منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي


منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سوريــة.. هواجـس القيـادة بيـن إكراهـات الأمـن و متطلبـات السياسـة

اذهب الى الأسفل

  سوريــة.. هواجـس القيـادة بيـن إكراهـات الأمـن و متطلبـات السياسـة  Empty سوريــة.. هواجـس القيـادة بيـن إكراهـات الأمـن و متطلبـات السياسـة

مُساهمة من طرف السهم الناري الخميس يونيو 18, 2015 1:39 am



أحمد الشرقاوي


هناك بعض الحقائق التي ما كان يمكن الحديث عنها قبل اليوم، نظرا لحساسية المراحل التي مرت بها سورية حرصا على اللحمة الوطنية. والإعلام المقاوم أو الداعم أو المتعاطف مهما بلغت موضوعيته، ما كان له أن يخوض فيها في حينه ولو من باب النصيحة، حتى لا يعتبر الأمر تطاولا على صلاحيات ومسؤوليات القيادة.

هناك أخطاء ارتكبت، وكان على القيادة عدم تجاهلها، بل مصارحة الشعب بها، ووضع إستراتيجية إعلامية وطنية لمواجهتها بشجاعة في حينه، قبل أن تتفاقم الأمور وتفلت من عقالها ويصعب بعد ذلك السيطرة عليها.. لأن الحقيقة، ومهما كانت مؤلمة، تبقى دائما الوسيلة الأنجع لمواجهة الكذب والتزوير والتضليل الذي يمارسه الفريق الآخر المعادي لسورية.

فعلى مستوى القيادة السورية، كان الرئيس الأسد ومنذ اندلاع الأزمة، مدركا أن العد العكسي للمؤامرة ضد بلاده قد بدأ، وكان يعتقد، بناء على تقارير أمنية واستخباراتية مغلوطة، أن الدولة العلمانية ممسكة أمنيا بالوضع في البلاد، وأن حزب البعث متنفذ على مستوى الأوساط الشعبية بمختلف شرائحها، وأن الشعب السوري برغم تركيبته العرقية والطائفية شعب متجانس، متعلم، منفتح، ومتشبث بحضن الدولة التي توفر له كل مستلزماته، برغم ظروف الحصار الذي أفرزته أولويات السياسة الخارجية السورية في ما له علاقة باستراتيجية الممانعة والحرب المؤجلة مع إسرائيل، في انتظار أن يتشكل نظام عربي قومي يتخذ من المواجهة مع الكيان الصهيوني المحتل أولوية بالتضامن، كما كان الحال زمن ناصر، وهو رهان لم يكن في محله بسبب تخاذل الأنظمة العربية وارتمائها في الحضن الأمريكي خوفا على عروشها..

وبالتالي، اختارت القيادة السورية التعامل مع الأحداث منذ البداية بمنطق أمني بالتوازي مع وعود بإصلاحات محدودة ممنوحة من فوق، بدل فتح المجال للنقاش العام حول النظام السياسي برمته ومشاركة كل قوى المجتمع في تحديد معالمه الأساسية، بدءا بمحاربة الفساد والحد من المحسوبية والزبونية، مرورا بإشاعة جو نظيف من الحرية والعدل والمساواة، انتهاءا باعتماد آليات ديمقراطية حقيقية على أساس التمثيل السياسي الواسع لمكونات المجتمع، وإقرار مبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ المحاسبة على قدر المسؤولية، وصياغة كل ذلك في مشروع دستور سورية الجديدة وطرحه للاستفتاء العام، لأنه لو حصل ذلك في البداية، لاتخذت الأمور منحا آخر مخالفا تماما للوضع الذي آلت إليه تطورات الأحداث، ولتم إفشال المؤامرة في مهدها، لأن الضمانة الوحيدة لاستمرار الدولة تكمن في التفاف الشعب خلف قيادته للدفاع باستماتة عن مؤسساته ومكتسباته.

*** / ***

المخطط الذي أعدته المخابرات الأمريكية والأطلسية لسورية كما كشف عنه مسؤولون روس، كان يتضمن أربع مراحل رئيسة تنتهي بما انتهى إليه الحال في ليبيا..

