الدكتورة بثينة شعبان تكشف أسباب الحرب السورية وآفاق الحل السلمي الجزء الاول

سامي كليب: أهلاً وسهلاً بكم أعزائي المشاهدين إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج لعبة الأمم وكل عام وأنتم بألف خير. حين وصلت إلى دمشق قبل أيام لتصوير هذه الحلقة بدت حيوية مزدحمة السير، بعض الأحياء فيها مزدان بزينة عيد الميلاد خصوصاً في باب توما. سألت الناس عن السبب، يتحدثون عن عدة أسباب لكن أبرزها ربما تقدم الجيش في مناطق الغوطة الذي منع سقوط الكثير من القذائف على العاصمة السورية. عاصمة العروبة والقلب النابض للعرب كما كان يسميها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وهناك سبب آخر الحركة الدبلوماسية في هذه المنطقة التي تبدأ في موسكو وربما لا تنتهي في القاهرة، تنعش بعض الأمل. هل هذا الأمل صحيح أم هو مجرد وهم؟ لكن سؤالين أهم تبادرا إلى ذهني، السؤال الأول هل ما يحصل الآن في سوريا هو نتيجة ما حصل في السابق تحديداً؟ فشل المفاوضات الإسرائيلية السورية؟ هل هو فشل العلاقة الأميركية السورية خصوصاً أنها في بعض المراحل كانت جيدة؟ والسؤال الثاني ما هي علاقة ما حصل بدور سوريا في المنطقة وفي محيطها العربي وعلى المستوى الإقليمي والدولي؟ وجدت في الواقع الكثير من الأجوبة، الأجوبة المفيدة والمهمة في هذا الكتاب للدكتورة بثينة شعبان المستشارة الرئاسية السورية، "عشرة أعوام مع حافظ الأسد". في هذه الأعوام الكثير من الوثائق والأسرار التي ربما إذا اطلعنا عليها نفهم جزءاً أساسياً مما يحصل حالياً في سوريا. أهلاً وسهلاً بك دكتورة بثينة شعبان إلى هذه الحلقة من لعبة الأمم وأهلاً بكم أعزائي المشاهدين.
(فاصل)
سامي كليب: اهلاً بكم مجدداً وأهلاً بك دكتور بثينة شكراً لقبولك هذه الدعوة في مطلع العام الجديد لنبدأ بشيء من الأمل. الناس تريد أن تعرف هل هذه الحرب ستنتهي قريباً هل من أمل بنهاية هذه الحرب؟
بثينة شعبان: شكراً لحضورك إلى دمشق أستاذ سامي. في الحقيقة أنا أرى ما يجري في المنطقة ككل بمنظور مسار تاريخي ولذلك لا نريد أن نتحدث ببساطة بأنها ستنتهي قريباً أو لا تنتهي قريباً ولكني أريد أن أقول إن الأصعب قد مر بمعنى أن ما نفعله اليوم هو الخروج من النفق حتى في المفهوم النفسي والسياسي والاجتماعي والإدراك لما كان الهدف من هذه الحرب وما حققته هذه الحرب. كان الهدف خطيراً جداً من هذه الحرب..
سامي كليب: لو سمحت لي دكتورة، أنا آسف لمقاطعتك في بداية الحلقة، سنتحدث عن الأسباب ربما بتفصيل أكثر لكن في البداية الناس الآن في عام جديد تريد أن تعرف تريد أن يكون لديها بعض الأمل، هل هناك أمل بانتهاء الحرب؟
بثينة شعبان: الأمل موجود أكيد ولكن أنا أيضاً أريد أن أقول كلاماً له مصداقية وأريد أن أقول كلاماً أنا مقتنعة به وهو أننا ربما اليوم بدأنا في مسار مختلف من المسار الماضي، اليوم ندرك القيمة التاريخية لتضحيات الشعب السوري، والشعب السوري يدرك أن ما ضحى من أجله هو أمر في غاية الأهمية هو وجود سوريا..
