت إستراتيجية أوباما  Empty فـي كوبانـي.. سقط وهم أردوغان وتعثرت إستراتيجية أوباما

مُساهمة من طرف السهم الناري الأربعاء أكتوبر 15, 2014 10:17 pm


 فـي كوبانـي.. سقط وهم أردوغان وتعثرت إستراتيجية أوباما  119

أحمد الشرقاوي

كل التركيز في الإعلام العربي والعالمي اليوم هو على المعركة الطاحنة التي تدور بمدينة عين العرب (كوباني) بين الأكراد و”داعش” منذ ما يقارب الشهر من الزمن، برغم أنها ليست المعركة الأكبر من حيث الأهمية مقارنة مع ما يجري في بقية المناطق السورية والعراقية، لكن خطورتها تتجاوز ما كان يُعتقد، ففي كوباني يُرسم اليوم مستقبل الأكراد ومصير المنطقة.

ولعله لهذا السبب، ذهب بعض المحللين إلى القول أن الطبل في عين العرب والزفة ستكون في بغداد بعد سيطرة “داعش” على الأنبار وتقدمها نحو العاصمة العراقية. وذهب البعض الآخر حد القول، أن ما يحدث في عين العرب هو لإشغال “النظام” السوري عن الهجوم الكاسح الذي يحضر على العاصمة دمشق من الجنوب، وكأن القيادة السورية تدير الميدان من صالونات الفنادق، ولا تعلم ما يحضر في الكواليس قبل أن يولد على الأرض..

هذا، علما أن لا علاقة لما يحدث في العراق بمعركة ‘عين العرب’ في الشمال السوري لتعدد الجبهات واختلاف القيادات وعدم إرتباط الجيوش. كما أن لا علاقة لما تقوم به “داعش” في عين العرب بما تتمنى إسرائيل أن يحدث إنطلاقا من الجنوب، لأن حزب الله والجيش السوري لن يسمحا بأي تحرك مشبوه من منطقة الجنوب، بالإضافة لعدم وجود معلومات عن تحضيرات إسرائيلية وأردنية لهجوم من هذا النوع قد يحدث في المدى المنظور، مخافة العزف النشاج والتشويش على الإستراتيجية الأمريكية من جهة، كما وأن “إسرائيل” من جهة أخرى، تعلم قبل غيرها أن أي تحرك إنطلاقا من منصتها سيفتح عليها نار الجحيم من سورية ولبنان، وينهي عربدتها في المنطقة إلى الأبد، ورسالة حزب الله الأخيرة لا تزال حاضرة في الأدهان، بما زرعته من رعب في قلب الصهاينة..

وبالتالي، مثل هذه التحليلات، مع إحترامنا لإصحابها، وإن صدرت من متعاطفين مع محور المقاومة، إلا أنها بعيدة كل البعد عن الرؤية الموضوعية والتحليل المنطقي لتطورات الأحداث، وتساهم من حيث يعلم أصحابها أو لا يعلمون في خلق بلبلـة وتشويش في عقول الناس وزيادة منسوب الخوف في قلوبهم، ولا تخدم في شيىء قضية المقاومة في هذه المرحلة الدقيقة من عمر الأزمة.

***

لم تسقط مدينة عين العرب (كوباني) كما كانت تتوقع تركيا وواشنطن خلال ساعات، وأبدى مقاتلوها صمودا صلبا.. بخاصة في صفوف العنصر النسوي الذي صنع أسطورة جديدة لنضال الأكراد ضد الإبادة العثمانية والهيمنة الأطلسية على شعوب ومقدرات المنطقة، أسطورة لا تقل أهمية عن أسطورة الثورة البوليفارية، لكن هذه المرة ضد تركيا الأطلسية وطموحاتها التوسعية عبر أداتها المتوحشة “داعش”..

المرأة التي استشهدت بآخر رصاصة بقيت في بندقيتها حتى لا يغتصبها الدواعش، حفرت عميقا في الوعي العام الغربي..

