الحلقة 8: محمية قطر.. الدور والهدف.. تعددت الأطراف والمؤامرة واحدة مصر في دائرة الاستهداف القطري.. تنسيق مع أميركا و«إسرائيل»

بدأت قطر مخططاتها ضد مصر منذ عام 2006، وإن كان التنفيذ لم يبدأ إلا في عام 2011 مع بدء التظاهرات والاحتجاجات المليونية التي غطت ساحات وشوارع العاصمة القاهرة لأسابيع قبل أن يعلن الرئيس حسني مبارك التنحي.. عندها لم يكن الدور القطري ظاهراً في أي من التفاصيل باستثناء التغطية الكاملة والمباشرة التي اعتمدتها قناة «الجزيرة» للميادين المصرية، وهو الأمر نفسه اعتمدته في تونس وليبيا، حتى هذه التغطية حينها لم تكن تثير الشبهة إلا قليلاً، فالجميع كان مقتنعاً وموقناً أن ما يحدث هو ثورة عفوية غير مخطط لها في أي من تفاصيلها... ثم بدأت التفاصيل الخطيرة تتكشف عن الدور القطري ومن ورائه الدور الأميركي تمويلاً وتدريباً.
في «القمة العربية» الأخيرة التي استضافتها الدوحة في 27 آذار من العام الحالي 2013، كان لافتاً ومستغرباً ذلك الاستقبال قليل الشأن الذي لقيه الرئيس المصري محمد مرسي من المشيخة القطرية لدى وصوله إلى مطار الدوحة، على الرغم أنه كان من المفروض حصول العكس تماماً باعتبار أن مرسي من نتاج ذلك «الربيع العربي» الذي ترعاه المشيخة بزعم «دعمها الديمقراطية والحريات» في الدول العربية (مرسي كان في استقباله أحد نواب الأمير وليس الأمير نفسه كما كان الحال مع بقية الرؤساء).. هذا الاستقبال كَبُر مقتاً لدى المصريين الذين رأوا فيه استهانة وإهانة لدولتهم الكبرى مقابل المشيخة القطرية الصغيرة، عدا عن أنه أثار الكثير من التساؤلات والتكهنات عن حقيقة هذه الإهانة وهل تعمدتها قطر ولاسيما أن عدة وسائل إعلام مصرية كانت تناقلت قبيل «القمة العربية» حديثاً عن مقرب من الأمير القطري روى فيه أن هذه الأخير قال له في جلسة خاصة: إن مرسي، ومثله الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، ممنوع عليهما التصرف بأي أمر قبل أن يعودا إلى حكام قطر حتى على مستوى استقبال أي موفد أو مسؤول.
كل ذلك دفع الخارجية المصرية إلى إصدار بيان في 27 نيسان تسوغ فيه لماذا لم يستقبل الأمير حمد الرئيس مرسي قائلة: «إن العادة جرت في مثل هذه المؤتمرات أن يخصص رئيس الدولة المضيفة وقتاً محدداً يوجد خلاله في المطار لاستقبال ضيوفه.. بعدها يكلف من ينوب عنه».
البيان على الأغلب لم يكن مقنعاً، ولاسيما للمصريين الذين يجدون أنفسهم يوماً بعد يوم أمام ما يتكشف من حقائق عن الدور القطري الخطير في بلادهم منذ سنوات وليس فقط منذ تسلم الإخوان المسلمين مقاليد السلطة في مصر في 30 حزيران 2012، وأمام حقائق ما تخططه قطر للاستحواذ على القرار السيادي المصري سياسياً واقتصادياً وعسكرياً تحت ستار المساعدات المالية والدعم للثورة، مع اقتناعهم بأن كل ما يُكشف تباعاً ما هو إلا جزء بسيط جداً مما جرى ويجري وراء الكواليس استهدافاً لمصر ودورها العربي..

بداية المخطط

بعض الحقائق كانت صادمة، فقطر بدأت مخططاتها ضد مصر منذ عام 2006، وإن كان التنفيذ لم يبدأ إلا في عام 2011 مع بدء التظاهرات والاحتجاجات المليونية التي غطت ساحات وشوارع العاصمة القاهرة لأسابيع قبل أن يعلن الرئيس حسني مبارك التنحي.. عندها لم يكن الدور القطري ظاهراً في أي من التفاصيل باستثناء التغطية الكاملة والمباشرة التي اعتمدتها قناة «الجزيرة» للميادين المصرية، وهو الأمر نفسه اعتمدته في تونس وليبيا، حتى هذه التغطية حينها لم تكن تثير الشبهة إلا قليلاً، فالجميع كان مقتنعاً وموقناً أن ما يحدث هو ثورة عفوية غير مخطط لها في أي من تفاصيلها... ثم بدأت التفاصيل الخطيرة تتكشف عن الدور القطري ومن ورائه الدور الأميركي تمويلاً وتدريباً.
هنا نريد التوضيح منذ البداية أنه عندما نتحدث عن الدور القطري في ساحة الثورة المصرية لا يعني هذا بأي حال أننا نعادي هذه الثورة، بل نحن نعني الدور القطري التخريبي الذي وجد في امتداد «الربيع العربي» إلى مصر فرصته المواتية تماماً لتخريب وتدمير مقومات الدولة والمجتمع المصري تماماً كما حدث في ليبيا وتونس واليمن.. ونحن هنا لا نعتقد مطلقاً بأن قطر هي من أنتجت أو صنعت الثورة المصرية، فهي أعجز من أن تقوم بذلك لأن دورها فقط هو تخريب هذه الثورة واستغلالها لنشر الفوضى وإضعاف الدولة المصرية، وهذا أساساً ما كانت تخطط له منذ عام 2006 بترتيب وتنسيق مع الولايات المتحدة.. وحسب المحللين فإن الولايات المتحدة التي تستمر متعثرة في هدف تحقيق الاختراق المطلوب في الساحات العربية ومنها المصرية، ومعها يستمر الحليف الإسرائيلي عاجزاً عن تحقيق هذا الاختراق، لم يكن أمامها من بديل إلا إعادة الاختراق وفق مخططات جديدة وأطراف جديدة، فكانت قطر، التي قدمت أوراق اعتمادها لهذه المهمة منذ انقلاب القصر عام 1995 وتسلم الحمدين (الأمير والوزير) مقاليد الإمارة والتوجه بها مباشرة نحو حلف مع الكيان الإسرائيلي على حساب الأمة العربية وقضاياها.
إذاً كانت قطر الأداة.. والمقابل هو الحماية الأميركية تماماً مثلما كان حال قطر تحت الحماية البريطانية منذ نشأتها عام 1886 حتى استقلالها عام 1971 وتسويغات حكام قطر لذلك هي ما يسمونه «مطامع الجوار»، فحسب الحمدين لولا هذه الحماية «لكان الأشقاء احتلوا قطر في يوم وليلة».. وفي إطار الحماية الأميركية تلك فإن كل الدول العربية مستهدفة.. وكل العرب سيكونون فريسة لأميركا و«إسرائيل» بعد أن يقوم الحمدان بتسليمهما مفاتيح أبواب العرب تباعا.... وفي زمن «الربيع العربي» لم يعد محرماً بالنسبة لحكام قطر المجاهرة بالتحالف مع أميركا و«إسرائيل» ضد العرب والعروبة، كما لم تعد العلاقة مع «إسرائيل» محكومة بالسرية بعد أن تكشف الجزء الأكبر من الدور الإسرائيلي- الأميركي المنسق مع قطر في هذا «الربيع»، وحسب صحيفة «كلكليست» الاقتصادية الإسرائيلية (في عددها في 2 نيسان 2013) فإن أكثر من مسؤول قطري يستعد لزيارة «إسرائيل» علناً خلال الأشهر المقبلة منهم أحد أفراد العائلة الحاكمة وهو خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس غرفة قطر التجارية.

التمويل والتنفيذ

..بالعودة إلى الدور القطري التخريبي في الساحة المصرية، لابدّ من إعادة التذكير بأنه بدأ يتبلور فعلياً على الأرض –تخطيطاً- منذ عام 2006.
البداية كانت من المنتدى الذي عقد مطلع شباط عام 2006 في الدوحة تحت عنوان «منتدى المستقبل» وسط اهتمام كبير من قبل الإدارة الأميركية.
عن هذا المنتدى نشر الباحث عبد العزيز الخميس، الذي كان أحد المدعوين، دراسة كشف فيها ما تخططه قطر وأميركا للعرب.
وروى الخميس حادثة جرت خلال جلسات المنتدى، مفادها أن الدكتور عبد العزيز الدخيل الاقتصادي السعودي المعروف خرج غاضباً من أحد الاجتماعات وسارع إلى غرفته في الفندق لجمع أغراضه عائداً إلى بلاده على متن أول طائرة بعدما اكتشف -حسب أقواله- أن هذا المنتدى ما هو إلا مؤامرة أميركية على الدول العربية تحت ستار «الحريات وحقوق الإنسان ونشر ثقافة التغيير، وأن هناك مخططاً قطرياً- أميركياً يُعد في هدوء قوامه «التحفيز على الإصلاحات ودعم ما يسمى مؤسسات المجتمع المدني».
بعد انتهاء المنتدى خرج ما أطلق عليه حينها «مشروع مستقبل التغيير في العالم العربي» وتم توزيع المهام كالآتي: قطر تعمل على جانب الإخوان المسلمين، والولايات المتحدة تعمل على جانب الشباب ومنظمات المجتمع المدني باستعمال أدوات الإعلام الحديث والاتصال الالكتروني من فيسبوك وتويتر ويوتيوب.. إلخ وتطويعها لمصلحة ذلك المخطط.
وتضمنت المهام القطرية مشروعين: الأول هو مشروع «النهضة» الخاص بالإخوان المسلمين، والثاني مشروع «أكاديمية التغيير» الذي يديره أيضاً الإخوان المسلمون.. هذه الأكاديمية افتتحت في لندن أولاً ثم انتقلت إلى الدوحة، ومنها كانت البداية ولاسيما ما يتعلق بمصر، إذ إنها قامت بتدريب وتجنيد أعداد كبيرة من الشباب المصري الذين برزت أسماؤهم في إطار ثورة 25 يناير والمنتمين بأغلبهم إلى حركة 6 ابريل أشهر الحركات التي ظهرت على الساحة المصرية مع بدء التظاهرات والاحتجاجات... أما أشهر هؤلاء الشباب فهم وائل غنيم، أحمد ماهر، إسراء عبد الفتاح، أسماء محفوظ، محمد عادل، نواره نجم.
ولابدّ من أن نشير هنا إلى أن الشباب القطري لم يكن له نصيب في تعلم دروس ومهارات «أكاديمية التغيير»، لأن اختصاصها ومهمتها وهدفها تدريب شباب من بلدان عربية ممن تريد قطر نشر الفوضى والتخريب فيها ولاسيما منها دول الثقل العربي كمصر وسورية والعراق.
ودعونا هنا نشير إلى الوثائق التي كشفها موقع ويكيليكس (21/4/2011) عن مخططات قطر لضرب استقرار مصر بعنف باستخدام قناة الجزيرة التي ستلعب الدور المحوري في تنفيذ هذه الخطة، ويورد ويكيليكس خصوصاً وثيقتين: الأولى تحمل رقم 432 في تاريخ الأول من تموز 2009 والوثيقة الثانية تحمل رقم 677 في تاريخ 19 تشرين الثاني 2009.
وأكدت الوثيقتان أن وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم قال في لقاء مع عدد من المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين إنه مع خروج أول مصري إلى الشارع سيكلف قناة «الجزيرة» ببث كل ما يزكي إشعال الفتنة، ليس فقط بين المصريين والنظام ولكن بين المصريين بعضهم بعضاً.

تجنيد ناشطي الـ «فيسبوك» و«تويتر»

بالعودة إلى تجنيد شباب مصريين بهدف التغيير أو التخريب، وسواء أكان هؤلاء مجندين فعلاً بإرادتهم أم مضللين، فإن النتائج على الساحة المصرية هي لمصلحة المخططات القطرية، فمصر ورغم ما يُقال عن نجاح ثورتها وبسرعة قياسية في إسقاط مبارك، إلا أن مصر لم تشهد هدوءاً بعد، بل فوضى متصاعدة، إذ تستمر الاحتجاجات والتظاهرات والإضرابات، وإذ يستمر ضعف حكم الإخوان المسلمين وعجزهم عن السيطرة على الأوضاع ما يعكس شللاً سياسياً واقتصادياً.
أبرز هؤلاء الشباب الذين هم ناشطون بشكل أساس على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر) وموقع غوغل، هو وائل غنيم الذي يُوصف بأنه «فتى غوغل» والناشط العاطفي المقاتل من أجل الثورة، إلا أنه مع قليل من البحث تتبين ولاءاته الحقيقية وأهدافه التي جُند من أجلها من قطر ومن ورائها أميركا و«إسرائيل»، فحسب وثائق ويكيليكس فإن قطر قامت في الفترة ما بين 2008 و2010 بالإنفاق بسخاء على مشروعات أميركية لتدريب وإعداد قيادات شبابية ومدونين، والتدريب على تنظيم المظاهرات والاحتجاجات وجمع الأموال، وكيفية إخراج آلاف الأشخاص حتى لو لم يكونوا على معرفة ببعضهم بعضاً أو أنهم يحملون الآراء والمواقف نفسها، وذلك عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، ومهارات نقل المعلومات في حال قيام السلطات بقطع الانترنت والهواتف المحمولة وهذا ما حدث في مصر، إذ تم مسبقاً -وقبل خروج أي احتجاجات- نقل آلاف الهواتف التي تعمل عبر الأقمار الصناعية والمزودة بإمكانية الدخول إلى الانترنت... وفي إطار هذه المشروعات التدريبية تبرز بشكل خاص «أكاديمية التغيير» التي ورد ذكرها آنفاً.
هذه الأكاديمية لا تهدف -حسبما تظهر- إلى «تشجيع الحرية والإصلاح والتغيير»، بل هدفها الرئيس تفكيك الأنظمة الحالية وتغيير بنية المجتمعات وتهديد استقرارها، ويرى المراقبون لنشاطاتها أنها جزء من مشروع قطري- إخواني هدفه السيطرة على دول محددة وترئيس الإخوان المسلمين الموالين لقطر.. ووائل غنيم مع بقية الناشطين والمدونين الذين برزوا مع بدء المظاهرات المصرية هم ممن تدربوا في هذه الأكاديمية وممن تلقوا تمويلاً قطرياً- أميركياً، وبعضهم اعترف بذلك... ووائل غنيم كان من ضمن من كرّمتهم مجلة «السياسية الخارجية» الأميركية «فورين بوليسي» من ضمن أفضل 100 خدموا هذه السياسة لعام 2011 ومنهم كان: علاء الأسواني، ومحمد البرادعي، وراشد الغنوشي، وخيرت الشاطر، وتوكل كرمان....الخ.

وائل غنيم

وائل غنيم كان يعمل مدير تسويق في شركة «غوغل» للقسم الخاص في إفريقيا والشرق الأوسط، وكما هو معروف فإن «غوغل» مملوكة لليهودي سيرج بيريانت، وفيها يعمل غاريد كوهين مدير أفكار وهو يهودي أيضاً ويعمل زميلاً منتسباً في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية «CFR»، ومعروف ما لتلك المنظمة من علاقات بالمحافظين الجدد المتحكمين بالسياسات الأميركية، وكذلك هو عضو في «برنامج جيل» جديد الذي تقدمه منظمة «فريدوم هاوس»، وهو مؤسس منظمة «تحالف حركات الشباب «AYM» تحت رعاية وتمويل وزارة الخارجية الأميركية وشركات كبرى عالمية منها «غوغل وفيسبوك وتويتر وبيبسي و«MTV وجامعة كولومبيا، وفقاً لما هو مذكور على موقع المنظمة.
وكان غاريد كوهين موجوداً في مصر يوم 27 كانون الثاني عام 2011 مع وائل غنيم ما كان سبباً في الاشتباه به واعتقاله.
على موقع منظمة «موفمنتس» لمؤسسها «غاريد كوهين» مذكور أنه تم حضور لقاءات بين وائل غنيم وأحمد ماهر وهو أحد أعضاء حركة 6 ابريل منذ عام 2010 لتنفيذ مشروع تغيير للنظام في مصر.
في ذلك العام كان وائل غنيم في دبي وكان هو المؤسس لحملة دعم محمد البرادعي للانتخابات الرئاسية التي فاز فيها محمد مرسي، والبرادعي كان مدعوماً أيضاً من الإخوان المسلمين.
وائل غنيم مذكور -في مواقع التواصل الاجتماعي- كأحد المدونين العرب الذين ترعاهم «منظمات الديمقراطية»، واسمه مذكور في موقع منظمة «سايبر ديسينتس» ومعناها «صناعة المعارضة» وهي منظمة أسسها الصهيوني ديفيد كيز الذي خدم في الجيش الإسرائيلي، وفيها يعمل برنارد لويس مستشاراً، ولويس كما هو معروف واضع مخطط تقسيم العالم العربي منذ الخمسينيات.
وحسب موقع ويكيليكس فإن الإدارة الأميركية مولت منذ عام 2008 عدة شخصيات برزت في ثورة 25 يناير منها وائل غنيم، وان السفارة الأميركية في القاهرة ساعدت هذا الأخير في حضور ندوة في نيويورك للنشطاء الشباب وعملت على إخفاء هويته عن أمن الدولة المصرية، وعندما عاد إلى مصر أبلغ مسؤولين أميركيين أن المعارضة شكلت تحالفاً ووضعت خطة لتغيير النظام في مدة أقصاها عام 2011 وهو ما حدث فعلاً.

إسراء عبد الفتاح

من الأسماء التي برزت أيضاً في ثورة 25 يناير، إسراء عبد الفتاح التي اعترفت في مقابلة تلفزيونية في 25 تموز 2012 بأنها تلقت تمويلاً أميركياً متسائلة أين المشكلة في ذلك؟
وكانت إسراء عبد الفتاح فصلت من حركة 6 ابريل لأنها رفضت مشاركة الحركة في التمويل الذي تلقته من منظمة «بيت الحرية» الأميركي ومقداره 90 ألف جنيه.
وقبل ذلك كان الأمن المصري قد استدعى إسراء عبد الفتاح مع أسماء محفوظ وهي أيضاً عضو في 6 ابريل إثر بلاغين عن تلقيهما تمويلاً خارجياً، ثم أغلقت القضية لعدم صحة البلاغين كما أعلن حينها.

اعترافات «شيماء»

في 28/10/2011 وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة «المحور» المصرية، اعترفت إحدى ناشطات حركة 6 ابريل بأنها تلقت تدريبات في قطر والولايات المتحدة على كيفية قلب نظام الحكم، وإثارة الفتن بين المصريين، وحثهم على التظاهر، وبث روح الاحتقان بينهم.. وقالت الناشطة التي قدمت لنفسها اسماً مستعاراً هو «شيماء»: إنها تلقت دورات تدريبية على تلك الأساليب في العاصمة القطرية الدوحة، مدة أربعة أيام من خلال ما يُعرف باسم «جيل جديد» والذي يتخذ من دعوتها «سبل التغيير الديمقراطية» في الوطن العربي، ستاراً لهذه العمليات.. كما أقرت «شيماء» بأنها سافرت إلى واشنطن ومكثت هناك شهراً، تدربت فيه بشكل نظري وعملي على أيدي ضباط أميركيين ومن الموساد الإسرائيلي، وأوضحت أنها تلقت خلال هذه الفترة مبلغ 500 دولار يومياً، تعطى للمشاركين تحت مسمى «مصروف يد»، وخمسة آلاف دولار عند العودة.. وشرحت بعض البنود التي تلقتها في التدريب.. وهي كيفية تحريك مظاهرات في كل الشوارع والأماكن، وأن تضع الشرطة في مأزق، باستفزازهم.. ثم القيام بتصعيد دولي ضدهم بدعوى انتهاكهم حقوق الإنسان.. إضافة إلى تلقيهم تدريبات على حمل السلاح.. وكيفية إشعال الحرائق، وإهانة رموز الدولة كحرق مؤسساتها، مجلس الشعب والشورى مثلا..
وأشارت «شيماء» إلى تأكدها.. أن ما يحدث في مصر، سببه تنفيذ تلك التدريبات التي تلقاها الشباب في قطر وأميركا.. وأنه تم إنفاق أموال كبيرة على طبع المنشورات التي تدعو للتظاهر يوم 25 يناير.. والتي وصلت إلى 2 مليون منشور.. وأن الشباب من قادة المجموعات والتيارات تلقى الواحد منهم 50 ألف دولار للإعداد لذلك اليوم من منظمة «فريدوم هاوس» الأميركية.
وأشارت «شيماء» إلى أنها كانت تلاحظ مرة بعد مرة تحول المطالب التي كانت تردد يوم 25 يناير.. وهي «عيش.. عدالة.. حرية اجتماعية».. لترتفع إلى المطالبة بإسقاط النظام، والتمسك بالبقاء في ميدان التحرير، رغم المرونة التي أظهرها الرئيس حسني مبارك أمام تلك المطالب.
توضح «شيماء» كيف تطور الأمر إلى حدوث فوضى، ووجود عصابات في كل محافظات مصر في التوقيت نفسه.. وهي كلها أشياء تلقوها وتدربوا عليها.
واعترفت شيماء بأن جهات خارجية دخلت مصر قبل 25 يناير للمتابعة والإشراف.

قطر والإخوان المسلمون

كل ذلك لم تكن بعيدة عنه جماعة الإخوان المسلمين، بل كانت تسير مع أولئك المتدربين والمدونين الشباب جنباً إلى جنب بالاتفاق والتنسيق مع قطر، ففي 2/5/2013 بثت قناة «الفراعين» المصرية تقريراً عمّا سمّته الصندوق الأسود لرئيس المخابرات المصرية الأسبق عمر سليمان الذي توفي في واشنطن 19 تموز 2012 (وبقيت أسباب وفاته غامضة).
التقرير تضمن جزءاً فقط مما احتواه الصندوق، وهو متعلق بسفر قيادات الإخوان المسلمين في مصر إلى قطر بجوازات سفر قطرية، وبلقاء ثلاثي تم في أنقرة في شباط عام 2010 بين ثلاث قيادات إخوانية وعضو من المخابرات المركزية الأميركية وضابط مخابرات تركي، وفي هذا اللقاء كان هناك بحث لحال مصر ما بعد حسني مبارك، إذ جرى التخطيط للإطاحة به وتم ترتيب مخطط دعمته قطر بـ 3 مليارات دولار، كما أنها وعدت بأن تكون الملاذ الآمن للإخوان المسلمين في حال فشل المخطط.
وفي قطر كان يتم تدريب الناشطين الشباب والمدونين جنباً إلى جنب مع 350 إخوانياً حسب وثائق عمر سليمان، حيث تم تدريبهم على العمل الاستخباراتي، إضافة إلى تعليمات لهم بمتابعة قنوات «الجزيرة» ومواقع الكترونية محددة لتلقي ما يجب عليهم فعله، ويُقال إن كل هذه المعلومات كانت متوفرة لنظام مبارك إلا أنه جرى التقليل من شأنها باعتبار أن قطر غير قادرة على مثل هذا الفعل.
ما جرى لاحقاً هو أن حركة 6 ابريل مهدت الأرض أمام الإخوان المسلمين، ونحن جميعنا نعلم أن هؤلاء التحقوا متأخرين بثورة 25 يناير عندما كانت هذه الثورة تضع أوزارها، لدرجة أنه مازال يُقال حتى الآن: إن الإخوان المسلمين تسلقوا على الثورة وسرقوها ولكن في الواقع هم فقط كانوا في انتظار أن يحين دورهم حسب المخطط، وحسب وثائق عمر سليمان فإن صفحات التواصل الاجتماعي للناشطين المصريين في فترة التظاهرات والاحتجاجات كانت كلها تحت إشراف الإخوان المسلمين، فصفحة «كلنا خالد سعيد» وهي الأشهر التي أنشأها وائل غنيم كان مسؤولاً عنها الإخواني عبد الرحمن المنصور، فيما كان غنيم المسؤول التقني فيها، كما أن الإخوان المسلمين في مصر كانوا يستعملون في تسهيل عملياتهم المالية بنك قطر الإسلامي حيث يتم تحويل الأموال لحساب مصرفي يخص «أكاديمية التغيير».. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأكاديمية يديرها القيادي الإخواني المصري هشام مرسي يساعده محمد عادل وأحمد عادل وهما من القيادات في حركة 6 ابريل، وكان محمد عادل أقر بتلقيه أموالاً وتدريبات في الخارج، وحسب وثائق ويكيليكس فإن حركة 6 ابريل كانت تتلقى بشكل منتظم أموالاً من المعهد الجمهوري والدولي والمعهد الديمقراطي والوطني ومعهد «بيت الحرية»، وهي كلها معاهد أميركية.
اليوم، مازال المخطط مستمراً بين قطر والإخوان المسلمين ومن يسمون أنفسهم ناشطي «الثورة»، وإن كان انتقل إلى مرحلة أخطر تهدد مصر في وحدتها وسيادتها وقرارها الوطني.