سامي كليب: مسار أفضل؟
بثينة شعبان: طبعاً مسار أفضل بدون شك، وربما في العقود القادمة سيعرف العرب كم كان مهماً الموقف الذي وقفته سوريا والموقف الذي وقفه الشعب السوري لأن هذه الأمور لا تعطي نتائج بين عشية وضحاها ولا يمكن أن ندرك أهمية ما جرى ويجري الآن ولكن سوف ندركه في المستقبل. الحراك السياسي والمناخ السياسي والشعور الدولي العام حول ما جرى ويجري في سوريا يبشر بنتائج أن العالم بدأ يقدّر ما هو موقف سوريا وبدأ يتفهم هذا الموقف.
سامي كليب: هل الدولة مرتاحة أكثر الآن عسكرياً وسياسياً؟ هل هناك أسباب لهذه الراحة؟
بثينة شعبان: دون شك، الدولة والشعب مرتاحان أكثر، الدولة تمثل الشعب لكن النبض الشعبي والدولة مرتاحة أكثر لأن الشعور هو أن كل ما جرى وما حدث كان جداً خطيراً وأن أداء الشعب السوري والجيش السوري والحكومة السورية كان مشرّفاً.
سامي كليب: البعض يقول ربما لو تنحى الرئيس بشار الأسد منذ بداية الأزمة لكنا وصلنا إلى ما وصلت إليه تونس وكان الوضع أفضل وارتاح البلد؟ ما هو ردك؟

بثينة شعبان: كل المقولات التي قيلت منذ بداية الأزمة برهنت أنها مقولات مرتبطة بمخطط صهيو- أميركي هدفه وجه المنطقة ككل وجيوش المنطقة واستقرارها وهويتها. ما استهدف في سوريا هو هوية سوريا.
سامي كليب: ولكن كانت هناك معارضة تطالب بإصلاح..
بثينة شعبان: المعارضة في كل أنحاء العالم هي المعارضة التي تحرص على الوطن ولا يمكن أن أسمي من دمر معامل ومدارس وأسواق وناساً وخطوط نفط بالمعارضة..
سامي كليب: كل الناس دمروا، بعض الأطراف التي تدعمها المعارضة وأيضاً الجيش دمّر..
بثينة شعبان: الجيش لم يدمّر شيئاً، الجيش حاول أن ينقذ وأن يدافع عن الشعب والبلد والمؤسسات ومصير البلد، هناك فرق بين أن تحاول ان تحمي مدينة وربما لكي تحمي هذه المدينة ينتج أضرار هذا معروف في العالم كله وبين من قتل وذبح وهدم ودمر هناك فرق كبير.
سامي كليب: هل هناك فرق بين المعارضات دكتورة بثينة، لأننا نحن الآن على ما يبدو نتجه إلى نوع من الحوار مع أطراف معارضة، هل بدأ يتكون طرف معارض يمكن أن يكون أكثر راحة للحوار معه مثلاً؟
بثينة شعبان: نحن نرجو ذلك، نحن منذ بداية الأزمة منذ 2011 أنا شخصياً حاورت أكثر من شخصية معارضة بتوجيه من الرئيس بشار الأسد، نحن كان هدفنا أن نتحاور وأن نصل وتتذكر حضرتك اللقاء التشاوري الذي عقد في صحارى في تموز/ يوليو 2011..
سامي كليب: والمفاوضات في جنيف أيضاً..
بثينة شعبان: قبل في 2011 عقد في سوريا اللقاء التشاوري ولكن المشكلة التي أريد من المشاهد العزيز أن يفهمها أنه لا توجد معارضة في العالم معارضة مسلحة ومعارضة تقتل وتدمر..
سامي كليب: كل المعارضة تقتل وتدمر؟ هناك أطراف جيدة..
بثينة شعبان: كلا أنا لا أقول كل المعارضة، ولكن أنا أقول ماذا حدث لبلدي. ما يهمني في مدينة حلب أن مئة معمل دمر وفكك وهرّب. معمل معرة النعمان للفسيفساء هرّب إلى خارج البلد..
سامي كليب: إلى تركيا
بثينة شعبان: إلى تركيا، أن ألفي مدرسة قد دمّرت، هذا ما يهمني. أستاذ سامي، إذا سمحت لي أريد أن أخرج من المفهوم الذي صنعه الغرب لنا إلى المفهوم الذي يؤمن به الغرب لنفسه. المفهوم الذي يؤمن به الغرب هو المعارضة الوطنية الحريصة على الوطن على دمائه ومؤسساته. حين تزور كندا حضرتك تلتقي بالحكومة وتلتقي بالمعارضة لأن الاثنين هما مسؤولان عن هذا البلد. أما أن تصنّع لنا معارضة قاتلة مجرمة ومدمرة فهذا أمر غير مقبول. أنا لا أتهم من يعارض بهذا الأمر ولكن أقول ما حدث لبلدي هو نتيجة هذه المفاهيم التي صنّعت خصيصاً لسوريا والعالم العربي.
سامي كليب: دكتورة بثينة لكي لا نطيل الحديث عن المعارضة، في بعض الدول المعارضة حين تعمل فيها لا تسجن. هنا المعارضة في الداخل أيضاً تسجن، كيف تريدين أن ترتاح وتتحاور مع النظام إذا كان بعض المعارضين يسجنون؟
بثينة شعبان: المعارضة لا تُسجن، هناك أمور يسجن من أجلها أشخاص وليس الرأي السياسي الذي يُسجن من أجله الشخص. كما قلت نحن ندور في فلك إعلامي ليس من صنعنا. ندور في فلك إعلامي من صنع من يستهدف سوريا والعرب وللأسف ليست لدينا الأدوات الكافية لمقاومة هذا المناخ.
سامي كليب: على كل حال كان الحديث سيطول عندك رجاء الناصر ولؤي حسين وأناس آخرون من معارضة الداخل..
بثينة شعبان: لؤي حسين اعتقل بحكم جنائي وليس لأنه معارضة..
سامي كليب: وهل كان سجنه ضرورياً في وقت التحاور والتفاوض؟
بثينة شعبان: أنا أقول إن الكثير من التهم والأقاويل تقال وتقدّم بشكل سياسي وهي ليست سياسية ولكن الهدف الأخير من كل ما يجري هو بلدنا ولذلك يجب نحن والمعارضة وكل إنسان يحب سوريا، يجب أن نبذل كل ما في وسعنا من أجل حماية سوريا شعباً وأرضاً.
سامي كليب: على كل حال أنت لست ضابط أمن، سأوجه لك أسئلة كمستشارة تعنين بالشأن السياسي..
بثينة شعبان (مبتسمة): ربما أنت ضابط أمن لا أعرف..
سامي كليب: يا ليت كنت أفرجت عن كل السجناء.. هناك همروجة حل سياسي الآن في المنطقة، روسيا تتحرك، مصر تجمع بعض المعارضين، يحكى عن كثير من الأمل باحتمال عقد مؤتمر للمعارضة في موسكو ثم لقاء بين المعارضة والدولة السورية. وحضرتك كنت في الوفود التي ذهبت إلى الخارج وذهبت إلى روسيا وكان استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً لمعالي الوزير وليد المعلم أكثر من إشارة لافتة. هل هناك أمل ببداية حوار سياسي جدي؟
بثينة شعبان: أكيد الأمل دائماً موجود. في الحقيقة نحن حين ذهبنا إلى قطر في تشرين الثاني عام 2011 كانت خطة الجامعة العربية هي أن تجمع الجامعة العربية الحكومة والمعارضة في حوار من أجل حل الأزمة منذ ذلك الوقت، منذ كانون أول/ ديسمبر 2011. ولكن الجامعة العربية ومن كان يقودها في ذلك الوقت تخلوا عن معادلة وجود الحكومة مع المعارضة وتبنوا فقط اللقاء بالمعارضة. لذلك هناك خطأ سياسي فظيع ارتكب بحق سوريا وبحق ما يجري في سوريا. الآن المطروح هو حوار بين من يمثل الحكومة ومن يمثل الشعب ومن يمثل المعارضة، حوار في موسكو، وسوريا قد وافقت على هذا الحوار السوري السوري..
سامي كليب: هل هناك خطوط حمراء على المعارضة؟
بثينة شعبان: ما سوف يحدث لاحقاً هو أولاً لقاء تمهيدي تشاوري أي أن يجلس الجميع حول طاولة مستديرة وأن يتشاوروا جميعاً في كيفية عقد مؤتمر..
سامي كليب: حين نتحدث عن لقاء تشاوري أي بين المعارضة والدولة؟
بثينة شعبان: نعم بين المعارضة والدولة، ما سوف يجري هو لقاء تشاوري تمهيدي أي أن يجلس الجميع حول طاولة مستديرة ويتحدثوا عن الأسس التي يجب أن يعقد مؤتمر للحوار وفقها..
سامي كليب: هل هناك أمل للاتفاق لأننا رأينا في جنيف كانت هناك مصائب وفشل مؤتمر جنيف، الآن هل هناك أمل أكثر؟ هناك استعداد عند الطرفين، لنكن واضحين دكتورة بثينة هل هناك استعداد أكثر عند الطرفين، عند المعارضة وفق معلومات الروس وعندكم أن تتجنبوا المطبات التي حصلت في جنيف؟
بثينة شعبان: أكيد، هذا الأمل موجود. المشكلة في جنيف وحضرتك كنت موجوداً أستاذ سامي أن طرف المعارضة كان يجتمع به من يستهدف سوريا كل يوم ويقول له ماذا يجب أن يتكلم. أيضاً حين نتحدث عن الطرفين، ليست هناك مقارنة بين حرص الدولة السورية على سوريا وبين بعض الأطراف..
سامي كليب: كانوا يتشاورون مع حلفائهم كما أنتم تتشاورون مع حلفائكم..
بثينة شعبان: هؤلاء ليسوا حلفاء..
سامي كليب: للمعارضة هم حلفاء..
بثينة شعبان: هم ضد البلد..
سامي كليب: طيب حلفاء المعارضة
بثينة شعبان: إذاً المعارضة ضد البلد، إذا كان حليف ضد البلد وهناك مواطن مع هذا الحليف فهو ضد البلد..
سامي كليب: هم يعتبرون أيضاً أن روسيا وإيران حلفاءكم ضد البلد. كل واحد يعتبر هذا الشخص ضد البلد وذاك الشخص ضد البلد..
بثينة شعبان: الأمر ليس مزاجاً وليس رأياً شخصياً. هناك تاريخ. لدينا علاقة مع روسيا منذ الخمسينيات وروسيا دائماً كانت بلداً صديقاً ومساعداً وإيران دائماً كانت بلداً حليفاً ومساعداً، أما حين تريد هذه المعارضة أن تعتبر أن الولايات المتحدة الأميركية التي أخذت 35 فيتو ضد القضية الفلسطينية هي بمثابة حليف فهذه مشكلة..
سامي كليب: انتبهي دكتورة هذا فخ، بعد قليل سنشاهد العلاقة الجيدة التي كانت بين أميركا وسوريا أيضاً..
بثينة شعبان: ليس لدينا مانع أبداً على أساس الندية والاحترام..
سامي كليب: هل الأميركيون مؤيدون للمسعى الروسي حالياً؟ هناك كلام عن تنسيق بين الجانبين..
بثينة شعبان: لقاء روبن شتاين مع معاذ الخطيب وقدري جميل في جنيف منذ أيام يري أن الأميركيين يتحركون في الاتجاه نفسه، ولكن برأيي الشخصي إن الأميركيين يريدون أن يروا ماذا تستطيع روسيا أن تفعل، إذا وجدوا الأمر مناسباً ويخدم مصالحهم يمكن أن ينضموا وإذا رأوا غير ذلك يمكن أن يعلنوا عن رأي مختلف. لذلك حتى اليوم لم تعلن الولايات المتحدة حتى اليوم عن أي رأي بالحوار في موسكو.
سامي كليب: روبرت فورد في كتاب الطريق إلى دمشق للكاتبين الفرنسيين جورج مالبرونو وكريستيان شينو يقول بالحرف الواحد إن المعارضة لم يكن لديها أبداً ولا في أي مرة مشروعاً موثوقاً كبديل للرئيس بشار الأسد. حضرتك ذهبت في مرحلة معينة إلى النروج والتقيت جيفري فيلتمان الآن هو مساعد للأمين العام للأمم المتحدة ولكن جيفري فيلتمان سفير سابق وكان لديه دور في الإدارة الأميركية وأيضاً التقيت جيمي كارتر الرئيس الأميركي الأسبق في النروج. هل شعرت من خلال لقاءاتك مع الأميركيين أن هناك بداية تغيير حيال سوريا؟ بداية فهم أكثر لما يجري في سوريا؟ بداية تقارب مع سوريا؟
بثينة شعبان: على الأقل شعرت أن هناك بداية فهم للأخطاء التي ارتكبوها في سوريا وأنهم مقتنعون أن الطريق الذي ساروا به لن يؤدي إلى أي مكان..
سامي كليب: هل يمكن أن تعطيني مثالاً؟
بثينة شعبان: مثلاً حين جلست مع جيفري فيلتمان أول شيء قاله لي نحن نعلم أن الرئيس الأسد باق، كان هذا بعد الانتخابات، في عشرين حزيران/ يونيو. ولكن نريد أن نبحث عن طريقة لكيفية التعامل والرئيس أوباما قد طلب من الرئيس الأسد أن يتنحى. فقلت له أنت تعرف العربية، التراجع عن الخطأ فضيلة. إذا كان أخطأ الرئيس أوباما لا يعني أنه يجب أن يستمر في الخطأ..
سامي كليب: كما حصل في كوبا الآن
بثينة شعبان: والرئيس كارتر كان جداً متحمساً لتغيير الموقف الأميركي وأعلن في مداخلته في المؤتمر الذي ذهبت في الحقيقة من أجل حضوره، أعلن أنني نصحت الإدارة الأميركية ألا تطلب من الرئيس الأسد أن يتنحى وطلبت منه والآن أنصح الإدارة الأميركية أن تتحدث مع الرئيس الأسد.
سامي كليب: لكن فيلتمان أهم، فهمت من فيلتمان أنهم الآن يعدون العدة للتعامل مع الرئيس الأسد كرئيس باق؟؟
بثينة شعبان: شعرت أنهم يبحثون عن طريق وليسوا متأكدين أي طريق سوف يسيرون عليه. أيضاً نحن لدينا مشكلة كعرب أننا نفكر أن الغرب دائماً واضح وعارف وجاهز، كلا هم مربكون..
سامي كليب: شعرت بيأس من المعارضة عند فيلتمان؟
بثينة شعبان: شبه يأس وشعرت أول شيء بإرباك أميركي تجاه سوريا وما يجري في المنطقة..
سامي كليب: ولكن فيلتمان قال لك شيئاً محدداً؟
بثينة شعبان: لم يقل لي شيئاً عن المعارضة ولكن قال لي إن هناك الكثير من الأمور التي لم تكن كما تصورنا لذلك واضحة المسألة..
سامي كليب: بما فيها بقاء الجيش السوري يقاتل أربع سنوات..
بثينة شعبان: الحمد لله..
سامي كليب: حسب ما فهمت، أكدي لي السر أو لا، أن الرئيس السابق جيمي كارتر دعاك للمشاركة بعيد ميلاده التسعين، صحيح؟
بثينة شعبان: نعم صحيح، حين التقيت بالرئيس كارتر في حزيران/ يونيو 2014 قال لي وما شاء الله هو يتمتع بصحة جيدة ووعي ثاقب وأهديته كتابي وأهداني كتابه، فقال لي عيد ميلادي التسعين في تشرين وقال لي لو كنت تستطيعين المجيء كنت أتمنى أن تكوني في عيد ميلادي التسعين. فقلت له بما أنني لن أستطيع المجيء وأنا معك الآن أريد أن أسألك في عيد ميلادك التسعين خصوصاً بالنسبة لسوريا ما الأمر الذي تأسف عليه.. قال لي آسف أني لم أستطع أن أحضر الرئيس حافظ الأسد إلى أميركا مع أنني قلت له أني أجمع لك أعضاء الكونغرس وتلقي كلمة فيهم ولكن لم أستطع أن أجعل الرئيس حافظ الأسد يزور أميركا..
سامي كليب: ما السبب بشكل سريع الذي كان يدفع الرئيس حافظ الأسد إلى رفض الذهاب إلى أميركا؟
بثينة شعبان: الرئيس حافظ الأسد كان يرفض الذهاب طالما هناك أراض عربية محتلة، كان يقول لهم إن شعبي لا يقبل أن أزور بلداً يؤيد بشكل مطلق عدواً محتلاً لأرضي للجولان وللأرض العربية. كان بالنسبة له هذا الموضوع محسوماً.
سامي كليب: وربما الجيل الجديد لا يعرف أنه هو فرض على الأميركيين في جنيف أو في دمشق..
بثينة شعبان: صحيح في جنيف أو دمشق، وكل الرؤساء حتى الرئيس بوش وكلينتون حاولوا أن يتحدثوا معه عن زيارة الولايات المتحدة لكن جوابه كان قاطعاً دائماً..

سامي كليب: دكتورة بثينة الآن الغرب وأنا كنت مؤخراً في أوروبا وسمعت من الفرنسيين قلقاً جدياً وخوفاً جدياً من عودة تكفيريين وإرهابيين يعودون من الأراضي السورية لعندهم.. قبل أيام قالت وزارة الداخلية إن أكثر من 60 شخصاً من حاملي الجوازات الفرنسية قتلوا على الأراضي السورية ولا يزال هناك أكثر من 300. عندكم معلومات دقيقة حول الأجانب الذين يقاتلون في سوريا؟
بثينة شعبان: حاولت أن أقاطع كل المعلومات المتوافرة في البلد وآخر رقم توصلت له أنه يوجد 20 ألف أجنبي واذا ضممت العرب يكون لديك ستون ألف مقاتل عربي وأجنبي في سوريا..
سامي كليب: الآن يقال إن كل هذه الدول تأتي إلى سوريا، وفود أمنية تأتي وتتعاون مع الأمن السوري تحديداً لهذا القلق من أن بعض المقاتلين قد يعودون، لأنه كان هناك اعتقاد أنه يأتي بعض المقاتلين إما ليقتلوا في سوريا أو ليبقوا هنا؟
بثينة شعبان: هذا يريك سذاجة الغرب في هذا الموضوع في الحقيقة، يعني كيف يتوقع الغرب أو حتى الولايات المتحدة أن يأتي أناس من هناك ويمتهنون مهنة الإجرام ثم هم يبقون بريئين ولا يذهب أي مجرم إليهم ولا يتأثرون، إذا درست التركيبة الاجتماعية سواء للولايات المتحدة أو لأوروبا أنا اتوقع أنه خلال عشر سنوات سيواجهون المشاكل نفسها التي يواجهها العالم العربي وخصوصاً أن العرب والمسلمين وكل الفئات موجودة في كل مكان.
سامي كليب: يطلبون منكم أسماء ولوائح؟ لأنه قدمت لوائح إلى الأمم المتحدة وقدمت حتى إلى بعض الدول الغربية عبر الروس حسب ما فهمت؟
بثينة شعبان: صحيح، نحن رفضنا التعاون الأمني ما لم يكن مقترناً بالتعاون السياسي، يعني نحن لسنا جمعية خيرية نقدم له معلومات تحفظ أمنه وبنفس الوقت لدينا مجرمون هنا يهاجمون جيشنا ويقتلون أبناءنا، نحن نعالج الموضوع كدولة..
سامي كليب: تتشاركون الآن في قتال داعش، أنا أسأل دائماً، دائماً تنفون أي تواصل مباشر مع الأميركيين ولكن في نهاية الأمر حين تصعد طائرة سورية إلى السماء وطائرة أميركية ألا تتبادلان المعلومات؟ كيف تقصفان المكان نفسه؟
بثينة شعبان: أنا حسب معلوماتي هناك إخطار لنا حين يريدون أن يقصفوا مكاناً ما، ونحن بلدنا حين تريد أن تصعد طائرة لدينا من يحسب الحسابات ويقرر إذا كانت هذه الطائرة ستصعد و..
سامي كليب: وتخطئون؟
بثينة شعبان: كلا لا أعتقد ذلك أبداً..
سامي كليب: دكتورة ربما المشاهد الآن يقول جئنا لنتحدث عن الكتاب ونتحدث عن مواضيع أخرى، انا أعدكم أعزائي المشاهدين، بعد لحظات سوف نقرأ الكثير من الأسرار عن تلك المفاوضات بين الرئيس حافظ الأسد وبين الأميركيين ومع الإسرائيليين أيضاً. سوف تكتشفون الكثير من الأمور التي ربما نجهلها والأهم أو ربما ليس الأهم، هي قصة كيفية تعرف الدكتورة بثينة شعبان إلى الرئيس حافظ الأسد حين كانت شابة في مقتبل العمر لا بل طالبة. ولكن قبل أن نصل إلى ما بعد الفاصل لنتحدث عن هذا الموضوع. أود أن أسألك هل فهمتهم كقيادة سورية الآن بعد اربع سنوات من الحرب ما هو المطلوب من سوريا إقليمياً ودولياً؟


بثينة شعبان: المطلوب من سوريا دولياً وإقليمياً هو الذي كان مطلوباً من سوريا دائماً حتى في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد. وهو أن لا تكون دولة مقاومة وأن لا يكون لديها جيش عقائدي وأن لا يكون لديها القرار المستقل، استقلالية القرار واستقلالية الإرادة هما المستهدفان الأساسيان في هذه الحرب ضد سوريا كما كانت مع الإخوان المسلمين في الثمانينات كما كانت في كل مفصل عانت منه سوريا من إجرام ودمار وتدميرـ هذا هو القول الفصل في هذا الموضوع. وليست سوريا فقط. إذا ألقينا أستاذ سامي نظرة نرى أن الجيش المصري مستهدف والجيش اللبناني مستهدف والليبي والسوري والسوداني واليمني يعني الصراع العربي الإسرائيلي لا بد أن نؤمن جميعاً أنه جوهرة التاج وهو البوصلة التي توجه كل هذا الدمار الذي يوجه إلى العالم العربي وإذا نظرنا إلى الاستفادة الكبرى التي جناها الكيان الصهيوني خلال هذه الأربع سنوات لأدركنا ذلك. والآن ما يسمون المسلحون الإرهابيون الذين يذهبون إلى المشافي الإسرائيلية منذ أكثر من عام وما يحدث في القنيطرة والجولان واضح أن إسرائيل لها اليد الطولى في هذا الإرهاب الذي يضرب سوريا.
سامي كليب: ذكرت على الأقل خمس دول تشترك في شيء واحد أنها كانت تدعم القضية الفلسطينية، العراق الجبهة الشرقية، سوريا، الجزائر مهمة جداً، اليمن، السودان، ليبيا، ومصر..
بثينة شعبان: لبنان
سامي كليب: هذه الدول التي إما دمرت جيوشها أو دمرت أو قسمت..
بثينة شعبان: صحيح لا شك أن ما يجري في العالم العربي وربما نحن اليوم نقرأ ما جرى في كوبا أفضل مما قرأه الشهيد تشي غيفارا في ذلك الوقت ونعلم ماذا جرى وخلال الوقت القادم سوف يكتشف العالم ويؤمن أن الصراع العربي الإسرائيلي هو السبب الأساسي لما يضرب هذه البلدان من دمار، تدمير العراق، لمصلحة من أو ضرب الجيش السوري أو الجيش الجزائري كما تفضلت حيث عشر سنوات من الإرهاب. لذلك الحل في رأيي ليس في مقاومة هذا الإرهاب وإنما في أن يشعر العرب أنهم عرب وأنهم جميعاً مستهدفون وأن يوحدوا الكلمة والصف في وجه هذا الإرهاب الذي يستهدفهم جميعاً..
سامي كليب: بدأوا يشعرون لأن هناك كلاماً الآن مثلاً المملكة العربية السعودية التي طبعاً سنّت الكثير من القوانين ضد الإرهاب بدأت تتقبل مبادرة دي ميستورا؟
بثينة شعبان: في الحقيقة قرأنا هذا الشيء لكن أيضاً هنا عامل الوقت مهم جداً، يعني نحن نضيع سنوات وسنوات وجهوداً كبيرة في الوقت الذي يستفيد فيه عدونا من كل لحظة ودقيقة سواء في الاستعمار في فلسطين أو في علاقاته الدولية أو ما تبجح به أثناء العدوان على غزة في 2014 بالعلاقات مع العرب. يعني نتنياهو قال لأول مرة وأهم شيء أن بعض الدول العربية أيدتنا ضد الفلسطينيين.
سامي كليب: تفضلي القليل من القهوة، نستريح مع موجز للأنباء فقط للحظات ثم نواصل هذه الحلقة من لعبة الامم أعزائي المشاهدين إبقوا معنا لو سمحتم سنتحدث عن كثير من الأمور المهمة في هذا الكتاب عشرة أعوام مع حافظ الأسد، سنحاول أن نختصرها في الساعة المتبقية إبقوا معنا لو سمحتم.
(فاصل)