المرأة التي تسللت إلى وكر الدواعش وفجرت نفسها فيهم دفاعا عن أهلها وقومها ومدينتها ووطنها سورية، أثارت الإعجاب ووضعت حدا فاصلا بين معنى المقاومة ومعنى الإرهاب..

المرأة التي تقود قوات وحدات حماية الشعب الكردي “ميسا عبدو”، المعروفة باسمها الحربي “نارين عفرين”، إلى جانب محمود برخدان (المقاوم بالكردية) في عين العرب، أبدت براعة في القيادة وشجاعة منقطعة النظير في المواجهة، مكنت من إفشال هجوم “داعش” وتراجعه في بعض المواقع واسترجاع موقعين كان قد استولى عليهم التنظيم الإرهابي.. ففسحت المجال لميلاد نجم جديد في سماء النضال لزعيمة كردية تنافس الزعماء الكبار، زعيمة يقول عنها رفاق السلاح، أنها مثقفة وذكية، وتتميز بهدوء وبرودة أعصاب، وأنها قدوة في الأخلاق والطيبة، رغم قساوة الحياة العسكرية، وهي تتفهم نفسية مقاتليها، وتناقشهم في مشاكلهم بشكل مباشر…

هذا الأنموذج الفريد الذي نادرا ما يتكرر في التاريخ، أكسب المرأة الكردية شرعية الشراكة وتقاسم الأدوار مع الرجل، ليحلق المجتمع الكردي نحو المستقبل بجناحين بدل أن يظل معاقا بجناح واحد، كحال المجتمعات العربية التي تعامل المرأة بعقلية القبيلة، باعتبارها مجرد حريم لا يصلح إلا لشغل المنزل نهارا ومتعة الرجل ليلا..

مقتل الإرهابي الخائن، المدعو ‘أبو خطاب’ (الكردي)، الذي كان يقود غزوة “داعش” ضد بني جلدته في عين العرب، باعتباره خليفة للقائد العسكري للتنظيم في الشمال السوري ‘عمر الشيشاني’، مثلت ضربة معنوية كبيرة للتنظيم ولتركيا التي تقف خلفه.. وأفهمتهم أن أحفاد صلاح الدين الذي يرقد بسلام في دمشق، لا يمكن أن يسمحوا للعثمانيين الأوغاد بأن تطأ أقدامهم قبره كما فعل نابوليون بونبارت، حين دخل دمشق ووضع رجله على قبر قاهر الصليبيين ومحرر القدس وقال: “ها نحن عدنا يا صلاح الدين”.

كوباني اليوم أصبحت في قلب كل إنسان شريف في هذا العالم، والأكراد نالوا من تعاطف شعوب الأرض، بسبب الملاحم التي صنعوها، ما لم تنله قضيتهم بالندوات واللقاءات والإعلام وعقود من الصراع المسلح مع تركيا.

كل هذه البطولات وغيرها.. جعلت الناس في الغرب يتساءلون في جنون، كيف يحدث ما يحدث أمام أنظار التحالف؟.. وما الذي يجري بالضبط بين تركيا و”داعش” لترفض فتح حدودها للمقاتلين الأكراد الذين هبوا بالآلاف نجدة لإخوانهم المحاصرين كالقطيع في إنتظار يوم الذبح الأكبر؟.. وهل يسعى ‘أردوغان’ إلى تطهير عرقي على شاكلة ما فعل أجداده المجرمين في حق الأرمن وغيرهم من الشعوب الإسلامية الأسيوية والعربية زمن الخلافة الإستبدادية، من دون أن تحرك أمريكا وحلفها ساكنا؟.. عن أي إرهاب يتحدثون وأي إرهاب هذا الذي يحاربون؟..

إنها كارثة حقا لـ’أوباما’ وفشل سريع وغير متوقع لإستراتيجيته المتداعية، لأنه اصطدم بواقع عنيد يتعامل مع الحقائق على الأرض لا المخططات على الورق.. لقد تحولت عين العرب أو كوباني بالكردية إلى قضية رأي عام عالمي، ووضعت الضمير الإنساني أمام محك الإختبار، وجعلت الأمم المتحدة وقادة الغرب يخجلون من أنفسهم، وهم الذين طالما تشدقوا بالحرية والديمقراطية وارتكبوا أبشع الجرائم في حق الشعوب والدول باسم حقوق الإنسان..

فتعليق الوزير ‘جون كيري’ على ما يحدث بالقول: “إنها مأساة، لكنها لا تؤثر على إستراتيجيتنا على المدى البعيد”، أثار العديد من التساؤلات حول ما قصده الوزير الأمريكي بقوله هذا؟.. وهل سقوط كوباني والسماح لـ”داعش” بارتكاب مذبحة فظيعة في حق من تبقى من مدنيين أكراد هو مرحلة تكتيكية من ضمن الإستراتيجية الأمريكية المتوحشة؟.. أإلى هذا الحد سقطت أمريكا أخلاقيا؟..

***

… هذا هو جوهر الموضوع من ألفه إلى يائه، وكل حديث آخر هو ضرب من الإلهاء.. لأنه وفق ما تكشف من معلومات، كوباني اليوم هي السر وهي المفتاح.. إذا سقطت.. ستسقط المنطقة برمتها، وإذا صمدت وخرجت من رماد النار كالعنقاء.. سيسقط أردوغان ومعه المشروع الشرق أوسطي الجديد.. لذلك، الإستراتيجية الأمريكية اليوم هي على موعد حاسم مع الإستراتيجية السورية التي تتولى قيادة الصراع نيابة عن محور المقاومة وروسيا والصين، في كوباني بالتحديد. لكن كيف؟..

حسنا، الجميع أصبح يدرك أن منطق السياسة اليوم هو البراغماتية ولغة المصالح، بعيدا عن الأخلاق والعواطف.. وبهذا المنطق، نستطيع فهم لماذا تحرص تركيا على سقوط كوباني، لأن الجانب الظاهر من الصراع حول طموحات الحزب الكردستاني العمالي لحكم ذاتي قد يمتد للأراضي التركية.. هو مجرد رأس جبل الجليد الذي يخفي قاعدة من الأهداف التخريبية الخطيرة التي ستقلب كل المعادلات وتوازنات القوى في المنطقة.

وبذات المنطق، نستطيع فهم تصريح الوزير ‘كيري’ ما دام ما تقوم به تركيا هو خدمة لأمريكا و”إسرائيل” ومشروعهما الأطلسي الكبير للمنطقة على المدى البعيد، والذي يمر حتما من بوابة كوباني.

لكن ماذا بالنسبة للرئيس ‘الأسد’؟.. أليست كوباني أرضا سورية وسكانها مواطنون سوريون لم يتمردوا ولم يرفعوا السلاح في وجه الدولة السورية، ولم يعلنوا الإنفصال، وسبق للرئيس الأسد أن بعث لهم بإشارات مفادها أنه لا يعارض حكما ذاتيا لأكراد الشمال بسلطات موسعة لا واسعة في ظل السيادة السورية؟..

ومن جهة أخرى، أليس الإنفجار الذي يحدث اليوم في تركيا بسبب كوباني تحديدا، وبالضبط كما توقعه الرئيس ‘الأسد’ قبل سنتين، يخدم في نهاية المطاف سورية، وينقل النار إلى العمق التركي، فيعود الصراع المسلح بين الأكراد والجيش التركي، ما سيشغل أردوغان عن التفكير في سورية وأوهامه السلطانية البائدة التي حولته إلى طاغية دموي أعمى، متعطش للنفوذ والثروة؟..

وهذا بالضبط ما حذر منه أردوغان أول أمس بقوله: إن “الإحتجاجات العنيفة التي تشهدها مدن تركية عدة بسبب ما يحدث في كوباني، هي ‘مؤامرة’ لنشر الفوضى الدموية في تركيا”، واتهم صراحة “النظام” السوري بالوقوف خلفها مع آخرين لم يسميهم في إشارة إلى إيران.. وهو موقف يعبر عن إرتباك ناجم عن سوء تقدير، وعجز عن المعالجة، وهروب إلى الأمام، عبر تعليق المشاكل التي يخلقها بسياساته الرعناء المقامرة على شماعة الغير، وهو يعلم أن سياسة “صفـر مشاكل” التي إنقلبت عليه مشاكل بالجملة والمفرق من كل حدب وصوب، لا يمكنه أن يطبقها أيضا على الأكراد، فيقرر المضي قدما ولو من خارج التحالف “الدولي” في إستراتيجية “صفر أكراد”.

وبالنسبة للقيادة السورية التي تملك اليوم مقاليد القرار للتعامل مع قضية كوباني لما لها من خطورة إستراتيجية على سورية ومحور المقاومة ككل.. هناك سيناريوهان إثنان لا ثالث لهما:

الأول، أن تترك القيادة السورية كوباني تسقط بيد “داعش” لتُحمل المسؤولية لتركيا وحلف واشنطن، الذي لم يستطع الحد من تمدد الإرهاب وخطره على المدنيين كما قال أوباما عند إعلانه عن أهداف حملته ضد “داعش”.. وفي هذه الحالة، سينفذ الأكراد تهديدهم الذي أطلقه الزعيم ‘عبد الله أوجلان’ من سجنه قبل أيام، فيعود الصراع المسلح بين الأكراد وتركيا إلى سابق عهده، حين دخلت السلطنة في فوضى عارمة في تسعينيات القرن الماضي.. وهذا هو السيناريو “العقلاني” الذي يفرضه مسار تطور الأحداث، بغض النظر عن الجانب الأخلاقي.

السيناريو الثاني، أن تتدخل سورية عسكريا لفك الحصار عن كوباني وتزويد المدينة بالسلاح والمؤن والمقاتلين لحمايتها من أي هجوم آخر محتمل.. وهذا التدخل يُحتمه قيام الدولة بواجب الأمن والحماية لمواطنيها، كما تفرضه قواعد الأخلاق التي يلتزم بها محور المقاومة في صراعه مع خصومه، حتى لو كان تدخله في هذا الإطار الأخلاقي سيفقد سورية ورقة التفجير الكردية في تركيا، مع أهميتها الإستراتيجية البالغة، وهذا إحتمال ضعيف، لأن سمة المرحلة هي التصعيد في تركيا، بدليل أن أردوغان قرر إعلان الحرب على الأكراد، فعاد جيش الطاغية لسياسة قصف الأكراد من الجو في القرى والهضاب والسهول والجبال على الحدود التركية العراقية، بعد أن بدأت قوافل عودة الأكراد للقتال في تركيا بعد أن كانوا قد غادروها عقب إعلان مشروع التسوية السياسية بين أردوغان وأوجلان، فتبين أنه كان مجرد خدعة في إنتظار تصفية القضية الكردية بالكامل، من مدخل محاربة الإرهاب في إطار التحالف الدولي، لأن “البي كا كا” أو حزب العمال الديمقراطي الكردستاني مصنف من قبل أنقرة كمنظمة إرهابية.

ولهاذا يصر أردوغان على إقامة ما أسماه بمنطقة آمنة على الحدود مع سورية، لذبح الأكراد في مجزرة قد تفوق ما عرفه التاريخ زمن مذبحة الأرمن، وأن تصمت أمريكا على الجريمة وتغطيها سياسيا، مقابل رأس “الأسد” الذي تعهد سلطان الدواعش أن يأتي به بفضل جيشه الجرار، ليقدمه لـ’أوباما’ على طبق من ذهب، على طريقة المافيا الكولومبية، ويفرش له السجاد الأحمر من كوباني إلى تل أبيب عبر دمشق، والعودة من طريق الضاحية الجنوبية إلى مطار بيروت للإعلان ميلاد شرق أوسط داعشي جديد، من دون حزب الله ولا أسد ولا مقاومة ولا إيران ولا بطيخ.. يحكمه زعيم الأممية الإخونجية وخليفة المسلمين الحقيقي، السلطان أردوغان.. فتتحقق أوهامه الإمبراطورية تحت عباءة الدين ضدا في نظرية ابن خلدون التي تقول، أن الخلافة أمر بيد السماء، وهي وحدها دون سواها من تهيىء الظروف لإقامتها، وتختار من تتوفر فيه الشروط لتوليها، وتمهد له طريق النصر والتمكين، لا أمريكا وحلفها الأطلسي.

والمرجح بقوة، أن تتخذ دمشق الخيار الثاني، فتتدخل لإنقاذ مدينة كوباني السورية، لأن النظام لا يمكن أن يتعامل مع تحرير المناطق بانتقائية وفق معايير جغرافية، عرقية أو مذهبية، وهو الذي يرفع شعار العلمانية، والدفاع عن الحقوق والشرعية والقانون والأخلاق.. لكن أمام هذا التدخل شروط وعقبات ومحاذير كثيرة، أسوؤها احتمال الإحتكاك العسكري مع سلاح حلف واشنطن أو تركيا، لتكون ذريعة للرد، ما سيستدرج تدخل الحلف الأطلسي لحماية تركيا ضد “العدوان” السوري وفق مقتضيات البند 50 من إتفاقية الشراكة في حلف “الناتو”، بغض النظر عن شرعية هذا التدخل من عدمها من وجهة نظر القانون الدولي وفق قاعدة المعتدي والمعتدى عليه.

هنا تتحول المسألة إلى قضية إقليمية، وفي هذا الإطار تحديدا يفهم طلب إيران قبل يومين من دمشق، الترخيص لها في إطار إتفاقية الشراكة والتعاون الإستراتيجية التي تجمع البلدين، بالتدخل لمساعدة أبطال كوباني في الدفاع عن أنفسهم ضد الهجوم الإرهابي الغاشم.. وهي رسالة واضحة إلى تركيا والأطلسي، مفادها: أن إيران حاضرة بقوة في الميدان، وغطاء شرعي وقانوني من دمشق.

ونعتقد أن مثل هذا التدخل هو قائم بالفعل، لكن بأسلوب صامت وذكي، وإلا لما صمدت كوباني طول هذا الوقت، وأمريكا كانت تقول أن سقوط المدينة مسألة ساعات، ولما تراجعت “داعش” فجأة، من السيطرة على 40% قبل يومين إلى 20% اليوم من مساحة المدينة.. ولو لا هذا التدخل لما افتخر الأكراد بوطنهم سورية، ولما رفضوا قتال الجيش العربي السوري إلى جانب المعارضة، ليتحولوا إلى مرتزقة ضد وطنهم إرضاء لأوهام ديكتاتور تركيا.. وأيضا، لتظاهروا في عواصم العالم ضد الرئيس ‘الأسد’ بحجة أنه لم يعد يستطيع حماية شعبه، ولطالبوا بتدخل دولي لإنقاذهم. وهذا بالتحديد هو ما لم يحصا ويفسر بالتالي سر صمت القيادة السورية وهدوء الرئيس ‘الأسد’ وابتسامه في وجه زواره.

ومؤشر هذا التدخل الناعم، هو جنون وزير خارجية السعودية، الهزاز ‘سعود الفيصل’، وإعلانه في مؤتمر صحفي الإثنين، بمعية وزير خارجية ألمانيا في جدة، أن إيران تحتل العراق وسورية واليمن، وعليها أن تنسحب من هذه الدول إذا أرادت أن تكون مرحب بها في المنطقة.. فجاء الرد من طهران على لسان السيد ‘أمير عبد اللهيان’، ليذكر أمير الإرهاب والظلام، أن إيران هي من تقدم المساعدة في محاربة الإرهاب بطلب من العراق وسورية وفق القانون الدولي، وأن على السعودية سحب جيشها من البحرين إذا أرادت أن يكون هناك حل سياسي.. وهذا تصعيد جديد بين البلدين يؤشر إلى أن الأمور لا تبشر بخير، وأن رد السعودية على “غزوة صنعاء” سيكون بـ”غزوة لبنان”، فيما تهدد طهران بتعقيب رادع في البحرين، وإن عدتم عدنا.. لأن الرد بعد ذلك سيكون في قلب مملكة الظلام إنظلاقا من الشمال والجنوب والداخل بالتزامن مع انفجار المنطقة الشرقية تحت عنوان “ثورة المظلومين الشيعة ضد ظلم وفساد واستبداد وخيانة آل سعود اليهود”.

ما من شك، أن الطلب الإيراني، هو بحد ذاته إعلان رسمي عن إستعداد إيران دخول معترك الصراع غلنا ضد حلف المؤامرة على الأرض السورية كما هو الأمر في العراق، وهو موجه بشكل غير مباشر لتركيا، لكن وفق القانون والشرعية وبموافقة مسبقة من الحكومة السورية التي لم تعطي بعد ردها على الطلب الإيراني، لأسباب تكتيكية تتطلبها طبيعة المواجهة وحساسيتها، في إنتظار تطورات الميدان لخلق المفاجأة، وتحقيق نقاط إستراتيجية تربك حسابات واشنطن.. فتفشلها.

من هنا برز التقدير بأن “الأسد” يخفي مفاجأة من العيار الثقيل ستذهل المراقبين خلال الساعات والأيام القليلة القادمة.. وهذا أمر لا نتوفر على معلومات لتأكيده، لكنه وارد ومحتمل، بشهادة مسؤولين أمريكيين كبار، حين يقولون أن ‘بشار الأسد’ أصبح ينافس والده ‘حافظ الأسد’ في الإستراتيجية والتكتيك، الأمر الذي أذهلنا، بحيث كان يفشل كل إستراتيجية إعتمدناها بشكل لم نكن نتوقعه.

يضاف إلى ما سلف، التحذير الشديد اللهجة الذي وجهته طهران لأردوغان من مغبة المقامرة والدخول إلى الأراضي السورية، لأن مثل هذا العمل ستكون له تداعيات كارثية على تركيا والمنطقة برمتها.. ما يعني، أن تركيا لا يحق لها الدخول إلى الأراضي السورية حتى لو كان بحجة محاربة “داعش” لفك الحصار عن كوباني من دون موافقة الحكومة السورية.

تركيا فهمت أن إيران جادة في تحذيرها، وأنها لن تقعد متفرجة على ما يحدث لسورية والعراق ويخطط للبنان، ما دامت هي المستهدفة بالنهاية لخياراتها السياسية المعروفة، والمناهضة للهيمنة الأطلسية والإحتلال الصهيوني لفلسطين.. لأن ما خططت له تركيا وعرضته على أمريكا والحلف الأطلسي، هو مشروع خطير يستهدف إنهاء نفوذ إيران والسعودية ومحور المقاومة مجتمعا في المنطقة، ويضمن محاصرة روسيا وراء حدودها، ومنع الصين من ولوج الشرق الأوسط أو التوسع في إفريقيا.

ووفق المعلومات التي كشفت عنها جريدة البناء اللبنانية الإثنين، إستنادا إلى مصادر عسكرية وقنوات ديبلوماسية واستخبارية مطلعة على فحوى ما دار من حوار بين الأمريكيين والأتراك حول شروط مشاركتهم في حلف الدواعش، حيث دار خلاف كبير تمركز حول طبيعة العلاقة التي تربط القيادة التركية بـ”داعش”، ورفض واشنطن التهاون مع هذا الأمر، خصوصا بعد أن تبين من معارك عين العرب، أن هناك قرارا تركيا وراء توجيه “داعش” للإستيلاء على المدينة تحضيرا لمنطقة “آمنة” تفرض بأمر الواقع يتبعها حظر للطيران، لأن تركيا لا يمكن أن تقعد متفرجة على الصراع الدائر اليوم على أنابيب النفط والغاز وكعكة تقسيم المنطقة وتحديد نفوذ اللاعبين الكبار، ولا تفعل شيئا لفرض ما تعتقد أنه يجب أن يكون من نصيبها.

أردغان رفع من سقف المطالب وصعد من شروط مشاركته في تحالف الفاشلين، لعلمه أن القصف الجوي لن يحسم الحرب على “داعش”، وأن الجيش التركي وحده قادر على ذلك، لكن بعد إسقاط الأسد، وهذا الأمر يتطلب موافقة أمريكا على إقامة المنطقة العازلة التي ستكون منصة إنطلاق المقاتلين لغزوة دمشق، سواء أكانت معارضة معتدلة أو متطرفة.. لا يهم، فكلهم بالنهاية دواعش.

تركيا في هذا الإجتماع، وفق ما ينقل ديبلوماسي للصحيفة، كانت تلعب مع الأمريكي البوكير، لكن بورق مكشوف على الطاولة.. فجاهرت بحرصها على الحفاظ على مفاصل العلاقة مع “داعش” أمنيا وماليا، ووضع حدود جديدة لها تمنعها من التمدد لمناطق لا ترغب أمريكا أن تصلها. ليتبين أن خريطة الدولة الداعشية يجب أن تقطع العراق من الموصل إلى حدود الأردن والسعودية، كي لا يبقى لإيران طريق تواصل بري مباشر مع سورية.

الأمريكيون ذهلوا من خطة ‘أردوغان’ ولم يكونوا يتوقعون كل هذا الإنخراط التركي الأعمى في إستراتيجيتهم، لكن بأولويات لا تتوافق مع أولويات ‘أوباما’ وإن كانوا جميعا يتقاسمون نفس الأهداف، ففي ما تفضل أمريكا إشغال “داعش” في إنتظار الإنتهاء من إعداد جيش رديف من المعارضة “المعتدلة” للقيام بالعمل القذر، تشترط أنقرة هجوما بريا كاسحا على دمشق من الشمال والجنوب والشرق والغرب، يشارك فيه الجيش التركي و”داعش” و”النصرة” وكل الفصائل الأخرى المعارضة، وتتولى “إسرائيل” تغطية الهجوم من الجنوب.

إعلان طهران أن الرئيس “الأسد” خط أحمر ومحاولة إسقاطه لعب بالنار.. جعل أمريكا تتحفظ مؤقتا على خطة ‘أردوغان’، لأنها فهمت بوضوح أن سقوط كوباني وما سيتبعه من إقامة منطقة “آمنة” تتحول إلى عازلة بحظر جوي كأمر واقع، يعني ببساطة “الحــرب الشاملــة”.

وصلت الرسالة إلى ‘أوباما’ وفهم الجميع أن إستراتيجية الرئيس فشلت واصطدمت بحائط مسدود في مرحلتها الأولى.. وأن البانتاغون بصدد مراجعة الإستراتيجية في إجتماعات مغلقة مع ‘أوباما’ ومقربيه.. ونحن على يقين أن الجبل حين يتمخض يلد دائما فأرا.. فلننتظر قليلا، عسى أن يكون المولود هذه المرة قردا، يشبه ‘أوباما’ الذي عودنا القفز من شجرة إلى شجرة.



السهم الناري
السهم الناري
المراقب العام
المراقب العام

ذكر
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى