تجارة الدين والوطن ..

المسماري يمسك شنابه .. مطلل يحلف بالطلاق .. الناظوري يهتف بالكرامة .. بوخمادة يهز عصاه بقسم السيادة .. عقيلة يكشر عن ماتبقى من أسنانه بقول الجيش خط أحمر .. نواب باليرمو ومشيرهم يفاوضون على منصب قائد الجيش ..
وفبرايري الشرق يبكون وصاية ايطاليا غربا .. وفبرايري الغرب يبكون وصاية فرنسا شرقا .. والقنوات الفبرايرية تضج بالنخب من سياسيين ومحللين ومثقفين ونشطاء ، وجميعهم يصرخون بالسيادة ، ويشتمون السراج ، ويذرفون الدموع على التواجد الإيطالي ، وكأنه هو من تجاوز المحرمات وأسقط القدسية وباع الضمير .
وبينما أنا أتابع ذلك حظر بذهني نص ورد في كتاب الصهيوني برناردليفي في كتابه ( الحرب دون أن نحبها ) يقول فيه ::
قال جيل للرئيس عبدالجليل ( إذا أردتم أن نساعدكم فعليكم أن تساعدونا بطريقة ما ، وهذا مافعله أليشا بيغوفيتش رئيس البوسنة والهرسك لحظة حصار سراييفو ، فقد أوصلنا إلى قواده ، وإلى خطوطه على الجبهة ، وإلى أرشيفاته العسكرية ، وإلى بعض أسراره ، ونحن ننتظر منكم الشئ نفسه ، ننتظر الوصول نفسه إلى قواتكم الخاصة ، وإلى معسكراتكم التدريبية ، إلى مراكزكم الإسترتيجية ، وإلى قيادتكم العليا ، فهذا في منتهى الأهمية )
ويضيف واصفا إستجابة مصطفى عبدالجليل بعد سماع هذا الكلام مباشرة ::
( فيما أتصل بالقوات الخاصة ، ومعسكرات التدريب ، وخطوط الجبهة سوف نراها غدا أو بعد غد )
...
يبقى السؤال :: لن نقول أين كان أباؤكم وأجدادكم ، لكن أين كان كل هؤلاء النخب والفلاسفة والجنرالات المتباكين عن السيادة والكرامة في ذلك الوقت ؟
أم أن السيادة والكرامة والإستقلال ليست مبادئ وثوابت ، بل تخضع لبورصة المصالح وتحكمها المواسم والفصول ؟