* المرحلة الأولى، افتعال تظاهرات واحتجاجات مطلبية سلمية ذات طابع اجتماعي واقتصادي، على شاكلة ما حدث في تونس ومصر، لإعطاء الانطباع أن الأمر يتعلق بعدوى الربيع العربي وامتداده إلى سورية، يكون مدعوما بحملة إعلامية تكفلت بها قناة الجزيرة وأخواتها لتجييش الرأي العام السوري والعربي مع التركيز على ديكتاتورية الأسد، وسوء الإدارة والفساد، والنظام الأمني والمخابراتي القمعي، وانعدام الحريات والديمقراطية وما إلى ذلك من أسطوانة مشروخة بتنسيق وتناغم تام مع خطاب امبراطوريات الإعلام في الغرب..

وهو ما نجح بالفعل في درعا في البداية، ويشار في هذا الصدد، إلى أن القوات الأمنية السورية تعاملت مع التظاهرات السلمية عند اندلاعها بعقلانية ومسؤولية والتزمت بالبروتوكولات الأمنية.

* المرحلة الثانية، تعميم الاحتجاجات والتظاهرات إلى مناطق أخرى من خلال خلق حالة من التعاطف الشعبي العارم مع احتجاجات درعا، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بإراقة الدماء.. وهنا تدخلت المخابرات الأردنية والإسرائيلية عبر أدوات محلية، وقامت بإطلاق النار من مخابئ على كلا الطرفين، المتظاهرين وقوات الأمن معا..

فقدت قوات الأمن صوابها وسقطت في المحظور، ومن دون الرجوع إلى القيادة برغم مركزية القرار، تصرفت بتهور من منطلق الدفاع المشروع عن النفس، فبدأت بإطلاق النار، في حين كان الفخ منصوبا لها، وكان القناصة المندسين خلف المشهد يستهدفون الأطفال تحديدا، وبذلك، حصلوا عل ما أصبح يعرف بـ”مجزرة الأطفال” في درعا، والباقي تولته قناة الجزيرة والفضائيات الغربية المشاركة في المؤامرة، اعتمادا على تقنيات علم النفس الاجتماعي في إثارة العواطف، فتم ضخ كم هائل من الفيديوهات المفبركة على اليوتوب، وجند جيش من العملاء على مواقع التواصل الاجتماعي بحيث كانوا يتحدثون وكأنهم أبناء درعا عاشوا المأساة بتفاصيلها المثيرة.

وفي المقابل، تعامل الإعلام السوري الرسمي مع الأحداث بنوع من التجاهل، وكان يردد صباح مساء أن الأوضاع بخير والأحداث تحت السيطرة، فسقطت القيادة في الفخ، لأن صمتها ترجم على أنه إقرار بالوقائع، كما وأنها كان يفترض أن تتعامل بشجاعة وصراحة وحزم وحسم مع مجريات الأمور، بحيث تفتح تحقيقا نزيها وتعتقل المتورطين في الأحداث وتقدمهم للقضاء فتكشف للشعب المؤامرة.. هذا لم يحدث للأسف، علما أن الحقيقة هي أفضل سلاح لهزيمة الفبركة والكذب والتضليل.

* المرحلة الثالثة، التركيز على الانشقاقات في الجيش والحكومة ومختلف مؤسسات الدولة، وإعلان تشكيل معارضة سورية مسلحة لمواجهة قمع السلطة وتجاوزاتها دفاعا عن الشعب السوري، عرفت بـ”الجيش الحر” ارتباطا بالمخابرات الأطلسية، وتم تدريب وتجهيز عناصره كما هو معلوم في الأردن وتركيا، بتمويل قطري – سعودي وإشراف أمريكي – بريطاني – فرنسي، ولعب حينها تيار 14 سمسار في لبنان دورا رئيسا في ضخ المقاتلين والسلاح الوافد من ليبيا (80 ألف طن من السلاح دخل من الحدود البنانية).. فتحولت الاحتجاجات إلى “ثورة مسلحة” تقودها المعارضة “المعتدلة” كما روج لها الإعلام المتآمر.

* المرحلة الرابعة، استصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع يدين قمع النظام السوري لشعبه، ويجيز للمجتمع الدولي استعمال القوة ضده في حال رفض الإصلاحات وفق وثيقة “جنيف 1″ الشهيرة التي تحفظت عليها الحكومة السورية، والتي فسرتها الإدارة الأمريكية والغرب على هواهم، باعتبارها تمثل فرصة أخيرة للنظام لتسليم السلطة للمعارضة والخروج الآمن، لأن الرئيس الأسد فقد شرعيته حين قرر قتل شعبه ولم يعد له من مكان في مستقبل سورية.

عند هذه المرحلة، كان الرئيس السوري قلقا جدا من المآل الذي قد تتخذه الأمور في حال نجحت الإدارة الأمريكية في استصدار هكذا قرار، وكان مصير ليبيا يبدو الأقرب إلى الواقعية في حال لم تقف روسيا له بالمرصاد..

لم تكن تجري حينها اتصالات مباشرة بين هرم القيادة السورية والقيادة الروسية حتى لا يتم شخصنة الأمور واتهام بوتين بأنه يدعم الأسد ضد شعبه، ويبدو أن المستشارين الروس وبعض المسؤولين الذين زاروا سورية قبل ذلك، كانت لهم بعض المآخذ على طريقة عمل القيادة، وكانوا ينصحون الرئيس السوري بتسريع تنزيل الإصلاحات على الأرض وإشراك المعارضة الوطنية السورية في الحكومة لإفشال مخطط الغرب، وكذلك كانت تفعل إيران التي كانت تنسق الخطوات مع موسكو، باعتبارهما الداعمان الرئيسان لسورية بالمال والسلاح والمعلومات الاستخباراتية والاستشارات العسكرية والموقف السياسي، لكن نصائحهما حول ما يتوجب القيام به، لم تكن تحظي بما تستحق من تقدير لدى القيادة السورية التي كانت تفضل إدارة الأزمة بمعرفتها..

حصلت دمشق على ضمانة بوقوف موسكو والصين ضد أي محاولة لتكرار السيناريو الليبي في سورية، فارتاح الرئيس الأسد من هذا الموقف الإيجابي المتقدم، وتنفست القيادة السورية الصعداء عندما انتهت هذه المرحلة الخطيرة بالفيتو المزدوج، وبتخريجة الكيماوي مقابل التخلي عن ضرب دمشق عسكريا، وجميعنا تابع فصول هذه المرحلة بقلق شديد إلى أن مرت بسلام.

لكن ما لم يكن واضحا تماما حينها، هو أن الإدارة الأمريكية لم تكن ترغب في إسقاط الرئيس الأسد بالتدخل العسكري وإن لوحت به من باب التهويل والضغط، بل كان جوهر الإستراتيجية الأمريكية يقوم على مبدأ ‘لورانس العرب’ الذي نصح الغرب في مذكراته الشهيرة، بأن لا يتدخل عسكريا في بلاد العرب، بل يركز من أجل ضمان مصالحه واستمرار هيمنته على خلق الفتن بين العرب لإرغامهم على ذبح بعضهم بعضا حد الاستنزاف، وهو ما فهمه بدقة الصهيوني ‘بن غريون’ الذي قال: “ليس السلاح النووي هو من سيقذ شعب إسرائيل، بل الصراعات العربية العربية”.. حينها، لم يكن يتصور ‘لورانس العرب’ ولا ‘بن غريون’ أن الثورة الإسلامية الإيرانية قادمة في الأفق لتملأ هذا الفراغ الذي خلفته الأنظمة العربية البليدة، وأنهم يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.

*** / ***

حاول الرئيس على مدار عمر الأزمة، ومن خلال 6 خطابات الإيحاء بأنه عازم على القيام بإصلاحات انطلاقا من مبدأ “نريد أن نسرع ولا نتسرع” وكان خلالها يركز على أمرين، المؤامرات الخارجية و الأولوية لمحاربة الإرهاب.. صحيح أنه ألغى قانون الطوارئ المعمول به منذ 1963 في خطابه الثاني يوم 16 أبريل/نيسان، وأعلن عن تشكيل لجنة حوار وطني واعدا بإجراء انتخاب مجلس شعب جديد في أغسطس/آب 2011. وألمح في خطاب 10 يناير/كانون الثاني 2012 أنه لن يتنحى عن السلطة إلا برغبة الشعب، وعدد بالمناسبة معالم الإصلاحات التي يعتزم القيام بها وعلى رأسها إلغاء نظام الحزب الواحد، وأكد في مناسبات أخرى أن ما يحدث في سورية ليس صراعا بين حكم ومعارضة، وإنما هو صراع بين الوطن وأعدائه، بين الشعب والقتلة المجرمين.. لكنه تأخر كثيرا، وهذا ما كانت تعيب عليه روسيا وإيران وتحثه على الإسراع بالتنفيذ قبل فوات الأوان.

ثم جاءت الإصلاحات موازية لحملة إعلامية حظت باهتمام عربي ودولي كبير، قادها الرئيس الأسد بديناميكية فعالة ساعدته على قلب معادلة الإعلام حين تولى شخصيا إدارة الإستراتيجية الإعلامية المضادة، فكانت لإطلالاته المباشرة وقعا إيجابيا في نفوس السوريين والمحبين العرب والشرفاء الأجانب، واعتمد الحقيقة أداة لفضح الكذب وكشف التضليل، وفهم الرأي العام العربي والغربي أبعاد المؤامرة التي تتعرض لها سورية بسبب سياساتها المناهضة للهيمنة الأمريكية وللاحتلال الصهيوني، وبرز عامل الإرهاب كأداة تستعملها القوى المتآمرة وتستثمر فيها إستراتيجيا لتغيير موازين القوى على الأرض ومعادلات الصراع في المنطقة، وتبين أن لا علاقة للأمر بـ”ثورة” ولا “حرب أهلية” ولا من يحزنون، وأن معارضة صالونات الفنادق في الخارج لا تمثيل حقيقي لها على الأرض، وأن ما يجري في سورية هو حرب على الإرهاب..

وبتمدد الإرهاب وتنامي إجرامه الوحشي ضد المدنيين الأبرياء من كل الطوائف، أصبح لخطاب الأسد مصداقية كبيرة، فيما حاول الإعلام المضاد اتهام الأسد بالمسؤولية عن جلبه بسبب قتله لشعبه، وهو الخطاب الذي لم يثمد أمام الصحافة الاستقصائية، وخصوصا الغربية التي كشفت العديد من الوثائق التي تفضح أمريكا وحلفائها وأدواتها، فانقلب السحر على الساحر..

وبموازاة ذلك، قام الرئيس الأسد بإصلاحات سياسية إيجابية برغم محدوديتها، وأجرى تغييرات على مستوى حزب البعث بعد أن تبين له نقط ضعفه ومحدودية تأثيره وتقاعسه عن تأطير المجتمع، وأعاد تنظيم الجيش، واستبدل مسؤولين على مستوى القيادة والحكومة، وأجرى انتخابات شفافة في ظل الحرب لاقت إقبالا سوريا منقطع النظير، فجدد شرعيته بأغلبية كبيرة فاقت التوقعات، الأمر الذي ساعد موسكو وطهران في الدفاع عنه علنا باعتباره رئيسا شرعيا منتخبا من قبل شعبه، وركز على دعم الاقتصاد والقدرة الشرائية للمواطنين بمساعدة إيران التي فتحت له خطوط ائتمان وأقرضته مبالغ معتبرة لقطع المرحلة بسلام، فيما زادت روسيا من دعمها العسكري بمختلف أنواع السلاح والمساعدات الإنسانية لتصمد سورية في وجه الطوفان.

إلى هنا، كان “محور المقاومة” مجرد فكرة تتردد في الإعلام، فيما الواقع على الأرض يفصح عن رغبة القيادة السورية في التميز بالخط القومي العروبي في مواجهة المؤامرة بدل الخط الإسلامي المقاوم الذي تعتمده إيران، وكان من الصعوبة بمكان تصور تحالف “مقاوم” بين نظام علماني يؤمن بقدرة الجيش على حسم الصراع مدعوما بالنضال القومي السلمي الذي لم نرى له في الشوارع العربية هتافا ولا ركزا، ونظام آخر إسلامي يقوم على مبدأ العقيدة الجهادية لتحفيز مقاومة الشعوب وله حلفاء موثوقين قادرين على اجتراح المعجزات على الأرض، ونقصد بذلك حزب الله والمقاومات الإسلامية العراقية.

*** / ***

لكن، وهذا أمر غاية في الأهمية، عندما بدأ ضخ الإرهابيين والسلاح إلى سورية في المرحلة الثالثة، منتصف عام 2011، نصح مستشارون روس ومنهم الفريق المتقاعد ‘ليونيد إيفاشوف’ الذي كان ينسق بين البلدين، نصح القيادة السورية بتحييد الجيش واستبعاده عن حروب الشوارع في المدن ضد الإرهاب، للحفاظ عليه في حال تطورت الأمور وتدخلت قوى عسكرية من الجوار، وإعداد حشود شعبية وتدريبها وتسليحها لمواجهة الإرهابيين دفاعا عن الوطن..

ومعلوم للجميع، أن الجيش العربي السوري النظامي كان معدا لمواجهة “إسرائيل”، ولم يكن يتقن فن حرب العصابات وحرب المدن والشوارع، ولم تكن له فرقة من القوات الخاصة مدربة للتعامل مع القناصة على أسطح المنازل، والذين كانوا يعيقون حركته في الميدان، الأمر الذي اضطره لإدخال الدبابات والطيران الحربي إلى المدن، وما لاقاه ذلك من استنكار، خاصة إذا علمنا أن قائد الجيش السابق رفض دخول الجيش إلى المدن، فتم استبداله بالقائد الحالي.

كما وأن القيادة السورية وفق ما أكد الفريق المذكور لبرنامج “رحلة من الذاكرة” التي بثته قناة “إر تي” الروسية الأسبوع المنصرم، لم تكن تثق في فكرة المقاومات الشعبية، وتتحسب من أن تنفلت الأمور وتنضم هذه المجموعات المدربة والمسلحة إلى المعارضة ضد الدولة، بسبب اختلاف العقيدة نظرا للتركيبة الطائفية للمجتمع السوري عموما.. وهذا يعني، أن عقيدة الدفاع عن الوطن في حالة الحروب الداخلية لا تكون بنفس القوة والزخم كما هو الحال في مواجهة العدو الخارجي.

لكن هناك معطى آخر له أهميته يقف وراء هذا الهاجس المبرر أمنيا، ذلك أن دخول الجيش في أتون الحرب على الإرهاب في المدن والقرى، أحدث دمارا هائلا في البنى التحتية العامة والممتلكات الخاصة، وأضرارا جانبية كبيرة على مستوى الضحايا من السكان الذين كانت تستعملهم المجموعات الإرهابية كدروع بشرية، وبالتالي، خلق نوع من حب الإنتقام لدى ذويهم وأبناء طائفتهم الذين حملوا الجيش مسؤولية استشهادهم ولو خطئا، ونمى نوع من الشعور بالانتقام لدى فئات لا يستهان بها، ما دفع بعديد الشباب للانخراط في التنظيمات التكفيرية وخاصة “جبهة النصرة”، وتحولت بعض المدن والقرى إلى بيئة حاضنة للإرهابيين.

وهو ما دفع بالقيادة السورية تحت ضغط تطورات الأحداث، إلى القبول بدعم الخلفاء الذي تجللا في انخراط حزب الله اللبناني وتنظيمات عراقية كعصائب أهل الحق ولواء أبو الفضل العباس وكتائب من جيش المهدي التابع للقيادي مقتدى الصدر، حيث ساهم إلى جانب الجيش السوري في تحقيق إنجازات مهمة على الأرض استعادت سورية من خلالها مدن وقرى ومناطق واسعة من الأرض، لكن وبسبب أحداث الموصل المفاجأة عادت المقاومات العراقية لبلادها تلبية لنداء المرجعية الدينية للدفاع عن الوطن، الأمر الذي أثر على سير العمليات،

ويشار إلى أن حزب الله كان يقوم بعمليات موضعية، ولم لم يكن منخرطا في الحرب بقوته الضاربة بسبب التهديد الذي تمثله “إسرائيل” في الجنوب، كما وأنه كان منغمسا في تدريب وتجهيز المقاومة السورية في الجولان، وإعداد قوى الدفاع الوطني واللجان الشعبية لدعم الجيش وتعويض النقص الحاصل في صفوفه، بعد أن فقد ما يناهز 80 ألف شهيد، وبلغ الإرهاق مبلغه بسبب الإستزاف الذي طاله جراء التوسع والقتال الدائم المستمر مع التكفيريين في أكثر من 2000 موقع تقلصت اليوم إلى حولي 470 موقع، ما اضطره إلى مراجعة استراتيجيته وإعادة تنظيم صفوفه بعد الإنسحابات التكتيكية الأخيرة في الشمال (إدلب، جسر الشغور، أريحا، تدمر) والجنوب (اللواء 52).

اليوم وصلت القيادة السورية إلى قناعة مؤداها، أن الحرب في وعلى سورية لا يمكن أن يحسمها الجيش مهما بلغت تضحياته، وبدأت تنحو في اتجاه الاعتماد على المقاومات الشعبية، خصوصا بعد الذي حدث مؤخرا لدروز إدلب وانخراط دروز السويداء في الإستراتيجية الوطنية للدفاع عن سورية، بخلاف أكراد الشمال الذين تحالفوا مع “داعش” بتواطؤ أمريكي، حيث تقوم “داعش” بتحرير الأرض من احتلال “جيش الفتح” وتسليمها للأكراد فيما يوحي بمحاولة رسم خريطة المنطقة الكردية المستقبلية في الشمال السوري كامتداد لدولة أكراد العراق، وهو المشروع الذي لا يقلق دمشق نظرا لأن تركيا وإيران والحشد الشعبي العراقي لن يسمحوا بتحقيق هذا الحلم حتى لو أدى الأمر لاجتياح الجيش التركي للأكراد وإعلان الحرب عليهم ضد في أمريكا والحلف الأطلسي، هذا أمر لا تهاون فيه.

لكن الخطورة الداهمة على سورية بعد نتائج الانتخابات التركية المخيبة لأمال أردوغان ومشروعه العثماني، أصبح يلوح من الجنوب، وهو ما يفسر انسحاب الجيش التكتيكي من الشمال وإعادة تعزيز القوات حول دمشق وفي الجنوب، تزامنا مع انطلاق معركة القلمون التي تهدف لقطع التواصل والإمدادات من الشمال إلى الجنوب وحماية دمشق من الغرب وتأمين الحدود اللبنانية بالكامل.

معلومات مؤكدة تداولتها وكالات الأنباء والصحافة الدولية، تتحدث اليوم عن مشروع بديل قائم منذ سنوات، رصدت له أمريكا مليار دولار في السنة، دون الحديث عن دعم السعودية الضخم، لتدريب وتجهيز جيش من المرتزقة في الأردن، وتتولى غرفة عمليات عمان تنسيق الهجوم المقبل على الجنوب السوري بمعية “إسرائيل”، والهدف هو اجتياح دمشق لإسقاط النظام، ويشار بالمناسبة إلى أن مشروع إسقاط الموصل تم التحضير له في غرفة عمليات عمان.

ولعل هذا هو ما يفسر حديث “إسرائيل” عن دعم الدروز في السويداء كذريعة للتدخل في سورية، وعودة الحديث عن منطقة عازلة، وتزامن ذلك بالمناورات الأخيرة التي يجريها الجيش الصهيوني في الشمال، وهو ما يفسر أيضا مبادرة حزب الله لخوض معركة القلمون استعدادا لمعركة الجنوب الكبرى وليبس الشمال.

إيران مدركة لما يحضر من مخططات، وقد وصلت بالفعل عشرات الآلاف من المقاومة العراقية وعناصر من الحرس الثوري وخبراء إلى الشمال السوري لحماية دمشق من الشمال، ووصل أيضا الجنرال قاسم سليماني وتم وضع الخطط وتنسيق استراتيجية المواجهة في انتظار أمر العمليات.

قد يكون توقيت الحرب الإقليمية الكبرى التي قد تندلع في حال تهديد دمشق ومحاولة تنفيذ مخطط الموصل في سورية انطلاقا من غرفة عمان مرتبط إلى حد كبير بمآل المفاوضات حول النووي الإيراني متم هذا الشهر، وقد كان لافتا تصريح العاهر الأردني وقوله أمس، أن من مسؤولية بلاده دعم العشائر في العراق وسورية، ما يعني أن هذا العميل وبتنسيق مع “إسرائيل” وتمويل سعودي سخي وتسليح أمريكي وغربي، على وشك ارتكاب غلطة العمر..

من هنا، لا مناص من التنسيق على مستوى محور المقاومة ككل، ودخول الحركات الجهادية لحسم الصراع في سورية قبل العراق لإسقاط المشروع من أساسه وتعديل البوصلة نحو فلسطين، لأن في العراق فائض من الجهاديين بالملايين، كما وأنه في ذات الإطار يفهم تلميح سماحة السيد بالدعوة إلى التعبئة العامة عند الضرورة، لأنه لا يفل الحديد إلا الحديد..

الحرب المقبلة في حال وقوعها، لن تحسم بشعارات القوميين العرب، بل بدماء الجهاديين الشرفاء.. فافهموها أيها السادة الكرام وأريحونا قليلا من لغو الخطاب.


..
السهم الناري
السهم الناري
المراقب العام
المراقب العام

ذكر
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى